السبت 5 أكتوبر 2024 الموافق لـ 1 ربيع الثاني 1446
Accueil Top Pub

خطوات عملاقة حققها التعليم العالي و البحث العلمي منذ الاستقلال: الجزائـــر تنجـــح في تكويـــن نخبــة وطنيـــة ترفع تحديـــــات التنميـــــة المستدامـــــة

قطعت الجزائر المستقلة خطوات كبيرة في مجال التعليم العالي، وهي اليوم تقتحم بكل ثقة وثبات المجالات والأبحاث التقنية والتكنولوجية الأكثر تطورا في العالم، وميادين الذكاء الاصطناعي.

عشية استرجاع السيادة الوطنية في الخامس يوليو من سنة 1962 كانت النخبة الجامعية الوطنية تقدر ببضعة مئات من الطلبة فقط في كل التخصصات، ممن تمكنوا بفضل جهد كبير وتضحيات لا حدود لها ومثابرات أسطورية، من الإفلات من سياسة الإقصاء و التهميش التي كانت تمارسها سلطات الاستعمار الفرنسي ضد الجزائريين في مجال التربية والتعليم بمختلف أطواره.
ولم تكن الجزائر سنة 1962 تملك سوى ثانويات جهوية تستقبل الطلبة المتفوقين والناجحين من مختلف أرجاء القطر الوطني، بينما كان التعليم الجامعي ممركزا فقط في الجزئر العاصمة، ومحظوظ من يتمكن من الظفر بمقعد في الجامعة المركزية ذات الصيت الواسع في ذلك الوقت.
وعلى الرغم من المآسي والجراح المثخنة وحجم التدمير الذي خلفته حرب التحرير الوطني و 132 سنة من استعمار استيطاني بغيض و مدمر إلا أن الجزائر المستقلة أولت منذ البداية أهمية بالغة لمجال التعليم العالي والبحث العلمي، لأنها كانت تدرك قيمة التعليم العالي لبعث الجزائر المستقلة من رمادها والنهوض بها في مختلف المجالات، و تهيئة الفرد الجزائري لكي يخوض معارك التنمية والتطوير في المستقبل بكل اقتدار.
وعلى هذا الأساس استثمرت الدولة الجزائرية الحديثة إمكانيات مادية كبيرة في مجال التعليم العالي والبحث العلمي دون حدود، ذلك أن الشباب الجزائري يستحق الأكثر.
فراحت تبني الجامعات والأحياء الجامعية، و الهياكل البحثية، في المدن الكبرى في مرحلة أولى، على غرار جامعة العلوم والتكنولوجيا بباب الزوار، التي أصبحت فيما بعد تحمل اسم الرئيس الراحل «هواري بومدين» وهو الذي وضع الحجر الأساس لها و أعطى مكانة خاصة للتعليم العالي، وجامعة محمود منتوري بقسنطينة، أو جامعة السانية بوهران، وهي جامعات كبرى كانت تستقطب في البداية مختلف الحاصلين على البكالوريا في الولايات المجاورة.
والحق أن التعليم بهذه الجامعات كان من مستوى عال، حيث لجأت الدولة في ذلك الوقت إلى جلب أكفأ الأساتذة والمؤطرين من بلدان عديدة من العالم، وقد انعكس ذلك على مستوى المتخرجين الذين يعمل البعض منهم في كبرى الجامعات و مراكز الأبحاث في الدول الغربية ومختلف بلدان العالم.
بالمقابل وفي الجانب الاجتماعي اعتمدت الدولة مجانية التعليم العالي مثله مثل التعليم في المراحل الأولى، وكذا مجانية الإقامة والإطعام والنقل في المدن الجامعية، حتى تعطي الفرصة لأكبر عدد ممكن من أبناء الجزائر العميقة من اللحاق بالجامعات واكتساب الشهادات الدراسية العليا.
وفي السنوات التي تلت فترة الستينيات والسبعينيات واصلت الدولة في توسيع المؤسسات الجامعية إلى مدن أخرى، محافظة في نفس الوقت على نفس الطابع الاجتماعي في مجالات الإقامة والإطعام والنقل التي تبقى تكاليفها جد رمزية بالنسبة للطالب حتى اليوم مقارنة بما تنفقه الدولة.
115 مؤسسة جامعية ومتخرجون بالآلاف
لقد أعطى الاهتمام الكبير الذي أولته الدولة منذ السنوات الأولى للاستقلال للتعليم العالي و البحث العلمي، والإمكانيات المادية الكبيرة التي سخرتها لهذا المجال، ثماره التي لا يمكن أن ينكرها إلا جاحد، وتجلى ذلك في الأرقام التي تخص هذا القطاع اليوم، فعدد المؤسسات الجامعية اليوم في الجزائر يقدر بـ 115 بين جامعة و مركز جامعي، ناهيك عن المدارس العليا والمعاهد المتخصصة.
من حيث الكتلة البشرية التي تضمها الأسرة الجامعية فهي تزيد عن 1 مليون و 650 ألف طالب، يؤطرهم ما يزيد عن 72 ألف أستاذ، وتتوفر هذه المؤسسات الجامعية اليوم على أكثر من 30 مركز بحث، يشتغل بها 2250 باحثا،هذا دون الحديث عن عشرات الآلاف من المتخرجين سنويا من مختلف الجامعات الجزائرية عبر كل أرجاء القطر الوطني.

