ثمّنت الأحزاب السياسية الممثلة في المجالس الوطنية والمحلية، “النقاش الصريح والبناء” الذي ساد اللقاء الذي جمعهما برئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، والذي جرى، أمس الأول، بالمركز الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال بالعاصمة، وهو اللقاء الذي تم خلاله مناقشة عدة قضايا وطنية وإقليمية ودولية راهنة في جو من الحوار الصريح والبناء.
حرص رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، منذ توليه سدة الحكم، على تعزيز الحوار السياسي وتوسيع دائرة النقاش مع قادة الأحزاب السياسية الممثلة في المجالس المنتخبة، من خلال عقد لقاءات دورية مع رؤساء الأحزاب السياسية، على غرار باقي الفعاليات الاجتماعية والمهنية والشخصيات الوطنية التي خصها باستقبالات بمقر رئاسة الجمهورية، منذ اعتلائه سدة الحكم في 2019، قبل أن يوجه الدعوة إلى قيادات 27 حزبا سياسيا لعقد لقاء تشاوري يوم الثلاثاء دام قرابة8 ساعات كاملة.
وخلال اللقاء التشاوري استمع رئيس الجمهورية لمداخلات رؤساء الأحزاب المشاركة تضمنت آراءهم و انشغالاتهم بشأن عديد القضايا الوطنية والإقليمية ومقترحاتهم حول عديد القضايا الوطنية والإقليمية والدولية الراهنة، قبل أن يرد على مجمل القضايا والانشغالات المطروحة، مكرسا مبدأ الاتصال الجماعي الذي يعزز روح التشاور والتعاون بين السلطة و الأحزاب السياسية الفاعلة، في ظل رهانات داخلية وخارجية تشهدها الجزائر على أكثر من صعيد، من ضمنها الرهان الاقتصادي ورهان تعزيز الجبهة الداخلية، والسياق الإقليمي المحيط بالجزائر والذي تطبعه الانقلابات غير الدستورية والوضع المتشنج في منطقة الساحل.
وقد ثمنت الأحزاب السياسية الممثلة في المجالس الوطنية والمحلية، «النقاش الصريح والبناء» الذي ساد اللقاء الذي جمعها برئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، مؤكدة التفافها حول مواقف الدولة في دعم القضايا العادلة في العالم وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
انشغالات الأحزاب على مكتب الرئيس
وبهذا الخصوص، كشف رئيس حركة البناء الوطني، عبد القادر بن قرينة أن جدول أعمال هذا اللقاء «كان مفتوحا بكل حرية» مشيدا بـ«الاستعداد الذي عبر عنه رئيس الجمهورية لدراسة كل انشغالات الأحزاب بصدر مفتوح». كما أوضح أنه «سجل وجود توافق تام بين رئيس الجمهورية وغالبية الأحزاب في مختلف القضايا المطروحة لاسيما فيما يخص السياسية الخارجية لبلادنا».
وقال بن قرينة، إن الاجتماع، الذي يمثل صورة من صور التلاحم الوطني والحوار السياسي والشراكة بين قادة الفعل السياسي في الجزائر حول واجبات الوقت بحضور شخصي من طرف رئيس الجمهورية، التي في مقدمتها الدفاع المستميت عن مؤسسات دولتنا بعيدا عن أي توجهات و خلفيات مهما كانت، وتلاحم الشعب مع جيشه ومختلف قواه الأمنية. وتقوية الجبهة الداخلية لمواجهة التحديات و المخاطر، وتجريم تمزيق النسيج المجتمعي مع وجوب تحمل الأعباء الوطنية، واستكمال مسارنا الديمقراطي بالنزاهة والشفافية والتعددية في الانتخابات.
واعتبر رئيس البناء، بأن اللقاء يشكل فرصة لتجديد التمسك بالاستقرار والاستمرارية في بناء الجزائر الجديدة التي نادى بها الحراك وكرّسها الدستور في ديباجته المدسترة بالشكل الذي يكرس الاستقرار المؤسسي ويعطي الوقت الكافي لتنفيذ التعهدات و الطموحات والبرامج. مشيرا إلى أن حزبه، لمس فعلا مشاريع هذا التجديد في المسار الذي يقوده رئيس الجمهورية، داعيا إلى تكامل الجهد الجماعي لاستكمال هذا التجديد عبر تعزيز الشرعية الشعبية الواسعة والعميقة، كما أكد بن قرينة، على أهمية التفاهم السياسي والتكافل الوطني الذي يجسد التلاحم الوطني.
من جانبها صرحت الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون عقب اختتام هذا اللقاء أنه تم خلال هذا الحوار «التطرق إلى كل القضايا الوطنية والدولية والإقليمية أين عبر كل حزب عن رأيه، ونحن طرحنا انشغالات نراها مستعجلة تتطلب التكفل بها»، وقالت في تصريح صحفي، إن رئيس الجمهورية قدم بالمناسبة «معطيات وتفاصيل في كافة المجالات وأكد على ضرورة مواصلة إصلاحات عميقة في مختلف الجوانب, على غرار المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي».
