خيب المنتخب الوطني الجزائري عشاقه بعد سقوطه بقسنطينة أمام فريق زامبي متواضع لم يكن يحلم بالنيل من الخضر، على بعد أيام من سقوط آخر في لوزاكا بنتيجة 3-1 وهي نفس نتيجة لقاء نيجيريا في الجولة الثانية، ما جعل الخضر يقبعون في المركز الأخير في المجموعة بنقطة يتيمة ، بل وكانوا من أول الخارجين رسميا من السباق، ورغم أن تراجع الخضر لم يكن صدفة في هذه التصفيات بل سبقه إخفاق آخر في الكان الأخير بالغابون، إلا أن الانهيار المفاجئ بهذا الشكل أعاد إلى أذهان عشاق الخضر سلسلة نكسات الكرة الجزائرية المتتالية بداية من العشرية السوداء وإلى غاية عودة نهوض الكرة الجزائرية من جديد بعد ملحمة آم درمان.
إعداد: فوغالي زين العابدين
إخفاقات الكرة الجزائرية قبل 82 لم يكن لها وقع كبير
رغم أن الكرة الجزائرية مرت بعدة مراحل صعبة منذ الاستقلال خصوصا قبل الإصلاح الرياضي حيث باستثناء الوصول مرة وحيدة إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا 1968 في إثيوبيا، فشل رفقاء بن الشيخ و بتروني في الوصول ولو مرة واحدة سنوات السبعينات إلى نهائيات المونديال أو الكان، وباستثناء ميدالية الألعاب الإفريقية بالجزائر سنة 1978 وقبلها ميدالية الألعاب المتوسطية في 1975، لم يحقق الأفناك أي انجاز يذكر، ومع هذا لم تكن لتلك الإخفاقات وقع كبير على الجمهور الجزائري عكس ما كان عليه الحال ما بعد 1992، وهذا لعدة أسباب أبرزها أن الكرة الجزائرية كانت فتية في تلك الفترة، بالإضافة لصعوبة اللعب في أدغال إفريقيا آنذاك لغياب الأمن وظروف الراحة والتحيز التحكيمي الفاضح، بالإضافة للحمولة الكبيرة التي كانت تقع على عاتق اللاعبين الدوليين الذين كانوا يمثلون ثلاث منتخبات في أن واحد(المنتخب الأول و الأولمبي و العسكري).
مهزلة زيغانشور 92 بداية الانهيار
بعد سنوات من الانتظار تمكن المنتخب الوطني من الفوز بجدارة واستحقاق بلقب كأس أمم إفريقيا 1990 التي أقيمت في الجزائر بقيادة المدرب الكبير عبد الحميد كرمالي وبنجوم محترفين ومحليين بقيادة ماجر ومناد وعماني وعصماني وغيرهم، ولم يتوقفوا عند هذا الحد بل فازوا بلقب أبطال نصف العالم بظفرهم بالكأس الاأفرو أسيوية 1991 على حساب المارد الإيراني.
وكان الخضر مدعوون للحفاظ على لقبهم في السنغال 1992 وبضبط في مدينة زيغنشور، وقبل 10 أيام من انطلاق البطولة تربص المنتخب في مدينة مراكش المغربية وهناك وقع ما لم يكن في الحسبان البداية كانت بتمرد بعض اللاعبين على الطاقم الفني ثم تطورت الأمور إلى غاية وقوع عدة تجاوزات في فندق الميريديان بمراكش وقد زاد هذا التمرد الهوة بين اللاعبين المحترفين والمحليين، وكل هذه الأمور كانت جرس إنذار قبل انطلاق الدورة .
وبالفعل وقع ما كان يخشاه الكثيرون في اللقاء الأول ضد الكوت ديفوار يوم 13 جانفي 1992 كان رفقاء ماجر بمثابة أشباح فوق أرضية الميدان ولم يتمكنوا من الوقوف في وجه الفيلة التي سحقتهم بثلاثية نضيفة وهي نفس النتيجة التي فاز بها الخضر عليهم قبل سنتين في دورة الجزائر، وكانت الصدمة شديدة على عشاق المنتخب الذين كانوا يعتقدون أن منتخبهم سوف يحتفظ باللقب بسهولة خصوصا أن الكثير لم يصله ما كان يحدث في تربص مراكش خصوصا أن وسائل الإعلام وقتها لم تكن مثل اليوم.
بعد ذلك التعثر قابل منتخبنا نظيره الكونغولي الذي كان يعتبر على الورق أضعف فريق في الدورة وجرت المواجهة يوم 17 جانفي 1992 ورغم أن الفوز بهدف واحد فقط يكفي الخضر للمرور إلى الدور الثاني لكن هذا لم يحدث واكتفى الخضر بالتعادل 1-1 بعد أن كانوا منهزمين وسجل هدف التعادل بويش، وخرج على إثرها منتخبنا من الباب الضيق وفي ذيل الترتيب و بتالي كانت زيغنشور نقطة البداية والمدخل إلى النفق المظلم.