وتؤكد هذه الأرقام والجهود أن الجزائر المستقلة خطت خطوات عملاقة في مجال التعليم العالي والبحث العلمي، وصارت تحتل الصدراة عربيا وإفريقيا ومغاربيا في هذا الجانب، ولا يمكن لأي كان نكران أن الجامعة الجزائرية قد لبت متطلبات جميع قطاعات التنمية الوطنية بأبعادها الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية و البشرية وغيرها.
فالجامعة الجزائرية اليوم صارت تخرج الكادر الوطني المتخصص الذي تحتاجه البلاد، ولم تعد القطاعات الوطنية اليوم بحاجة لمتعاونين أجانب في المجالات العلمية و التقنية و غيرها كما كان الأمر في السنوات الأولى للاستقلال، فقد تكفلت بهذه المهمة على أكمل وجه، بل وصدرت كفاءاتها نحو الخارج.
النفس الثاني وتحديات التكنولوجيات الحديثة
خلال إشرافه على الاحتفال باليوم الوطني للطالب يوم 19 ماي الماضي بالقطب الجامعي المتخصص للمدينة الجديدة سيدي عبد الله بالجزائر العاصمة قال رئيس الجمهورية السيد، عبد المجيد تبون، متوجها للطلبة” اليوم ندشن معكم النفس الثاني ويقع على عاتقكم أن ترتقوا بالجزائر إلى العولمة و مصف الدول الراقية علميا التي تركز عليها البشرية في حل المشاكل الطبية والاقتصادية وغيرها».
وقد جاء كلام الرئيس هذا بعد أن استعرض الإنجازات الكبيرة والخطوات العملاقة التي قطعتها البلاد في مجال التعليم العالي و البحث العلمي، مؤكدا على أن البلاد بمثل هذه الإنجازات شتدشن النفس الثاني في مسيرة البناء، داعيا الطلبة إلى الاجتهاد والتحلي بالوعي والروح الوطنية للرقي بالبلاد والوصول بها إلى أعلى المراتب.
وبعدما تمكنت الجزائر من تعميم التعليم الجامعي وتطويره ماديا وبشريا و من حيث الهياكل، تتجه اليوم بكل ثقة نحو اقتحام التخصصات الأكثر دقة والتكنولوجيات الأكثر تطورا التي يتوقف عليها التقدم المأمول في الجزائر و العالم.
فشرعت لذلك في إنشاء المدارس العليا ومعاهد الامتياز المتخصصة جدا التي سوف تستقطب في المستقبل زبدة النجباء من أبناء الجزائر في مختلف التخصصات، وعلى سبيل المثال لا الحصر دشن رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، بمناسبة إحياء ذكرى يوم الطالب المصادف لـ 19 مايو الماضي القطب العلمي والتكنولوجي بالمدينة الجديدة لسيدي عبد الله، الذي يضم تخصصات تقنية وتكنولوجية جد متطورة على غرار المدرسة العليا للذكاء الاصطناعي، والمدرسة العليا للأمن السيبراني، والمدرسة الخاصة بتكنولوجيا النانو، وهذا إلى جانب مدارس عليا أخرى متخصصة في الإعلام الآلي وغيره المنتشرة في أرجاء مختلفة من الوطن.
إلى جانب ذلك تنفتح الجامعة الجزائرية شيئا فشيئا على محيطها الاقتصادي و الاجتماعي، حيث تم ربطها بالمؤسسات الاقتصادية الوطنية لخلق ذلك التكامل بين البحث الذي تمثله الجامعة وبين الاقتصاد الذي تمثله المؤسسة الاقتصادية، وهذا في إطار سياسة الدولة الرامية إلى تطوير وتنويع الاقتصاد الوطني و تحقيق التنمية المنشودة. وخلاصة القول إن التعليم الجامعي والبحث العلمي أخذ مسارا متدرجا منذ الاستقلال إلى اليوم، سمح للبلاد بتكوين نخبة وطنية حقيقية في شتى مجالات العلوم والتخصصات التي تتطلبها ضرورات التنمية الوطنية ومتطلبات البناء الوطني بالنسبة لبلد مثل الجزائر. واليوم والعالم يتوجه نحو تكنولوجيات دقيقة فإن ذلك ليس بالتحدي الصعب على المنظومة التعليمية الجامعية الوطنية، التي تحضر بجد لرفع تحديات المستقبل في هذا المجال. إلياس -ب

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com