أكد الحارس السابق لترجي قالمة أحمد بن سعادة، بأن تأخر السلطات الروسية في استباق الأحداث، وعدم التعامل بجدية مع فيروس كورونا عند ظهوره في باقي بلدان القارة الأوروبية، كان سبب انتشار الوباء بسرعة البرق، على العكس مما تم العمل به في الجزائر، حيث كانت التدابير المتخذة بمجرد ظهور أول حالة مؤكدة بالبليدة، ولو أن مشاهد الاكتظاظ في الأسواق والفضاءات التجارية تبقى ـ حسبه ـ تهز المشاعر، وكأن الجزائريين لا يدركون الخطورة الكبيرة التي يشكلها الفيروس.
بن سعادة، وفي حوار مع النصر من موسكو، أوضح بأن «كوفيد 19» زاد من «حرقة» ابتعاده عن أرض الوطن، خاصة وأنه لم يتمكن من العودة إلى الجزائر لحضور مراسيم جنازة والدته التي توفيت منتصف الأسبوع الفارط، كما أشار إلى أن العمالة الأجنبية زادت في رفع الحصيلة المسجلة بروسيا، مع تأكيده على أن الجالية الجزائرية المتواجدة في الأراضي الروسية، تبقى بصدد التقيد بالتدابير الوقائية، غالبيتها من طلبة الجامعات.
- هل لنا أن نعرف كيف تتعاملون مع الظروف الاستثنائية التي فرضها فيروس كورونا على حياتكم اليومية؟
الأوضاع في روسيا خطيرة جدا، لأن عدد الحالات المؤكدة للإصابة بالفيروس يقارب 100 ألف ، في حين أن عدد الوفيات يناهز 800، والمنحنى مازال في تصاعد من يوم لآخر، رغم التدابير التي بادرت إلى اتخاذها الحكومة الروسية، والتي يبقى الحجر الصحي الكلي أبرزها، وعليه فإننا ملتزمون بالبيوت، مع الحرص على احترام الإجراءات الوقائية، لأن كل عائلة تحوز على ترخيص واحد في الأسبوع من أجل مغادرة المنزل، لاقتناء المواد الغذائية، والحصول على هذا الترخيص يكون بتقديم طلب رسمي عبر الانترنيت إلى الجهات المختصة، وانتظار الرد الرسمي، وكل من يخالف هذا الإجراء تفرض عليه غرامة مالية بقيمة تعادل 100 أورو، وهي أمور تكشف عن مدى الصرامة الكبيرة المتبعة، وعليه فإنني شخصيا لم أغادر المنزل سوى في مرات قليلة جدا منذ الشروع في اعتماد الحجر.
- نفهم من هذا بأن السلطات الروسية ورغم الصرامة التي تعتمدها في تطبيق الحجر، إلا أنها لم تتمكن إلى حد الآن من التحكيم في الأوضاع؟
الإشكالية التي اصطدمت بها روسيا تتمثل في عدم استباق الأحداث بمجرد ظهور الوباء، لأن معاناة أكبر الدول في القارة الأوروبية من هذا الفيروس، أمثال إيطاليا، إسبانيا وفرنسا لم يكن كافيا لدق ناقوس الخطر في روسيا، إذ تواصلت الحياة بصورة عادية، دون اتخاذ أي إجراء احترازي، ورغم تعليق الرحلات الجوية إلا أن الحدود البرية مع دول مجاورة بقت مفتوحة لفترة، ولو أن مشكل العمالة الأجنبية يبقى من الأسباب الرئيسية التي أدت إلى ارتفاع الحصيلة بسرعة، لأن أغلب المدن الروسية تعرف تواجد عدد معتبر من العمال من دول مجاورة كمنغوليا، كازاخستان وباكستان.
