يبدع الطالب بكلية علوم الإعلام والاتصال والسمعي البصري، بجامعة صالح بوبنيدر، قسنطينة 03، محمد نصر الدين لطرش، فوق الخشبة، بعد أن جهر بموهبته في أحد الملتقيات بالكلية ذاتها، صوته المميز وتفاعله مع الجمهور جعلاه يشع بين زملائه، ليواجه فقدانه البصر بنور أحلامه الذي يضيء له دروب السعي لملامسة ما يصبو إليه من طموحات.
بورتريه/ إيناس كبير
يتحدث الطالب بقسم الإعلام، سنة ثالثة ليسانس، عن تخصص الإعلام والاتصال بحب، خصوصا وأنه تربى منذ صغره على صوت منشطي البرامج التلفزيونية متأثرا بالعديد منهم، ممنيا نفسه أن يجلس يوما فوق ذلك الكرسي، يذيع نشرة الأخبار، أو ينشط برنامجه الخاص.
وفي انتظار لحظة لقائه بالميكروفون عكف على الحفاظ على تلك البذرة التي يعتبرها ثمينة، فكان يتدرب كثيرا حتى يكون أهلا لمهنة المستقبل التي يتمناها، خصوصا وأنها جعلته يتعرف على نفسه ويعيش حلمه كما أكسبته حب الناس، وكانت سلاحا له يتحدى به الإعاقة.
إرادة وعزيمة تسقيان موهبته
أخبرنا نصر الدين، أن قصته مع التنشيط بدأت داخل كليته في إحدى الملتقيات، عندما توجه نحو أستاذه الذي كان رئيسا للفعالية مقترحا عليه تنشيطها، هذا الأخير رحب بالفكرة وشجعه كثيرا، ليجدهم بعدها يتصلون به طالبين منه تحضير نفسه ليكون فوق الخشبة، يقول "هناك اكتشفت كل الكلية موهبتي، وكان ذلك أول لقاء لي بالميكروفون".
نصر الدين لا يعتبر إعاقته البصرية حائلا بينه وبين أحلامه، بل إنه لا يعترف أساسا بالمستحيل، ويجد أن لا فرق بينه وبين طلبة آخرين، فهو أيضا شُغف منذ صغره بمجال الإعلام، وكان يحلم بالجلوس يوما ما خلف الميكرفون مثل منشطي البرامج التلفزيونية الذين تربى على سماع صوتهم.
مضيفا بأنه رعى موهبته في الإلقاء وبدأ ينبش عليها من أجل تطويرها وصقلها، بدءا من تعلم أساسيات التنشيط والتعامل مع الجماهير، يضيف بأنه، كان يجلس لساعات وحده مقلدا بينه وبين نفسه جملا وفقرات، وبعد دخوله إلى الجامعة وبالتحديد كلية الإعلام والاتصال زادت فرصه في حضور الندوات والملتقيات التي وجدها فرصة للعمل أكثر على موهبته والتعلم من التجارب المختلفة.
ما جعله يحظى بإعجاب زملائه وتشجيعهم، قال إن تعليقات إيجابية كثيرة تصله منهم مادحين قدرته على التنشيط، وتعامله بسلاسة فوق الخشبة، وأتبع قائلا "تصلني تعليقات إيجابية من زملائي"، مضيفا "بعد ما شاهدت أمي وأختي فيديو الملتقى الذي نشطته، أخبراني بأن كل العيون كانت تنظر لي بفخر".
أما عن المنشطين الذين تأثر بهم يقول الشاب، إن الساحة الإعلامية الجزائرية ثرية بخامات صوتية مميزة، على غرار الإعلامي رشيد بن حميميد، وحتى في الخارج أثبتوا تميزهم مثل خديجة بن قنة.
ملك قلوب الحضور من أول مرة
يتحدث عبد الناصر عن شعوره وهو يحمل الميكروفون، والسعادة تغمره، حيث يصف ذلك الشعور بأنه كان مميزا بالنسبة له، وبالأخص أنه كان في المكان الذي جعله يشبع وحول فيه حلمه إلى حقيقة، وهو ما جعله يختار تخصص علوم الاعلام والاتصال عن قناعة وبحب، وعن تعامله مع الجمهور أثناء التنشيط، أخبرنا بأنه لا يجد صعوبة في ذلك، ولا يخالجه الخوف أو التوتر، وأرجع ذلك إلى أنه يتدرب جيدا قبل صعوده إلى المنصة حتى يقدم أحسن ما لديه ولا يقع في فخ الارتباك، كما يعتمد كثيرا، وفقا له، على حاسة السمع.
والمنشط الجيد في نظر محدثنا، يجب أن يتمتع بالإرادة، ويحمل حب مجال الإعلام، حتى يقدم له الأفضل، قائلا "يجب أن يُدرس الإعلام بحب، ويُمارس بشغف حتى يستطيع صاحبه الإبداع فيه"، مردفا بأنه، يملك أيضا موهبة التعليق الصوتي، التي يوظفها في إنجاز بحوثه جامعا بين النظري والتطبيقي، في تقارير إذاعية وتلفزيونية من إنتاجه، حتى تكون استفادته من التخصص شاملة لكل الجوانب.
أحلام كبيرة وطموحات تلامس السقف
وقد وجد نصر الدين الدعم من أساتذته في الكلية، الذين أبهرتهم خامة صوته، محفزين إياه على الاستمرار حتى ينال ما يصبو إليه، وقال إنهم لا يبخلون عليه بالنصائح التي يحتاجها، وهو ما اعتبره شيئا مهما بالنسبة له حتى يكون أكثر قوة وعزيمة، كذلك تقف عائلته إلى جانبه الذين دعموا قراره في دراسة الإعلام، كما يوفرون له كل ما يحتاجه ليطور نفسه أكاديميا.
ويميل الشاب إلى عدة مجالات، وذكر المجال الثقافي والسياسي، والصحافة الاستقصائية، معبرا "تستهويني برامج التحريات وتقصي حقيقة الجرائم وفك لغزها"، حيث يطمح أن تكون له برامجه الخاصة التي ينشطها في واحدة منها.
أما عن الإقبال الذي أصبحت تعرفه مجالات مثل التنشيط التلفزيوني، والإلقاء الصوتي إلى جانب الدبلجة والتعليق، أفاد نصر الدين، بأن ظهور المنصات التفاعلية زادت من التوجه إليها، وهو ما لم يكن عليه الأمر في السابق، مضيفا بأن، التكنولوجيا الحديثة ساعدت على ظهور مهارات جديدة، خصوصا وأنها تمكن أصحابها من دخول ميدان الإعلام من بوابة مواقع التواصل الاجتماعي، أين يبرزون قدراتهم ويتعرفون عليها، كما مكنتهم من التعرف على خبراء في المجال يؤطرونهم، وأصبحوا يحولون أصواتهم إلى أموال.
إ.ك