أثلجت قرارات آخر مجلس وزراء لسنة 2024 صدور الآلاف من المنتسبين للوظيفة العمومية في قطاعي الصحة والتربية الوطنية، الذين تنفسوا الصعداء بعد سنوات من النضال النقابي وجولات من الحوار توجت بالمصادقة على القانونين الأساسيين للأسلاك المنتمية للقطاعين لما تضمناه من إجراءات لتحسين الظروف الاجتماعية والمهنية لشريحة واسعة من الموظفين والعمال.
وكان القانون الأساسي لموظفي التربية الوطنية الذي يضم أكبر عدد من المنتسبين للوظيفة العمومية بأكثر من مليون موظف، منهم أزيد من 600 ألف أستاذ، محل شد وجذب بين الوزارة الوصية والشريك الاجتماعي، قبل أن يسدي رئيس الجمهورية أوامر بضرورة الإسراع لمعالجة الملف في إطار مشروع متكامل يضمن الحقوق المهنية والاجتماعية لعمال القطاع.
وتم تأجيل صدور القانون الأساسي لعمال التربية الوطنية لمرتين على مستوى مجلس الوزراء بهدف الإثراء بما يستجيب مع تطلعات موظفي التربية الوطنية تجسيدا لتوجيهات رئيس الجمهورية، بعد أن تم الانتقال بالقانون الأساسي لعمال القطاع من مجرد قانون أساسي إلى قرار سيادي.
كما تمت مناقشة النص مرتين في إطار مجلس الوزراء، بتاريخ 24 ديسمبر 2023، ثم في 18 فيفري 2024، تحت متابعة شخصية من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون تلبية لتطلعات عمال القطاع، ما اعتبر في نظر متتبعين للشأن التربوي سابقة في مسار مناقشة القوانين الأساسية من قبل مجلس الوزراء تقديرا لمكانة الأستاذ والدور الريادي للمدرسة في صناعة جيل المستقبل.
وتلقى الشريك الاجتماعي لوزارة التربية الوطنية النص المفرج عنه عقب انتظار صدوره منذ العام 2021 بارتياح كبير وتفاؤل لما سيناله الأساتذة وعمال القطاع من مكاسب مهنية واجتماعية تليق بما يبذلونه من جهود لصالح مدرسة الجودة، بفضل ما جاء به النص الجديد من تدابير هامة تستحق التنويه.
وضمن القانون الأساسي الحفاظ على المكتسبات الإيجابية للمنتسبين لقطاع التربية الوطنية، بما فيها شموليته لجميع الفئات والأسلاك والرتب، وحرصه على ضبط المهام الأساسية لمختلف الأسلاك، وإخضاع إسناد المهام البيداغوجية والتعليمية إلى موظفي التعليم وفق معايير التخصص والجدارة والتنافسية.
وجاء النص بعديد التدابير لفائدة عمال القطاع، من بينها تصنيف الرتب القاعدية مع الاستفادة من الأحكام الانتقالية للإدماج في رتب أعلى، واستحداث رتبة أستاذ «مميز» ضمن المسار المهني لموظفي التعليم، مع تثمين الشهادات في الترقية والإدماج وضبط جسور ومسارات الترقية.
وأتاح القانون الأساسي لعمال التربية للأساتذة إمكانية تكييف الحجم الساعي لتحضير تأهيل علمي في مجال التخصص، إلى جانب إمكانية الاستفادة من تخفيض يتراوح بين 3 إلى 5 سنوات في السن للإحالة على التقاعد، فضلا عن تخفيض الحجم الأسبوعي لأساتذة المراحل التعليمية الثلاثة، وكذا لفائدة الأساتذة المرتبين في الدرجة 10 فما فوق.
وأجمع الشريك الاجتماعي بعد الإفراج عن النص على تثمين الترتيبات التي جاء بها، سيما المتعلقة بتنظيم مهام الجماعة التربوية وتخفيض الحجم الساعي للأساتذة، واعتماد رؤية جديدة لنظام التقاعد، إلى جانب استحداث رتب جديدة، من بينها مشرف التربية والتعليم في الطور الابتدائي.
