* تعديل وراثي للنباتات لتكييفها مع المناخ
بلغ مركز البحث في البيوتكنولوجيا بجامعة عبد الحميد مهري قسنطينة 2، مراحل متقدمة ومبهرة في أبحاث علمية متطورة، تعتمد على تكنولوجيا الهندسة الحيوية، وتقوم على تطوير تقنيات علاجية لأمراض السرطان وتشخيصها مبكرا دون أخذ الخزعات، واعتماد تقنية زرع خلايا ثلاثية الأبعاد لاختبار استجابة المريض مخبريا للدواء، فضلا عن أبحاث أخرى تتعلق بمحاكاة الخلايا لتشخيص الاضطرابات المسبقة لداء السكري من خلال استزراع الخلايا ووضع شبكة المعلومات داخل الخلية.
أسماء بوقرن
كما يجري الباحثون، دراسة تقوم على تكنولوجيا إنتاج الأجسام المضادة النانومترية في العلاجات المناعية، وآخر في المجال الزراعي يتعلق بتعديل النباتات وراثيا واستخدام أدوات التكنولوجيا الحديثة لتحسينها، وزيادة مقاومتها للأمراض، وتكييفها مع التغيرات المناخية.
تحدثت الباحثة فريال سلام، رئيسة فرقة بحث في مجال معالجة السرطان، في لقاء جمع «النصر» بعدد من الفرق البحثية بمركز البحث في البيوتكنولوجيا بجامعة عبد الحميد مهري قسنطينة 2، على اعتماد تكنولوجيا الهندسة الحيوية الحديثة في ميدان معالجة السرطان، في تحضير كواشف جزيئية مستخلصة من البكتيريا تشخص نوع السرطان بدقة وتحدد نوع العلاج المناسب له، وذلك في أقل مدة ممكنة وبأقل التكاليف.
تحسين النتائج و تخفيض التكلفة
وقالت الدكتورة سلام، بأن مشروع بحث الفريق في مجال البيولوجيا التركيبية يقوم على أساس تحضير كواشف جزيئية لمرض السرطان مستخلصة من البكتيريا، التي تعد الكائن الحي الذي يتم من خلاله تطوير كاشف جزيئي خاص بمرض سرطان الدم، وذلك باستخدام تقنية الكروموزوم البكتيري الاصطناعي، للتشخيص الجيني من نوع خلل كروموزومي.
ويمكن حسب الباحثة، تطوير استخدام التقنية ليشمل مختلف أنواع السرطانات، مردفة بأن الفريق البحثي يهدف لإعداد طقم تشخيص لمختلف أنواع السرطانات.
وعن اختيار هذا النوع من الكواشف تحديدا، أوضحت الباحثة بأن معضلة علاج مرضى السرطان، لا تقوم على الدواء لكونه متوفرا في المستشفيات الجزائرية، وإنما المشكل يكمن في التشخيص الباهض الثمن، والذي يعتمد على ميكروسكوب قيمته 3 ملايير سنتيم، إلى جانب تقنية التشخيص المعتمدة حاليا التي وصفتها بالصعبة ولا تقدم أحيانا نتائج دقيقة أو خاطئة.
وأوضحت، أن عملية التشخيص وحدها تكلف المريض ما بين 40 ألف إلى 60 ألف دينار، وقد تمت مراعاة كل ذلك في وضع تقنية الكواشف الجزئية التي تضمن خفض التكاليف ومدة التشخيص، لتتم في وقت قصير جدا وتساعد على الكشف المبكر وتحديد نوع الدواء المناسب لنوع السرطان المشخص، وبالتالي تجنب المريض بلوغ مرحلة متقدمة أو المرحلة الأخيرة من المرض، فضلا عن فعالية التقنية الكبيرة في خفض الآثار الجانبية للعلاج الكيمائي، التي تؤرق المريض نفسيا وجسديا، مشيرة إلى أن الفريق تخطى مرحلة تطوير كاشف جزئي لسرطان الدم الذي يصيب بنسبة كبيرة الأطفال، وهو الآن بصدد تطوير التجارب لتشمل التقنية مختلف أنواع أمراض السرطانات.
وكشفت الباحثة، بأن نسبة تقدم المشروع البحثي بلغت 45 بالمئة، والعمل متواصل لبلوغ مراحل متقدمة لتحقيق مبتغى المشروع الذي له أثر إيجابي على الصعيد السوسيواقتصادي.
اختبارات متقدمة
وكشفت مسؤولة الفريق، عن مشروع ثان في مجال الطب الدقيق وهو مشروع يعنى بعلاج سرطان الرئة، يتم العمل عليه برئاسة الباحث محمد لحمادي، المختص في البيولوجيا الجزيئية والخلوية، ويتمثل في زرع خلايا ثلاثية الأبعاد، ويرتكز على إيجاد طرق حديثة للتحليل الجيني، باستعمال عينات الدم كبديل للأنسجة أي بدل أخذ خزعات من المريض، وإخضاعها للتحليل الجيني للتشخيص وتأكيد الإصابة من السرطان، من خلال استعمال تحليل الاختلالات الجينية للمريض، للتمكن من تحديد نوع الدواء بالدقة الملائمة لهذا النوع تحديدا.
