السبت 5 أكتوبر 2024 الموافق لـ 1 ربيع الثاني 1446
Accueil Top Pub

المجاهد مبارك مازوز المدعو بالة زغاد لـ "النصر" : فقدت أضلعي بطلقات رصاص و واصلت الجهاد في الحدود التونسية

* أصدرت مذكرات تروي حقائق وشهادات لما عايشته إبان الثورة
كُتب للمجاهد مبارك مازوز، من منطقة يابوس بخنشلة، أن يعيش استقلال الجزائر، وهو الذي نجا من الموت، ولم تُقدر له الشهادة بعد أن أصيب بوابل من الرصاص خلال معركة بالقرب من دوفانة بين باتنة وخنشلة، وذلك سنة 1957 وفقد على إثرها 4 أضلع من القفص الصدري، وكان المجاهد الذي يعد من الرعيل الأول، بعد أن التحق بالثورة التحريرية وعمره 20 سنة، قد عايش عدة معارك من جبل بوطالب بسطيف، والمعاضيد وبومقر، وعين لحجل بالمسيلة، وتارشيوين، وبوعلاون وحجرة لفلالس وتواقات والطابية بجبال الأوراس.

يـاسين عـبوبو

ويروي المجاهد مبارك مازوز المعروف باسم بالة زغاد سيرته الثورية البطولية للنصر، بمناسبة إحياء الذكرى 62 لعيد الاستقلال، انطلاقا من انخراطه الحزبي قبل الثورة، فسجنه وتعذيبه ثم فراره والتحاقه بالعمل المسلح، قبل أن يتعرض لإصابة بليغة، استدعت تحويله إلى تونس ليواصل الجهاد، تحت لواء الرئيس الراحل هواري بومدين في جيش الحدود.
«القياد» أثقلوا كاهل أهل قرية يابوس بالضرائب والسلب لصالح الحاكم الفرنسي

