جثمان الفقيد عمار بن عودة يصل اليوم إلى الجزائر ويُشيع غدا بعنابة
• أوصى الشباب بالعلم والمعرفة للحد من سيطرة الأجانب
يصل زوال اليوم جثمان الفقيد عمار بن عودة عضو مجموعة 22 التاريخية، قادما من مطار بروكسل، وحسب ما كشفه ابن الفقيد محمد مصطفى كريم للنصر، ينتظر أن تحط الطائرة بمطار هواري بومدين في حدود الساعة الرابعة والنصف زوالا، بعدها يُنقل في رحلة أخرى إلى مطار عنابة باتجاه المنزل العائلي، ليُشيع جثمانه غدا الخميس بمقبرة زغوان بعد صلاة الظهر، تنفيذا لوصيته بأن يدفن بجوار قبر والده. وكانت آخر وصية وجهها عبر الإذاعة الوطنية قال فيها « يا شباب الجزائر عليكم بالعلم و المعرفة، لأنه بدون العلم و المعرفة ستبقون دائما تحت سيطرة الأجانب».
وقال الابن الأوسط للمرحوم عمار بن عودة في تصريح للنصر، أن والده نقل إلى بلجيكا بعد تعقد حالته الصحية، بسبب تراكم المياه في الرئة، وصعوبة في التنفس، لأنه لم يكن يرغب في السفر إلى الخارج، إلا بعد إلحاح العائلة، نتيجة عجز الأطباء في الجزائر عن إيجاد حلول طبية تخرجه من التعقيدات الصحية التي يعاني منها، أين تقرر نقله إلى بروكسل، بعد رفضه الذهاب إلا فرنسا كقناعة كانت مترسخة لديه، تنقل معه الابن الأكبر ياسين وابنته فاطمة الزهراء، كان من المفترض إنهاء العلاج الأسبوع المقبل، غير أنه ألح على العودة إلى أرض الوطن صبيحة وفاته، وقاموا بشراء التذاكر، ليكون قدره الوفاة بمستشفى « يراسم» في بلجيكا في حدود الساعة السابعة صباحا، بعد أدائه صلاة الفجر جماعة، وفي حدود الساعة الخامسة، تكلم مع ابنيه لتركه يرتاح نتيجة التعب، ليغوص في نوم عميق، إلى غاية انتقال روحه إلى الرفيق الأعلى.
وقال ابنه محمد مصطفى كريم، بأن المرحوم لم يكن ذلك الإنسان الخشن، بل أب حنون يسهر على رعاية أبنائه بلطف يحرص على تعليمهم وتربيتهم الخلقية، يقف مع الحق، كان يوصيهم بالتواضع ويقول لهم « اياكم والظلم وأخذ حق الناس، لا تجروا وراء أهواء الناس، ليس الجميع يحبون الخير ويحبون الوطن، لا تكونوا من الكثرة لأن القلة هي فيها الخير» كان يحثهم على حب الله و حب الوطن و حب الجزائر و التضحية، و ما نقدمه نحن للجزائر ليس ما تقدمه الجزائر لنا.
عمار بن عودة له زوجتان خلف منهما سبعة أولاد ( ثلاث ذكور» محمد مصطفى كريم، أحمد طه ياسين، محمدعلي» و أربعة إناث) أبناؤه كلهم جامعيون منهم أساتذة جامعيين، و كوادر و أطباء.
وعن رفقاء المرحوم قال ابنه، بأن اغلبهم توفوا إبان الثورة، وكان تواصله مع الرئيس السابق علي كافي وصالح بوبنيدر. وأشار ابنه إلى تلقيه مكالمة هاتفية من الرئيس السابق اليمين زروال وحرم الرئيس الأسبق علي كافي، يعزيانه في وفاة والده .
