ينتظر المدرب حمزة سرار ابن مدينة سطيف والمدرب الحالي لرديف تشارلتون، اليوم الذي يمسك فيه بزمام تدريب الفريق الأول لنادي انجليزي محترف، وقال الشاب المغامر الذي هاجر صغيرا لمهد كرة القدم، لأجل تحصيل أعلى الشهادات، أنه بدأ يجني ثمار تعبه، الذي بدأ بالعمل مع براعم عدة فرق صغيرة، قبل الالتحاق بفريق تشارلتون.
*تعد من الكفاءات الجزائرية الشابة التي صنعت اسما لها خارج الوطن، هل لك أن تقدم نفسك أكثـر للجمهور الجزائري؟
حمزة سرار، مدرب نادي تشارلتون الانجليزي لفئة أقل من 23 سنة، من مواليد مدينة سطيف وأبلغ من العمر 38 سنة، ترعرعت ونشأت في عائلة رياضية، واعتبر لاعب سابق في الفئات الشبانية لوفاق سطيف، كما درست في معهد تكوين المدربين في قسنطينة، قبل أن التحق بجامعة في انجلترا، وكنت حينها في ال 20 ربيعا، صغر سني، لم يحل بيني وبين الرغبة الكبيرة التي كانت تحذوني، في الحصول على أعلى الشهادات التدريبية التي ستفتح أمامي أبوب النجاح في هذا المجال.
*كيف تم تعيينك كمدرب لناد بحجم تشارلتون الانجليزي، رغم صغر سنك، وكثـرة الكفاءات الانجليزية في مجال التدريب ؟
وصولي إلى هذا المنصب جاء بعد تضحيات جسام، حيث درست بتفان واجتهاد كبيرين، كما أنني انطلقت في مشواري التدريبي من القاع، حيث أشرفت على الفئات السنية لعديد الفرق التي تنشط في الأقسام الجهوية، قبل الالتحاق بالأكاديميات، أين لاحظوا بأنني أمتلك كافة المؤهلات، التي ترشحني لقيادة صنف الأكابر، ليتم منحي فيما بعد، العارضة الفنية لفئة أقل من 23 سنة، لنادي تشارلتون أتلتيك الانجليزي.
*قبل هذا، سبق لك خوض تجربة كمدرب مساعد في فئة أقل من 20 عاما للمنتخب الوطني، كيف تقيمها، ولماذا لم تدم طويلا ؟
تجربتي كمساعد للناخب الوطني لفئة أقل من 20 سنة، جون مارك نوبيلو اعتبرها ناجحة جدا، كونها أكسبتني الكثير من الأشياء الإيجابية، في ظل احتكاكي بأحد أحسن التقنيين، دون نسيان استفادتي المتواصلة من التربصات المغلقة للخضر.
لقد كانت الأمور تسير بالشكل المطلوب، ولكن لسوء حظي أننا لم نكمل العمل الجيد الذي بدأناه، خاصة بعد إقصاء المنتخب الوطني، ومغادرته نهائيات كأس الأمم الإفريقية للشبان، والتي احتضنتها الجزائر، لقد أكملت مهامي مع الخضر، رغم مغادرة نوبيلو، من خلال التحول إلى العارضة الفنية للمنتخب المحلي، قبل أن أنسحب في آخر المطاف لظروف خاصة، كوني كنت مجبرا على العودة إلى إنجلترا، للمشاركة في تربص الحصول على شهادة الاتحاد الأوروبي “أ”، صدقوني مروري على المنتخب الوطني لأقل من 20 سنة، كان إيجابيا على كافة الأصعدة، خاصة وأننا نجحنا في تقديم أسماء تحولت بعد ظرف إلى وجيز إلى نجوم، على غرار بن سبعيني وزميله فرحات، دون نسيان حدوش وبورديم وبن خماسة والبقية.
*حدثنا عن الشهادات التدريبية التي تحصلت عليها لحد الآن، وكيف وجدت ظروف العمل في انجلترا ؟
متحصل على أعلى الشهادات التدريبية، على غرار شهادة الاتحاد الأوروبي «أ»، وأحضر الآن لشهادة الاتحاد الأوروبي للمدرب المحترف، كما أحوز على أعلى شهادة في تكوين المواهب، ما مكنني من الظفر بعقد احترافي مع نادي تشارلتون للإشراف على فئة أقل من 23 سنة، دون نسيان إجازة التدريب الخاصة، التي منحت لي بجامعة انجليزية، وكلها أمور ساعدتني في عملي، وفتحت أمامي الأبواب، للحصول على فرصة تدريب فريق عريق مثل تشارلتون.
