بعث رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، برقية تعزية إلى أسرة الأديبة العالمية الراحلة آسيا جبار، التي وافتها المنية الجمعة الماضي، أكد فيها أن الفقيدة سافرت بغنى الجزائر عبر الكلمة إلى أقاصي المعمورة لتنقل للعالم أكمل و أنقى صورة عن وطنها.
و كتب رئيس الجمهورية في برقيته «بتأثر بالغ تلقيت النبأ الأليم بوفاة المغفور لها الأديبة العالمية آسيا جبار (فاطمة الزهراء إماليين) بعد مشوار طويل قطعته محلقة في أجواء عالية من الفن و الأدب، لم يرتق إليها إلا من حباه الله بفكر نير و إحساس مرهف و خيال مجنح و قلم صوال في خبايا الزمان، جوال في طوايا النفس و الوجدان».
و ذكر رئيس الجمهورية بنشأة الفقيدة بنت الجزائر التي ترعرعت في القرية الهادئة قورايا بالمدينة الساحلية شرشال، أين «وسدت رأسها روابيها الخضراء، و غسلت قدميها مياه البحر الأبيض الزرقاء» مشيرا إلى أن الفقيدة «حفظت في باكورة حياتها ما تيسر لها من آيات الذكر الحكيم قبل أن تختلف إلى مدارس المنطقة تنهل من العلوم و المعرفة و توسع من مداركها».
و قد أهّلها مسارها التعليمي من نيل شهادة البكالوريا التي لم تتوقف عندها «كما تفعل عادة لداتها، بل صممت على أن تمضي صعدا في مدارج التعلم و التثقف، فجردت من حزمها و عزمها سيفا شديد المضاء، قطعت به أغلال التقاليد وأنضت عنها ثياب الركود و الجمود و كشفت للعالم شخصية المرأة الجزائرية الحرة و قدرتها على اقتحام عالم الفكر و الأدب».
و تابع رئيس الدولة مشيرا إلى أن الراحلة قامت من خلال أدبها بإبراز قيم بلادها الروحية و الفكرية «بنفس القوة التي خاضت بها الكفاح المسلح لتحريرها».
و قرن رئيس الجمهورية بين مسار آسيا جبار و ألبير كامو الذي ولد في قرية لا تبعد عن قريتها إلا قليلا، فهاجر إلى فرنسا التي هاجرت إليها أيضا الفقيدة «و ليس لها من زاد إلا الإرادة و الطموح و لا من سلاح إلا الأمل و الإيمان و هي فرسها التي كانت لها حمحمة في الميدان و راهنت بها في سباقها مع الركبان و صمدت و صبرت حتى لوت يد الزمان فلان لها و لا يلين الزمان إلا للفارس المغوار».
وبفرنسا، «شقت الفقيدة طريقها في عالم الإبداع إلى أن تقاطعت مع طريق الخالدين و واكبتهم بما أبدعت في السرد الرقيق و الصور الجذابة و الخيال المحلق في الأجواء المخملية البعيدة، حتى ملأ أدبها الدنيا و شغل الناس لما احتواه من عذوبة و قيم جمالية إنسانية بوأها مقامات في المحافل المعرفية داخل الجزائر و خارجا»، يتابع رئيس الدولة.
واستعرض الرئيس بوتفليقة مختلف معالم و مميزات فن و أدب آسيا جبار الذي ترجم للعديد من اللغات و «انكبت عليه أجيال من هواة الأدب و طلابه، يستمدون منه فنون الكتابة و يتشربون من معيته معاني القيم الممهورة بالمحبة و السلام و التعايش في كنف الأسرة الإنسانية».
و تابع رئيس الجمهورية يقول «لقد سافرت آسيا جبار بغنى الجزائر في كل مفرداته عبر الكلمة و نضارة الفكر إلى أقاصي المعمورة لتري الناس أكمل صورة و أنقاها عن وطن، عاشت له بفنها و علمها، فأثرت تراثه الأدبي و أغنت تراث الإنسانية بجواهر خالدة ستبقى عقدا متلألئا في جيد الأدب العالمي و حلية نفيسة لبنات و أبناء وطنها على الدوام».
وأكد الرئيس بوتفليقة في برقيته على أنه «ليس من السهل أن تنعي الجزائر طودا شامخا قدّ من الفن الرفيع و من الخلق النبيل و من النضال الشريف في سبيل رفعة الإنسان خلقا و سلوكا يتعالى بآدميته عن أنانيته و يعانق الخير و العدل و الجمال».
و استرسل يقول «ليس من السهل علينا جميعا أن يفقد الوطن علما من أعلامه، لكن ما حيلة المرء في حكم الديان سوى أن يلوذ بالصبر و الدعاء لها، سائلين الله تعالى أن يكرم وفادتها و يجزل ثوابها و يسكنها روضة من روضات جناته و يرزق أهلها الكرام و ذويها و كافة الأسرة الأدبية و الإبداعية الصبر الجميل».
وأج