يتضاعف استهلاك المقويات ومنشطات الذاكرة قبيل فترة امتحاني البكالوريا وشهادة التعليم المتوسط، ورغم ارتفاع أسعارها لا يتوانى أولياء عن توفيرها لأبنائهم، قصد تحفيزهم و زيادة التركيز والاستيعاب لديهم، كما يعتقدون، وهي مغالطة كبيرة حسب مختصين، فهذه المكملات و المنشطات على اختلافها، لا تقدم شيئا مقارنة بالتغذية الصحية المتوازنة بل إن المبالغة في تناولها خلال فترة الامتحانات و قبلها له تأثيرات سلبية على صحة الكبد و القلب بفعل مضاعفة الجرعات وعشوائية الاستهلاك كما يذهبون إليه.
حل سحري !
يسود الاعتقاد بين أولياء و حتى بين تلاميذ مقبلين على اجتياز الامتحانات الرسمية، بأن استهلاك الفيتامينات المعلبة و المكملات الغذائية المخصصة لتنشيط الدماغ وتعزيز الذاكرة، سلوك بسيط و يحتكم لحاجة الفرد ولا يتطلب استشارة مختص، أو إجراء فحوصات طبية لتحديد الجرعة المناسبة، ويتبعون عادة ماهو شائع أو ما يتداوله جيران ومعارف عن فوائد هذه المكملات، وهو ما أكده لنا محمد شريف، صيدلاني بوسط المدينة، قال إن الأولياء هم من يطلبون هذه الفيتامينات للتلاميذ، وأن من ينصحونهم بها هم أساتذة أبنائهم أو معارف لهم يؤكدون لهم بأنها مفيدة جدا لتنشيط الذاكرة وأنها مجربة ونتائجها مثبتة.
وأشار المتحدث، إلى أن «المغنيزيوم» من أكثر أنواع المنشطات والمقويات طلبا قبيل فترة الامتحانات، كونه يساعد على النوم الجيد والاسترخاء والتخلص من التوتر، تليه حبوب «الأوميغا 3» لتقوية الذاكرة، و» نوبيلوتين» للحفظ والتركيز.
وتابع الصيدلاني بالقول، بأنه رغم ارتفاع أسعار هذه المكملات التي تكلف من 800 إلى 3000 دينار في الغالب، إلا أن ذلك لم يثن التلاميذ وأوليائهم عن شرائها بكثرة، وهناك منهم من يبحثون عن المستورد و الأجود والأحسن لأجل نتائج أسرع و أكثر فعالية. من جانبها، نفت رهام، صيدلانية بالمدينة الجديدة علي منجلي، أن يكون لهذه المكملات والفيتامينات مفعول سريع وسحري على الذاكرة و الذكاء، وقالت إنها تساعد فقط على تخفيف التوتر والضغط والخمول، ولكنها لا تجعل العقل خارقا كما يروج له تجار الوهم، مشيرة إلى أن الإقبال على المقويات بدأ منذ شهرين، ونفدت تقريبا كل الأنواع الجديدة التي تم عرضها على الرفوف.
أما أحمد صيدلاني أخر ناشط بوسط المدينة، فأوضح أن هناك إقبالا كبيرا على الأدوية المنشطة للذاكرة من طرف التلاميذ، وأن استهلاكها يكون مفرطا وعشوائيا في هذه الفترة ما يشكل تهديدا للصحة، فحتى وإن كانت المكملات مفيدة لزيادة النشاط و طاقة الجسم، قد يسبب تناولها بكثرة ودون استشارة مضاعفات جانبية.
مشددا، على ضرورة التحدث مع الأطباء والمختصين قبل استهلاك أي مكمل أو دواء، و استبدال هذه العادة بتناول الطعام الصحي والمتوازن بدلا من الاعتماد بشكل كبير على هذه الأدوية.
* المختص في الصحة العمومية الدكتور محمد كواش
أدوية لها آثار صحية جسيمة
يؤكد أخصائي الصحة العمومية الدكتور محمد كواش، بأن فترة التحضير للامتحانات الرسمية، تعد من أصعب الفترات التي يمر بها التلميذ بسبب الضغط النفسي والمجهود الذهني الذي يبذله بغية النجاح وتحقيق معدل عال، مضيفا بأن الفترة التي تسبق الامتحانات الرسمية تتطلب من التلميذ تركيزا عاليا وتنظيما جيدا للوقت، من أجل الاستيعاب والتذكر،كما أشار إلى أن هذه الفترة تحتاج إلى إرادة قوية واستعدادا للتضحية بالراحة من أجل النجاح.
وتؤدي التحضيرات المكثفة للامتحانات بحسب المتحدث، إلى زيادة مستويات القلق والتوتر لدى التلاميذ، وتقليل مدة نومهم وراحتهم، كما قد تتسبب في ارتفاع مستويات الإجهاد، والشعور بالضعف أو القلق من الفشل والانفعال، إضافة إلى ذلك قد تؤدي إلى إصابتهم بالنحافة وفقر الدم.وأكد، أن الاهتمام بجودة الطعام خلال فترة الامتحانات يعد أمرا ضروريا من أجل رفع مناعة التلميذ وتقوية ذاكرته وقدرة استيعابه للدروس، بحيث من الممكن أن تؤدي العادات الغذائية غير الصحية بحسبه، وأنماط النوم غير المنتظمة إلى التعب والإجهاد وضعف مستويات التركيز.
