تحوّل نادي «بريدج أدفونتير» للدراجات النارية، في فترة وجيزة إلى ممثل لولاية قسنطينة والجزائر على المستوى العالمي، وذلك بعد نجاحه في الترويج للسياحة المحلية من خلال مغامرات ورحلات نحو مختلف المناطق السياحية بأرض الوطن على متن الدراجات النارية، لتساهم صوّر الأعضاء وفيديوهاتهم في استقطاب عشاق الرياضات الميكانيكية حول العالم وخاصة الدرّاجين الفرنسيين و البرتغاليين والإسبان.
حاتم بن كحول
وأكد كريم العايب، عضو مؤسس لجمعية «بريدج أدفونتير» بقسنطينة، أن جمعيته طوّرت مفهوم الدراجة النارية بقسنطينة، بعد أن كانت الفكرة مجرد رغبة من أصدقاء في السفر نحو مناطق من الوطن بواسطة الدراجات النارية الرياضية، انطلاقا من ولايات شرقية و وصولا إلى أقصى الجنوب و تحديدا إلى مدن مثل جانت وتيميمون.
وبعد النجاح الباهر لهذه المغامرة تحول التفكير في تنظيم سفريات مماثلة للمهتمين بالمجال، لكن بطريقة منظمة عبر جمعية أو ناد يحمل صفة قانونية.
وقد أنشأت الجمعية الرياضية في هذا الإطار، وبدأت تشارك في تنظيم مختلف الفعاليات على غرار بطولة أمم إفريقيا للاعبين المحليين التي احتضنتها الجزائر سنة 2023، حيث استقبلت الجمعية الجديدة في تلك الفترة، دراجين من ولايات عديدة منها العاصمة، وسطيف، وباتنة، وبسكرة وعين مليلة بأم البواقي. شق النادي طريقه أكثر بعد ذلك، وشارك أعضاؤه في احتفاليات العيدين الوطنيين 1 نوفمبر و5 جويلية، لمدة 4 سنوات متتالية، ليقوم بعدها باستقبال درّاجين من ولايات أخرى للقيام باستعراضات وجولات للتعريف بقسنطينة ومقوماتها السياحية وأوضح المتحدث، أنهم كفريق سعداء جدا باستضافة قسنطينة لأول معرض للدراجات النارية.
حلقة وصل بين النوادي الجزائرية ونظيرتها من تونس وليبيا
وأضاف الشاب، أن ناديه تعود على استقبال دراجين من مختلف الولايات، كما خطى خطوة جديدة نحو الأمام من خلال توسيع دائرة التعارف واستقبال نواد تونسية وليبية، وكان بذلك حلقة وصل بين الجزائر وجيرانها في المغرب العربي، بعد أن أتاحت تلك الزيارات لدراجين تونسيين وليبيين فرصة اكتشاف ما تزخر بها المدينة خصوصا والجزائر عموما من مقومات سياحية.وساهم هذا التعارف في تبادل الزيارات مرارا وتوطيد العلاقة بين الشباب في هذه الدول الثلاث، وكذا فتح المجال لتبادل الأفكار والانفتاح على العادات والتقاليد لكل دولة.
وينبهر زوار قسنطينة بالمناظر الخلابة التي تتميز بها المدينة حسب محدثنا، خصوصا الدرّاجون القادمون من ولايات وهران، والبليدة، والعاصمة، وسطيف وجيجل، ممن لم تتح لهم الفرصة سابقا لزيارة عاصمة الشرق.
وحسب الدراج، فإن الهدف الأسمى لناديه الرياضي، هو الجمع بين الرياضة والسياحة في آن واحد، في محاولة لاستغلال الثروات السياحية التي تتمتع بها قسنطينة، مؤكدا أن كل من يغادر هذه المدينة يعود مجددا، لتعلقه بجمالها المثير وسحر جسورها المعلقة.
مضيفا، أن مثل هذه التظاهرات والمعارض تعتبر عرسا بالنسبة لجمعيته، خاصة وأن ثقافة الرياضة الميكانيكية في قسنطينة لا تزال بحاجة إلى دعم وتطور، وهو الهدف الأول من هذه الجمعية حسب المتحدث.
الفيديوهات لزيادة الاستقطاب
وإلى جانب هدفها الرياضي، فإن جمعية «بريدج» تلعب دورا سياحيا مهما جدا كما قال كريم العايب، متحدثا عن تجربته في الترويج للسياحة المحلية، على مواقع التواصل الاجتماعي وتحديدا «فيسبوك» و»إنستغرام»، بعد نشر فيديوهات وصور لرحلات قام بها أعضاء النادي إلى العديد من ولايات الوطن، وما أظهرته الصور من مناظر خلابة، جلبت تفاعلا خياليا لم يكن متوقعا على مواقع التواصل مع تحقيق انتشار واسع وصل إلى قارة أوروبا.
