الاثنين 16 سبتمبر 2024 الموافق لـ 12 ربيع الأول 1446
Accueil Top Pub

مختصون يدعون إلى تأهيل المتزوجين ومراجعة تشريعات: ظـــروف مستجــــدة وراء ارتفــــاع نسبــة الطــلاق

حذر قانونيون و مختصون في شؤون الأسرة والمجتمع، من تبعات ارتفاع معدلات الطلاق في الجزائر، خاصة بين المتزوجين الجدد، مقابل تراجع معدلات الزواج، وقدموا تحليلا للأسباب التي تقف خلف فك الرابطة الزوجية، وتحدثوا عن ظروف مستجدة تفسر جوانب من الظاهرة، داعين إلى وضع إستراتيجية ناجعة لحماية الأسرة بداية بمراجعة قوانين الطلاق، واعتماد دورات تأهيل جادة للمقبلين على الزواج.

أسماء بوقرن

زواج واحد من كل ثلاثة ينتهي بالطلاق
كشف مؤخرا، الديوان الجزائري للإحصاء، عن أرقام تؤكد ارتفاع معدل الطلاق، أحدثت ضجة كبيرة عبر الفضاء الافتراضي، أين أثير نقاش حول الأسباب ومسؤولية كل طرف فيما راح مختصون ومهنيون في حقل العدالة ينقلون وقائع مثيرة لبعض القضايا، التي وصفت بالغريبة، وهو ما جاء في منشور لقاضية بمحكمة سطيف، عالجت 70 قضية طلاق في يوم واحد.
وتعكس الأرقام الرسمية إلى جانب ما ذكر، الارتفاع المتسارع لمنحى الطلاق، من 20.9 بالمائة عام 2019، إلى 33.5 بالمئة سنة 2023، بواقع 93 ألف حالة طلاق.
ويؤكد الديوان الوطني للإحصاء في تقريره، أنه ينتهي زواج واحد من كل ثلاثة بالطلاق، وقد بلغت حالات الطلاق، العام ما قبل الماضي، 44 ألف حالة بين طلاق وخلع، بواقع 240 حالة يوميا و10 حالات في الساعة، معظمها في الفئة العمرية بين 28 و35 سنة، أي بين المتزوجين حديثا، علما أنها بلغت 100 ألف حالة طلاق عامي 2020 و2021.
وللوقوف على أسباب الظاهرة وانعكاساتها المجتمعية والبحث في الحلول، تواصلت النصر مع محامين وأساتذة قانونيين ومختصين في شؤون الأسرة، إلى جانب باحثين في علم الاجتماع، قدموا تشريحا للوضع و نماذج عن قصص طلاق مختلفة تفسر اختلال التوازن الأسري والجهل بماهية الميثاق الغليظ.

* الأستاذة رانيا بن مخلوف محامية معتمدة لدى مجلس قضاء قسنطينة
الطلاق المبرمج وطلاق العائلات من الأنواع الحديثة
دعت الأستاذة رانيا بن مخلوف، محامية معتمدة لدى مجلس قضاء قسنطينة، إلى ضرورة وضع آليات بصفة مستعجلة للحد من تفاقم حالات الطلاق، مذكرة برقم يصل إلى 20 ألف حالة طلاق سنويا بالمحكمة الواحدة، حيث قدمت للنصر، نماذج كثيرة عن قضايا طلاق عالجتها قالت، إنها تعكس صورة مختصرة وصادمة في الآن ذاته عن الأسباب التي تقف وراء وصول زوجين إلى أروقة المحاكم، خاصة المتزوجين حديثا.
وتوضح المحامية، بأنه رغم اختلاف مواضيع الطلاق ما بين طلاق بالإرادة المنفردة للزوج، و خلع وتطليق لضرر و طلاق بالتراضي، إلا أنها تصب مجتمعة في شرك فك الرابطة الزوجية، فحسب منظورها من الأسباب التي تقف وراء فك الرابطة الزوجية، الاختيار الخاطئ وكذا التسرع، إذ لا تستغرق فترة الخطوبة، المدة اللازمة للتعارف، وهو ما وقفت عليه في عدة حالات قامت بمعالجتها، خاصة لدى الفئة التي تتراوح بين 28 و 35سنة، فالبنت لما تتجاوز حسبها، سن 25 سنة، تعتقد أنها دخلت دائرة «العنوسة» فلا تترك لنفسها مجالا للتعرف على شريك حياتها وتوافق مباشرة على من يتقدم للزواج منها، فتجد نفسها أمام زوج غير مناسب، و الأمر سيان بالنسبة للرجل فلا يسعهما التغاضي لاحقا عن أخطاء بعضهما، ما يتسبب في حدوث مشاكل لا يمكن حلها في المحاكم.
وذكرت المحامية، بعض صيغ أو أنواع الطلاق الحديثة الآخذة في الانتشار، مثل الطلاق المبرمج قبل الزواج ويسمى بزواج السترة، وهو نتيجة علاقات غير مشروعة ويكون حلا مؤقتا لستر البنت وحماية الرجل من المساءلة القانونية، حيث يتم تحديد زواج يتبعه طلاق بعد شهر أو اثنين.
