* الأمن الغذائي للجزائر رهان استراتيجي للرئيس
استفاد حوالي 8 مليون جزائري من التدابير التي أقرها رئيس الجمهورية لتحسين القدرة الشرائية من خلال القرارات التي اتخذها منذ 2022 والتي جسدت فعليا مبدأ «الدور الاجتماعي للدولة» خاصة وأن تلك التدابير بلغت مستويات غير مسبوقة على غرار الزيادات في الأجور التي بلغت 47 بالمائة، إضافة إلى رفع معاشات التقاعد ومنحة البطالة والتخفيض في الضرائب على الدخل.
أكد وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، فيصل بن طالب، أن رفع الأجور سيتواصل بنسبة تصل الى 47 بالمائة بحلول سنة 2024، وقال وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، فيصل بن طالب، أن البعد الاجتماعي للدولة المكرس دستوريا في النص الدستوري لسنة 2020، ليس مجرد ترتيبات قانونية بل واقع معاش تم تجسيده ميدانيا من خلال الزيادات في الرواتب، المعاشات والمنح التي أقرها رئيس الجمهورية لدعم القدرة الشرائية للجزائريين.
وأوضح الوزير خلال نزوله ضيفا على التلفزيون الجزائري، أن مستوى الأجور عرف 4 زيادات بقرار من رئيس الجمهورية، خلال الفترة الممتدة من 2022 الى العام الحالي، وينتظر إقرار خامس زيادة في الرواتب خلال العام المقبل، حيث سترتفع الأجور بنسبة 47 بالمائة منذ 2022 وتشمل أزيد من 2٫8 مليون موظف.
وأضاف بن طالب أن منح ومعاشات التقاعد عرفت 4 زيادات منها واحدة استثنائية وبلغت 33 بالمائة كما عرفت منحة البطالة زيادة من 13 ألفا إلى 15 ألف دينار جزائري. وأشار وزير العمل إلى أن هذه الزيادات مست 8 ملايين مستفيد.
وتضمن قانون المالية لسنة 2024، عدة تدابير لتعزيز القدرة الشرائية للأسر، لاسيما عبر مراجعة سلم الضريبة على الدخل الإجمالي وزيادة رواتب الموظفين المنبثقة عن مراجعة شبكة النقاط الاستدلالية لسنوات 2022 و2023 و2024، إنشاء وإعادة تقييم منحة البطالة وزيادة إعانات ومعاشات التقاعد لصالح فئات اجتماعية معينة.
وأكد وزير المالية، لعزيز فايد، أنّ قانون المالية 2024 تضمن تدابير لتغطية الزيادات في الأجور، التي سبق وأن وعد بها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، وأيضا إجراءات جديدة لتحسين القدرة الشرائية للجزائريين. وقال فايد في أنّ الحكومة تعمل على تحسين المستوى المعيشي للمواطن، عبر ضخ زيادات جديدة في الأجور.
الزيادات قرار استثنائي لا مثيل له
وقد أقر رئيس الجمهورية سلسلة من التدابير الاجتماعية لدعم القدرة الشرائية تباعا، وأوضح الرئيس تبون في حديث سابق مع وسائل الإعلام، أن الزيادات المقررة في الأجور والتي سبق الإعلان عنها، يعد قرارا «استثنائيا لا مثيل له», لاسيما -كما قال-- وأن نسبة الزيادة ستصل إلى 47 بالمائة بحلول سنة 2024.
وحرص الرئيس تبون على التأكيد بأن الزيادات المعلن عنها في الأجور، إضافة إلى رفع منح التقاعد والتخفيض في الضرائب على الدخل، تصب كلها في خانة تحسين القدرة الشرائية للمواطن الجزائري.