حضور دائم في الندوات التاريخية والإعلام رغم وضعه الصحي
كشف ابن المرحوم بن عودة، أن والده قرر خلال 10 سنوات الأخيرة، أن يخرج عن صمته ويدلي بمعلومات مهمة عن تاريخ الثورة وقال لعائلته « حان الوقت لتأدية أمانة الشهداء» أصبح يثير الجدل في حوادث تاريخية كبرى أثناء وبعد الثورة، كان يعارض بعض المبادارات، غير أنه يمشي برأي الجماعة، ولا ينفرد برأيه. كان يطلب في كل مناسبة وعيد وطني، تنظيم ندوات تاريخية، لفائدة الطلبة والمهتمين، لتقديم شهاداته، و كانت أبوابه مفتوحة للباحثين في التاريخ والطلبة الجامعيين، للحصول على شهادات ومعلومات تاريخية.
عثمان بلوزداد وعبد القادر العمودي ما تبقى من مجموعة 22
برحيل المجاهد مصطفى بن عودة، يسقط رقم آخر من مجموعة الـ 22 التاريخية، حيث بقي اثنان فقط على قيد الحياة، وهما عثمان بلوزداد وعبد القادر العمودي، بعد انتقال محمد مشاطي و الزبير بوعجاج في سنة 2014 إلى الرفيق الأعلى، لتفقد المجموعة التاريخية 20 مناضلا كرسوا شبابهم للتخطيط لتفجير الثورة التحريرية.
غالبية مفجري الثورة من مجموعة 22 استشهدوا خلال الثورة التحريرية، منهم زيغود يوسف، مصطفى بن بولعيد، ديودوش مراد، كما أدرك بعضهم الاستقلال وتقلدوا مناصب سامية في الدولة، على غرار رابح بيطاط، ومحمد بوضياف، كما يوجد 6 مجاهدين من مجموعة 22 من مواليد قسنطينة، هم رابح بيطاط، زيغود يوسف، محمد مشاطي، بن عبد المالك، بوعلي، وملاح، بالإضافة الجهة الشرقية الممثلة في المرحوم عمار بن عودة من عنابة، وسويداني بوجمعة من قالمة، وضمت مجموعة 22 قياديين بارزين من العاصمة على غرار ديدوش مراد، وآخرين يمثلون مختلف ربوع الوطن.
وتعريفا بالشخصيتين الموجودتين على قيد الحياة، نجد المجاهد عبد القادر العمودي، الذي ولد سنة 1925 بوادي سوف، وبها نشأ وترعرع إلى غاية انتقاله إلى مدينة بسكرة لمواصلة التحصيل العلمي وكان زميله في نفس القسم محمد العربي بن مهيدي.
وكان من بين المؤسسين لأول خلية للثورة بالوادي في أواخر 1944 كما كان عبد القادر العمودي أحد مسؤولي المنظمة السرية بقسنطينة
وقد تكفلت المنظمة السرية بشراء الأسلحة بأموال الحزب، كما لم يكن مطلوبا من قبل السلطات الاستعمارية، فقد مكنه التنقل والتحرك بحرية .
وبعد تفجير الثورة بثلاثة أو أربعة أشهر التقى العمودي أحمد بن عبد الرزاق ( سي الحواس ) ببسكرة، وعلم منه أن مصطفى بن بولعيد كلفه بالتوجه إلى العاصمة لمحاولة ربط الاتصال والتنسيق وإيجاد طريقة لتزويد الأوراس بالإعانات.
وفي العاصمة ( القصبة السفلى ) ألقي القبض على العمودي وبعد الاستنطاق والتعذيب أودع سجن سركاجي. وفي سنة 1956 تمت محاكمته وأطلق سراحه، وبعد خروجه من السجن اتصل بجماعة الولاية السادسة حيث حضر أحد الضباط التابعين لسي الحواس هو نورالدين مناني الذي اتصل بالعمودي، هذا الأخير ربط له الاتصال بمحمد العربي بن مهيدي من أجل توضيح مهام الولاية السادسة الجديدة.
أما المجاهد عثمان بلوزداد فقد ولد سنة 1929 «بحي بلكور» بالجزائر العاصمة، عمل كأمين لمخزن قطع الغيار، و كان مناضلا في المنظمة الخاصة وتبنى الاتجاه الثوري الذي كان يؤمن بفكرة العمل المسلح لإنهاء الاستعمار.