كما أن هناك نوعا آخر لا علاقة للزوجين به، وهو طلاق العائلات والذي عادة ما تبدأ بوادره بالظهور يوم الزفاف، بسبب خلافات تافهة لكن سرعان ما تتفاقم الضغينة بين العائلتين، ما يشكل ضغطا على الزوجين الذين يقعان ضحية لخلافات لا دخل لهما فيها تنتهي بطلاقهما، كما ذكرت عاملا آخر أفرزته ثقافة تحرر المرأة بشكل كامل.
منعها من حضور حفل عيد المرأة فطلبت الطلاق
سردت المحامية، قصصا رفضت التأسيس فيها، وتتعلق بقضية سيدة في 30 سنة، تقدمت لمكتبها رفقة شخص اعتقدت للوهلة الأولى أنه شقيقها، ليتبين بأنه صديقها، وطلبت تسجيل عريضة تطليق لضرر ضد زوجها، مبدية إصرارها على الانفصال عنه، بعد أن وصفته بأبشع الصفات، وبأنه أذاقها مر الحياة بعد بضع أشهر فقط من الزواج، فحاولت المحامية معرفة الأضرار التي تعرضت لها في ظرف أقل من سنة على زواجهما، لتصدم كما عبرت، بإجابات غير متوقعة، منها أن زوجها رفض ذهابها رفقة صديقاتها إلى احتفالية 8 مارس بأحد الملاعب الرياضية، ما سبب ضررا معنويا لها وأشعرها بالقهر و جعلها تدرك استحالة العيش معه.
أما أسرع حالة طلاق، فكانت لزوجين انفصلا بعد ليلة الزفاف مباشرة، بدعوى طلاق من الزوج، وكانت الضحية فتاة في ريعان شبابها، طلقها زوجها بعد فترة خطوبة دامت سنة، بعدما اتضح بأنه متزوج من فرنسية، وارتبط بها فقط لإشباع رغبته في الزواج من فتاة عذراء. كما تطرقت المحامية لقضية خلع سببها متكرر جدا، وهو تحمل الزوجة لكل أعباء الأسرة المادية، وتتعلق القضية المذكورة بزوج عاش رفقة زوجته لمدة تقارب 20 سنة في بيت أهلها، لعدم رغبته في العيش بمفرده، لتكتشف لاحقا أنه تحجج بذلك لأنه عاجز عن توفير سكن، ويعتمد عليها في إعالة الأسرة، ويطالبها بتوفير مصروفه ويعنفها جسديا ولفظيا إن رفضت. وتدعو المحامية، إلى ضرورة العمل على تأهيل المقبلين على الزواج للحد من حالات الطلاق، كما تنصح الأهل بإرشاد الأبناء و تلقينهم أصول العلاقة الناجحة.

* الدكتورة كريمة محروق مختصة في قانون الأسرة
هناك جهل واضح بمفهوم الزواج و ثغرات يجب أن تسد
توضح الدكتورة كريمة محروق، أستاذة بكلية الحقوق بجامعة قسنطينة 1، مختصة في شؤون الأسرة ومديرة مخبر الدراسات القانونية و التطبيقية، أن قراءة في الإحصائيات الأخيرة تحيلنا إلى محاولة فهم أسباب الظاهرة، مشيرة إلى ضرورة النظر في عدة جوانب، بداية بالبحث في الأسباب القانونية القضائية.
يتحمل القضاء حسب محروق، جزءا من المسؤولية في ما يتعلق بجلسات الصلح بين الزوجين، التي تتم غالبا بشكل استعجالي في المحاكم، مع سهولة الحصول على الطلاق في الجزائر مقارنة بالمجتمعات الأخرى التي تقيد أو تعيق الحصول عليه، كما ذكرت المتحدثة الثغرات في الشق القانوني، فمسألة مخالعة الزوجة نفسها مثلا، لم تظهر إلا بعد تعديل قانون الأسرة في الجزائر عام 2005، مما جعل الخلع يتفاقم كثيرا خلال بضع سنوات.عدل القانون الصادر عام 1984، في عام 2005، وتقول الأستاذة محروق، إنه بموجب التعديلات تم إلغاء بند أن الرجل هو رب الأسرة، كما ألغي حق الرجل في الاستئناف والطعن في أحكام الخلع والطلاق التي كان منصوصا عليها في القانون الأول.
ووفقا للمادة 54، «فإنه يجوز للزوجة أن تقوم بخلع نفسها دون الحصول على موافقة الزوج، ويتم الخلع مقابل مبلغ من المال، وفي حال لم يتم الاتفاق بين الزوجة والزوج على المبلغ المالي، يقوم القاضي بالحكم على أن يكون المبلغ يتجاوز قيمة صداق المثل وقت تم إصدار الحكم»، من جهة أخرى، تنص المادة 53، «على أنه يحق للزوجة طلب الطلاق لعشرة أسباب، من بينها هجر الزوج لزوجته لمدة تزيد عن أربعة أشهر، واتهام الزوج بجريمة تمس الشرف، أو قيامه بارتكاب فاحشة، إلى جانب الخلاف والشقاق بشكل دائم بين الزوج والزوجة.»