لايزال المجاهد مبارك مازوز، يتذكر جيدا وقائع وأحداث الثورة التحريرية بالأوراس وبالحدود التونسية الجزائرية، وهو الذي يستعد كلما حلت ذكرى عيد الاستقلال ليحيي هذه المناسبة الغالية على الجزائريين، بكل فخر واعتزاز، مستذكرا مناقب الشهداء والمجاهدين الذين كان إلى جنبهم في معارك استعادة الحرية، لهذا فتح لنا صدره ليدلي بشهادته بكل ترحاب، كاشفا عن صدور كتاب لمذكراته بعنوان حقائق وشهادات عن الثورة التحريرية، وقال بأنه بادر إلى كتابة المذكرة بمساعدة أساتذة، حفاظا على الذاكرة البطولية للثورة التحريرية بالأوراس مدونا ما عاشه وعايشه قبل وأثناء الثورة وبعد الاستقلال.
وسافر بنا المجاهد مبارك مازوز، في برهة من الزمن إلى ما عايشه من ظلم واستبداد الاستعمار الفرنسي بالجزائر، وكيف تشكل الوعي لديه بضرورة طرد هذا المستعمر، حيث تحفظ ذاكرة المجاهد، المدعو بالة زغاد، - و الذي أطلق عليه هذا الاسم لكونه كثير الحركة والنشاط - ظروف الحرب العالمية الثانية، التي ألقت بظلالها على الجزائر، وتجلى ذلك في أحداث مجازر الثامن ماي 1945، حيث كان آنذاك عمره 11 سنة، ويقول ابن يابوس، بأنه في تلك الفترة يتذكر البطولات التي كان يرويها الجزائريون المجندون إجباريا، إلى جانب فرنسا في الحرب العالمية الثانية، ومن بينهم عماه اللذان سرعان ما انخرطا في الحركة الوطنية، بعد عودتهما من الحرب، وبعد أن أخلفت فرنسا بوعدها بأن تستقل الجزائر، ويروي أنه كان يسمع عن بطولات وفضل الجزائريين المجندين إجباريا في انتصار فرنسا ضمن الحلف الأطلسي في الحرب العالمية.
ويتذكر المجاهد الظروف القاسية التي عاشها في دوار يابوس قبل سنة 1945، بسبب الجفاف الذي زاد من قهر وظلم الاستعمار الفرنسي ضد الأهالي، بعد أن راحت تضاعف من فرض الضرائب ونهب الممتلكات والأموال، وقال بأن القايد وأتباعه ممن يعرفون بالوقاقفة، أثقلوا كاهل السكان بالضرائب وأخذ المنتجات الفلاحية، رغما عن أصحابها من أغنام وماعز وأبقار يتم نقلها بعد انتقاء أحسنها وأجودها، من يابوس نحو خنشلة وبعدها تنقل في القطار إلى أولاد رحمون بقسنطينة، ثم عنابة وبعدها تحول إلى فرنسا.
وقال المجاهد بأن عوامل الظلم والاستبداد وإخلاف فرنسا لوعدها بعدم الاستقلال، ساهما في نمو الوعي لدى الجزائريين، الأمر الذي تجلى حسبه في العمل السياسي لحزب مصالي الحاج وبروز سي مصطفى بن بولعيد سياسيا بالأوراس، وتردد صدى مطالبة نخبة جزائرية بالاستقلال بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وأكد المجاهد مبارك مازوز تأثر الجزائريين بوحشية المستعمر الفرنسي، والكولون بعد المجازر التي ارتكبوها في أحداث الثامن ماي 1945.
مصطفى بن بولعيد نهى عن تناحر الأعراش بالأوراس ودعا للتجند للثورة
وفي استرساله عن الأوضاع قبل وبعد الحرب العالمية الثانية، وانعكاساتها على الجزائر، يروي المجاهد مبارك مازوز، تطور الأوضاع بمنطقة الأوراس بتزايد الوعي السياسي بانخراط أشخاص يعرفهم من أهله وأقاربه وسكان قريته في العمل السياسي ضمن حركة الانتصار والحريات الديمقراطية، وتردد صدى بروز مصطفى بن بولعيد بعد أن كان يحل بغابات المنطقة للقاء مناضلين من عديد مناطق الوطن، بينهم عمار بن عودة وبن طوبال ودماغ العتروس وبولعروف، وكذا لقاء أبناء منطقة خنشلة، وعلى رأسهم عباس لغرور وعمار معاش، وقال بأنه تردد أيضا صدى إلقاء القبض على مناضلين سياسيين بينهم بشير بومعزة.
وأكد المجاهد، بأن مصطفى بن بولعيد، كان قد نهى في تنقلاته للقاء العروش بالأوراس عن التناحر والانتقامات فيما بينهم بعد أن سادت عداوات، ويتذكر المجاهد كيف انطلقت عملية جمع الاشتراكات دون أن يعلموا بأن ذلك تحضير للثورة التحريرية، في ظل استمرار استبداد الاستعمار والقياد بقريته، مؤكدا بأن حراس الغابات والقايد واصلوا سياسة النهب وفرض الضرائب، ويتذكر المجاهد كيف كان قايد المنطقة يعتدي على أهل قريته بالضرب بعكازته، التي يطلق عليها تسمية مسعودة ويستعملها للضرب والإهانة لمن لا يدفع للحاكم الفرنسي الضرائب، وقال بأن كل العائلات كانت تدفع حتى وإن كانت فقيرة، ويتذكر أيضا استبداد حراس الغابات في أخذ الشعير من الأهالي، ليقدموه لأحصنتهم كعلف بالإضافة لنزع الحليب والبيض والدجاج من أهل القرية.
وفي ظل استمرار استبداد المستعمر وأتباعه من القياد، أكد المجاهد مبارك مازوز تسارع التحضيرات لاندلاع الثورة، بعد تجند ما لا يقل عن مائتي شخص من قريته يابوس، بينهم من تنقل عشية انطلاق الثورة لجلب السلاح من ديار بن شايبة بإشمول، أين عقد مصطفى بن بولعيد لقاءه لتوزيع السلاح على الجهات المعنية بضرب العدو بمناطق الأوراس، وكان يتلقى الأخبار إلى جانب مناضلين آخرين قبل اندلاع الثورة من قادة منطقته، على غرار عمار معاش وطاهر نويشي، مؤكدا بأن الأمور ظلت سرية إلى غاية انفجار الثورة عبر مناطق باتنة وأريس وخنشلة وبسكرة وسريانة وبريكة، حيث سرعان ما انتشر صدى الثورة بالنظر للخسائر التي تكبدها العدو الفرنسي.