أنضم إلى اللجنة الثورية للوحدة والعمل بعدما إتصل به زوبير بوعجاج. أول اجتماع حضره عثمان بلوزداد كان في 27 أوت 1954، الذي انعقد بالمدنية( كلو-صالومبيي) سابقا وكان الاجتماع تحت رئاسة بن بولعيد وبحضور كل من محمد مرزوقي، رابح بيطاط وبلحاج بوشعيب.
كان عثمان بلوزداد عضوا في المجموعة الـ22 التي اجتمعت في جوان 1954 وقررت الإعلان عن الثورة.
وكان عثمان بلوزداد حاضرا في اجتماع 27 أوت 1954 وغائبا في اجتماع الـ22 في أكتوبر 1954. يعتبر بلوزداد مدبر الهجوم الذي استهدف « بترول موري» سنة 1954، فألقي عليه القبض في 07 نوفمبر 1954 وتعرض لتعذيب قاس رفض أثناءه الكلام فحوكم سنة 1956 وأثناء المحاكمة أعلن عثمان بلوزداد انتماءه لحزب جبهة التحرير الوطني. بعد الاستقلال لم يتول عثمان بلوزداد أية مسؤولية سياسية وهو يعيش حاليا بالجزائر العاصمة .
محمد مشاطي توفي في 03 جويلية 2014 بإحدى المستشفيات بجنيف عن عمر يناهز 93 سنة. ولد المجاهد مشاطي في 21 مارس 1921 بقسنطينة و شارك في الحرب العالمية الثانية لينخرط عام 1945 في حزب الشعب الجزائري ثم في المنظمة الخاصة و حركة انتصار الحريات الديمقراطية واللجنة الثورية للوحدة والعمل. و في بداية 1954 اضطر إلى مغادرة التراب الوطني للعلاج في فرنسا لينضم بعد ذلك إلى فدرالية فرنسا لجبهة التحرير الوطني. و كان المرحوم مشاطي مسؤولا عن منطقة في الجزائر العاصمة تحت قيادة محمد بوضياف قبل أن يتم تحويله إلى الجنوب الغربي. و في أوت 1956 تم توقيفه من قبل القوات الفرنسية و زجه في السجن قبل إطلاق سراحه سنة 1961. و بعد الاستقلال شغل الراحل محمد مشاطي عدة مناصب هامة منها سفيرا للجزائر في ألمانيا و نائب رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان. و في سنة 2000 أصدر كتابا يضم شهاداته بعنوان «مناضل الجزائر المستقلة: مذكرات 2000-1921» عن دار النشر القصبة. و بالرغم من تقدمه في السن كان المرحوم حريصا على تقديم شهاداته حول مراحل هامة للثورة الجزائرية من أجل فهم أفضل للتاريخ. كما كانت للمجاهد الراحل مشاركات على صفحات مختلف الجرائد الوطنية على غرار المقال الذي نشره غداة الإنفتاح الديمقراطي للجزائر ما بعد 1988 بعنوان «من الحزب الواحد إلى التعددية الحزبية». و قد رحل محمد مشاطي تاركا وراءه أرملة من جنسية سويسرية و طفلين،
الزبير بوعجاج توفي بتاريخ 14 أكتوبر 2014 عن عمر ناهز 89 سنة اثر مرض عضال، يذكر أن الراحل بوعجاج ولد سنة 1925 بحي القصبة العتيق بالجزائر العاصمة والتحق بصفوف حزب الشعب الجزائري سنة 1942 كما شارك في مظاهرة 1 ماي 1945.
وبعد أن انضم إلى اللجنة الثورية للوحدة والعمل، أصبح المرحوم عضوا في مجموعة 22 حيث شارك في مؤتمر المركزيين في أوت 1954 بالعاصمة. كما كان عضوا نشيطا خلال ثورة التحرير بصفته قائد قطاع ليتم توقيفه يوم 6 نوفمبر 1954 ويحكم عليه بالسجن المؤبد، حيث بقي مسجونا إلى أن أطلق سراحه بعد اتفاقيات ايفيان سنة 1962. وبعد الاستقلال أصبح الفقيد نائبا في المجلس الوطني الشعبي ومسؤولا في فيدرالية حزب جبهة التحرير الوطني بالجزائر الكبرى.
حسين دريدح