تأثير مواقع التواصل والجائحة
تحيلنا الأرقام الصادمة حسب الخبيرة القانونية، إلى التفصيل في أسباب أخرى، اجتماعية وأخلاقية كذلك، كانتشار آفة المخدرات المدمرة للأسر، وتقلص مساحة الحوار بين الطرفين، وتدخل العائلة في القرارات الثنائية وغياب النظرة المقدسة للعائلة، إلى جانب تأثير الحياة الافتراضية على الواقعية، فقد أثرت مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير على طبيعة العلاقات، وتعد اليوم سببا رئيسا في انتشار ظاهرة التعارف عبر مختلف المنصات الافتراضية، مما زاد معدلات الخيانة الزوجية سواء بالنسبة للأزواج وحتى للزوجات.
كلها عوامل، تقول المتحدثة للنصر، بأنها قد تكون سببا مباشرا في كثير من حالات الطلاق والخلع في الجزائر، دون إهمال التبعات النفسية لجائحة كورونا، وغياب النظرة للزواج بوصفه مشروعا عائليا لبناء أسرة، وكذا غياب الاستعداد لتأسيس عائلة. وتطرقت كذلك للأسباب الأخلاقية، التي ربطتها برياح التغيير التي اجتاحت العالم العربي بأسره وأثرت على العلاقة الزوجية، لا سيما مع تراجع قدسية الأسرة من الناحية الدينية عند الشباب، ومواجهة الأسر مشكلات جديدة كالشذوذ الجنسي، وبالخصوص عند الرجال، والذي عدته من بين أسباب الطلاق والخلع في المحاكم، إذ تحضر غالبية النساء شهادات إثبات العذرية كوثيقة أمام القاضي، للحصول على الطلاق سريعا إدخال أطراف في دائرة الخلاف يؤدي للفـراق.

وأشارت المختصة في شؤون الأسرة، إلى فترة الخطوبة التي تحولت من فترة للتعارف إلى مرحلة لتزييف الحقائق والكذب والمراوغة، وهو أسلوب لكسب الطرف الثاني، يكتشف بعد الزواج، مقدمة مثالا عن قضية فتاة من ولاية عين الدفلى تطلقت في سن 24 عاما ومعها طفل، بعدما اكتشفت أن زوجها بطال ولا يملك أي شهادة مدرسية، بينما ادعى عند خطبتها بأنه جامعي ويمتلك صيدلية، والحقيقة أنه كان بائعا في صيدلية.
وتحدثت عن إخفاء المرض، كأن يخفي أحد الطرفين إصابته بمرض مزمن، سواء جسدي أو عقلي، فيكون التخلي عن الشريك بمجرد تفاقم وضعه الصحي، أو إدعاء الهدوء والرزانة، لتظهر لاحقا شخصية عصبية وانفعالية. كما تتحول الوظيفة إلى مشكلة بعد عقد القران، عند بعض الأزواج الذين لا يشترطون التخلي عنها في البداية، ثم يفرضون ذلك لاحقا في المقابل تمسك الزوجة بها، ما يؤدي للخلع أو الطلاق، كذلك الفوارق الاجتماعية والمادية بين الزوجين، إذ ترفض زوجات منحدرات من عائلات ميسورة، الإقامة مع عائلة الزوج أو حتى العيش في بيت مستأجر ويتسبب ذلك في تفاقم المشاكل وتقليل طرف من شأن الآخر، مذكرة بقصة زوجة فقيرة تخلى عنها زوجها الميسور بعد عامين من الزواج، بسبب إصابتها بمرض، ورفض تطلقيها تجنبا لدفع التعويضات ونفقة ابنته، ليفرض عليها طلب الطلاق أو الخلع. وربطت المتحدثة، بين تراجع معدلات الزواج و الارتفاع المخيف لحالات الطلاق وتداول قضايا مثيرة على المواقع، ما شكل هاجسا لدى شباب وأحدث نوعا من العزوف.
وعن الحلول المقترحة للحد من ظاهرة الطلاق، ترى الدكتورة محروق، ضرورة تشديد شروط للزواج، ووضع قوانين ردعية لطالبي الطلاق، لأن الضحية الأولى هم الأطفال، كما تدعو إلى المعاشرة بالمعروف، كما أمر دينُنا الحنيف.

* المعالجة الأسرية والمختصة النفسانية صبرينة بوراوي
وجب تفعيـل دور المعالج الأسري في جلسة الصلح
قالت المعالجة الأسرية والأخصائية النفسانية التربوية صبرينة بوراوي، إن التغيرات الاجتماعية السريعة التي شهدها المجتمع الجزائري في القيم والمعايير، انعكست سلبا على نظرة الأفراد للزواج والالتزامات الزوجية، وأثرت على جوانب كثيرة وهو ما تقف عليه كما أكدت أثناء الحصص العلاجية، إذ تسجل انخفاضا في مستوى التواصل وقلة الصبر والتحمل بين الزوجين، وعدم القدرة على التعامل مع الخلافات بطرق سلمية، واستبدالها بالعنف سواء كان جسديا أو نفسيا.