ويكون الاهتمام بصحة التلميذ، من خلال حثه على تناول وجبات صحية في وقتها والإكثار من الخضروات والفواكه وشرب الماء لغناها بالفيتامينات والأملاح المعدنية التي يحتاجها الدماغ، وكذا الإكثار من مشتقات الحليب، وتجنب الشاي والقهوة والعصائر الاصطناعية، والحصول على قسط كاف من النوم.
وأضاف المتحدث، أن فترة الامتحانات تضع التلاميذ تحت ضغوطات نفسية واجتماعية، حيث يشعرون بالقلق والتوتر بسبب المسؤولية المتزايدة عليهم لتحقيق النجاح، ويواجهون ضغطا من أسرهم ومعلميهم لتحقيق الأداء المثالي، لذلك يلجؤون إلى المقويات والمنشطات التي يروج لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والصفحات المجهولة .
وأكد الطبيب، أن التلاميذ يستهلكون كميات معتبرة من المكملات الغذائية و الأعشاب و»الخلطات» الطبيعية، لتقوية الذاكرة ومضاعفة نسبة تركيزهم خلال هذه الفترة، وهي في الواقع قد تكون خطيرة على صحتهم خصوصا إذ تم استهلاكها دون استشارة الطبيب المختص، كما قد تتسبب في إصابتهم ببعض الأمراض والأعراض الجانبية، مثل القصور الكلوي وداء السكري و أمراض القلب والشرايين.
وأكد كواش، أن الأشخاص الذين يستغلون فترة الامتحانات للترويج لهذه المكملات على مواقع التواصل يصطادون في المياه العكرة، لأن التلاميذ في فترة ضغط وقلق ويبحثون فقط عما يريحهم ويساعدهم على اجتياز الامتحانات في سلام، أما الأولياء فيتعاملون مع ه الأدوية وينظرون إليها بطريقة خاصة وكأنها وسائل لتخفيف الضغوط الذي يمارسونها على أبنائهم وإنقاذهم من القلق والخوف.
و شدد المتحدث، على ضرورة مرافقة الأولياء لأبنائهم خلال فترة الامتحانات، من خلال توفير مكان هادئ ومناسب للدراسة في المنزل وتقديم الدعم العاطفي لتجاوز التحديات التي يواجهونها، والاهتمام بصحة الأبناء النفسية والتحدث معهم حول أي قلق أو توتر يشعرون به، و ضمان التوازن بين الدراسة والاستراحة وممارسة نشاطات ترفيهية، لأنه نظام يؤثر إيجابا على تركيزهم، ودرجة استيعابهم وحفظهم للدروس وإعداد التمارين، والتحليل والتحصيل الدراسي الجيد.
وأوضح، أن الوقت المناسب للمراجعة، يكون في الصباح الباكر لأن العقل نشط ومرتاح، وتجنب وقت القيلولة وأواخر الليل وبعد الأكل لأن الجسم يكون متعبا.
* أخصائية التغذية فريدة عواطي
هذه أفضل البدائل الغذائية لتعزيز نشاط العقل
من جانبها، أكدت أخصائية التغذية فريدة عواطي، أن فترة الامتحانات تعد من أكثر الأوقات التي يحتاج خلالها الطلبة إلى زيادة نشاط الذاكرة و التركيز للتمكن من جمع وحفظ المعلومات، وعليه يعتبر تناول الأكل الصحي مهما جدا لتقليل التوتر وزيادة الطاقة الجسدية.
وتنصح المتحدثة، باستهلاك أطعمة طبيعية غنية بالفيتامين سي والمغنيزيوم وأوميغا 3، تساعد على تنشيط المخ وتقلل من حدة القلق والخوف، كما شددت على ضرورة تناول وجبة فطور الصباح، و أن تتضمن قليلا من الفواكه الموسمية، والتمر والزبيب، وذلك لأن وجبة الفطور تعتبر الأهم في اليوم، فهي تعيد تعبئة الطاقة، وتساعد على تدفق مادة الغليكوز للمخ، وتنشيط العقل والجسم لبداية يوم جديد بنشاط وتركيز أفضل.
وذكرت المتحدثة، بأن هناك العديد من الأطعمة الطبيعية التي تعزز التركيز وتحسن الذاكرة، منها الأسماك لكونها غنية بالأحماض الذهنية التي تحسن الوظائف العقلية، إلى جانب الفواكه الطازجة مثل الموز والتفاح الغنيين بمضادات الأكسدة والفيتامينات التي تحسن وظائف الدماغ، كما شددت على ضرورة تناول الخضروات الورقية مثل السبانخ والكرنب، وكذا المكسرات والبذور مثل اللوز والجوز والسمسم المشبعة بالدهون الصحية والبروتينات المغذية للدماغ.
كما يجب على التلاميذ حسبها، تناول الأطعمة التي تحتوي على البروتينات مثل البيض واللحوم البيضاء المفيدة لبناء الجسد، وشرب العصائر الطبيعية والمياه بكثرة، لأنها تزيد من وصول الأكسجين للمخ وتعزز من التركيز.
وتنصح المتحدثة، بالابتعاد عن الزيوت المهدرجة ، والأكل السريع، لأنها تشعر التلميذ بالخمول وبالتالي تهدر طاقته، وترى بأنه لا يجب الاعتماد على المقويات والمنشطات، خلال وقبل فترة الامتحانات، خاصة وأن بعضها مجهول المصدر، والإفراط في تناولها قد يكون له تأثير سلبي على صحة التلميذ، ويكذب بحسبها، كل من يدعي بأن هذه المكملات قد تصنع الفارق وتضمن النجاح لمن يتناولها.
لينة دلول