أكّد أمس، الأمين الولائي للمنظمة الوطنية لأبناء الشهداء بقسنطينة، جمال عساس، في كلمة ألقاها احتفاء بالذكرى 67 لاستشهاد البطل زيغود يوسف، أنّ هجومات الشمال القسنطيني قد حقّقت جميع أهدافها وفق ما خطّط له، كما جاءت بطريقة مدروسة بحكمة، أربكت المستعمر الفرنسي وأفقدته الهيبة.
وقال ممثل الأسرة الثورية بالمناسبة، التي شهدت حضور السلطات المدنية والأمنية وعدد من المجاهدين، على مستوى مقبرة الشهداء ببلدية زيغود يوسف، إنّ البطل القائد زيغود يوسف فكّر خلال الثورة التحريرية في تنظيم هجوم ضد المحتل عبر كامل التراب الوطني، غير أنّ ظروف الثورة آنذاك حالت دون تطبيق المسعى، فاكتفى بتنظيمه في منطقة الشمال القسنطيني التي كان قائدا لها.
وأضاف ذات المتحدّث أنّ الشهيد زيغود يوسف، دعا مسؤولي المنطقة للحضور وتنظيم اجتماع بضواحي ولاية سكيكدة، أين تمّ التخطيط لهجومات 20 أوت 1955، وتحديد الأهداف العسكرية والسياسية على الصعيدين الداخلي والخارجي، فلم تكن الهجومات عملا ارتجاليا، وإنّما مدروسا ومخططا له بحكمة وفق دراية تامة، حُضّر لها وحدّد تاريخها وطريقة التنفيذ، إذ أنّه وبالرّغم من الإمكانيات القليلة، إلا أنّها حقّقت كامل أهدافها.
وذكر المتحدّث أنّ الأهداف الداخلية للحملة، تمثّلت في فك الحصار الذي ضُرب على المناطق الخاصة لاسيما الأوراس، وكذا تحطيم أسطورة أنّ الجيش الفرنسي لا يقهر، وتفنيد الدعاية الكاذبة للاستعمار الفرنسي بشأن قضائه على الثورة، فضلا عن ترسيخ الثقة بين الشعب والمجاهدين، بينما على الجانب الخارجي فقد شملت الأهداف لفت أنظار العالم وذلك قبل انعقاد دورة الأمم المتّحدة لطرح ملف الجزائر على جمعية الأمم المتحدة، وإشعار العالم بقوة الثورة وتبنيها من طرف الشعب ورفضه المطلق للاستعمار الفرنسي، إلى جانب كسب الدّعم الدبلوماسي والعسكري للثورة من قبل الدول الشقيقة والصديقة.
وأربكت الهجومات التي انطلقت يقول ذات المتحدّث، بتاريخ 20 أوت 1955 عند منتصف النهار، المستعمر وأضعفت هيبته، حيث استطاع الثوار من خلال ذلك إلحاق خسائر فادحة بين صفوف المستعمر، والاستيلاء على بعض الأسلحة، بعد أن تمّ الهجوم على مراكز الشرطة والدرك وثكنات الجيش والحرس، بالإضافة إلى البنوك ومراكز البريد ومحطات الكهرباء، فضلا عن الحانات والمطاعم.
وردّ الاستعمار الفرنسي بوحشية على الهجومات، حيث شنّت حملات توقيف وقمع واسعة، استهدفت الآلاف من المدنيين الجزائريين، بالإضافة إلى حرق المشاتي وقصف القرى، وتسليح المعمّرين الذين شكّلوا ميليشيات فاشية وعمدوا للانتقام من المدنيين العزّل، إذ ارتكبت قوات الاحتلال مجازر بشعة على كامل الشمال القسنطيني، وتلطّخت الشوارع بالدماء ووصلت الصور إلى جميع أنحاء العالم، ما جعلها وثيقة أساسية في ملف الجزائر لدى الأمم المتّحدة.
من جانبها أحيت ولاية سكيكدة، أمس، الذكرى، أين تم الوقوف على مناقب البطل زيغود يوسف وبطولاته في الثورة، حيث توجهت السلطات إلى منطقة الحمري ببلدية سيدي مزغيش التي سقط فيها شهيدا في سبيل حرية الوطن. ووقف الوفد بالمعلم التذكاري المخلد للذكرى، أين تم رفع العلم الوطني والاستماع للنشيد وقراءة فاتحة الكتاب ترحما على روح القائد البطل.
وفي كلمة ألقاها ممثل الأسرة الثورية بالولاية، أبرز حنكة وتضحيات الشهيد البطل «زيغود يوسف»، معرجا على أهم محطات حياته التي وهبها من أجل طمس مخطط الاستعمار الغاشم وتحقيق الاستقلال الجزائر. كما أقيم بالمناسبة، معرض تاريخي بالمكتبة البلدية، يضم محطات خالدة من حياة وتضحيات الشهيد في سبيل أن تنعم الجزائر بالحرية والاستقلال.
وتم بعد ذلك التوجه نحو قاعة المحاضرات، أين وقف الحضور دقيقة صمت ترحما على روح الشهيد، تلتها ندوة تاريخية موسومة بعنوان «زيغود يوسف والثورة التحريرية» تطرق فيها رئيس مؤسسة زيغود يوسف، لأهم محطات حياة، نضال وتضحيات الشهيد المدعو «سي أحمد»، قائد الولاية التاريخية، المولود بتاريخ 18 فيفري 1921 بدوار السوادي، كما تم التطرق لعبقريته في تخطيط وتنفيذ هجومات الشمال القسنطيني 20 أوت 1955 ومساهمته الفعالة في مسار الثورة المظفرة مع رفاقه من الشهداء والمجاهدين، إلى أن استشهد يوم 23 سبتمبر 1956 بمنطقة الحمري في سيدي مزغيش، بعد عودته من مؤتمر الصومام، حيث كان رفقة 13 مجاهدا في مواجهة فرقة من الكوموندوس الفرنسي، أين وقع اشتباك عنيف نتجت عنه إصابته بجروح خطيرة، لكن وطنيته كانت أكبر، فقام بتمزيق جميع أوراق الثورة قبل استشهاده.
وخلال المناسبة، كرمت الوالية، ابنة الشهيد «شامة»، عرفانا بما قدمه والدها في سبيل أن تحيا الجزائر حرة مستقلة واستلم التكريم نيابة عنها رئيس مؤسسة زيغود يوسف «أحسن تليلاني»، كما قام والي قسنطينة بتكريمها نهاية الأسبوع الماضي.
إسلام.ق/ كمال واسطة