تضيف محدثتنا، أن السنة أولى من الزواج، مهمة في الأصل للتعارف عن قرب وتوطيد العلاقة وضمان استمرارها رغم التغييرات والتحولات وفرصة للتكيف مع الأدوار الجديدة، لكنها أصبحت تسمى فترة التجريب وكثيرا ما ينتهي الحال بين الشريكين إلى الانفصال خلال هذه السنة، بسبب عدم تفهم أحدهما أو كليهما لحاجات الطرف الآخر وعاداته، وعدم الانسجام أو التوافق بين رغبات الطرفين ومطالبهما.
كما أصبحت الخلافات المالية من أبرز الأسباب المؤدية للطلاق، خاصة مع ارتفاع تكاليف المعيشة والبطالة التي تؤثر على الاستقرار المادي للأسرة، مما يزيد من التوتر والمشاكل، أين يواجه الأزواج تحديات في تحديد مسؤوليات الإنفاق، فضلا عن التفاوت الاجتماعي والفوارق الكبيرة في المستوى المعيشي بين الزوجين، يعمل على زعزعة العلاقة و يؤدي إلى صعوبة في التوافق، إلى جانب العوامل الثقافية وتدخل الأهل في شؤون الزوجين وتفاصيل حياتهما، ما يزيد من الخلافات ويضعف استقلالية القرار.
إضافة إلى أن هناك عوامل أخرى حسب بوراوي، تزيد من ارتفاع معدلات الطلاق كالخيانة الزوجية، التي أصبحت تتصدر قائمة أسباب الطلاق في أي مجتمع تحت عذر البحث عن الحب الذي فُقِد خاصة في ظل الاستعمال الخاطئ لوسائل التواصل الاجتماعي واستقلالية المرأة اقتصاديا، و تأثير الأمراض، لأن هناك حالات يتم فيها التخلي عن الشريك بسبب مرضه للأسف.
و تنصح المعالجة الأسرية، بوضع برنامج مدروس للتصدي لهذه الظاهرة، واتخاذ مجموعة من الإجراءات كالتحسيس والتوعية قبل الزواج وحتى بعده، بأهمية بناء أسرة واستعمال مهارات التواصل والحوار بين الزوجين وتعزيز القيم الأسرية، مع توفير الدعم النفسي للأزواج الذين يعانون من مشاكل في علاقتهم، وتسهيل الوصول إلى الاستشارات الأسرية عن طريق تفعيل دور المعالج الأسري في جلسة الصلح لتشجيع الحوار قبل الطلاق، مع مراجعة القوانين المتعلقة بالطلاق.

* سارة زقاد أخصائية في علم الاجتماع الأسري و التربوي
استنزاف الرصيد العاطفي قبل الزواج يؤدي لمشاكل مبكرة
تحدثت الأخصائية في علم الاجتماع الأسري والتربوي، سارة زقاد، عن تبعات الطلاق وتأثيره على البنية المجتمعية، مقدمة مقترحات من شأنها أن تحافظ على الروابط الزوجية، ومؤكدة، بأن استنزاف الرصيد العاطفي قبل الزواج، يدخل أزواجا في دائرة المشاكل ويؤدي للطلاق بعد فترة قصيرة.
وأوضحت الأخصائية للنصر، أن تأثير الطلاق يكون وخيما، حتى في حال الطلاق بالتراضي بين الطرفين، إذ يشكل صدمة نفسية ووصمة اجتماعية للطرفين، لكن يمكن تجاوزها مع مرور الوقت لكونه قرارا مبنيا على أساس التفاهم والتراضي.ويكون الوضع أكثر تأثيرا في حال كان الطلاق من طرف واحد، أي طلاقا تعسفيا أو خلعا وهو طلاق ممارس من طرف واحد ضد الطرف الثاني دون رضاه، ويكون انفراديا أحيانا دون مبررات أي أن الزوج مثلا غير ملزم بالإفصاح عن الأسباب الحقيقية والدوافع، لكنه يتحمل المسؤولية الكاملة للطلاق من تعويضات يقررها القاضي وهذا ما يسمح به القانون الجزائري.
وقد يكون سبب الطلاق الانتقام أو الكراهية مثلا، أو رفض الزوجة للتعدد أو حتى مطالبة الزوجة بحقوقها الشرعية سواء كانت مادية أو معنوية، وهذا النوع من التطليق هو تملص للرجل من مسؤولياته تجاه أسرته في أغلب الأحيان، أما الخلع فيكون من طرف الزوجة التي تريد التخلي عن العلاقة الزوجية دون رضا الزوج، فتتنازل عن كامل حقوقها مقابل منحها حريتها، والأسباب تكون في العادة مشاكل نفقة أو مشاكل تدخل أهل الزوج في العلاقة أو خيانة زوجية.
و تنعكس عواقب تفكك الرابطة الزوجية حسب زقاد، على سلوكيات الأطفال،إذ يجبرون على تحمل المسؤولية مبكرا، خاصة الأخ أو الأخت البكر و يحاولون لعب دور الأب والأم وضمان رعاية أسرية للإخوة، وقد يدفعهم ذلك للتسرب المدرسي، وهو ما يقود في كثير من الأحيان لعوالم الإدمان والإجرام، إذ تشير الأرقام إلى أن هناك علاقة طردية بين معدلات الطلاق والإجرام، ناهيك عن الآثار النفسية المترتبة سواء على الزوجين المنفصلين أو الأبناء.
