أعلنت وزارة التربية الوطنية، أمس، عن تفاصيل الدليل التطبيقي لمنهج أقسام التربية التحضيرية، في المدارس التي تعمل بنظام التداول، تضمن أهداف تعميم هذا النظام، و الجوانب التي يستهدفها، مبرزة بأنه قد تم ضبط كل الترتيبات التنظيمية و البيداغوجية الخاصة بتطبيق هذا المنهج في الابتدائي، من خلال اعتماد نظام التداول يوم بيوم، بهدف مضاعفة عدد أطفال القسم، و بالتالي، تقليص مدة الدراسة، وتكييف البرنامج، لضمان تحقيق الأهداف التربوية، بشكل أكثر كفاءة.
وأوضحت الوزارة في الدليل الذي أعده المجلس الوطني للبرامج، بأن الأمر يتعلق بتساوي فرص الاستفادة من التربية التحضيرية، بين جميع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و 6 سنوات،
و معالجة التفاوت الحاصل، في المدارس، في التحصيل الدراسي، بين الأطفال الذين التحقوا بهذا القسم، والذين لم يسعفهم الحظ للالتحاق بها، إضافة إلى إنماء المهارات اللغوية والحسابية لدى الأطفال، والقدرة على التواصل والتفاعل، الاجتماعيين، لتأسيس الاندماج السلس والسليم في مرحلة التعليم الابتدائي.
وأبرزت الوزارة الوصية حرصها على السعي لتحقيق المؤشر (4.2.2) المرتبط بالهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة، الذي يعنى بنسبة الأطفال في سن الخامسة، المستفيدين من عام واحد من التمدرس، قبل السن الرسمي للالتحاق بالتعليم الابتدائي، مؤكدة أن العملية تستوجب ترتيبات تنظيمية و بيداغوجية في المدارس الابتدائية، وذلك من خلال اعتماد نظام التداول يوم بيوم، ما يمكن من مضاعفة عدد الأطفال الذين يمكن استقبالهم في الحجرة الواحدة، وهذا ما يؤدي – حسب نص الدليل - إلى تقليص مدة الدراسة، وتكييف البرنامج، لضمان تحقيق الأهداف التربوية، بشكل أكثر كفاءة وفي وقت أقل، من خلال التركيز على المهارات الأساسية، الأكاديمية والاجتماعية، التي تمكّن الأطفال، من التكيف السريع مع برامج التعليم الابتدائي "لاحقا" بشكل يلبي الحاجات النفسية والاجتماعية، من خلال الأنشطة التربوية واللعب الموجه.
وحسب الدليل الذي تحوز النصر على نسخة منه، تغطي الفترة الأولى الصباحية، على مدى 15 أسبوعا، الأنشطة التي تعتمد على الجهد الذهني، للتمرن على الأنشطة الأولية، لمبادئ الكتابة والحساب والإيقاظ العلمي، في حين تخصص الفترة الثانية، بعد الظهيرة، للأنشطة الترفيهية ، للتمرن على الأنشطة التطبيقية والبدنية، الإيقاعية والفنية والمسرحية.
ويأتي تصميم دليل أقسام التربية التحضيرية كما تمت الإشارة إليه، بغية تحقيق الغايات التربوية المنصوص عليها في القانون التوجيهي للتربية الوطنية، سعيا إلى مساعدة الأطفال على الاندماج السلس في نظام التعليم الابتدائي، من خلال تعزيز الاستقلالية والثقة بالنفس لدى الأطفال، بتكليفهم بمهام بسيطة، و فهم احتياجاتهم وتوفيرها، مع الدعم العاطفي والاجتماعي بشكل متواصل ودائم، و فهم خصوصيات المرحلة العمرية ومتابعة تطورها.
و بحسب ذات الدليل، ترتكز المقاربات البيداغوجية، في أقسام التربية التحضيرية، على مجموعة من المبادئ التربوية التي تراعي الاحتياجات النمائية للأطفال، في هذه المرحلة العمرية الحساسة، وهي المقاربات التي تتميز – كما يوضح ذات المصدر - بالتفاعلية والمرونة، حيث تستند على اللعب، كأداة تنشيط الفعل التربوي والتجريبي والاستكشافي، حيث ينمي توظيف الأنشطة المتنوعة التي تشمل الألعاب الإيقاعية، والأنشطة الفنية والقصص المصورة، والأغاني التربوية الترفيهية، دافعية التعلم لدى الأطفال بما يجعل التعلم لديهم ممتعا.
