الجزائر (1) ـ نيجيريا (2)
أخفق المنتخب الجزائري في ترصيع سجله باللقب القاري للنسخة الثانية من نهائيات كأس أمم إفريقيا لفئة أقل من 23 سنة، بعد خسارته سهرة أمس في النهائي أمام منتخب نيجيريا في مباراة كان فيها “الخضر” قادرين على صنع الحدث و إهداء الجزائر ثاني لقب إفريقي في تاريخها، بعد الإنجاز المحقق قبل ربع قرن من طرف منتخب الأكابر، لكن الحظ أدار بظهره لأشبال المدرب شورمان، خاصة و أن المهاجم فرحات أهدر ضربة جزاء في منتصف الشوط الثاني، ليكون التتويج من نصيب منتخب نيجيريا، الذي خلف الغابون على المنصة، و لو أن النخبة الوطنية و إن خسرت التاج، فإنها كسبت الرهان، و كانت بمثابة المفاجأة السارة في هذه التظاهرة، بإقتطاعها تأشيرة التأهل إلى أولمبياد ريو دي جانيرو، بعد غياب عن أكبر تظاهرة رياضية عالمية دام نحو 36 سنة.
المباراة عرفت إنطلاقة سريعة من جانب المنتخب النيجيري الذي عمد مدربه سياسيا إلى التوجه مباشرة صوب الهجوم، و ذلك بإعتماده على المعطيات التي إستخلصها من اللقاء الذي كان قد جمع المنتخبين في دور المجموعات، حيث ركز في الطريقة التي إنتهجها على فرض رقابة لصيقة على القلب النابض للنخبة الجزائرية بن خماسة في وسط الميدان، مع بناء الحملات الهجومية على مستوى المحور، الأمر الذي أظهر إرتباكا نسبيا بين كنيش و عبد اللاوي، لتكلل هذه الطريقة بضربة جزاء اعلنها الحكم الملغاشي حمادة موسى في الدقيقة 14، بعد توغل المهاجم عصمان جيمس على مستوى محور الدفاع الجزائري، و هي الركلة التي نفذها بنجاح إيتيبو أوغينكبارو مفتتحا باب التسجيل.
هذا الهدف المبكر ألقى بظلاله على الجانب المعنوي للعناصر الوطنية، التي لم تتمكن من مواكبة الريتم السريع الذي فرضه المنافس، مع تواصل الهفوات في الدفاع، حيث كاد شيزوتا أن يضاعف النتيجة في الدقيقة 21 بصاروخية وجد الحارس صالحي صعوبة كبيرة في التصدي لها، ليتكرر نفس السيناريو بعد 3 دقائق فقط، بقذفة من على مشارف منطقة العمليات من أوكيشوكو أبدع الحارس الجزائري في إبعادها إلى الركنية.
رد فعل “الخضر” كان محتشما و إقتصر على بعض المرتدات الهجومية الناتجة عن عمل فردي تارة من فرحات و تارة اخرى من أمقران، و لو أن الدقيقة 30 عرفت نجاح المنتخب الوطني في تعديل النتيجة، بعد توغل فرحات على الجهة اليمنى، و توزيعته العرضية اجبرت المدافع النيجيري أودودوا على إيداع الكرة بالخطأ في مرمى منتخبه براسية خادعت زميله دانيال إيمانويل، بعد مضايقة من رأس الحربة أمقران. الفرحة بالتعادل لم تدم طويلا، لأن سيطرة نيجيريا كشفت بعض الهفوات على مستوى محور الدفاع، في غياب التنسيق و الإنسجام بين عبد اللاوي و كنيش، و لو أن هذا الأخير أخطأ في مراقبة الكرة في الدقيقة 40، و غياب التغطية من زميله عبد اللاوي فسح المجال أمام المهاجم النيجيري إيتيبو للإنطلاق من الدائرة المركزية، و إيداع الكرة في شباك الحارس صالحي.
هذا و قد أهدر مزيان فرصة تعديل النتيجة في الأنفاس الأخيرة من المرحلة الأولى، لما توغل على الجهة اليمنى، لكنه و عوض تمرير الكرة لزميله أمقران فإنه فضل القذف من زاوية شبه ميتة، مفوتا على المنتخب الوطني فرصة سانحة للتعديل.
فيزيونومية المقابلة لم تتغير كثيرا في الشوط الثاني، و لو أن المنتخب الوطني كان مردوده أفضل، خاصة على مستوى الهجوم، و كان بإستطاعة أمقران أن يعدل النتيجة في الدقيقة 47 بعد تلقيه فتحة من فرحات، إلا أن ضربته الراسية إستقرت بين أحضا الحارس دانيال، في الوقت الذي كان فيه إيكوشوكو بمثابة الظل الدائم للاعب بن خماسة، الأمر الذي شل نسبيا من فعالية القاطرة الأمامية للمنتخب الجزائري، لكن ذلك لم يمنع مزيان في صنع فرصة سانحة لتعديل النتيجة في الدقيقة 56، بعد ركنية ميليمترية صوب فرحات، إلا أن براعة الحارس دانيال مكنه من المحافظة على شباكه.
و مع حلول الدقيقة 67 توغل المهاجم أمقران داخل منطقة العمليات، قبل ان يتعرض لعرقلة من المدافع أودودوا، الأمر الذي جعل الحكم الملغاشي حمادة موسى لا يتردد في الإعلان عن ضربة جزاء شرعية، و هي الركلة التي تولى تنفيذها فرحات، إلا ان الحارس النيجيري دانيال تصدى لها ببراعة، مبقيا على تفوق “النسور الخضر”.
إهدار ركلة الجزاء أتى على معنويات العناصر الوطنية، رغم ان المدرب شورمان حاول إعطاء ديناميكية أكثر للهجوم بإقحام درفلو و حدوش، إلا أن التفوق بقي لصالح نيجيريا التي توجت باللقب القاري، بينما إكتفت الجزائر بمركز الوصافة و الميدالية الفضية، إلا أنها كسبت جيلا ذهبيا صنع الحدث بتجسيد حلم العودة إلى الأولمبياد، بعدما كان هذا الإنجاز بمثابة المعجزة التي عجزت أجيال سابقة عن تحقيقها.
ص / فرطــاس