هذه أسباب العزوف عن الــزواج
وبخصوص تراجع معدل الزواج، تقول الأخصائية إن العزوف عن الزواج ظاهرة تهدد البناء الاجتماعي بالانهيار والزوال، ما لم تتخذ إجراءات سريعة وتوضع على طاولة النقاش لدى الهيئات الخاصة والعامة، مشيرة إلى العوامل التي تقف وراء ذلك، كالتغير الاجتماعي في تركيبة المجتمع الجزائري وتغير نمط الأسرة من النمط التقليدي «الأسرة الممتدة» إلى النمط الحديث «الأسرة النواتية»، والذي أدى إلى تغير معايير الزواج وتشكيل الأسرة لدى الشباب ما أدى لغياب الجاهزية لدى الطرفين لتأسيس أسرة.
كما شكل ارتفاع المستوى التعليمي لدى الإناث عاملا مؤثرا في العزوف عن الزواج، إذ يشكلن نسبة كبيرة من « العوانس»، في حين أن العوانس من الذكور هم من تخلوا عن مقاعد الدراسة دون أن ينجحوا في تأسيس عمل مستقل أو الحصول على وظيفة، ولأن سقف التطلعات قد ارتفع فالنمط الأسري الحديث المؤسس على استقلالية الأسرة الصغيرة عن الأسرة الكبيرة، يستدعي تنوع مصادر الدخل المادي، وذلك لزيادة متطلبات الحياة وتدخل المرأة كمعيل ما دفع الآباء للحرص على تعليم بناتهم لتحقيق الاستقلالية المادية و هذا الاستقلال جعلها تستغني عن الرجل كمصدر معيل، وتكتفي به لإشباع الجانب العاطفي و النفسي والغريزي البيولوجي، وتحقيق رغبة الأمومة.
من جهة أخرى، تضيف محدثتنا، بأن قيمة الزواج المادية تغيرت بتغير النمط الاقتصادي السائد في المجتمع وتغير نظرة الفتاة إلى الرجل، فبعد أن كان الرجل سندا عاطفيا وشريك حياة، أصبح رمزا للمفاخرة المادية، فضلا عن الغزو الثقافي الإعلامي والعولمة الثقافية، كما أن التعارف الذي يمتد لسنوات طويلة قبل الزواج في بعض العلاقات، يجعل الطرفين يستنزفان رصيدهما العاطفي ويتعرضان للمشاكل التي من المفترض أن أوانها لم يحن بعد ويعيشان حالة تصل إلى التطابق مع حالة المتزوجين لكن دون زواج، فيتم استهلاك العلاقة قبل أن تنطلق في شكلها الشرعي والقانوني. كما أن غياب المقصد الشرعي للزواج و الفهم الجوهري لأساس تكوين الأسرة، يجعل من الطرفين غير قادرين على الالتزام بهذا الميثاق.
تفعيل دور الوســاطة الأسرية مهم لحـل المشاكل قبل تفاقمها
ومن بين الحلول التي يمكن اللجوء إليها بشكل رئيسي حسبها، تأهيل المقبلين على الزواج للتعريف بماهية الزواج من جانبه الشرعي، والقانوني، والاجتماعي، والأسري، والنفسي والاقتصادي، وكل ما يتعلق بهذه العلاقة التي من خلالها يتم إنتاج أفراد صالحين يخدمون المجتمع و يضمنون استمراريته.
كما وجب نشر الوعي بأهمية المؤسسة الأسرية، و معرفة السبب من الزواج لتجنب نشر كل صغيرة وكبير عن العلاقة الزوجية في مواقع التواصل أو في وسط الأسرة والأقارب، و تفعيل دور المساجد في التوعية بأهمية الأسرة و أهمية الزواج، و تنمية الوازع الديني لدى الأفراد و محاربة الأفكار التي تهدم البناء الأسري، مثل الأفكار النسوية والمساواة التي تجعل من المرأة ندا للرجل ما يفقدها دورها في المجتمع وأنوثتها، و يحملها مسؤوليات مضاعفة قد أعفاها الله منها.
كما تنصح المتحدثة، باللجوء إلى الأخصائيين في العلاقات الزوجية والإرشاد الأسري فالمختص من شأنه أن يرافق الزوجين و يقترح حلا يرضي الطرفين، كما يعمل على توجيههما إلى الجانب الأصلح حسب طبيعة المشكل، كما يحافظ على السرية في حال كانت هذه المشاكل تسبب حرجا لهما، والأهم من كل هذا أنه طرف ثالث يقترح حلولا تكون حيادية و تصب في صالح تحسين العلاقة فقط.
أ ب

* عبد الرحمن خلفة،جامعة الأمير عبد القادر بقسنطينة
تشريع الحقوق الزوجية منهج إسلامي استباقي لحماية الأسرة
إن الشريعة الإسلامية أحاطت الرابطة الزوجية بجملة من معايير الاختيار، وأسستها على قواعد وأحكام ذات طابع موضوعي وشكلي على مستوى عقد الزواج، وعلى مستوى الواجبات والحقوق المادية والأدبية، الظاهرة المنضبطة اللازمة التي لا تترتب آثار عقد الزواج إلا بتحقيقها، وتشكل ضمانات لاستمرار الحياة الزوجية وديمومتها، وآليات لحفظ الأسرة ووقايتها من أي شقاق قد يؤدي إلى انفصامها وسدا لذريعة تفكك رابطتها الزوجية.