واستطرد الرئيس بالقول: «لم يسجل في الجزائر أي رفع للأجور منذ نحو 10 سنوات إلى 15 سنة، والرفع التدريجي للأجور حاليا سينعكس بالتأكيد على مستوى معيشة المواطن، في انتظار الرفع النهائي لها خلال السنة المقبلة››. و أكد رئيس الجمهورية في نفس السياق أن الدولة «تخوض معركة حقيقية لحماية القدرة الشرائية للمواطن من خلال مكافحة كل أشكال المضاربة ومحاربة الفساد بكل مظاهره».
زيادة كلية بـ47 بالمائة في مستوى الأجور
وحرص رئيس الجمهورية، على أن تشمل الزيادات العمال وكذا المتقاعدين بل وحتى فئة البطالين، من خلال رفع الأجور والمعاشات ومنح البطالة ضمن الاستراتيجية المتبعة لدعم القدرة الشرائية للمواطنين والتي ترتكز على 3 محاور أساسية، وهي دعم السلع واسعة الاستهلاك ودعم الدينار الجزائري لتفادي التضخم المستورد، وثالثا دعم القدرة الشرائية للمواطن.
وبلغة الأرقام، فتم إقرار زيادة على رواتب الموظفين الناجم عن مراجعة شبكة النقاط الاستدلالية للسنوات 2022، 2023 و2024، الذي سيترتب عنه زيادة كلية بـ47 بالمائة من مستوى الأجور لفائدة 2,86 مليون موظف وعون عمومي.
كما تقرر رفع الحد الأدنى لمنح التقاعد في الجزائر إلى 15000 دج لمن كان يتقاضى أقل من 10000 دج وإلى20000 دج لمن كان يتقاضى 15000 دج، لينسجم مع الحد الأدنى للأجور الذي عرف بدوره زيادة من 18000 دج إلى 20000 دج منذ العام 2021، فضلا عن تأسيس ثم مراجعة منحة البطالة من 13000دج إلى 15000 دج صافية من كل الرسوم، بالإضافة إلى تكفل الدولة بأعباء التغطية الصحية للبطّالين خلال فترة استفادتهم من المنحة، وتخص 2,35 مليون مستفيد.
إلى جانب ذلك تم رفع منحة الطلبة الجامعيين من 1300 دينار شهريا إلى 2000 دج شهريا، (أي + 700 دج/شهر) لفائدة 945396 طالبا ورفع منحة التضامن إلى 7000 دج لمن يتقاضى حاليا 3000 دج، حيث تشمل المراجعة 1071738 مستفيد وذلك مواصلة لمسار صون كرامة المواطنين على اختلاف فئاتهم ورفع المنحة المدفوعة لفائدة المعوقين والتي تمس 314000 مستفيد والتي انتقلت من 10000 دج إلى 12000 دج.
وستسمح ميزانية 2024 بالتكفل بالأثر المالي الناجم عن تنفيذ قرارات السلطات العمومية وبالخصوص تحسين الأجور ومنحة البطالة ومنح التقاعد، مواصلة المجهودات الاستدراكية لفائدة بعض الولايات، وضمان الأمن الغذائي عن طريق رفع قدرات تخزين الحبوب، ودعم المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع (الحليب، السكر والزيت الغذائي).
كما سيتم توجيه مبالغ معتبرة لتحسين ظروف الفئات الاجتماعية المحتاجة عن طريق إعادة تثمين المنحة الجزافية للتضامن تمنح للفئات الاجتماعية، لا سيما أرباب العائلات والعائلات والأشخاص البالغين أكثر من 60 سنة وكذا الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يستوفون الشروط المحددة عن طريق التنظيم.
ع سمير
ضمان قوت الجزائريين على رأس الأولويات
الأمـن الغذائــي للجزائـــر رهــان استراتيجــي للرئيـس
وضع الرئيس تبون ضمن أولوياته منذ توليه سدة الحكم، ضمان الأمن الغذائي في غضون عامين، وهو الهدف الذي يجري العمل على تجسيده من خلال تدابير غير مسبوقة اتخذها الرئيس ترمي إلى إحداث ثورة بقطاع الفلاحة بإعادة تنظيم القطاع بعيدا عن كل أشكال البيروقراطية ويراعي الفعالية في الميدان.