قضية كعروف 1994 والإقصاء بالاحترازات مؤشر تعفن الأوضاع آنذاك
هناك لاعبون جزائريون دخلوا إلى عالم الشهرة من أوسع أبوابها بفضل انجازاتهم وأهدافهم التاريخية وهناك لاعبون دخلوا عالم الشهرة من أضيق أبوابها ومن بينهم كعروف الذي ارتبط اسمه بالقضية الشهيرة التي حرمت الجزائر من المشاركة في كاس أمم إفريقيا 1994 بتونس الشقيقة.
يعود تاريخ القضية إلى يوم 10 جانفي 1993 بالسنغال يوم تنقل الخضر إلى ملعب الصداقة بدكار لمواجهة منتخب السنغال في إطار التصفيات وتمكن رفقاء صايب من العودة بفوز عن جدارة واستحقاق بهدفين مقابل هدف أدخلت الفرحة للشعب الجزائري وأنسته نكسة زيغنشو، وبعدها عادوا بفوز كبير من غينيا بيساو على حساب المنتخب المحلي 4-1 ثم تعادل مخيب في ملعب 19 ماي بعنابة ضد سيراليون 0-0 ثم فوزين كبيرين بنفس النتيجة 4-0 على حساب الطوغو والسنغال على التوالي وهو ما سمح للخضر باحتلال المركز الثاني برصيد 9 نقاط بفارق نقطة واحدة خلف سيراليون.
لكن حدث ما لم يكن في الحسبان والذي نزل كالصاعقة على رؤوس الجزائريين وهو قيام أحد الأشخاص بتسريب معلومة خطيرة إلى السفارة السنغالية مفادها أن كعروف شارك ضد السنغال في الذهاب وهو معاقب، لتصدر الكتف قرارا بحرمان الخضر من المشاركة في المحفل الإفريقي في تونس، وللتذكير فقد تم الفصل في القضية قبل لقاء العودة في تلمسان، وبرغم من مرور سنوات طويلة على القضية لكن لحد الآن لازال الجزائريون يستغربون كيف تم إدراج لاعب معاقب في مقابلة وكيف بلغ من صراع المتصارعين أن سربوا المعلومة للمنافسين؟
نكسة نيروبي 1996 حرمت الجزائريين من سماع نشيد قاسما في فرنسا
قبل انطلاق تصفيات كأس العالم 1998 في فرنسا كانت الجزائر من المرشحين للوصل إلى النهائيات لعدة أسباب من بينها رفع مقاعد القارة السمراء إلى خمس مقاعد بالإضافة إلى الوجه المشرف الذي ظهر به رفقاء مراد سلاطني في كأس إفريقيا الأخيرة بجنوب إفريقيا وأيضا وجود جيل من اللاعبين الممتازين أمثال دحلب وتاسفاوت ولونيسي وغيرهم، وأوقعت القرعة الجزائر في الدور التمهيدي الأول أمام منتخب كينيا المتواضع.
كل هذه المعطيات جعلت الشعب الجزائري يحلم مبكرا بسماع النشيد الوطني يدوي في سماء فرنسا والعلم يرفرف شامخا، لكن هذا الحلم تحول إلى كابوس يوم 2 جوان 1996 يوم لقن الكينيون درسا قاسيا لمنتخبنا وهزموه بنتيجة 3-1 في لقاء الذهاب بالعاصمة نيروبي.
لكن ومع هذا كان هناك أمل للمرور للدور القادم وكان أمام رفقاء شريف الوزاني تسجيل هدفين فقط وكان هذا ممكنا على الورق..
وجرى لقاء العودة بملعب 5 جويلية يوم 14 جوان 1996 أمام جمهور متوسط قدر بحوالي 25 ألف متفرج وترقب الجميع إلى غاية الدقيقة 81 حين تمكن تاسفاوت من فتح باب التسجيل، وبعدها عجز أشبال علي فرقاني من تسجيل الهدف الثاني الحاسم رغم تحصلهم على ضربة جزاء صفرها الحكم التونسي ساحلي فريد وتحمل دزيري بلال المسؤولية وتقدم لتنفيذها لكنه فشل وأجهض حلم الجزائريين.
وبعد هذه المهزلة حدثت زوبعة كبيرة كانت بدايتها بمعاقبة المسؤولين للطاقم الفني بقيادة فرقاني ومراد عبد الوهاب كما قامت الوزارة التي كان على رأسها آنذاك عيساوي بحل الاتحادية الجزائرية لكرة القدم برئاسة السعيد عمارة، وهذه الخطوة كادت أن تكلف الجزائر خسارة عضويتها في الفيفا بسبب وجود بند يمنع الدول من التدخل في شؤون اتحادياتها.
مهزلة واغادوغو 1998 والخروج من الكان بدون رصيد
بعد زوبعة الإقصاء من مونديال فرنسا، تم إسناد العارضة الفنية للمنتخب الوطني إلى عبد الرحمان مهداوي وتمكن من تأهيل الخضر إلى نهائيات كاس أمم إفريقيا 1998 في بوركينا فاسو بعد احتلاله المركز الثاني في المجموعة الثانية برصيد 10 نقاط خلف كوت ديفوار وقبل مالي وبينين.