إن كل غفلة أو تساهل في تحقيق تلك الأحكام من شأنه أن يقوض عرى الأسرة ويفاقم ما ينجر عنها من مشكلات أسرية واجتماعية؛ لأن الطلاق حالة طارئة استثنائية في العلاقة الزوجية وليس إجراء عاديا يوقعه الزوج متى شاء وكيفما شاء؛ فهو ضرورة تُلجِئ إليها ظروف قاهرة يتعذر في ضوئها استمرار الحياة الزوجية في مودة ووئام؛ حيث يبدو حينها كأنه حل لمشكلة وليس مشكلة في ذاته، وإن بدا أن مشكلات أسرية واجتماعية أخرى ستترتب عليه؛ ومن الحقوق الضامنة:
المهر: فالمهر شرط وحق، وهو ليس مجرد منحة مالية تعطى للزوجة من قبل الزوج؛ بل هي مال معتبر تكرّم به وتضمن به بعض حقوقها ومصالحها، وهو يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال والأمكنة، وليس له سقف ينتهي إليه، ولا يجوز تحديده بإجماع الفقهاء المسلمين مستندين لآيات من كتاب الله تعالى، وقد جرت عادة بعض المناطق في الجزائر أن تبادر إلى تحديد المهر وتسقيفه بحجة تشجيع الشباب على الزواج وتخفيف حدة العنوسة والعزوبية، وهذا الإجراء وإن دخل ضمن آداب الإسلام وسننه المرغبة في التخفيف من المهور إلا أنه مخالف لما وقع عليه الإجماع، ومخالف لمقاصد الشرع من تشريع المهر، وتفاوته بين الزيجات، وكل محاولة لتحديده بدعوى تحقيق ما ذكر سينجر عنه مساوئ أخرى ومخاطر تدرك بعد حين، لأن للعنوسة عوامل اجتماعية واقتصادية ونفسية متداخلة، ولو كان تسقيف المهر حلا لها لنص عليه الفقهاء منذ القدم، بل إن تسقيف المهر قد يسهم في تنامي ظاهرة الطلاق والخلع؛ ذلك أن المهر المحدود القليل يشجع الزوج على الإقبال على الزواج متى شاء وتبديل الزيجات دون كلفة أو أعباء مالية كثيرة، كما أنه يشجع النساء على الخلع؛ لأن الأصل أن تكون قيمة المهر هي العوض في الخلع ومادامت قيمته زهيدة فبإمكان أي امرأة موظفة أو ذات مال دفعها وقتما ترغبن في فك الارتباط مع زوجها، بخلاف ما لو كانت قيمة المهر مكلّفة نسبيا؛ حيث يتعذر على الكثيرات توفيره للزوج؛ لأنهن مطالبات بدفع مهر المثل عند الاختلاف في مقدار العوض؛ فيحجمن عن الخلع ويصبرن على الحياة الأسرية، وموافقة بعض النساء على الزواج بمهر زهيد مشروع لكن ينبغي أن يكون تصرفهن قاعدة عامة.
كما تعد النفقة الزوجية: من واجبات الزوج وحقوق الزوجة عليه، وهي لا تسقط ولو كانت للزوجة مال أو كانت موظفة وذات حرفة، فلا يحق حرمانها من النفقة ودفعها للإنفاق على نفسها، والذمة المالية للزوجة مستقلة؛ فلا يجوز للزوج مصادرة أموالها أو النفقة على الأسرة منها،إلا ما جادت به تلك الزوجة طواعية على نفسها أو ولدها أو بيتها، والنفقة تشمل عادة المسكن والأكل واللباس وما لحق هذه الأشياء مما يقدره العرف، ومن ترك الإنفاق على الزوجة فترة زمنية طالت أم قصرت فإن حق الزوجة في الإنفاق لا يسقط بالتقادم؛ بل يبقى دينا في ذمة الزوج، ففي حالة تقصير الزوج في هذا الحق أو دفعه لزوجته للإنفاق على نفسه وأسرتها سينجر عنه توتر في العلاقة الزوجية ويمهّد لفك الارتباط؛ لأن الزوجة التي تجد نفسها مكلّفة ماليا بالإنفاق على الأسرة، وأن الزوج أصبح عالة بدل أن يكون مُعيلا ستسعى لاستعمال حقها في الخلع والتخلص من عبئه لاسيما عند تقدمهما في السن، كما أن الزوج الذي يجد زوجة تنفق عليه لن يشعر بقيمة وثقل المسؤولية الأسرية،وسيستهل فك الارتباط والبحث عن زوجة أخرى بالمواصفات المالية ذاتها، ومن لم يكن قادرا على توفير مهر محترم لزوجته وغير قادر على توفير النفقة بمكوناتها فحري به أن يصبر ويستعفف حتى يغنيه الله تعالى من فضله ولا يقدم على زواج قد تكون عواقبه وخيمة على الأسرة والمجتمع؛ لقول الله تعالى: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىيُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ [النور: 33].