*موازاة مع تطلعك لأداء مشوار كبير، هل تحلم بأن تكون أول مدرب جزائري يشرف على تشكيلة الفريق الأول لنادي انجليزي؟
أنا أسعى وراء هذا الحلم إلى غاية النجاح في تجسيده على أرض الواقع، حتى أكون أول مدرب جزائري يعمل مع الفريق الأول لأحد الفرق الانجليزية، التي لطالما تعاقدت مع مدربين كبار، الحمد لله كل الأمور تسير معي بشكل جيد، حيث قدت رديف تشارلتون الموسم الماضي، للفوز بلقب البطولة، كما أنهيت ذات المسابقة وصيفا قبل ذلك، أنا في الطريق الصحيح، ولن يهدأ لي بال، حتى أصل إلى هذا المبتغى، الذي يحلم به أي مدرب عربي وإفريقي.
*ماذا ينقص التقني الجزائري للعمل في المستوى العالي؟
عليه أن يؤمن بإمكاناته، وأن تكون لديه شخصية قوية، مع ضرورة امتلاكه لأفكار جديدة، إذا ما أراح النجاح في هذا التحدي الذي أراه صعبا، ولكن بالعمل الدؤوب، بإمكان أي أحد الحصول على هذه الفرصة الذهبية، التي ليست متاحة في الوقت الحالي للأسباب التي ذكرتها آنفا، والمتمثلة في عدم امتلاكنا للمواصفات المطلوبة.
*بحكم تواجدك في انجلترا، كيف علقوا هناك على انتقال محرز للسيتي؟
الجميع في انجلترا سعيد بانتقال رياض محرز إلى بطل «البريمرليغ»، كونهم يعترفون بإمكاناته الكبيرة، ويعتبرونه أحد أبرز الأسماء الناشطة في الدوري الانجليزي خلال السنوات الأخيرة، وحتى المبلغ الذي دفعه «السيتي» نظير الحصول على خدمات محرز (80 مليون دولار) يعتبروه بالقليل، مقارنة بما قُدم في نجوم تقله مهارة، نحن فخورون بالعروض، التي يبصم عليها لاعب الخضر في أحد أقوى الدوريات الأوروبية، حيث يعد أحسن سفير للكرة الجزائرية في الخارج.
*ماذا يعني لكم كمهاجرين أن يحمل محرز ألوان أحد أكبر الفرق العالمية؟
صراحة وجود محرز في إنجلترا، سواء خلال تجربته السابقة مع ليستر سيتي أو حتى بعد انتقاله إلى مانشستر سيتي، أعطى للجزائريين قيمة أكبر من الناحية الكروية، وحتى المختصين أصبحوا يأخذوننا بعين الاعتبار، كون لاعبنا الدولي بات رمزا في إنجلترا، لا سيما بعد فوزه بلقب أحسن لاعب في «البريمرليغ»، نحن كمدربين وأيضا لاعبين، نشكره على الصورة الجيدة التي قدمها عنا كجزائريين، كما نفخر بأخلاقه العالية خارج الميدان، وكذا مستواه الباهر داخل المستطيل الأخضر، ما جعله مطلب أحسن مدرب في العالم، ويتعلق الأمر بغوارديولا، الذي عمل المستحيل لانتدابه.
*بصراحة من الأفضل محرز أم صلاح؟
مقارنتهما في الوقت الحالي ليست منصفة، باعتبار أن الظروف، التي لعبها فيها لم تكن متشابهة، ولكن بعد انتقال محرز إلى “السيتي” ستتغير الأمور، وسيكون الأخير أمام فرصة التأكيد على أنه لاعب من طينة الكبار، أنا ضد عبارة من الأفضل الآن، كوننا مطالبين بانتظار مرور 5 سنوات أو أكثر لتقييم مشوار كل لاعب، ولكن الأكيد أنهما فخر لنا كعرب ومسلمين، لما يقدمانه من عروض باهرة، فمثلا الدولي المصري محمد صلاح صنع الحدث الموسم الماضي مع ليفربول، من خلال الأهداف الكثيرة التي سجلها، ومساهمته الفعالة في وصول “الريدز” إلى نهائي رابطة الأبطال، دون نسيان الموسم الخرافي لمحرز مع ليستر، الذي قاده لأول لقب في تاريخه، مع افتكاكه للقب أحسن لاعب في «البريمرليغ»، متفوقا على نجوم كبار.