ويومها وعد مهداوي الجمهور الجزائري بالذهاب إلى أبعد نقطة هي هذه المنافسة ولم لا العودة بالتاج القاري إلى الجزائر وما إن بدأت الدورة حتى انكشف المستور ووقف الجميع على ضعف رفقاء زغدود الذين انهزموا في أول لقاء يوم 8 فيفري 1998 ضد غينيا بنتيجة 0-1 ويومها عبث رفقاء لاعب مرسيليا الفرنسي آنذاك تيتي كامارا بدفاع المنتخب الوطني رغم الرقابة اللصيقة التي فرضها عليه مفتاح محي الذي لم يتمكن من الحد من خطورته.
الجمهور الجزائري وقتها اعتبرها كبوة جواد وأن الخضر سيعوضون في باقي المواجهات، ولم ينتظروا كثيرا حيث في يوم11 فيفري 1998 تقابل الخضر أمام أصحاب الأرض منتخب بوركينا فاسو المدعم بجمهور قياسي وهنا عرف الجمهور الجزائري أنه مقبل على مهزلة جديد، حيث تمكن رفقاء ميشال ليادي لاعب جمعية الخروب السابق من الفوز 2-1 على الخضر وإخراجهم من المنافسة، ولم يصدق وقتها مدرب بوركينا فاسو الفرنسي ميشال تروسي انه تمكن من هزم الجزائر.
وبعد تضييع الخضر لكامل حظوظهم في المرور إلى الدور الثاني كانوا ينتظرهم مقابلة تحصيل حاصل للحفاظ على ماء الوجه والخروج على الأقل بنقطة ضد أسود الكامرون ولعبت المقابلة 15 فيفري 1998 ولم يتمكن الخضر من الصمود أمام الحملات الهجومية لمبوما وتشامي وانهزموا 2-1، وكان الإقصاء جد مخزي بدون رصيد وكانت النكسة أكبر وأمر من نكسة زيغنشور.
فضيحة الانهزام أمام فريق برازيلي بسباعية في سفرية ري ودي جانيرو 2000
بعد تأهل الخضر إلى نهائيات كاس إفريقيا 2000 وبعد تعيين الناخب الجديد ناصر سنجاق قام هذا الأخير قبل أسابيع من انطلاق الدورة بإعلان مكان التربص استعدادا للبطولة و اختار البرازيل وتم اختيار ريو دي جانيرو بالتحديد، و لقي هذا الاختيار معارضة كبيرة من الصحافة الجزائرية لاختلاف طبيعة ومناخ ريو عن غانا، و تم برمجة مقابلة ودية في ليلة رأس السنة ضد نادي فاسكو دي غاما الشهير الذي سبق أن واجه الخضر في ملعب بن عبد المالك بقسنطينة سنة 1966، وكان وقتها فاسكو يستعد للمشاركة في كاس العالم للأندية مطلع سنة 2000 وفي تلك الفترة كان أنصار فاسكو يعيشون نشوة كبيرة خصوصا بعد إمضاء الأسطورة روماريو إلى صفوفهم وعودته للنادي من جديد وقد كانت وقتها العلاقة سيئة بينه وبين نجم الفريق الأخر ادموندو، ويومها تلقى رفقاء الحارس بن عبد الله هزيمة تاريخية على يد فاسكو بنتيجة 7-0 وسجل روماريو هدفين.
هزائم تاريخية بعقر الديار أمام الغابون ونيجيريا في تصفيات مونديال 2006
لم تصل الكرة الجزائرية إلى انحطاط أكثر من وصولها إليه في تصفيات مونديال 2006 بألمانيا أين سجلت أضعف مشاركة في تاريخها والأمر من هذا تسجيل هزائم عريضة داخل الديار، أولها كانت بملعب عنابة أمام الغابون بنتيجة 0-3 و الثانية كانت بملعب زبانة أمام نيجيريا بنتيجة 2-5، وفي تلك الفترة تخطى ترتيب المنتخب الوطني في تصنيف الفيفا المركز 100.
رباعية مراكش أعادت رفقاء زياني إلى الأرض
بعد عودة الكرة الجزائر إلى الواجهة و المشاركة في مونديال 2010 بعد غياب طويل، مما جعل عشاق الخضر يحامون بالفوز بكان 2012، رغم وقوعهم في التصفيات مع الجار المغربي، وتلقى الافناك أول صفعة بعد التعثر داخل الديار أمام تنزانيا 1-1 وبعد الفوز على المغرب في عنابة 1-0، ثم جاء لقاء العودة في مراكش الذي شهد هزيمة تاريخية بنتيجة 4-0 أعادت رفقاء مبولحي إلى الأرض وكانت بمثابة صفعة أفاقت القائمين على الفاف وقتها.
ف.ز