أكد خبراء ومحللون، أمس، أن العلاقات الجزائرية الفرنسية، دخلت مرحلة توتر غير مسبوقة، مع انخراط كل مؤسسات الدولة الفرنسية في الحملة الممنهجة والعدائية ضد الجزائر، وأوضحوا أن الطرف الفرنسي، يبادر بالهجوم و صنع القلاقل والمشاكل والتصعيد، فيما تشتغل الجزائر في إطار ضبط النفس، مع رفضها لغة الوعيد والتهديد.
واعتبر أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور علي محمد ربيج في تصريح للنصر، أمس، أن العلاقات الجزائرية الفرنسية، أخذت أبعادا و وسائل أخرى مختلفة، و وصلت إلى مرحلة لم يسبق لها مثيل، مقارنة بالأزمات التي كانت في الماضي والتي كانت تدار بطريقة دبلوماسية وسياسية، فيما يشهد التوتر اليوم أشكالا كبيرة.
وأضاف أن الجزائر، تدرك أن فرنسا تعاني من أزمات وتجاذبات سياسية في الداخل، لافتا إلى أن اليمين المتطرف داخل المؤسسات الفرنسية، استعاد قوته وهو الآن يصفي حساباته مع الجزائر.
وأشار الدكتور علي محمد ربيج ، في السياق ذاته، إلى وجود نية داخل اليمين المتطرف الفرنسي لإضرام النار في العلاقات بين البلدين واستفزاز الجزائر ومن جانب آخر استفزاز الجالية الجزائرية في فرنسا من أجل دفعها للخروج عن صمتها والدخول في مواجهة مع المؤسسات الفرنسية.
واعتبر أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، أن هناك سياسة فرنسية ممنهجة و مخابر تفكر كيف تورط وتشعل النار في العلاقات الثنائية، كما أشار إلى وجود بعض الأطراف والشخصيات فرنسية ومنها رئيس الوزراء الفرنسي السابق دومينيك دوفلبان، والتي تدافع عن مصلحة فرنسا من خلال الحفاظ على استقرار العلاقات الثنائية وعدم سقوطها إلى هذا المستوى.
وذكر المحلل السياسي، أن هذه اللهجة يستخدمها المسؤولون الفرنسيون، حاليا بمباركة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والذي لا يريد أن يكون في الصورة، لافتا في هذا الإطار إلى انخراط مؤسسات أخرى ومنها وزارة الداخلية و مجلس الشيوخ الفرنسي والذي قام رئيسه بزيارة إلى مدينة العيون المحتلة بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية.
و أضاف أن الأمر أصبح واضحا، وأن كل مؤسسات الدولة الفرنسية، يمينية، وسطية ، يسارية ، التشريعية والتنفيذية والإعلامية والسياسية، اصطفت وانخرطت في هذه الحملة الممنهجة العدائية ضد الجزائر للوصول الى نتيجة وهي إعلان الجزائر قطع العلاقات مع فرنسا.
وأكد في السياق ذاته، أن الذي يبادر بالتحرش والهجوم و صنع القلاقل والمشاكل وإضرام النار في هذه العلاقات هو الطرف الفرنسي ومع هذا تحاول الجزائر أن لا تقع في فخ المخطط الفرنسي الذي انخرط فيه اليمين المتطرف و كل المؤسسات الفرنسية، لافتا إلى أن الجزائر ترفض لغة الوعيد والتهديد والتي لن تنجح مع الجزائر.
من جانبه، أوضح أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر 3 الدكتور رابح لعروسي في تصريح للنصر، أمس، أن بيان وزارة الخارجية، أول أمس، كان واضحا جدا، لافتا إلى أن الجزائر تستعمل أسلوب ضبط النفس لحد الساعة في رد الفعل على التصعيد والسلوك الفرنسي الغريب جدا والذي لا يخدم الجانب الفرنسي أكثر من الجانب الجزائري.
وأضاف أن العلاقات الجزائرية مع بعض الدول الأوروبية، أخذت منحى متقدما ومتطورا جدا، حيث تمضي الجزائر قدما في إطار تنويع شركائها الدوليين والاستراتيجيين، على غرار الشريك الإيطالي، الروسي، الصيني ، الأمريكي و الإسباني، مع وجود مؤشرات وأرقام دولية، تؤكد أن الجزائر في الطريق الصحيح و هذا كله لا يعجب هذه الدوائر الفرنسية وأكد المتحدث، أن الجزائر اليوم ماضية قدما ولا تنظر إلى الوراء، و أضاف أن الطرف الجزائري، يريد أن تكون العلاقات الجزائرية الفرنسية طبيعة جدا.وذكر المتدخل، أن فرنسا فهمت أنها أصبحت ضعيفة جدا على مستوى الجسم الأوروبي وهي تريد اليوم أن تضغط على أوروبا من أجل أن تأخذ مواقف معادية للجزائر.
وأضاف أن الجزائر بثبات مواقفها ومبادئها الصلبة، تشتغل في إطار ضبط النفس ولم تقم بأي تصعيد، معتبرا أن الكرة الآن في مرمى الفرنسيين، لأن فرنسا تعيش اليوم أزمة خانقة جدا وأزمة سياسية بامتياز نتيجة تركيبة الحكومة الحالية. واعتبر المحلل السياسي، أن فرنسا الرسمية، اختطفت منذ عدة أشهر وأصبحت في يد جماعة عنصرية، تكن الحقد للجزائر ولم تهضم أن الجزائر دولة فاعلة وصاعدة وذات سيادة مطلقة وليس لها مديونية ومحترمة وصوتها عالي وهذا يزعج بعض الدوائر الفرنسية.
وأضاف أن بعض الأطراف الفرنسية، لم تتخل عن أوهامها الاستعمارية وهي تريد أن تحافظ على المنطق الاستعماري والاستغلالي.
وأكد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، أن الجزائر لها صوت صادق ومسموع ومحترم على الصعيد الإقليمي والدولي وأن المقاربة الجزائرية وموقف الجزائر سليم جدا .
كما اعتبر المتحدث، أن التطور الحاصل اليوم في فرنسا الرسمية، أصبح يضر حتى بالتاريخ الفرنسي ، لافتا الى أن فرنسا عضو في مجلس الأمن الدولي، لكنها تحيد إلى مواقف لا تشرفها ومنها ما تعلق بدعم احتلال الصحراء الغربية.
من جهة أخرى، نوه أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، بالمكاسب والنتائج التي حققتها الجزائر على مستوى الاتحاد الإفريقي وأضاف أن الجزائر دولة وازنة وناشطة ولها دور على مستوى الاتحاد الإفريقي وأن العالم يجمع على أنها شريك قوي في محاربة الجريمة المنظمة وفيما يتعلق بمعالجة ملف الهجرة غير الشرعية.
وأوضح أن كل هذه الأمور، تزعج فرنسا، سيما وأنها فقدت مكانتها في إفريقيا، خاصة مع تنامي الأصوات المتصاعدة في إفريقيا، مع طرد وكنس فرنسا، لأن سلوكها غير سليم وعدائي.
مراد -ح