قال الفنان فوفي القسنطيني، إن كليبه الغنائي «مزيانة» الذي يحقق النجاح هذه الأيام، هدية للعرائس يتغنى بجمالهن و يبرز عادات و تقاليد العرس القسنطيني من لباس و طقوس الحناء و تفاصيل أخرى، معتبرا العمل بداية لإصدارات جديدة سترى النور قريبا، تشاركه فيها والدته الفنانة فلة الفرقاني، كما كشف عن عمل منتظر اختار له عنوان « قعدة زمان» سيحيي حسبه، تراث البنوتات المنسي.
كما تحدث الفنان في حواره مع النصر، عن رأيه فيما يقدمه جيله من الفنانين و دور العصرنة في الحفاظ على التراث الغنائي القسنطيني.
كل الفضل يعود لوالدتي
عودة فوفي القسنطيني، إلى فن البنوتات مرتبطة حسبه، بتخصص والدته الفنانة فلة الفرقاني، التي أورثته عشق الموسيقى و حب المالوف بمختلف طبوعه، و التي شاركته مؤخرا فيديو كليب أغنيته الجديدة «مزيانة» التي أطلقها نهاية الأسبوع الماضي، حيث قال بأنه من الأعمال الفنية المنجزة ضمن استراتيجية فنية جديدة وضعها في إطار الترويج للفن القسنطيني وإحيائه و تلقينه للجيل الصاعد، من خلال كليبات غنائية عصرية توثق للموروث الغنائي القسنطيني و تحيي مختلف طبوع المالوف، خاصة تلك التي يرى بأنها في طريقها إلى الاندثار، على غرار « البنوتات».
كما يسعى من خلال ذات التوجه إلى إبراز عادات و تقاليد المدينة بما فيها اللباس و الأطباق التقليدية، موضحا بأن أغنية «مزيانة» تندرج في خانة المالوف و تحديدا طبع «المحير»، وهو لون مغيب حسبه، قرر العودة إليه ومزجه بطبع البنوتات، في الجزء الذي يتناول حنة العروس القسنطينية.
وقال، إنها مراسم تحييها فرقة البنوتات بزيهن التقليدي الأصيل تترأسهن والدته فلة الفرقاني، مرجعا الفضل إليها في وضع اللبنات الأولى للكليب و في رسم التصور العام للعمل و خاصة في المشهد المتعلق «بالحناء» و بلباس فرقة البنوتات، حيث فضل تقديم لوحة فنية تراثية مزج من خلالها بين اللباس التقليدي الأصيل الذي تجملت به فتيات الفرقة و بين الزي القسنطيني العصري، الذي ارتدته العروس، و أوضح بأنه أراد أن يزاوج بين الماضي و الحاضر ليوثق لهذه المرحلة الزمنية. الفنان، كشف بأن العمل من كلماته و تلحين و توزيع الموسيقى يزيد بلخير، مع مشاركة العازفين سيد علي بالمداني و رؤوف عقاب و محمد صحراوي، فضلا عن «ديجي إلين» في تمثيل مشاهد الكليب، حيث أدت دور العروس القسنطينية و نجحت حسبه، في إبراز جمال و عراقة الزي القسنطيني الذي تميز بلمسة عصرية زادته فخامة.
و بخصوص آخر كليب أصدرته والدته الفنانة فلة الفرقاني الشهر الماضي، أوضح بأن أغنية « إلا فراق غزالي»، تراثية وقد أرادت الفنانة بمعيته إعادة تسجيلها و تصويرها، كي توثق طابع البنوتات على أصوله و تترك إرثا ماديا لإثراء الذاكرة الفنية للمدينة، يكون مرجعية للأجيال القادمة، خاصة و أن هذا اللون الغنائي من الأنواع الموسيقية التي يصعب أداؤها.
لست ضد العصرنة لكن بشرط
وأشار، إلى أن هناك من قاموا بإعادة الطابع بشكل عصري غير أنهم لم يوفقوا و أفقدوه هويته، موضحا بأنه ليس ضد عصرنة موسيقى المالوف و يثمن المبادرات الشبانية التي يقوم بها فنانون يتمتعون بأصوات رائعة وإلمام بأصول الفن القسنطيني، لكنه يرفض كل أشكال التشويه التي تمس صورة هذا الفن و تفقده هويته.
وأعرب عن استعداده لتقديم المساعدة لكل فنان شاب يريد أن يروج لموسيقى قسنطينية يحافظ عليها، موضحا في هذا السياق بأنه لاقى الثناء من قبل جمهوره و خاصة السيدات اللواتي يعشقن هذا الطبع ومتعطشات لسماع غناء البنوتات على غرار أغنية « أيام الحجبة»، التي أرجع سر نجاحها بصوته إلى البيئة التي ولد و ترعرع فيها، وهي بيئة فنية ترعاها والدته، التي ساعدته كثيرا خلال التسجيل كما قال، كما ساندته في مسيرته الفنية و في وضع اللبنات الأولى لمشاريعه الفنية.