- وماذا عن الجالية الجزائرية وأوضاعها، وهل هنالك برنامج للعودة إلى أرض الوطن؟
أنا أقيم في موسكو، وهي المدينة التي لا يوجد فيها عدد كبير من الجزائريين، باستثناء بعض الطلبة الذين يزالون الدراسة في الجامعة، وقد تواصلت مع بعضهم مؤخرا عبر «السكايب»، وأكدوا لي بأنهم بصدد تنفيذ الحجر الصحي على مستوى الإقامة الجامعية، في حين أن هناك بعض أفراد الجالية في مدن أخرى، خاصة كازان وسان بيترسبورغ، لكن العدد الأكبر من الجزائريين يتواجد بمدينة طامبوف، حيث كانت مجموعة تريد العودة إلى الجزائر، بعد تأزم الأوضاع، وغلق المطارات، وقد تم الشروع في استكمال بعض الإجراءات الإدارية على مستوى السفارة، تمهيدا لبرمجة رحلة لإجلاء الرعايا الذين بقوا عالقين في روسيا، غير أن الأغلبية ارتأت تأجيل العودة إلى أرض الوطن إلى غاية التخلص كلية من الوباء، لأن الحصة الأكبر من أفراد الجالية الجزائرية بروسيا من الطلبة، الذين يزاولون الدراسة في الجامعات والمعاهد.
- وكيف تتابع الأوضاع السائدة في الجزائر، هل عبر التلفزيون أو عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي؟
شخصيا أنا على اتصال دائم بأفراد أسرتي بقالمة، خاصة وأن الوالدة كانت تعاني من مرض عضال ألزمها الفراش لفترة طويلة، قبل أن تلتحق بالرفيق الأعلى منتصف الأسبوع الماضي، وهي الفاجعة التي زادت من شدة آلام «الغربة»، لأنني كنت أتمنى السفر إلى الجزائر، لكن الفيروس حرمني من حضور جنازة الوالدة رحمها الله، بسبب غلق المطارات وتعليق جميع الرحلات، وهذه الحالة جعلتني أعاني على 3 جبهات، خاصة وأنني تمنيت التواجد مع أشقائي في مراسيم الدفن، والتواصل المنتظم معهم يسمح لي بأخذ نظرة شاملة عن الأوضاع السائدة في الجزائر، لكن مع يهز مشاعري في هذه الظروف مشاهد ازدحام المواطنين في الأسواق والفضاءات التجارية، وكذا على مستوى مراكز البريد في الآونة الأخيرة، لأن هذه الصور تدل على نقص الوعي لدى الجزائريين، وكأنهم لا يدركون مدى خطورة هذه السلوكات على حياتهم، لأن انتقال العدوى بسرعة بين الأشخاص كفيلة برفع الحصيلة بين عشية وضحاها، وهذا ما عشناه في روسيا خلال النصف الثاني من شهر مارس الماضي، وبالتالي فإن الحيطة والحذر أمر ضروري لمواجهة الوباء، وذلك باحترام التدابير الوقائية والحجر الصحي.
- هل لنا أن نعرف جديدك في عالم كرة القدم، سيما وأنك كنت في السابق حارسا لترجي قالمة؟
التحاقي بروسيا منذ سنتين، جعلني ابتعد نسبيا عن الإطار الرسمي الكروي لأن الظروف المهنية لم تسمح لي بالانخراط في أي ناد، خاصة وأن الشطر الأكبر من مباريات البطولة الروسية، يجرى في الفترة التي أكون فيها بصدد قضاء العطلة الصيفية مع عائلتي بالجزائر، ومع ذلك فإنني كنت الموسم الفارط أتدرب مع فريق من الدرجة الرابعة للهواة من الضاحية الشرقية لمدينة موسكو، من أجل الحفاظ على اللياقة البدنية، ولو أن المأمورية صعبة للغاية بالنسبة لحارس المرمى، لأنه اللاعب الوحيد الذي لا يستطيع استرجاع «الفورمة» بسرعة، عند ابتعاده عن المنافسة لمدة معينة، ولو أنني أتدرب بانتظام في المنزل منذ بداية الحجر، باستغلال فناء البيت، لكن الحارس يبقى بحاجة إلى تدريبات خاصة، مبنية بالأساس على الرشاقة والمرونة، وعليه فإنني جد متشوق للمشاركة في مقابلة رسمية، بعدما كنت قد غادرت فريق الترجي القالمي منذ أواخر - 017 عندما قررت خوض مغامرة الهجرة إلى روسيا، وأعمل بجدية في التدريبات لترسيم التحاقي بفريق الموسم القادم، رغم أنني اعتدت على مزاولة النشاط في رمضان، والحجر وضعني أمام معطيات استثنائية كثيرة هذه السنة.
حاوره : ص / فرطاس