و ذكر المتحدث، أن هذين الحقين ثابتين للزوجة وأن هناك حقوقا أخرى مشتركة بين الزوجين ينبغي على كل منهما أداؤها، دون مماطلة وعدم التقصير فيها تحت أي حجة، ومنها: المعاشرة بالمعروف، وحق الاستمتاع وحفظ أسرار الأسرة، وحقوقا أخرى ثابتة للزوج على غرار القوامة والأمانة في النفس والمال والطاعة في المعروف والاستئذان، فإن قصّرت الزوجة في حق من هذه الحقوق أو صادرته فإنها بذلك تكون قد فتحت باب الشّقاق والخلاف وهو مظنّة الفراق.
ومما أحاط به الفقه الإسلامي رباط الزوجية من أحكام اشتراطه الرضى وإذن الولي وحضور الشهود العدول في عقد الزواج، وهي أركان وشروط تنأى عن الزواج عن أي إكراه أو إجبار لزوجة أو وليها؛ لأن الإكراه مظنة التنافر والشقاق عادة، والارتقاء به أيضا من المستوى الفردي باعتباره عقدا بين شخصين إلى المستوى الجماعي الاجتماعي حين يشهر الزواج ويعيلن ويشهد عليه شهود عدول من غير الزوجين، وهو ما يشعر الزوجين بالمسؤولية الاجتماعية ويسد طريق الغش والتدليس وكلها أمور تسهم في ديمومة الحياة الزوجية.
الكفاءة بين الزوجين:كما أوصى الفقهاء المسلمون الزوجين بمراعاة الكفاءة بين الزوجين عند اختيار الشريك؛ وهذا أمر مهم لأن المتماثلين أكثر انسجاما من المتفاوتين في المعايير الدينية والاجتماعية والعلمية، والمقصد من ذلك المحافظة على استقرار الاسرة وديمومة العلاقة فإن من تزوجت من يماثلها دينا وجاها وعلماء وحرفة أو يقاربها أو يفوقها؛ من شأنها أن تحقق معه الانسجام، بخلاف من تزوجت من هو دونها أو من بيئة ثقافية أو اجتماعية مختلفة، فقد تنجذب إليه في بداية الزواج جراء رابطة عاطفية عابرة؛لاسيما في ظل وجود فضاءات ووسائل سهّلت التقاء الجنسين وسرعة ربط العلاقات العاطفية على مستوى الواقع والمواقع، وهذه العاطفة تحجب عن العقل والبصيرة التفكير السوي في الآخر ومدى جدوى وصلاحية الارتباط معه، قبل أن يكتشف الأمر سلبا أو إيجابا بعد الزواج، فإن حدث النفور جراء التفاوت بينهما يبدأ الشقاق المفضي للطلاق والخلع، ولذلك نص الفقهاء على الكفاءة ومهر المثل وغيرها من الأحكام الدائرة في هذا.
وربما اضطرت بعض النسوة إلى التنازل عن هذا الأمر نتيجة تنامي العنوسة منذ سنوات قبل تراجعها، ولئن اضطرت بعض النسوة في السنوات الماضية للتنازل تحت ضغط العنوسة فإن ظاهرة العنوسة في تراجع جراء تنامي عقود الزواج وهو ما يستدعي إعادة مراجعة معايير الاختيار وقواعد الارتباط.
فإذا أدرك الزوجان أن كلمة النكاح ميثاق غليظ، فالتزما بما ذكر من أحكام وحقوق وواجبات فإن أسباب الخلاف تضيق وعوامل الشقاق تتلاشى وإن حدث خلاف موضوعي يكون الطلاق حالا اضطراريا لكن قبل فك الرابطة الزوجية نهائيا شرع الإسلام حق الرجعة للزوج في الطلاق، وشرع الصلح بين الزوجين.

* عبد الحق ميحي كلية العلوم الإسلامية بجامعة باتنة1
تأهيل الزوجين والإصلاح الأسري ضروريان للحد من الطلاق
يقول الدكتور عبد الحق ميحي، من كلية العلوم الإسلامية بجامعة باتنة1، إن ظاهرة الطلاق والتفكك الأسري في الجزائر، في تزايد مستمر مما جعل المختصين في مختلف المجالات يدقون ناقوس الخطر لأن الأرقام الرسمية مخيفة، دون احتساب الطلاق في الزواج غير الموثق، أو الذي يكون بالفاتحة فحسب.
ومما لا شك فيه حسبه، أن ثمة أسبابا كثيرة وعوامل عديدة تشكل خلفية للمشكلة، وبخاصة التحولات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية في المجتمع، و التطورات التكنولوجيا ودخول وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف صورها كرقم أساسي في المعادلة الاجتماعية، ناهيك عن التقصير في بعض الإجراءات التي من شأنها تقييد الظاهرة مثل التأهيل الأسري والإصلاح بين الزوجين.
