خبير نفطي يدعو لفتح نقاش علمي حول استغلال الغاز الصخري
دعا مدير مركز «بتروستراتيجي» للدراسات النفطية بيار تريزيان، إلى فتح نقاش «علمي» حول مسالة استغلال الغاز الصخري في الجزائر، وقال بان استغلال النفط غير التقليدي يجب أن تفصل فيها قناعات علمية محضة بعيدا عن التجاذبات و الآراء الشخصية سواء تلك المتعلقة بالمدافعين عن المشروع أو معارضيه، وتوقع الخبير النفطي، ارتفاع أسعار النفط مستقبلا، مشيرا بان تداعيات أزمة النفط الجديدة قد تحمل معها تغييرات جذرية في السوق النفطية.
اعترف رئيس تحرير مجلة «بتروستراتيجي» بيار تريزيان، أن التطورات التي عرفها استغلال الغاز الصخري في العالم لا تزال غير كافية لتبديد مخاوف الرافضين لاستغلال هذا المصدر الطاقوي غير التقليدي، ودعا الخبير النفطي، خلال ندوة نشطها أمس بمقر المديرية العامة لسونطراك بحضور المدير العام سعيد سحنون وأساتذة وخبراء، لفتح نقاش علمي حول المسالة بعيدا عن التجاذبات السياسية.
ويعتقد مدير مركز «بتروستراتيجي» للدراسات النفطية أن مسألة استخراج الغاز الصخري في الجزائر يجب أن تفصل فيها قناعات علمية محضة بعيدا عن التجاذبات و الآراء الشخصية سواء تلك المتعلقة بالمدافعين عن المشروع أو معارضيه، معتبرا بان الحسم في قضية استغلال الغاز الصخري من عدمه يجب أن يتم على أساس دراسات علمية لا على مواقف الرافضين أو الداعمين، مضيفا بان الجدل المصاحب لاستغلال هذا النوع من الطاقة لا يخص الجزائر فقط، بل هو حاضر في عودة دول منها فرنسا وعدة دول أوروبية أخرى.
كما تطرق المتحدث إلى أوضاع السوق النفطية، وتداعيات تراجع الأسعار في الأشهر الأخيرة، وقال بان تدهور الأسعار راجع لاضطرابات بين العرض والطلب، وشكك في التبريرات التي قدمتها العربية السعودية لتبرير عدم تدخلها عبر سحب الفائض في العرض من السوق، مشيرا بان تحجج السعودية بموقفها بعدم التدخل لإزاحة المنتجين الجدد على غرار الولايات المتحدة وكندا من السوق غير مبرر، موضحا بان الإنتاج النفطي في الولايات المتحدة الأمريكية موجه أساسا للسوق الأمريكية، التي تعرف طلبا مرتفعا على المنتجات النفطية، مضيفا بان الأسعار المطبقة في الولايات المتحدة على الطاقة مدعمة ما يقلل من تأثيرات تراجع الأسعار. وثمن الخبير النفطي، الجهود الدولية التي تبذلها الجزائر حاليا لتصحيح أسعار النفط، مؤكدا أن الجولات التي قام بها وزير الطاقة يوسف يوسفي تهدف لتوسيع التحالفات وتفعيلها ورغم هيمنة الكتلة الخليجية والسعودية على قرارات أوبك، مشيرا بان الدول الأخرى العضوة في المنظمة، وحتى كبار المنتجين خارج المنظمة لديهم قدرة التأثير على السوق و هو ما تحاول أن تستغله الجزائر. وأشار الخبير النفطي إلى وجود تباين بين مواقف الدول العضوة في المنظمة، حيث تسعى غالبية الدول إلى ضمان عرض مناسب تسمح بتحقيق عوائد مالية معتبرة تمكنها من تمويل اقتصادياتها، في الوقت الذي تسعى السعودية لضمان سعر في حدود 85 دولار للبرميل ليكون بمثابة سلاح إستراتيجي يضمن أمنها، مشيرا بان العقد الذي وقع نهاية الحرب العالمية الثانية بين الملك عبد العزيز مؤسس المملكة السعودية و الرئيس الأمريكي روزلفت باتت مهددة اليوم مع توجه الولايات المتحدة لاستغلال مقدراتها من النفط و الغاز الصخري إثر الثورة التقنية لهذا المجال ماجعلها قاب قوسين أو ادني من تحقيق الاستقلال الطاقوي حيث استوردت الولايات المتحدة مليون برميل فقط السنة الماضية من السعودية ما يثير مخاوف هذه الأخيرة حول ضمانات عقدها الموقع مع أمريكا ما جعلها تشن حربا على شركات الغاز الصخري الأمريكية عبر الدفع بالأسعار نحو مستويات تلغي الجدوى الاقتصادية لتنقيب عن موارد الطاقة غير التقليدية.
ولكنه أكد بالمقابل بان الشركات الأمريكية بدأت تتأقلم مع الأسعار الجديدة عبر استحداث أساليب حديثة تسمح بتقليص تكاليف الاستخراج وعوض أن يدفع زبائنها أموالا عن النفط الخام فتحت الشركات رأس مالها أمام أسهم الزبائن واستقبال السندات و من ثم فإن السياسة الأمريكية التي كانت تراهن في سبعينيات القرن الماضي على رفع أسعار النفط لتغطية تكاليف استخراجه الباهظة في أمريكا و كندا و بحر الشمال قد تغيرت منذ وصول جورج بوش الأب إلى البيت الأبيض حيث تشجع أسعار الوقود المنخفضة ارتفاع الاستهلاك ما يؤدي إلى انتعاش الصناعة البترولية هناك، وتحدث بيار تيرزيان عن يد أمريكية خفية في قضية أزمة الأسعار الحالية مستشهدا بحوار صحفي أجراه الرئيس الأمريكي بارك اوباما إعترف فيه أن تخفيض أسعار النفط جزءا من الضغوطات المفروضة على روسيا لإثنائها عن موقفها فيما يخص الأزمة الأوكرانية.
ويرى الخبير النفطي، بان الأسعار الحالية قد تدفع بالشركات النفطية لخفض كلفة الإنتاج، وتوقع ارتفاع أسعار النفط مستقبلا، وقال بان التحدي الذي ستواجهه الشركات مستقبلا هو مدى قدرتها على استخراج النفط بكلفة منخفضة، وهو ما تسعى لتحقيقه كبريات الشركات النفطية، ما قد يهدد مستقبل منظمة الأوبك.
أنيس نواري