ويهدف كذلك حسب المتحدثة، للتمكن من معرفة درجة استجابة المريض مخبريا للدواء قبل أن يتناوله المريض، وهذا يساعد في ربح الوقت وضمان فعالية العلاج، خلافا لما يتم حاليا بالعلاج الكيماوي بحيث توصف نفس الأدوية لكل المرضى، وعن اسم التقنية المعتمدة، قالت بأنها تتمثل في زرع خلايا ثلاثية الأبعاد وهي الخلايا السارية، وقد حقق الباحث نتائج باهرة بعد تجريب التقنية.
ويعتمد العمل، على عينات الدم لاستخلاص الخلايا السرطانية السائرة وزرعها بتقنية ثلاثية الأبعاد، لتختبر عليها أنواع الأدوية التي توصف لعلاج سرطان الرئة، كي يمكن تحديد نوع الدواء الذي يستجيب بدقة للمرض، وهذا يجنب المريض عدة مشاكل في مقدمتها الآثار الجانبية للعلاج الكيمائي، فضلا عن التشخيص السريع والتحديد الدقيق لنوع الدواء، ونقص الآثار الجانبية على الكلى والكبد.
محاكاة الخلايا لتشخيص الاضطرابات المسبقة لداء السكري
من جانبها تطرقت البروفيسور وداد صبحي، باحثة في الكيمياء الحيوية، إلى البحث الذي تديره وهو عبارة عن مشروع بحثي باعتماد تكنولوجيا الهندسة الحيوية يتعلق بداء السكري من الصنف» 1 «، الذي يعد من الأمراض ذاتية المناعة العصية نتيجة عدم التوصل أو عدم فهم وتحديد الميكانيزمات والأسباب المؤدية للإصابة به، والتي تبقى غير معلومة لحد الآن، كاشفة عن نتائج أولية تتعلق بفهم ماذا يحدث في خلايا بيتا.
ويرمي المشروع بدرجة أولى حسب الباحثة، إلى فهم الأسباب الأولية التي تؤدي للاضطرابات الأولى على مستوى الخلايا «بيتا» وجزر لانجرهنس المنتجة للأنسولين، حيث تتوفر بعض الفرضيات حسبها، غير أنها غير مثبتة.
مردفة، بأنها تعمل ضمن فريق بحث على نطاق خلية بيتا وجزر لانجرهنس، باستخدام تقنيات حديثة، تتمثل في استزراع الخلايا ووضع شبكة المعلومات داخل الخلية، ومعرفة كيف يؤدي الإجهاد التأكسدي الأولي في منطقة ميتوكنتريا إلى حدوث موت الخلية، وهناك كما أوضحت، عدة نتائج توصل إليها الفريق في هذا الإطار، فباستخدام هذه التقنية تقول الباحثة، يمكن محاكاة الأسباب وذلك بوضع الخلية في عدة مؤثرات ومحاولة إيجاد أفضل طريقة لمحاكاة المرض في ظروف معلومة، والهدف هو الاقتراب في أقصر وقت ممكن من السبب الحقيقي.
والمعلوم حسب الباحثة، أن هناك علاجا واحدا للسكري وهو الأنسولين، لكن فهم آليات المرض قد يساعد على ابتكار علاجات جديدة، ففي إطار هذا المشروع البحثي يقوم الفريق على تطوير آليات جديدة للتشخيص المبكر، لمعرفة الاضطرابات التي تسبق المرض، لتقديم علاج مبكر قبل ظهور الاضطرابات المناعية. ومن الآليات التي يتم العمل عليها اعتماد طرق استزراع الخلايا مخبريا لملاحظة المحادثات الكيميائية التي تحدث بين الخلايا، «خلايا مناعية وخلايا بيتا، وخلايا أخرى»، والقيام بعدة تجارب للتوصل أو الاقتراب أكثر من السيناريو الحقيقي الذي يحدث لدى المريض، من خلال الرسائل التي تبعثها الخلايا، فمثلا الخلية بيتا عندما تكون في حالة اضطراب سترسل رسائل لخلايا الجسم الأخرى وخاصة الجهاز المناعي الذي يستقبل الرسائل ويقوم باستجابة مناعية غير حميدة، بحيث يمكن للفريق التقاط هذه الرسائل وتحليلها، إما لإرسال رسائل أخرى أو فهم مضمونها أو تغيير مكوناتها.
