اعتبر خبراء في الاقتصاد، أمس، أن مراجعة اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، ضرورة سياسية وحتمية اقتصادية بالنظر لعدة اعتبارات، حيث أن ظروف التوقيع على الاتفاق تختلف عن المعطيات الراهنة اليوم ، كما أن هذه الشراكة كانت في صالح الطرف الأوروبي وترتب عنها خسائر كبيرة بالنسبة للاقتصاد الوطني وأوضحوا أن الجزائر تريد اتفاقية تخدم الطرفين، مع تعزيز العلاقات على أسس متينة بما يخدم الجانبين.
وأوضح أستاذ الاقتصاد بجامعة المسيلة البروفيسور عبد الصمد سعودي في تصريح للنصر، أمس، أن مراجعة اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، قرار استراتيجي وسياسي شجاع، كما أنها ضرورة سياسية وحتمية اقتصادية.
وقال إن هذه المراجعة انتظرناها منذ سنوات ، حيث تبين أن هذه الشراكة وبعد دخول الاتفاق حيز التنفيذ ، كانت خاسرة بالنسبة للجزائر ، حيث تمت في ظروف معينة كانت تمر بها الجزائر، مذكرا أن الاقتصاد الجزائري، كان يمر حينها بظروف صعبة، فيما كانت هذه الشراكة كلها في صالح الاتحاد الأوروبي ونجم عنها خسائر بالنسبة للاقتصاد الوطني على مدى سنوات.
وأضاف المتدخل، أن الكثير من الصناعات المحلية التي كانت موجودة، تضررت لعدم قدرتها على منافسة السلع التي تأتي من الاتحاد الأوروبي، أضف إلى ذلك عدم وجود منتوجات جزائرية يمكن تصديرها للخارج، لافتا إلى أهمية مراجعة الاتفاقية اليوم بما يخدم الطرفين.
وأضاف أن هذه الشراكة من الضروري أن تكون في إطار رابح- رابح، خصوصا وأن الجزائر اليوم هي دولة قوية في المنطقة وعلاقاتها مع الدول الأوروبية تبنى على الندية، أضف إلى ذلك الاستراتيجية المنتهجة في التصدير خارج قطاع المحروقات، إلى الأسواق الخارجية، لافتا إلى أن المنتوجات المحلية تمتاز بتنافسية من ناحية السعر والجودة وتحظى بالدعم من طرف الدولة، كما أنها تستهلك الطاقة بأسعار منخفضة وبالتالي المنتوج المحلي الجزائري، سيكون بأسعار منخفضة، مقارنة مع منتوجات أخرى في السوق الأوروبية .
واعتبر أستاذ الاقتصاد بجامعة المسيلة البروفيسور عبد الصمد سعودي، أن مراجعة الاتفاق، ستكون لها انعكاسات إيجابية على الاقتصاد الجزائري، حيث سيكون هناك تنافس عادل بين المنتوجات الجزائرية والأوروبية ، فيما ستزيد مبيعات المنتجات المحلية، وفي الوقت ذاته تدخل بأريحية إلى البلدان الأوروبية .
وأضاف أن ارتفاع معدلات التصدير، سيؤدي إلى زيادة احتياطات الصرف وكذا زيادة الإنتاج ما يتطلب توظيف عدد إضافي من العمال، ما سيساهم في ارتفاع الدخل الوطني وكلها مؤشرات ستخدم الاقتصاد الوطني.
ومن جانبه، أوضح أستاذ العلوم الاقتصادية الدكتور أحمد الحيدوسي في تصريح للنصر، أمس، أن ظروف توقيع الاتفاق عام 2002 ودخوله حيز التنفيذ في 2005 ، تختلف عن الظروف الحالية، حيث كان وضع الاقتصاد الجزائري متدهورا في ذلك الوقت.
وأضاف أن هذه الشراكة، كانت في صالح الطرف الأقوى في المعادلة وهو الاقتصاد الأوروبي، معتبرا أن مراجعة بنود الاتفاقية، بما يخدم الطرفين اليوم ، أصبح ضرورة بالنظر إلى تغير المعطيات ، إضافة إلى تغير الوضع الاقتصادي العالمي، مع وجود أمور جيوسياسية على مستوى العالم، تحتم إعادة النظر في الاتفاق في إطار استراتيجية رابح- رابح والاحترام المتبادل وفق نظرة اقتصادية براغماتية.
واعتبر أستاذ العلوم الاقتصادية، أن الجزائر تؤكد أنها حاضرة اقتصاديا وسياسيا ودبلوماسيا في منطقة البحر الأبيض المتوسط، لذلك العديد من النقاط يجب أخذها بعين الاعتبار عند مناقشة هذه الاتفاقية بالنظر لارتفاع حجم الاقتصاد الجزائري، كما أن المنتوج الجزائري، أثبت وجوده داخليا و خارجيا، حيث تطمح الجزائر للرفع من قيمة الصادرات خارج المحروقات و من غير الممكن أن تفرض أوروبا شروطا غير قانونية وغير تجارية على بعض المنتجات الجزائرية بحجج واهية.
وأضاف أنه إذا أرادت أوروبا أن تصدر منتجاتها إلى الجزائر، عليها أن تقبل بنفس القدر ونفس الطريقة دخول المنتجات الجزائرية إلى أوروبا وعدم فرض قيود وهمية.
وذكر الخبير الاقتصادي، أن الجزائر لا تريد أن تدير ظهرها لأوروبا والتي تعد شريكا مهما لعدة اعتبارات ومنها القرب الجغرافي والعلاقات التاريخية والسياسية، موضحا أن الجزائر، تريد اتفاقية تخدم الطرفين، كما أنها لا تريد قطع العلاقات، بل بالعكس فهي تريد تعزيزها على أسس متينة، بما يخدم الجانبين، الجزائر وأوروبا.
مراد -ح