وأبرزت حنون أنه تم بذات المناسبة «التطرق إلى القضية الفلسطينية وحرب الإبادة التي يقوم بها الكيان الصهيوني بغزة»، وبعد أن نوهت ب«الواجب» الذي تقوم به الجزائر في المحافل الدولية لاسيما مجلس الأمن الأممي، حذرت من مخططات «الكيان الصهيوني ووكلائه لزعزعة الأمن والاستقرار في منطقة المغرب العربي والساحل».
بدوره ثمن الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، عبد الكريم بن مبارك، «أسلوب الحوار والتشاور» الذي يعتمده رئيس الجمهورية مع الطبقة السياسية، وهو --كما قال -- «مسعى نبيل». وأكد السيد بن مبارك أن حزبه «سيواصل العمل بكل الوسائل من أجل تنمية البلاد والحفاظ على مصالحها والدفاع عن مواقفها» لاسيما ما تعلق بنصرة القضايا العادلة.
استعراض المرحلة الحالية والتحديات
من جانبه اعتبر رئيس جبهة المستقبل، فاتح بوطبيق، أن لقاء بهذا «الزخم من الأحزاب يبين المستوى الراقي للنهج الذي يسير عليه رئيس الجمهورية»، مبرزا أن هذا اللقاء كان «مفتوحا ووضح لنا طبيعة المرحلة الحالية والتحديات التي تواجهها بلادنا» وكذا «تراكمات السنوات السابقة». وأوضح بوطبيق أنه «سجل شخصيا» خلال هذا اللقاء «وجود توافق تام بين رئيس الجمهورية والأحزاب» خاصة فيما تعلق ب«نصرة القضية الفلسطينية وكافة القضايا العادلة في العالم» لأنه --كما قال -- «مبدأ من مبادئ الثورة التحريرية المباركة».
كما ثمن رئيس جبهة الجزائر الجديدة، جمال بن عبد السلام، اللقاء، مضيفا بالقول إن «هذه المبادرة هي خطوة إيجابية جدا» لاسيما وأن رئيس الجمهورية «استمع لكافة انشغالات الأحزاب ومقترحاتها واتسم رده بالصراحة والوضوح المدعم بالأدلة والأرقام». وأكد بن عبد السلام أن رئيس الجمهورية والأحزاب المشاركة «يتفقان حسب ما ساد في النقاش على ضرورة الحفاظ على استقرار البلاد ومواصلة مسار التنمية في كافة القطاعات وفي كل ربوع الوطن»، كما سجل نفس المتحدث وجود «إجماع وطني حزبي ملتف حول الخطوات التي يقوم بها رئيس الجمهورية في مجال السياسة الخارجية»، كما أشاد بمختلف «مواقف الجزائر في المحافل الدولية» خلال السنوات الأخيرة وهو ما أعاد الجزائر --كما قال -- ب«قوة إلى الساحة الدولية».
وفي نفس السياق صرح الأمين الوطني الأول لجبهة القوى الاشتراكية، يوسف أوشيش، أن حزبه «يبارك مبادرة رئيس الجمهورية» لأنه كان من «الأحزاب السباقة التي دعت لمثل هكذا لقاءات لطرح انشغالاتها في إطار مؤسساتي»، مبرزا أنه طرح خلال هذا اللقاء الذي كان فيه «النقاش حرا ومسؤولا»عدة انشغالات وأفكار وتحليلات حول الأوضاع الوطنية، الدولية والإقليمية كما اقترح كذلك «ضرورة إعادة تفعيل دور الأحزاب وتعديل بعض القوانين». كما أكد «تطابق في الرؤى في السياسة الخارجية» مؤكدا أنه «شجع رئيس الجمهورية على مواصلة سياسة عدم الانحياز ودعم القضايا العادلة في العالم وفي مقدمتها دعم حق شعب الصحراء الغربية في تقرير مصيره ومساندة الشعب الفلسطيني».
ترسيخ تقاليد سياسية جديدة للحوار
واعتبر السكرتير الأول لجبهة القوى الاشتراكية أنّ هذه المبادرة تسهم في ترسيخ تقاليد سياسية جديدة للحوار في الجزائر، مطالباً خلال اللقاء، الرئيس تبون باتخاذ تدابير تهدئة جديدة عشية الانتخابات الرئاسية المقبلة. وقال خلال اللقاء: «عشية استحقاق سياسي مهم لبلادنا، ندعوكم إلى اتخاذ تدابير تهدئة تتجه نحو تحرير المجالات السياسية والإعلامية، وإطلاق سراح معتقلي الرأي، وسحب أو إعادة صياغة بعض القوانين التي تتنافى مع روح الدستور وتتناقض مع المبادئ الأساسية لدولة القانون والديمقراطية، ولا سيما المادة الـ87 مكرر من قانون العقوبات، وقانون النقابات، وقانون الإعلام، وقانون الانتخابات، مشيرا إلى أن هذه التدابير من شأنها أن تخلق مناخاً سياسياً هادئاً يعيد الثقة ويشجع النقاش الديمقراطي ويعزز الاستقرار السياسي للبلاد».