وأبانت وزارة التربية الوطنية من جهتها عن مستوى عال من المسؤوليه في تعاملها مع نقابات التربية خلال مسار مناقشة النص وإثرائه، قامت بتتويجه بعرض خلاصة عمل دام أربع سنوات، في لقاء شامل ترأسه وزير القطاع محمد صغير سعداوي، كشف فيه بالتفصيل عن مضمون النص المصادق عليه في مجلس الوزراء في أجواء مميزة طبعها الارتياح والتفاؤل بما هو قادم.
قانون أساسي للصحة بعد انتظار طويل
وكان القانون الأساسي لقطاع الصحة بدوره مسك ختام سنة 2024 عقب المصادقة عليه في مجلس الوزراء الأخير، تجسيدا لأوامر رئيس الجمهورية بضرورة إعادة النظر في القوانين الأساسية لكافة الفئات المهنية المشكلة لقطاع الصحة العمومية من أطباء أخصائيين وعامين و شبه طبيين وغيرهم.
وحرصت الوصاية في إطار العمل التشاوري على معالجة الاختلالات لفائدة جميع الأسلاك المنتمية للقطاع، من بينهم الأطباء الأخصائيين، باستحداث رتبة جديدة في الترقية ومنصب عال جديد، كما استفاد الأطباء العامون في الصحة العمومية من إعادة النظر وتائر الترقية، وفي تصنيف المنصب العالي.
وحظي سلكا الصيادلة وأطباء الأسنان باستحداث رتبة جديدة متخصصة لحاملي شهادة دكتور في الصيدلة وطب الأسنان، واستفادت أيضا الأسلاك الثلاثة من رتبة جديدة للترقية، ومنصبين عاليين جديدين، واستحداث وظيفة خاصة للأطباء العامين في الطب المرجعي، ولم يغفل القانون الأساسي للصحة سلك شبه الطبيين الذين ظفروا بدورهم بعدة تدابير في مجال الترقية وتثمين المسار المهني.
وتم تلقي الإجراءات التحفيزية التي جاء بها النص المصادق عليه في مجلس الوزراء بارتياح من قبل عمال الصحة، وثمن جميعهم المراجعة الجذرية للقانون الأساسي بعد عمل دام منذ العام 2022، خلص إلى إبراز الدور الريادي الذي تؤديه الأطقم الطبية وشبه الطبية بالمؤسسات الاستشفائية العمومية للعناية بصحة المواطنين وضمان الأمن الصحي.
وأجمعت نقابات الصحة على التنويه بجهود الحكومة في إعداد نص القانون الأساسي والإفراج عنه قبل نهاية العام 2024 تجسيدا لالتزامات رئيس الجمهورية، سيما وأنه جاء جامعا شاملا لأسلاك الصحة، من أطباء أخصائيين وعامين وشبه طبيين، إضافة إلى أسلاك القابلات وأساتذة التعليم في الصحة العمومية.ويشار أيضا إلى أن الدولة خصت أفراد الجيش الأبيض بإجراء هام تضمن رفع الأجور والتعويضات، وضمان الحماية من كافة أشكال الضغوطات، وحق الترقية التكريمية أثناء أو بمناسبة أداء مهامهم خلال الحالات الاستثنائية والأزمات الصحية.
وتنقضي السنة الحالية بمراجعة أهم قانونين أساسيين في سلك الوظيفة العمومية، وإرساء عوامل وشروط استقرار الجبهة الاجتماعية استعداد لمواصلة ورشات إصلاح وتحسين أداء المدرسة الجزائرية و المرافق والهياكل الصحية لفائدة ترقية المستوى المعيشي للمواطنين، من أجل بيئة اجتماعية سليمة وصحية. لطيفة بلحاج