*كيف تعلق على قرار تنحية ماجر؟
أعتقد بأن خرجات ماجر الإعلامية لم تكن موفقة، ونتائجه الفنية كانت متذبذبة، كما أن الشعب الجزائري كان ضد أسلوبه السيئ في اللعب، وليس ضد ماجر الشخص، الذي يكنون له محبة خاصة، باعتباره أحد أبرز نجوم الكرة الجزائرية على مدار التاريخ.
*من تراه الأنسب لقيادة الخضر مستقبلا؟
لن أقترح أحدا، ولكني اشترط بعض المواصفات، والبداية بمقدرة المدرب الجديد على التحكم في المجموعة، وأن تكون لديه خبرة في كرة القدم العالمية، خاصة وأن جل عناصرنا الوطنية تنشط في فرق أوروبية، مع ضرورة تنصيب طاقم محلي مشكل من شباب يعرفون أجواء البطولة الوطنية، ويمتلكون الكفاءة لمساعدة المدرب الجديد، وهنا أريد إضافة شيء.
*تفضل...
آمل في تشكيل طاقم محلي موسع يظل رفقة المنتخب، حتى في حال رحيل الناخب الوطني، وهنا أعود إلى طاقم انجلترا في مونديال روسيا، الذي كان مكونا من 26 عضوا، ولكل عضو مهامه الخاص، فهناك من يعمل مع المدافعين وآخر مع المهاجمين، وهناك من هو مختص في التكتيك، وآخر مهتم بالإحصائيات، وهو ما مكن منتخب الأسود الثلاث من التألق.
*كيف تقيم مستوى مونديال روسيا؟
أعتبر مونديال روسيا الأحسن، خاصة وأنني منذ مونديال إيطاليا 1990 لم أضيع أي لقاء، وأرى بأن نهائيات كأس العالم الأخيرة، كانت الأفضل من حيث الأداء والتنظيم والمستوى الفني، كما حدثت بها مفاجآت مدوية أعطت الدورة نكهة خاصة، وتأكدنا أيضا خلال هذه الدورة، بأن التكتيك الأوروبي بات متفوقا بسنوات ضوئية على المهارة اللاتينية، التي عجزت في الوصول إلى أدوار متقدمة.
*هل استحقت فرنسا التتويج ؟
من وجهة اعتقادي، “الديوك” استحقوا الفوز بالمونديال، بعد نجاحهم في إقصاء منتخبات كبيرة، مثل الأرجنتين والأوروغواي وبلجيكا، كما أنهم قدموا كرة قدم حديثة وفعالة، وأبانوا بأنهم يمتلكون توازنا كبيرا في كافة الخطوط، بوجود أسماء شابة متميزة، في صورة مبابي وغريزمان وبوغبا وفاران.
*بماذا تفسر تراجع المنتخبات الكبيرة؟
لكل منتخب أسبابه التي حالت دون تألقه، فالبرازيل مثلا اعتمدت بشكل مفرط على الفرديات، وتناست اللعب الجماعي، الذي بات يصنع الفارق، وبخصوص ألمانيا، فقد أكدت نتائجها بأن جيلهم الذهبي قد انتهى، وعن الأرجنتين فالفشل يعود بالدرجة الأولى للمدرب، الذي لم يستثمر في النجوم التي يمتلكها، على غرار ديبالا وأغويرو وهيغوين.
*هل كنت تتوقع الخيبة العربية والإفريقية ؟
صراحة لم أكن أتوقع ذلك الأداء الهزيل، خاصة من جانب «الفراعنة»، الذين علقت عليهم آمالا كبيرة، بعد غيابهم عن المونديال لسنوات طويلة، وكذا المنتخب النيجيري الشاب الذي يحوز على أسماء متميزة ، علاوة على منتخب السنغال الذي أضاع على نفسه فرصة التأهل إلى الدور الثاني، أعتقد بأن هذه المنتخبات لم تكن منظمة، وافتقدت للتركيز.
*في الختام، ما هي صلة القرابة التي تجمعك بالدولي السابق عبد الحكيم سرار ؟
عبد الحكيم سرار عمي الأصغر، وتجمعني به علاقة جيدة وأستشيره في كل شيء، وأنا أتمنى له كل التوفيق في مهمته الجديدة على رأس إتحاد العاصمة.
حاوره: مروان. ب