أدرج رئيس الجمهورية ضمن التزاماته الـ54، تحقيق الأمن الغذائي للبلاد، ضمن الالتزام رقم 18 والذي نصّ على وضع خطة استعجالية لتحديث الزراعة لتحقيق الأمن الغذائي وتلبية الاحتياجات الوطنية (الإنتاج الحيواني والإنتاج الفلاحي كالخضر والفواكه والمنتجات المستوردة مثل السكر والزيت والذرة).
ودفعت تداعيات الحرب بين روسيا وأوكرانيا والتدابير التي اتخذتها بعض الدول بخفض صادراتها الغذائية من الحبوب والأرز ومواد أخرى، الجزائر إلى إعداد خطة استباقية من مواجهة الندرة في مرحلة أولى قبل الانتقال إلى التحدي الأكبر المتمثل في ضمان الأمن الغذائي خلال فترة وجيزة.
وقال رئيس الجمهورية، خلال إشرافه على افتتاح الجلسات الوطنية للفلاحة، إن ما حصل في أوروبا مؤخرا يعد درسا لابد من الاعتبار به لإدراك أن قوة أي دولة في المرحلة المقبلة، تكمن في تحقيقها لاكتفائها الذاتي من المواد الغذائية.
وأبدى الرئيس تبون تفاؤله بإمكانية تحقيق الاستقلالية الغذائية خلال سنتين على الأكثر، وقال الرئيس تبون خلال جلسات الفلاحة: «أشعر أننا لسنا بعيدين جدا عن تحقيق استقلالنا الغذائي.. تبقى خطوات فقط ونحققه بيقين وليس بشكل مرغم.. سنصل إلى الاكتفاء الذاتي في أفق 2024-2025»، لافتا إلى أن استقلالية القرار السياسي للدول مرهون بضمان أمنها الغذائي.
ويكبر التحدّي أكثر على الصعيد الخارجي في ظّل الظّروف السيئة التي تضرب الاقتصاد العالمي باستمرار، انطلاقا من التقلبات المناخية وانخفاض المعروض من المحاصيل الغذائية وارتفاع أسعارها، إلى انخفاض أسعار المحروقات، ونقص التزود بالمياه، إلى بروز تحدّيات بيُولوجية عالمية، والتقلبات السياسية التي تواجه المنطقة والعالم.
إحداث ثورة في قطاع الفلاحة
وأبدى الرئيس تبون إرادة قوية في إحداث ثورة بقطاع الفلاحة وإخراجه من الطابع الاجتماعي التقليدي إلى القطاع العلمي وفق نظرة عصرية، وذلك من خلال جملة التعليمات والقرارات التي اتخذها لصالح القطاع على غرار السماح باستيراد العتاد الفلاحي بكل أنواعه وقطع غيارها والجرارات الفلاحية الأقل من 5 سنوات، فضلا عن اعتماد تقنيات جديدة في بناء المخازن وتغيير الإدارة التقليدية في تسيير الفلاحة والحث على إنشاء الشركات الناشئة والمؤسسات المصغرة وغيرها من التوصيات.
وفي هذا الإطار، أعطى الرئيس تعليمات للحكومة بإعداد مخطط جديد لإعادة تنظيم القطاع، «بعيدا عن كل أشكال البيروقراطية، ويراعي الفعالية في الميدان». كما أمر بتوسيع الأراضي الفلاحية لإنتاج الأعلاف، مع اعتماد استخدام الوسائل التقنية الحديثة والأسمدة، لزيادة المساحات الزراعية والمردودية كتوجه جديد يساهم في تجسيد الأمن الغذائي.