ويعتبر المتحدث، أن شبابا من الجنسيين يقبلون على بناء الحياة الزوجية دون معرفة الأسس التي تبنى عليها فقها وقانونا، واجتماعيا ونفسيا، وصحيا، ويعتمدون على مفهوم محدود للزواج وهذه الأمور تعرف بالفطرة والسليقة، ولا شك أن ذلك خطأ جسيما يؤدي بالضرورة إلى أخطاء جسيمة في العلاقات الزوجية ويسبب اضطرابات كبيرة وخطيرة تحول الحياة الزوجية التي مبناها الحب والمودة والرحمة لقوله تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}.
وأرجع الدكتور ميحي، تزايد معدلات الطلاق إلى الجهل بأسس بناء الأسرة ومقومات الحياة الزوجية، وحدود العلاقة المباحة بين الشريكين، فضلا عن غياب الثقافة للأبعاد الاجتماعية والنفسية والفسيولوجية للمتغيرات الطارئة على نفسية الزوجة وصحتها الجسمانية، فيعتبر الطرف الآخر ذلك تحولا في نمط السلوك، فبدل أن يسارع إلى معالجة الوضع إن لم يكن قد استفاد من تأهيل أسري سابق يلجأ إلى العنف السري ويسارع في فك العلاقة.
أما الفتاة فلا تستوعب المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية في كثير من الأحيان حسبه، وخاصة لما تتعسر الحياة الاقتصادية، فيتغير مزاج الزوج وتعتبره الزوجة انقلابا في المزاج وتحولا سلبيا نحوها، فتصبح مشاكسة لزوجها وفي أحسن الأحوال يلجآن إلى عالم الرقية الشرعية، ولا يعالجان أسباب التوتر معالجة حقيقة، بل قد يزداد الأمر سوءا وتعقيدا.
وكثيرا ما تنتهي التجربة بفشل وطلاق، كما قال، وعليه يجب أن ننبه مديريات الشؤون الدينية والأوقاف بالتنسيق مع مديريات التضامن والأسرة وقضايا المرأة، بل ومؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية إلى تنظيم دورات سنوية للمقبلين على الزواج يشارك في تأطيرها فقهاء الشريعة ورجال القانون، وعلماء الاجتماع وعلماء النفس، وأطباء النساء والتوليد وأطباء أمراض الذكورة والعقم وغير ذلك، للتعرف على مختلف جوانب الحياة الزوجية والوقوف على الاختلالات التي قد تعترض سبيل الزوجين وكيفية معالجتها.
ويضيف الدكتور عبد الحق ميحي، بأنه عند التمعن في كتاب الله تعالى نجد الله، قد وضع علاجا متدرجا للخلاف الزوجي والنزاعات قبل الوصول إلى الطلاق، و أول هذه الخطوات الوعظ والتذكير بالله، فإن لم يجد نفعا الهجر والتأديب، فإن لم يؤت ثماره فيجب اللجوء للحكمين من الأهل والذي يفترض فيهما الحياد والاستماع إلى أصل المشكلة بآذان العقل لا بآذان العاطفة التي تؤدي إلى الميل.
ومما لاشك فيه كما أوضح، إن كانت جميع الأطراف تريد الصلح وبقاء العلاقة الزوجية مستمرة، فسيوفق الله لذلك وتكلل الجهود بالصلح لقول الله تبارك وتعالى {إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما} والصلح كما يكون من الأهل، قد يكون ممن نصبوا أنفسهم للصلح وللصلح الناجح مقومات ومرتكزات إخلاص النية لله والرغبة في الصلح سواء من قبل الأطراف المتخاصمة أو المصلح نفسه.وأن يكون المصلح على قدر مقبول من الثقافة الشرعية والعلم بالأحكام الشرعية والقانونية، لأنه قد ثبت بالاستقراء أن المصلح إذا لم يكن على دراية بالأحكام الشرعية فسيفسد أكثر مما يصلح. فضلا عن العلم بالواقع والمتغيرات وكذا أن يكون ملما بالثقافة العامة وخاصة إذا كان هذا المصلح من علماء الشرع والفقهاء.
كما يتوجب أن يكون هدفه من الوساطة الصلح حقيقية فلا يمكن حل المشكلة والإصلاح بين الزوجين دون معرفة أسباب الخلاف ومنطلقات الأزمة، ومن ثم فسوف تكون الحلول مجتزأة مبتورة فيها ميل لطرف على حساب طرف فتستمر الأزمة وتنتهي الحياة الزوجية بتفكك.
وذكر المتحدث كذلك، الحيادية وعدم الاصطفاف، فمن عوامل نجاح الصلح عموما والصلح بين الزوجين أن يكون المصلح حياديا يسمع للأطراف بموضوعية واهتمام، لا يحابي أحدا على حساب أحد، ومما لاشك فيه أن هذين المرتكزين من الأهمية بمكان في استقرار الأسرة واستمرارها.
كما يستحسن أن يكون المصلح، من أقارب الزوجين لقوله تعالى: ((فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا و حكما من اهلها)) ذلك لأن الأقارب أكثر معرفة بأحوال الزوجين وأكثر اطلاعا على أسرارهما وحفظا لها، وهما مظنة ثقتهما؛ فإن وجد من غير الأقارب من هو أكثر ثقة وعلما فلا مانع من تقديمه للصلح.

 

 

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com