وأضاف المتحدث، أن النجاح الباهر المحقق على مواقع التواصل الاجتماعي ساهم في تطوير النادي، فبعد أن كان عدد أعضائه لا تجاوز 3 أشخاص فقط، ارتفع إلى 13، ثم إلى 36 مباشرة بعد رحلة ولاية تمنراست، إلى جانب مشاركة عشاق المركبات الرياضية الأخرى و تحديدا المركبات رباعية الدفع.وأوضح، أن كل المشاركين في الرحلة كانوا من أبناء قسنطينة، لكن الأصداء الإيجابية التي حققتها وسّعت من نطاق الاستقطاب و المشاركة، حيث تواصل معهم العديد من الدراجين الرياضيين والهواة للمشاركة في برامج الأسفار و الرحلات اللاحقة، لتبدأ قصة داخل الوطن، ومن ثم تمتد سطورها خارجه كي تشمل درّاجين من إسبانيا و البرتغال.
دراج فرنسي شهير يتحول إلى مرشد سياحي بقسنطينة
بعد الصدى الكبير الذي لاقته الفيديوهات الترويجية التي ينشرها أعضاء النادي، قال محدثنا إن التفاعل أصبح أكبر خصوصا مع المحتوى الخاص بالرحلات نحو الجنوب الجزائري.
وأخبرنا، أن درّاجا فرنسيا شهيرا عالميا، تواصل معهم وزار قسنطينة في إطار رحلة له نحو العديد من ولايات الجزائر، حيث انبهر بجمال البلد و سحر سيرتا تحديدا، ليعود مجددا في صفة مرشد سياحي لوفد من أبناء بلاده.
وأكد الدارج، أن الفيديوهات التي نشرها الرياضي الفرنسي شكلت جسرا سياحيا مهما ساهم في مضاعفة عدد زوار المدينة الفرنسيين وخصوصا الدراجين.
وقد استقبلت الجمعية في ظرف 4 سنوات، دراجين من أزيد من 7 جنسيات مختلفة، بينهم أتراك أعجبوا جدا بمدينة قسنطينة وما تتميز به من مناطق سياحية ومأكولات تقليدية وشعبية، لتحقق هذه الجمعية التي انطلقت بثلاثة أفراد صدى سياحيا كبيرا.
مسار يشمل أبرز المناطق السياحية للتعريف بقسنطينة
واكتسب أعضاء النادي الخبرة الكافية لاستقبال الأجانب في ولاية قسنطينة، ما جعلهم يضبطون مسارا مميزا كخريطة سياحية يتبعونها عند كل جولة مع الدرّاجين الأجانب، انطلاقا من حي المنظر الجميل بوسط المدينة باتجاه «نصب الأموات»، ثم إلى جسر سيدي مسيد فجسر الشيطان.ويمتد المسار كذلك عبر الجسور الأخرى، مع المرور على المسالك الواقعة أسفل جسر سيدي مسيد وتحديدا منطقة الريميس، أين تتواجد الشلالات، حيث يسير الزوار عبر الصخور ربيعا حين يجف الوادي.
كما تشمل الرحلة مسجد الأمير عبد القادر، وهنا تذكر المتحدث مشهدا بقي راسخا في ذهنه ويتمثل في تزامن تواجد 25 درّاجا برتغاليين بمحيط المسجد خلال آذان صلاة العصر، ما جعلهم يندهشون عند سماع صوت الآذان وسط مبنى أنجز بهندسة فريدة من نوعها، ليتساءلوا عن اسم مصممه وتاريخ تشييده.
وأضاف الشاب، أن الأجانب يعجبون كثيرا بأطباق «الشخشوخة»، و»شربة الفريك»،و «البوراك» وطبق «شباح السفرة».
ولا يقتصر دور الجمعية على تعريف الرياضيين من الدول الأجنبية بقسنطينة فقط، بل يرافقونهم في كثير من المرات إلى ولايات أخرى، كما يتدخلون لمساعدتهم في حال مواجهة بعض الصعوبات على غرار الأعطاب التي تمس دراجاتهم، أو عمليات الصيانة واقتناء قطع الغيار، أو قد يتطوعون للعمل كمرشدين سياحيين.
اللباس الموحد ورخصة سياقة الدرجات الرياضية شرط أساسي
ومن أجل الانضمام إلى نادي «بريدج أدفونتير»، وجب أن يلتزم الشخص ببعض الشروط، وأكد العضو المؤسس للجمعية كريم العايب، أنه يتوجب على العضو الجديد ارتداء لباس موحد مكون من سروال بواق للركبتين وسترة بواق للكتفين والمفاصل، وخوذة للسلامة.