وبالتوازي مع ارتدادات الحرب بأوكرانيا، أقر الرئيس استراتيجية جديدة لتأمين وحماية الأمن الغذائي، كان آخرها تخصيص نحو 6 مليارات دولار لتعزيز مخزون الحبوب. وخلال عرض بيان السياسة العامة للحكومة تم الإعلان عن تخصيص الحكومة 900 مليار دينار (ما يعادل نحو 6.4 مليارات دولار) للديوان المهني للحبوب من أجل تعزيز المخزون.
برنامج ضخم لإنجاز مخازن للحبوب
وتم بهذا الخصوص وضع برنامج لإنجاز مخازن كبرى ومتوسطة على مستوى نقاط التجميع والمزارع توجه خصيصا للتخزين الأولي قبل توجيه الحبوب للتعاونيات وهذا في إطار توسيع طاقات التخزين. حيث يأتي هذا البرنامج تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية الرامية بتوسيع طاقات تخزين الحبوب لما يمثله هذا الجانب من أجل تحقيق الأمن الغذائي للبلاد.
ويتعلق بإنجاز 9 صوامع ذات طاقة كبيرة بلغت الأشغال بها مرحلة متقدمة و30 صومعة معدنية بطاقة إجمالية تقدر بـ 8٫2 مليون قنطار. حيث استفاد الديوان الجزائري المهني للحبوب من قرض بقيمة 48 مليار دينار لإنجاز الصوامع لتخزين الحبوب.
وخلال آخر اجتماع لمجلس الوزراء، أمر رئيس الجمهورية، بالتحويل «الفوري» لمشاريع صوامع تخزين الحبوب إلى ولاة الجمهورية، مع إعداد دراسة وافية حول الملف، تحت إشراف مباشر من وزارة الفلاحة».
كما أمر رئيس الجمهورية بـ «المتابعة الحثيثة والصارمة للموسم الفلاحي الحالي، بتكليف السادة الولاة بحملات تفتيش ومعاينة يومية للمساحات المزروعة، لتسهيل مهام الفلاحين»، وشدد السيد الرئيس على أن توسيع طاقات التخزين يندرج ضمن السياسة الجديدة للدولة ورؤيتها الاستشرافية لمسألة الأمن الغذائي». كما أسدى رئيس الجمهورية تعليمات تقضي بـ «تشجيع الاستثمارات في مجال الفلاحة وفتح المجال للشراكات، بهدف تعزيز الإنتاج الفلاحي وتنويعه».
وقد أضحى إنجاز المزيد من المنشآت القاعدية أمرا ضروريا جراء الارتفاع المتواصل للإنتاج الوطني من الحبوب خلال المواسم الثلاثة الأخيرة وهذا بفضل التسهيلات الممنوحة من قبل السلطات العمومية لهذا الفرع الاستراتيجي. وبالإضافة إلى القروض الميسرة (بدون فوائد) التزمت السلطات العمومية منذ 2008 بشراء إنتاج الفلاحين بأسعار تحفيزية تفوق أسعار القمح على مستوى السوق الدولية إضافة إلى دعم أسعار المدخلات.
ووفق إحصائيات رسمية، بلغ استهلاك الجزائريين للقمح خلال 2021 نحو 11 مليون طن، في الوقت الذي يلبي فيه إنتاج القمح حاجة 34 بالمائة من الجزائريين. وفي أُفريل الماضي، وضع «المؤشر العالمي للأمن الغذائي» الجزائر في المركز الأول بالقارة الأفريقية والـ54 عالميا خلال 2021، متقدمة بـ16 مركزا عن تصنيف 2020.
الرفع من مردودية الإنتاج في الهكتار الواحد
وأمر الرئيس تبون مؤخرا بمباشرة حملة وطنية لأجل العمل على الرفع من مردودية الإنتاج في الهكتار الواحد من الحبوب والشعير بإشراك كل الفاعلين من سلطات محلية وفلاحين، مع تكثيف الشراكة الخارجية بهدف الوصول إلى متوسط إنتاج ما بين 30 إلى 35 قنطارا للهكتار الواحد، حيث دعا الرئيس إلى ضرورة توسيع طاقة التخزين الاستراتيجي للحبوب وطنيا.