الحويصلات النانوية للتخاطب بين الخلايا
وهناك أيضا، بحث جديد يتعلق بالحويصلات النانوية التي ترسلها الخلايا، وقد أوضحت الباحثة، أنها طريقة تخاطب بين الخلايا تتم بطرق مختلفة، تأخذ حيزا كبيرا من البحث لدى الفريق الذي يعتمد على ما تقدمه الحويصلات من معلومات لفهم المرض واقتراح علاجات أولية قبل تفاقمه.
مضيفة، بأن الفريق قدم منشورات علمية كثيرة توضح جزيئات لها القدرة على تصحيح الأخطاء، مثلا يمكن أن تعيد خلايا بيتا المدمرة تصحيح الأخطاء، وتصبح لها القدرة على العيش وإنتاج الأنسولين، وبالتالي تؤدي وظيفتها الأساسية.
مردفة، أنه تم تقديم طلب براءة اختراع في هذا الإطار وهو قيد الدراسة، كما ذكرت الباحثة عدة محاور بحثية يتم العمل عليها على مستوى المركز، منها كيفية استزراع جزر لانجرهنس، بدل استزراع خلايا بيتا، وتم بلوغ خطوات متقدمة والتوصل لنتائج أولية محفزة، تسمح باقتراح علاجات جديدة لداء السكري كما أكدته.
تكنولوجيا حديثة لتطوير العلاجات المناعية
كما كشف أيضا، الدكتور مبرك سعد، مسؤول فرقة بحث في الهندسة المناعية، أنه يعمل على تكنولوجيا إنتاج الأجسام المضادة النانومترية، المعروفة عالميا بـ «نانوبوديس»، وهي أجسام مضادة موجودة عند الجمال، اكتشفت في التسعينيات من القرن الماضي، لكن استعمالها في سوق الأدوية لم يعتمد كثيرا، وتضم هذه التكنولوجيا الحديثة، الهندسة الجينية، والهندسة البيوكيمائية وهندسة العلوم الدقيقة، وتقوم بالاستخلاص الجيني للمضاد الحيوي وكيفية إنتاجه في البيكتريا.
وتستخدم هذه التكنولوجيا في التشخيص والعلاجات المناعية باهظة الثمن، ولها فاعلية أكثر في العلاج كما أنها غير مكلفة جدا، مضيفا أنه تم في إطار البيوتكنولوجيا تطبيقية، بلوغ مرحلة الإنتاج على المستوى المخبري والتحكم الجيد في التكنولوجيا، وهو أول هدف سطر في المشروع وتحقق بنجاح، وحاليا تم بلوغ 80 بالمائة من أهداف المشروع المحددة على المدى القصير، أما الهدف المسطر على المدى الطويل فيتمثل في تعميم استعمال هذه التكنولوجيا في مختلف المجالات وخاصة المناعية، لأن العلاجات المناعية جد مرتفعة.
أبحاث لمقاومة أمراض النباتات
من جهتها قالت الدكتورة ازدهار فرحات، مهندسة دعم بحث في المجال النباتي، بأن بحثها يرتكز على تعديل النباتات وراثيا واستخدام أدوات التكنولوجيا الحديثة لتحسينها، سواء لزيادة مقاومتها للأمراض، وحتى تحسين المردود وتكييفها مع التغيرات المناخية، ويسمح هذا بتقليل استخدام المبيدات وتطوير الزراعة المستدامة.
ويعمل الفريق البحثي، على تطوير طرق بيوتيكنولوجية مبتكرة لمكافحة الفيروسات والفطريات الضارة، مثل فيروس البطاطا pvy، الذي يتسبب في خفض المردود بنسبة 80 بالمائة، لذلك يعتمد الفريق حسب الباحثة، على استخدام تقنية crtsrr، وهي تقنية حديثة تستخدم لتعديل الجينات بشكل دقيق، ويعتبر هذا المشروع مهما جدا لما له من فوائد على الجانب الاقتصادي.
وأشارت الباحثة، إلى أن هذه التقنيات تخضع لقوانين صارمة لضمان صحة وأمن المستهلك، منوهة أن المركز يتوفر على كل المعدات والوسائل اللازمة لتحقيق نتائج إيجابية في هذا المجال.
اعتماد البيوتكنولوجيا في تحسين جودة حفظ الغذاء
يتم العمل في المركز كذلك، على مشروع بحث في المجال الغذائي تشرف عليه الباحثة ليندة قالي، مسؤولة بحث في الهندسة الحيوية في المجال النباتي، ومختصة في مراقبة جودة المنتجات، ويتعلق الأمر بإدماج البيوتكنولوجيا في الغذاء وأنظمة الحفظ والنقل على مستوى النانو باستعمال مواد صحية، واستعمال تطبيقات علاجية كالفيتامينات والأحماض الذهنية والأحماض النووية لتحسين جودة الطعام، هذه الأنظمة تسمح بالمحافظة على المواد المغلفة، والحفاظ على المواد الحساسة، وتحسين عملية الامتصاص على مستوى الأمعاء أو مرورها عبر مختلف الأنسجة
البيولوجية.
أ ب