و تحدث فوفي، عن أغان تراثية أخرى قال بأنها لاقت إعجاب و تفاعل جمهوره في عديد الحفلات و المناسبات العائلية منها « بوالجبال» و« بحرمتك يا محمد»، وأكد أن جمهوره يشمل عشاقا للموسيقى القسنطينية من خارج الوطن أيضا، يتابعونه بكثرة على صفحاته على الفيسبوك أو عبر قناته على اليوتيوب.
الكليبات أعادت تقديم الفن القسنطيني
أرجع محدثنا، سر زيادة الطلب على الفرق الفنية القسنطينية في أعراس جزائريين من مختلف الولايات، إلى عصرنة التراث بطريقة جميلة تعتمد بالأساس على الكليب الغنائي و الترويج على منصات التواصل و البث المباشر للحفلات و بعض السهرات في أعراس قسنطينية، مؤكدا بأن الجمهور اتسع بشكل ملحوظ، و غالبية الأوفياء من قالمة و أم البواقي وسوق أهراس وعنابة و العاصمة و سطيف و غيرها.
وأضاف، بأن توسيع دائرة النشاط لشمل مدنا أخرى كان من بين أهدافه و هو رهان كسبه رفقة عدد من الفنانين الشباب، بعد أن نجحوا في تقديم صورة مشرفة عن تراث المدينة الغنائي، و الذي لا يتجلى في الأداء فقط بل يشمل الحضور و الهندام و السلوك و الانضباط، لأن الفنان يعكس صورة مدينته.
و تطرق فوفي، إلى الأصوات الغنائية الشابة التي باتت حاضرة بقوة مؤخرا، و قال بأن هؤلاء الشباب نجحوا في الحفاظ على الموروث الفني بفضل الترويج الذي يقومون به عن طريق فيديو كليبات تزاوج بين الماضي و الحاضر، وتبرز العادات و التقاليد و تقدم الزي الرجالي كما النسائي، و تسلط الضوء على المقومات السياحية، بالاعتماد على تقنيات تصوير عالية الدقة، ما ساهم حسبه، في استقطاب سياح أجانب و مكن بشكل كبير من التعريف بالعديد من الطبوع الغنائية، كالفقيرات و العيساوة و الهدوة و المالوف بنوباته، على غرار المحجوز و السيكة والطقطوقات و غيرها.
وقال، إن هناك توافقا في الرؤي بين مختلف الفنانين بخصوص التركيز على ترقية التراث وتثمينه والترويج له، رغم بعض الانتقادات التي وصفها بالهدامة، من قبل أشخاص غايتهم طمس هويتنا و إحباط المعنويات بحجة رفضهم لفكرة عصرنة الفن القسنطيني، موضحا بأنه ممن يدعمون العصرنة شريطة عدم المساس بالأصل و الهوية، بل العمل فقط لإحياء الذاكرة الموسيقية و إعادة تقديمها، تماما كما نجح عباس ريغي في تقديم « البوغي» بطابع عصري، و حقق نجاحا ساحقا بلغ مداه عدة دول، مشيرا إلى أنه مع النقد البناء الذي يساعد الفنان على تطوير مهارته و تقديم الأفضل.
فرق غنائية غايتها الربح ميعت الفن القسنطيني
محدثنا قال بأنه يعيب على الفرق الموسيقية الدخيلة التي ميعت صورة هذا الفن، لسعيها لتحقيق ربح مادي، كبعض فرق العيساوة التي شوهت صورة الفن، و تسببت في تشويهه بالهندام غير اللائق و تسريحات الشعر الغريبة فضلا عن مستوى الآداء الدنيء، مؤكدا بأن الفنان مرآة عاكسة للمدينة و فنها، معتبرا هذا الأخير رمزا من رموز الفن، لا يجوز المساس به، حيث يشترط توحيد اللون في اللباس، مؤكدا بأن لكل طبع ضوابطه، و ينصح هذه الفرق بالتوجه لشيوخ العيساوة للتعرف على أصول و شروط هذا الفن. محدثنا قال بأنه يحضر لأغنية جديدة، يقوم حاليا بكتابة كلماتها، و يفضل عدم الافصاح عن عنوانها و ترك مفاجأة لجمهوره، كما يحضر لطرح كليب جديد بعنوان «قعدة زمان» بطبع البنوتات، بمشاركة والدته، مع إضافة لمسة عصرية، حيث سيصور بدار عرب وسط ديكور تقليدي محض مزين بالفراش التقليدي القسنطيني و أواني نحاسية، سيتم تصويره في فصل الشتاء.
أ ب