ويتطلب رفع إنتاج الجزائر من الحبوب، رفع إنتاجية ومردودية الأراضي، حيث سجل الرئيس تبون انخفاض معدل إنتاج الحبوب الذي لا يتجاوز 23 قنطارا في الهكتار، في حين أن المأمول هو وصولها إلى 35 قنطارا في الهكتار على الأقل، «ولما لا القيام بقفزة نوعية نحو 60 أو 70 قنطارا في الهكتار في الأراضي المستصلحة جنوبا» وهو أمر قال الرئيس يمكن تحقيقه وبسرعة بشرط «التغيير» والخروج من «التقاليد الفلاحية» إلى «الاستثمار العلمي».
ويقول خبراء إنّ تخصيص 1 مليُون هكتار فقط لإنتاج الحُبوب، في حال تمّ إنتاج 80 قنطارا في الهكتار، نكُونُ أمام إنتاج 80 مليون قنطار التي نستوردُها سنويًا، ونقضي بذلك نهائيًا على “مخاطر الاستيراد”، بالاعتماد على الإمكانات والقُدرات الموجُودة في الجزائر واستغلالها من خلال التنظيم المُحكم والمُتابعة الميدانية والرقابة واستعمال التكنولوجيا في تطوير هذه الشُعبة، بالتنسيق مع مُختلف القطاعات الوزارية كالفلاحة والتعليم العالي والبحث العلمي، الصناعة، الموارد المائية والطاقة وغيرها للمُساهمة في رفع المردودية واستعمال الري الذكي للحفاظ على المياه.
وتبدي السلطات العمومية ارتياحها للنتائج التي حققها القطاع الفلاحي خلال السنوات الأخيرة، حيث ساهم القطاع بأكثر من 14.7 بالمائة من الناتج الداخلي الخام في 2022 أين بلغت قيمة الإنتاج الفلاحي حوالي 4550 مليار دج أي بزيادة بـ 38 بالمائة مقارنة بسنة 2021، كما أن نسبة تغطية الاحتياجات الغذائية من الإنتاج الوطني بلغت 75 بالمائة، كما يشغل قطاع الفلاحة حاليا أكثر من 2.7 مليون عامل.وشدد رئيس الجمهورية، على عصرنة القطاع، مبرزا بخصوص إنتاج الحبوب ضرورة أن تكون الأرقام الحقيقية دقيقة. وقال بهذا الصدد: «الدولة التي تريد أن تسترجع قوتها الاقتصادية والفلاحية خاصة يجب أن تسيرها الأرقام الصحيحة»، لافتا إلى أن تأكيد السلطات العمومية على «الإحصاء لا يعني إرادتنا في زيادة الضرائب ولكن لرسم الاستراتيجيات».
الاكتفاء الذاتي من القمح الصلب قريباً
وشرعت وزارة الفلاحة في تنفيذ استراتيجية تستهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال القمح الصلب في المستقبل القريب تطبيقاً لبرنامج السيد رئيس الجمهورية الرامي للنهوض بالقطاع الفلاحي لتوفير الغذاء للمواطنين محلياً وتصدير الفائض للخارج.
وقد اعتمدت وزارة الفلاحة مخططاً لتطوير الفلاحة في 2022 فرضته الاضطرابات الجيوسياسية والأزمات المناخية، فضلاً عن الأزمة الصحية (كورونا)، التي أثّرت على أسعار ووفرة المواد الغذائية والفلاحية. ما دفع بالسلطات إلى تبني استراتيجية تقوم على تطوير الشُعب الاستراتيجية التي لها ثقل كبير في الميزان الفلاحي التجاري، لافتاً إلى أنّ هناك مخططا استعجاليا هدفه النهوض بقطاعي الحبوب والحليب.