ويروي المجاهد مبارك مازوز بأن فرنسا، تلقت ضربة قاسية بخنشلة بعد الهجوم على مقر الحاكم وعلى مركز الشرطة وقطع التيار الكهربائي عن مدينة خنشلة، مشيرا لمشاركة مجاهدين من قريته في الهجوم بينهم عمر زايدي وفرحات عريف ومحمد سامر، في حين كان هو إلى جانب مجموعة ظلت بقرية يابوس هجمت عشية اندلاع الثورة بعد انقسامها إلى مجموعتين على مقر القايد، حيث قطعوا الاتصال السلكي للهاتف، وكان هو ضمن مجموعة هجمت على مقر حراس الغابات، حيث قاموا بإضرام النار، ليفروا بعدها إلى جبل شليا.
نصب الكمائن دوَخ القوات الفرنسية وأسقطنا مروحيات بأسلحة قديمة
ويتذكر المجاهد المدعو بالة زغاد، بأن فرنسا جن جنونها وثارت ثائرتها بعد تلقيها لأولى ضربات اندلاع الثورة التحريرية في الفاتح نوفمبر، بعد أن شنت حملة اعتقالات وبحث، وقد بلغه حينها أن اسمه ضمن المبحوثين عنهم بعد أن فر نحو جبل شليا، قبل أن يلقى عليه القبض في الثامن من شهر نوفمبر، ويروي أنه تم إرساله ليجلب خبز الكسرة للمجاهدين وقد خاطر بالاقتراب من القرية ليجد نفسه محاصرا رفقة 03 أشخاص آخرين، ليتم نقلهم إلى محتشد بفم الطوب ليس ببعيد عن يابوس، وهناك تلقوا تعذيبا باستعمال الكهرباء من العسكر الفرنسي، بهدف استنطاقهم عن مكان المجاهدين الذين نفذوا الهجمات ضد المقرات الفرنسية.
وأضاف محدثنا، بأنه بعد قضاء 3 ليال في التعذيب تم تحويلهم للمحكمة المدنية بمدينة باتنة، حيث صدر ضده حكم بالحبس لأربعة أشهر قضى منها فترة في سجن باتنة وفترة في سجن تازولت ويتذكر حينها أن السجون اكتظت بالموقوفين في سنة 1955 قبل أن يحول إلى معتقل بالمسيلة، وهناك استطاع الفرار رفقة مجاهدين آخرين هم أحمد بودوح من منعة، ودلاندة صالح من وادي الطاقة، وبومعراف بحرية من إشمول وبرورة عبد الله من يابوس، وإبراهيم عفاسي من تيبيكاوين، ولقد اضطروا للمشي طيلة أربعة ليالي إلى غاية جبل شليا وهناك التحق بصفوف المجاهدين تحت قيادة المجاهد طورش عبد الحفيظ.
وشارك مازوز مبارك، بعد فراره من المعتقل في عديد المعارك في حامة بوطالب بسطيف والمعاضيد وبومقر، وعين لحجل بالمسيلة وتارشيوين وعلوان وحجرة لفلالس، وتواقات ولحصارة والطابية بجبال الأوراس بين باتنة وخنشلة، وأكد في حديثه للنصر بأن نصب الكمائن رفقة إخوانه المجاهدين كان يكبد القوات الفرنسية في كل مرة خسائر في الأفراد والعتاد وحتى إسقاط المروحيات، على الرغم من قدم السلاح الذي كانوا يستعملونه، مشيرا إلى أن الحصول على السلاح عشية اندلاع الثورة، لم يكن متاحا للجميع لقلته، مضيفا في ذات السياق بأن جلبه في البداية كان من الحدود الجزائرية الليبية، ولقد تلقى فيما بعد التعليم العسكري من طرف المجاهد محمد مشيش الذي تدرب بدوره على يد محمد بوعزة الذي تكون في مصر.
فقدت 4 أضلع بوابل رصاص في معركة والطبيب محمود عثامنة أنقذني
يقول المجاهد مبارك مازوز، بأن القدر كتب له حياة من جديد بعد تعرضه لإصابة بليغة إثر تلقيه وابلا من الرصاص على مستوى القفص الصدري، جعله يفقد أربعة من أضلعه وذلك خلال معركة في شهر جويلية من سنة 1957 قرب دوفانة، ويسرد المجاهد تلك اللحظات قائلا بأنه بعد نصب كمين لقوات العدو كما جرت العادة خرج من مخبئه طمعا في الظفر بغنيمة السلاح، دون أن ينتبه جيدا لتواجد عسكري فرنسي خلف الشاحنة أطلق عليه وابلا من الرصاص فأصابه.
ويضيف المجاهد مازوز مبارك، بأنه عقب إصابته في المعركة التي وقعت بعد الساعة الواحدة ليلا تمكن من السير حوالي لمائتي متر حتى لا يلقى عليه القبض إدراكا منه بما ينتظره إذا ما وقع بين أيادي العدو، قبل أن يسقط مغشيا عليه ويقوم مجاهدون زملاء له بنقله، وقال بأنه نزف كميات من الدم وواصل السير إلى غاية مسكن مناضل هو علي عروسي، الذي قال بأنه سقط لاحقا شهيدا، وبمسكن الأخير أتى المجاهدون بالطبيب محمود عثامنة، وأضاف المجاهد مازوز مبارك بأن الطبيب راح يضمد ويخيط جرحه دون تخدير ما جعله يصرخ ويذرف الدمع من شدة الوجع، قبل أن يتم نقله من قايس نحو غابة بني ملول لمواصلة العلاج في مركز المجاهدين، الذي يتوفر على مقر لعلاج المصابين من المجاهدين، وفي وصفه لمشهد إصابته أكد بأن أمعاءه كادت تخرج من بطنه.
وقال المجاهد وهو يعود بذاكرته إلى تلك الظروف القاسية التي مر بها، بأن جرحه لم يندمل، بعد أن مكث بمستشفى المجاهدين بغابة بني ملول إلى غاية 1958 ليقرر الطبيب عثامنة محمود إرساله إلى تونس.