وتشترط حيازته لرخصة قيادة دراجة نارية من الحجم الكبير، خاصة وأن الكثير من الشباب ينتقلون من قيادة الدراجة النارية العادية مثل «السكوتر» إلى الدراجة كبيرة مباشرة، ما يجعلهم يعانون للتحكم فيها و يقد يتعرضون لحوادث.
كما يتوجب أن يملك العضو في النادي لباسا عاكسا للضوء مخصص للقيادة في الظلام، لتنبيه مستعملي الطريق بوجود درّاج.وأضاف المتحدث، أن أعضاء النادي يقودون وفق نظام محدد خلال الرحلات، عبر تنظيم الصفوف وتحديد مركز كل سائق، ويشترط ألا تتعدى السرعة 120 كلم في الساعة، على أن يراقب السائق الأول المنعرجات والعراقيل الفجائية ويقوم بتخفيض السرعة لتتبعه كل المجموعة بعد ذلك، ما يجنب الدراجين حوادث المرور.
وحول خوف مواطنين من قيادة الدرجات القوية، قال إن احتمالات الخطر قائمة في كل الأحوال عند القائدة على الطرقات عموما، ولا يقتصر الأمر فقط على راكبي الدراجات النارية، موضحا أن جمعيته منظمة و تحترم القواعد وقوانين السير، وهو ما يضمن لأعضائها السلامة المرورية، كما يساهمون في نشر الوعي المروري و البيئي والسياحي كذلك.
وعن إقبال الشباب على هذه الرياضة بقسنطينة، أكد أن الغالبية تعشق الدراجات النارية، و تحلم بركوبها خلال رحلات نحو مناطق مثل سرايدي، وشطايبي، وواحة بشار، وتيزي وزو، لاستكشاف الطبيعة والاستمتاع بجمالها، والسياقة بأريحية على الطرقات السريعة، والتخييم في الغابات وشواطئ البحر، وهو تحديدا ما رفع عدد الأعضاء اليوم إلى أكثر من 300 منتسب ووفي.
نحتاج مدارس لتعليم سياقة الدرجات النارية
وأرجع الدرّاج الشاب، سبب ارتفاع عدد حوادث المرور بالدراجات النارية في قسنطينة، إلى نقص مدارس تعليم سياقة الدراجات النارية الكبيرة، موضحا أن الراغبين في الحصول على الرخصة يعانون كثيرا ولمدة طويلة قبل إيجاد مدرسة أو اثنتين على الأكثر.
موضحا، أن هناك من يكتفي بالحصول على الرخصة كوثيقة رسمية لكن دون تعلم فنون القيادة فعليا، وهو واقع لا يمكن إنكاره خصوصا بقسنطينة، على عكس الولايات التي تعد فيها ثقافة الدراجات النارية شائعة والمدارس متوفرة بشكل كاف.
نحلم بمضمار لممارسة الرياضات الميكانيكية
من جهته، أخبرنا مباركي أحمد فوزي، العضو في النادي، وهو واحد من هواة الدراجات النارية ومحبي الرياضات الميكانيكية بكل أنواعها، أنه شاب مغترب وتقني في التصليح والصيانة المركبات الرياضية في الأصل، وقد سعد كثيرا بخبر احتضان قسنطينة لمعرض الدراجات، خاصة وأنه سيتيح الفرصة لتطوير النادي وهذه الرياضة عموما.وتحدث، عن حرص الجمعية في أن تكون قسنطينة قطبا سياحيا واقتصاديا ورياضيا مهما للرياضة الميكانيكية، والمعرض يعتبر بادرة خير حسبه، خصوصا وأن ناديه سبق وأن اقترح على المسؤولين في الولاية إنشاء مضمار لمحترفي الرياضات الميكانيكية ومنها الدراجات النارية.وقال، إنه مطلب رفع إلى مديرية الشباب والرياضة، وأن الطلب لا يتمثل في استحداث مضمار خاص «بالفورميلا» بل «الموتو كروس» فقط.
موضحا، أن مدير القطاع أبدى موافقة شفهية في انتظار رد رسمي نهائي، وعند الحصول عليه سيتم اختيار المنطقة المحددة قد تكون بعين سمارة عند منطقتي شطابة وعين الناقة، علما أن المضمار لن يكون مخصصا فقط للجمعية بل لكل عشاق الرياضات الميكانيكية من داخل وخارج قسنطينة.وأضاف المتحدث، أن حلم عشاق هذه الرياضة أهو توفير مضمار بمقاييس دولية، داعيا السلطات للمساعدة في تحقيق هذا الحلم. وأعتبر زميله العايب، أن المعرض القادم سيكون فرصة لإعادة رفع المقترح، خصوصا وأن الطرقات العادية غير مناسبة لسير المركبات أو الدراجات النارية بسرعة، لأنها تعيق التوقف بشكل فجائي وسريع وهو ما يسبب الحوادث.