وبدوره أبرز الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي مصطفى ياحي «أهمية هذا اللقاء الذي مكن من توضيح الرؤية أكثر للأحزاب السياسية»، مؤكدا أن بلادنا بحاجة إلى «قوة إجماع ومواصلة مسار البناء والتنمية». وصرح رئيس حزب جيل جديد جيلالي سفيان أنه قدم خلال هذا اللقاء «رؤية تتمحور حول ضرورة مشاركة الأحزاب في تنشيط الساحة السياسية».
من جهته اعتبر رئيس حركة مجتمع السلم، عبد العالي حساني، أن اللقاء « كان فرصة ناقشت من خلاله الأحزاب سياسة التحولات الكبرى التي تقتضي وجود نقاش وطني لبلورة أفكار». وأكد أن اللقاء جرى في مناخ من الثقة والمسؤولية، وكان فرصة سياسية مهمة لصناعة تقاليد جديدة في الحوار والتشاور، باعتبار الأحزاب شريكاً سياسياً أساسياً في إدارة الملفات السياسية والاقتصادية الكبرى. مشيرا إلى أن حزبه « عبر عن دعمه لمواقف الجزائر « في نصرة القضايا العادلة».
وقال رئيس حزب الكرامة، محمد الداوي، إنّ «الرئيس أطلعنا على معطيات وتفاصيل مهمة تخص التحديات التي تواجهها البلاد داخلياً وإقليمياً، وأعتقد أنها معطيات لم تكن واضحة بالنسبة إلينا كقادة أحزاب، لكنها مهمة في مساعدتنا على تقدير الموقف السياسي بالنسبة إلى الاستحقاقات المفروض على البلاد خوضها». وأضاف الداوي أن «هناك وعياً بالأخطار المحدقة ببلادنا والمخططات الدنيئة المستهدفة لأمننا واستقرارنا، وهذا يفرض على القوى السياسية العمل على إنجاح الاستحقاق الرئاسي الجزائري المقبل». وبدوره صرح الأمين العام لحزب الحكم الراشد، عيسى بلهادي، أن الرئيس «استمع باهتمام كبير إلى انشغالات الأحزاب وأرائهم. وحزبنا يدعم الجهود الكبيرة التي يقوم بها الرئيس في نصرة القضايا العادلة لاسيما القضية الفلسطينية التي تمر بمرحلة عصيبة».
من جانبه ثمن اتحاد القوى الديمقراطية والاجتماعية, في بيان له لقاء رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون برؤساء الأحزاب السياسية الممثلة في المجالس الوطنية والمحلية المنتخبة, معتبرا أنه يعكس رؤية رئيس الجمهورية بالدور المحوري للأحزاب. وأوضح الاتحاد أن هذا اللقاء الذي يعتبر «سنة حميدة», يعد «فاتحة خير على الطبقة السياسية وكل القوى الحية في البلاد التي تؤمن بضرورة رص الصفوف وتحصين الجبهة لبعث نفس جديد في الحياة السياسية».
وبعد أن ثمن «مبادرة رئيس الجمهورية ورؤيته السديدة المؤمنة بمكانة المؤسسات الحزبية ودورها المحوري في التنشئة السياسية والتنظيم المجتمعي», جدد الحزب «قناعته الراسخة بأن مثل هذه اللقاءات المباشرة تعد خطوة صحيحة في مسار إعادة بناء الثقة داخل الفضاء السياسي, وذلك بإشراك كل الوطنيين المؤمنين بأن متانة الجبهة الداخلية تستدعي تفعيل دور الطبقة السياسية وفعاليات المجتمع المدني والاستمرار في التواصل الإيجابي بين مختلف القوى المؤمنة بمستقبل واعد للجزائر والجزائريين». وأعرب عن أمله في أن «تتجدد مثل هذه اللقاءات وتتوسع لتشمل كل الفاعلين في الحياة السياسية والجمعوية, وهذا تكريسا لسياسة الحوار والتواصل والانفتاح الذي تعيشه مؤسسات الجمهورية». ودعا الحزب كافة الشركاء في الحياة السياسية إلى أن يكونوا «في مستوى الرهانات التي تنتظر الجزائر والوقوف ضد كل المخططات العدائية التي تحاك ضد الوطن وأمنه و تماسك نسيجه». ع سمير