وفي ذات السياق تراعي هذه المقاربات البيداغوجية، الفروق الفردية بين الأطفال، حيث تكيف الأنشطة الجماعية، حسب مستوياتهم العقلية والمعرفية المتفاوتة، فتلبي احتياجاتهم الفردية، وتعزز التفاعل الاجتماعي بينهم، وتسهم في تنمية مهاراتهم اللغوية التواصلية، كما تعتمد المقاربات الحديثة، على المتابعة المستمرة، سيما التقويم البنائي والتغذية الفعالة. من جهة أخرى تسمح هذه المقاربات بتجاوز التجربة الشخصية، والتساؤل عند اكتشاف الأشياء الجديدة، و تحقيق تربية صحية قاعدية، على غرار، غسل اليدين، و الأسنان بالفرشاة، و الحفاظ على نظافة أشياء التلميذ، و اكتشاف أن العالم، لا يقتصر على الأشياء اليومية، وأن الكتب والوثائق تفتح أبواب العالم البعيد، و بناء أفعال حركية أساسية، على غرار الحركة، و التوازن و استعمال الأشياء، و رميها أو تلقفها.
كما تضمن الدليل، حيزا كبيرا، للمقاربة البيداغوجية، لأنشطة اللغة، في مجال الهندسة البيداغوجية وأنشطة التعبير والتواصل الشفوي، في المدارس التي تعمل بنظام التداول، و هو ما يتطلب تطوير مهارات التعبير والتواصل الشفويين، كمقاربة بيداغوجية متكاملة، تأخذ بعين الاعتبار، مكتسبات الأطفال القبلية كمورد رئيس لبناء مهارات التعبير.
ويتم أيضا توفير بيئة محفزة، تمكنهم من التعبير الحر عن مشاعرهم واهتماماتهم، ومخاوفهم من خلال تخصيص وقت يومي للأطفال، في جلسات للحديث عن تجاربهم اليومية، أو موضوعات يحبونها أو ورشات التفكير التشاركي.
إلى جانب ذلك تضمن الدليل، مقاربة بيداغوجية للأنشطة الرياضياتية ، في المدارس التي تعمل بنظام التداول، باعتبار أن اللعب يعد نشاطا مفضلا عند الأطفال وأداة تساعد على الإدراك وتتشكل الصورة الحسية للمفهوم، وتمكن الطفل من التعامل مع المجرد بوعي.
يتم الاعتماد في تفعيل الأنشطة العلمية في أقسام التربية التحضيرية، - حسب ذات الوثيقة - على توظيف مقاربات بيداغوجية تتناسب والفضول الكبير الذي يتميز به الأطفال في هذه السن، وهي ميزات تجعلهم مستعدين بشكل فطري لاستكشاف كل شيء من حولهم ، سيما، الفضول العلمي، والتساؤل عن ماهيته، ويدفعهم للتفاعل مع الغير، والمرونة التي تيسر التعلم والتكيف، وتمكن من اكتساب مهارات جديدة.
وبخصوص المقاربة البيداغوجية للأنشطة الاجتماعية، تعتبرها الوثيقة مجالا خصبا لتنمية مهارات التواصل الاجتماعي، وتعزيز القيم والمهارات الحسية الحركية، و تستثمر لتحقيق التدرج في سياق الانتقال من التمركز حول الذات إلى التطبيع الاجتماعي. و تستدعي هذه الأهداف – يضيف ذات الدليل - تصميم أنشطة تربوية تغرس القيم الاجتماعية والأخلاقية، وتبني التفاعل في بيئة اجتماعية يشعر فيها الأطفال بالراحة والانفتاح، وتمكنهم من التواصل والتعبير عن أنفسهم، فيما يتضمن الدليل مقاربة للأنشطة البدنية والرياضية ومقاربة بيداغوجية للأنشطة الفنية.
عبد الحكيم أسابع