قال الباحث في الشؤون الأمنية، بن جانة بن عمر، أمس الأحد، أن التجربة أثبتت أن التدخل العسكري الخارجي، كان دائما نقمة على الدول، ويؤدي إلى تفكيك المجتمعات والاطاحة بالدول التي تصبح عرضة للنهب والتخريب، منوها بمواقف الجزائر الصائبة الرافضة لأي تدخل عسكري خارجي، والإحتكام إلى مبدأ الحوار لحل الأزمات الداخلية، وثمّن رفض الجزائر المشاركة في ضرب اليمن والتدخل في شؤونه الداخلية.
وأوضح الباحث بن جانة بن عمر، في تصريح للنصر، أن التدخلات العسكرية الخارجية، دائما تخلق الفوضى وتطيح بالدولة الوطنية وتبقيها عرضة لكافة المخاطر، مضيفا في هذا الصدد، أن التدخل العسكري الخارجي نتائجه كانت دائما عكسية، والدليل على ذلك التدخل في العراق وفي ليبيا، والتدخل حاليا في سوريا واليمن. وذكر أن هذه المقاربات العسكرية خاطئة، وترمي إلى تهديم أوطان ودول بعينها.
وحول المقاربة الجزائرية ، أوضح بن جانة بن عمر، أن الجيش الوطني الشعبي مرتبط بالدستور الجزائري، الذي يحدد بصفة دقيقة جدا مهام القوات المسلحة وهي الدفاع على الحدود الوطنية، مضيفا «أن هذا مبدأ راسخ لا عودة عنه إلا بطبيعة الحال إذا تم مراجعة الدستور بشيء مغاير» كما أشار المتحدث، إلى مبدأ ثاني مرتبط بالمبدأ الأول وهو عدم التدخل في شؤون الغير، وقال في هذا الإطار «أن الجزائر لديها تقريبا فلسفة راسخة وثابتة في العلاقات الدولية، مفادها عدم التدخل في شؤون الغير» مؤكدا أن هذين المبدأين متفاعلان فيما بينهما ومرتبطان ارتباطا أساسيا .
وفي السباق ذاته، أكد الباحث في الشؤون الأمنية ، أن هناك عدة متغيرات وعدة معطيات تجعل الجزائر تبتعد وتنأى بنفسها عن التدخل عسكريا في الخارج ، فقد يتم - كما قال- استدراج القوات المسلحة والجزائر إلى مشاكل دولية لا تعنينا لا من بعيد ولا من قريب، مؤكدا في نفس السياق، أن كل التدخلات العسكرية لم تأت بالنتيجة المرجوة كما حصل في العراق وفي ليبيا و سوريا وما يجري في اليمن، حيث تتسبب هذه التدخلات دائما في الفوضى وتطيح بالدولة الوطنية، وتدمر أركان الدولة الوطنية وتبقى تلك الدولة عرضة لكافة المخاطر ومنها تفكيك مؤسسات الدولة وتفكيك المجتمع، مشيرا إلى القناعة الجزائرية الراسخة باعتبار أن التدخل العسكري الخارجي كانت نتائجه سلبية دائما، منوها في نفس الوقت بمواقف وزير الخارجية رمطان لعمامرة وقال» أنه وزير محنك في هذه الأمور وأن السياسة الجزائرية كانت دائما لها الحق» والدليل على ذلك ما جرى في مالي و» ليبيا التي أصبحت دولة بدون عنوان، حيث تفككت الدولة وأركانها كما فقد الشعب الليبي التماسك الاخلاقي والاجتماعي»، موضحا أن كل هذه الأمور تصب في القناعة الجزائرية القائمة على أساس أن الحل الوحيد هو الحوار بين أبناء الوطن.
وبخصوص التدخل العسكري في اليمن، قال بن جانة، أن العرب لا يقرأون التاريخ، كون اليمن لم يتم استعماره من طرف أي دولة، وحتى الامبراطورية العثمانية استعمرت كامل دول الخليج بما فيها السعودية باستثناء اليمن، مشيرا، إلى عدة عوامل في هذا الاطار، أولا اليمن من الناحية الجغرافية صعبة جدا حيث تتواجد الجبال وتضاريس منكسرة وأودية عميقة، ثانيا من حيث تكوين الشعب اليمني، حيث ذكر أنه شعب مقاوم و شجاع وعنيد، وتاريخيا لم يتم هزمه .
و اعتبر الباحث، الهجوم العسكري الجاري على اليمن «بوسائل عربية وباستخدام 185 طائرة»، أنه قد يؤثر في البنية التحتية لليمن و تكسير و إصابة القوات المسلحة اليمنية لكن هذا لا يعني -كما قال- أن اليمن سوف ينهزم ولا يعني أن هذه الدول المتحالفة على اليمن سوف تنجح في مقصودها، مؤكدا أن الحل الوحيد هو المفاوضات والذهاب إلى طاولة الحوار بين أبناء الوطن من دون تدخل السعودية أو قطر أو الامارات أو الرئيس السيسي، مثمنا في هذا الصدد، الموقف الجزائري الرافض للتدخل في شؤون اليمن الداخلية. وتساءل المتحدث هل بإمكان الرئيس اليمني العودة إلى بلده بعد الذي جرى من قتل وتهديم للبنية التحتية وضرب للشعب اليمني ؟
وحول إمكانية قيام الجزائر بالوساطة من أجل حل المشكلة اليمنية، قال بن جانة، أن القرار يعود إلى القيادة السياسية وخاصة وزارة الخارجية التي لها القدرة في تقدير الموقف الصحيح، هل تنجح الوساطة أم لا ؟ ورجح قبول الجزائر بالقيام بدور الوساطة في حال ما إذا جاء الطلب من اليمنيين وليس من السعودية أو مصر كون الوساطة الجزائرية نزيهة وتكون دائما على مسافة متساوية مع المجموعات المتصارعة بدون أي طمع.
من جانب آخر، أفاد الباحث بن جانة، أنه في حال إنهيار الدولة اليمنية فقد تصبح منطقة فوضوية بدون رقيب أو حكم ، وقد تدخل دول الجوار في أزمات خطيرة تهدد استقرارها وأمنها.
مراد ـ ح