دعا، أمس، أكاديميون خلال ملتقى وطني حول الأمن البيئي في الجزائر بقسنطينة إلى تبني مقاربة وطنية تقوم على الاستشراف والاستباق في مواجهة التهديدات البيئية، كذلك إنشاء قاعدة بيانات خاصة بالنفايات الإلكترونية وتخصيص هذه الأخيرة مستقبلا بنصوص قانونية لها.
ونظّمت كلية العلوم السياسية بجامعة قسنطينة 3 صالح بوبنيدر، ملتقى وطنيا موسوما بـ»الأمن البيئي في الجزائر الرهانات والتحديات»، حيث حاول القائمون من خلاله التطرق إلى إشكالية تتمحور حول مدى إسهام المنظومة الجزائرية لحماية البيئة في تحقيق الأمن البيئي وتعزيز الأمن الوطني، حيث ذكرت الدكتورة بجامعة قسنطينة 1، فايزة لبيض، ظهور مشكلة بيئية وظاهرة حديثة تتعلق بالمخلفات الإلكترونية إذ تتوجّه الدول المتقدّمة للتخلص منها عند الدول النامية تحت مسمى الأجهزة المستعملة.
وأضافت المتحدّثة أنّ الأجهزة الإلكترونية تخلف أضرارا على البيئة والصحة عند التخلص العشوائي منها، على غرار الحرق حيث يؤدي إلى انبعاث غازات سامة تصيب الجهاز التنفسي، كما تسبّب الأمطار الحامضية فتتلوّث المياه والتربة، ولفتت المتحدّثة إلى أنّ القانون 25/02 عدّل القانون 01/19 المتعلّق بتسيير ومراقبة وإزالة النفايات، كرّس من خلاله مبدأ المسؤولية الممتدة للمنتج بحيث يلتزم بموجبها المنتجون والمستوردون والموزعون للأجهزة بتحمل مسؤولية جمع وتثمين نفايات منتجاتهم بعد انتهاء عمرها الافتراضي.
وأوضحت ذات المتحدّثة أنّ هذا التعديل الأخير لم يخصص نصوصا قانونية مستقلة للنفايات الإلكترونية وكذا جعل من منع استيراد النفايات يقتصر على تلك الخطرة غير القابلة للتثمين مما يسمح باستيراد نظيراتها القابلة للتثمين الأمر الذي لا يتلاءم مع الإمكانيات المتاحة حاليا، إذ ترى المتحدثة أنّ المشرّع الجزائري تبنى مبدأ المعالجة المتساوية لجميع النفايات الخطرة دون تمييز بحيث يتماشى مع الموقف الدولي.
وأوصت المتحدّثة بمنع استيراد النفايات الإلكترونية من قبل مختلف الدول النامية، بالإضافة إلى الإسراع في إنشاء قاعدة بيانات وطنية تخص النفايات الإلكترونية لتتبع حجم ونوع الأجهزة المستهلكة ورصد مواقع التجميع وإعادة التدوير وتوثيق عمليات التخلص الآمن منها، زيادة على إنشاء أماكن مخصصة لحاويات ذكية لهذه النفايات وتشجيع الاستثمار في مجال إعادة التدوير، فضلا عن وضع نصوص قانونية خاصة بالنفايات الإلكترونية مستقبلا مثلما ذكرته للنّصر على هامش الملتقى.
من جهته يرى الدكتور بجامعة قسنطينة 3، نبيل ديب، أنّ مسألة الأمن البيئي ليست قضية هامشية أو تقنية محضة وإنما محور استراتيجي حيوي في السياسات الدولية، مضيفا أنّ الجزائر تواجه تحديات بيئية متفاقمة تنذر بمخاطر متعدّدة الأبعاد تمسّ الأمن المائي، الغذائي، الصحي والمجتمعي، إذ يعتقد المتحدّث أنّه من الضروري تجاوز المقاربات التقليدية محدودة النتائج والقائمة على أنموذج تشخيص المشكلات والبحث عن حلول آنية، كما تطرّق إلى وجود مشكلات تفاقمت ولم تتراجع على غرار التصحر وتآكل الأراضي وندرة المياه والضغوط على السدود، أيضا التلوث الحضاري والصناعي والنفايات الصلبة بالرّغم حسبه من الترسانة القانونية والمؤسسات الساعية لوضع حدّ لها.
وينبغي حسب، ديب، بناء استراتيجية بيئية استباقية قائمة على الاستشراف والتخطيط بعيد المدى ما يسمح بالتنبؤ بالتأثيرات المناخية ووضع خطط استباقية لمواجهة الكوارث المحتملة قبل وقوعها، معتبرا أنّ للجزائر إمكانيات تخوّلها لذلك، مبرزا ضرورة تحيين الأنماط المناخية للتنبؤ بالظروف المستقبلية وإدارة الموارد المائية باستخدام التكنولوجيا الذكية وكذا الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، فضلا عن العمل بالزراعة الذكية، كما أوصى بإنشاء هيئة وطنية للاستشراف البيئي ودمج هذا الأخير في السياسة البيئية القطاعية، و أيضا تكثيف التكوين في أدوات التخطيط البيئي والاستشراف.
وأوصت كذلك الدكتورة بجامعة أم البواقي، هناء بن عامر، في جزء من مداخلتها حول المجتمع المدني ومفهوم الأمن البيئي في الجزائر بإدماج التربية البيئية في المدارس والجامعات، إطلاق حملات توعية وطنية وتدعيم العمل التطوعي وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، تشجيع إنشاء جمعيات ولجان أحياء بيئية مع تبني التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والرقمنة في مواجهة التحديات البيئية.
فيما دعا الدكتور، عبد الغاني حومر، في حديث مع النّصر إلى تفعيل القوانين الردعية لمحاربة التلوث وتقييم وتثمين الموارد البيئية وتصنيفها كثروة وطنية محمية يمنع المساس بها، كذلك وضع استراتيجيات وخطط عمل أكثر نجاعة وفاعلية.
إسلام. ق