وفي الرحلة إلى تونس يروي المجاهد، أنه اضطر رفقة 4 مجاهدين للمخاطرة بقطع الحدود مرورا بالخط الكهربائي، وقال بأنهم تلقوا المساعدة من مجاهد مختص في قطع أسلاك الكهرباء لمرور المجاهدين ليواصلوا السير ليلا من جبال بوخضرة إلى قلعة سنان، أين يتواجد مركز للمجاهدين الجزائريين، قبل أن يتنقلوا لمستشفى معروف باسم الصادقية، وأثنى المجاهد على دور الأشقاء التوانسة في دعم الثورة من خلال مساعدة المجاهدين الجرحى، حيث وجد هناك قسما خاصا لعلاج المجاهدين من طرف أطباء جزائريين أثنى أيضا على شجاعتهم وإخلاصهم للقضية الجزائرية بتكبدهم التنقل بجوازات سفر تونسية، انطلاقا من إيطاليا لعلاج اخوانهم المجاهدين الجزائريين بتونس وذكر بينهم المجاهد الدكتور هدان ومنصوري ونقاش.
بومدين أعاد تنظيم الجيش بالحدود وصحفيين من مصر ويوغسلافيا واكبوا الأحداث
وبتونس أجرى المجاهد مبارك مازوز عملية جراحية، أكد بأنها كللت بالنجاح رغم بقائه بعاهة ليواصل بعدها الجهاد، حيث تم تحويله إلى مركز المجاهدين بمنطقة الكاف التونسية، وهناك عمل تحت لواء وقيادة الرئيس الراحل هواري بومدين حيث يحتفظ معه بصور تذكارية، كما يحتفظ المجاهد بعديد الصور والوثائق منها رخصة تنقله وتحويله للعلاج بتونس، وأكد بأن بومدين أعاد تنظيم وبعث الجيش على الحدود من خلال تقسيمات جديدة، ويحفظ المجاهد عمي مبارك مازوز في ذاكرته ابتسامة الراحل هواري بومدين المعروف بها، وقال بأنه لطالما كان يشحن المجاهدين بالطاقة لمجرد حديثه وإعطائه للتعليمات.
ويتذكر عمي مبارك مازوز، تسلسل الأحداث خلال نشاطه على الحدود الجزائرية التي ظل متنقلا بين شمالها وجنوبها، إلى غاية الاستقلال وقبله يتذكر كيف استبسل جيش التحرير رفقة الجيش التونسي في صد توغل للقوات الفرنسية على الحدود التونسية في ظل ظروف عرفت تصاعد مطالب تونسية بتسريع خروج القوات الفرنسية من ميناء المرسى التونسي، وقال بأن جيش التحرير بعد تأسيس الحكومة المؤقتة، كان يشحذ هممه من خطابات رئيس الحكومة المؤقتة آنذاك فرحات عباس، وقال بأن وقف القتال على الحدود التونسية لم يتم إلا بعد حلول سكرتير الأمم المتحدة المبعوث إلى المنطقة النمساوي هامر شولد، كما أشار محدثنا إلى مرافقة مجاهدي جيش التحرير على الحدود صحفيين لدول صديقة هي مصر ويوغسلافيا لتوثيق الأحداث.
ي.ع

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com