إحصائيات مغلوطة أدت إلى سياسات خاطئة
وأبدى الرئيس تبون امتعاضه من الوضع الإحصائي في القطاع الذي وصل إلى حد تحريف الواقع، وأكد بأن كل الأرقام التي كانت متداولة في العقود الثلاثة الماضية، كانت «بعيدة كل البعد عن الحقيقة». مستدلا بالحديث لسنوات عن وجود 3 ملايين هكتار من المساحات المسقية في مجال الحبوب، في حين أن التحريات الحقيقية أثبتت أنها لا تتجاوز 1,8 مليون هكتار.
وكشف بأن مراجعة إحصاء المواشي مؤخرا أثبت أن الجزائر لا تملك 29 مليون رأس مثلما كان متداولا، وقال إن مثل هذه الأخطاء تجر إلى تحاليل وسياسات خاطئة، لذا شدّد على ضرورة ربح معركة الرقمنة والإحصاء الدقيق والحقيقي.
ويقر القائمون على القطاع بوجود مشاكل تخص في المقام الأول العقار الفلاحي والملكية، التي سيتم العمل على حلها «نهائيا» في غضون السنة القادمة، مع اعتماد شعار «الأرض لمن يستصلحها»، مع التأكيد على ضرورة العمل على اتجاهين، الأول هو «الوصول إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في بعض المواد الأساسية وتوجيه فائضها للتصدير» والثاني هو التوجه نحو زراعة منتجات جديدة، خاصا بالذكر الفستق واللوز والجوز والأرغان، فضلا عن السكر والبذور الزيتية.
وألح الرئيس تبون على ضرورة «الخروج من التقاليد الفلاحية»، واقتحام مجالات جديدة كإنتاج السكر من الشمندر ومن قصب السكر واستخراج زيت الأرغان وزراعة بذور الزيوت النباتية، كما عبر عن أمله في أن يتوجه الشباب أكثر فأكثر نحو الاستثمار في القطاع عبر إنشاء مؤسسات ناشئة، مبرزا التقدم الكبير في تكنولوجيات الزراعة التي مكنت بعض البلدان من الإنتاج «بدون أرض».
في هذا الصدد، تقرر تسريع توزيع الأراضي الخاصة بالاستثمار الفلاحي في الجنوب والموجهة لإنتاج القمح الصلب، لبلوغ الهدف المسطر هو مليون هكتار. في هذا الصدد، تحدّث ميلود تريعة عن تخصيص 220 ألف هكتار في إطار مخططات الزراعات المعدّة لهذه المنطقة، سيما الزراعات الاستراتيجية مثل الحبوب والبقوليات خلال السنة الجارية، لافتاً إلى أنّ مردود الحبوب يتراوح ما بين 70 و80 قنطاراً للهكتار الواحد.
تسوية عقود الملكية وتطهير العقار الفلاحي
ويلح مختصون على ضرورة تسوية ملف العقار الفلاحي لتمكين الفلاحين من العمل في أراضيهم بكل أريحية دون الخوف من إمكانية تدخل وسطاء للاستحواذ على المساحات التي تعبوا في استصلاحها، وهو المطلب الذي استجاب له الرئيس حيث كلف الحكومة بتسوية نهائية لملفات استصلاح الأراضي الفلاحية، مع نهاية جانفي 2024، ومنح عقود الملكية لأصحابها.
كما تعمل الحكومة، بتعليمات من الرئيس على استكمال عملية تطهير العقار الفلاحي، حيث مكنت العملية من استرجاع 164 ألف هكتار من مساحات غير مستغلة في الاستثمار. كما تعكف على تحضير الإطار القانوني والتنظيمي الجديد الخاص بتأطير الاستثمار الفلاحي في الجنوب عبر خلق أقطاب كبرى مندمجة خاصة بتطوير كل الشعب الاستراتيجية بهدف تحقيق الأمن الغذائي، حيث تراهن الجزائر على رمالها الذهبية لتأمين سلة غذائها وتحقيق سيادتها الغذائية.
ع سمير