الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

بمجسمات ولوحات فنية: نزل الترانزيت.. متحف يروي تاريخ وادي سوف وموروثها الثقافي


حول الديوان المحلي للسياحة والصناعات التقليدية سوف بالوادي، «نزل الترانزيت» المشيد منذ نحو قرن من الزمن إلى مزار للسياح، يعد بمثابة متحف يروي تاريخ المنطقة وموروثها الثقافي، ويسافر بزواره عبر الزمن كما يوثق لعادات وتقاليد المنطقة، حيث يحتضن قاعة لغرفة الزربية السوفية واللباس والحلي التقليدية، وأخرى مزينة بديكور عربي ومجسمات تبرز هندسة العمارة القديمة، فضلا عن تقديم النمط الزراعي الذي تنفرد به من خلال مجسم يعرض كل المراحل،.
الحوش و»الخابيا» رمز الهندسة السوفية القديمة
يبرز نزل الترانزيت العريق طبيعة العمارة التقليدية القديمة، بني سنة 1926 بطراز هندسي محلي يتجلى في القباب التي تعلوه بمختلف أحجامها الصغيرة والكبيرة، والتي عدد منها تهدم، كما تعلوه منارة يبلغ طولها 20 متر تطل على وسط المدينة، وقد كان مقرا لعدد من الإدارات المحلية منها مقرا للولاية قديما، ثم مقر لمديرية السياحة، والثقافة و غيرها من الإدارات الأخرى.، إلى أن أصبح حاليا يحتضن مقر الديوان المحلي للسياحة.
النزل الذي حول جزءا كبيرا منه لمتحف داخلي، يحتضن قاعة لمجسمات لديكور الحوش والمنزل العربي المبني بالجبس المحلي والذي كان يستخدم في بناء الجدران والقباب، وهو تصميم يراعي البيئة الصحراوية، حيث يشرف على جناح الهندسة السوفية القديمة على تعريف الزوار بالحوش العربي، والمواد المعتمدة في بنائه، انطلاقا من المصدر الأول وهو الحجارة التي كانت تستخرج من باطن الأرض أثناء حفر غيطان النخيل والمتمثلة في حجر “التافزة»، وهي نوع هش جدا بلون أبيض وما يسمى بوردة الرمال بنوعية “اللوس» الصلبة والسهلة التفتت ويطلق عليها “الترشة»، وتضم القاعة مجسم لفرن أو «الكوشة» التقليدية، التي كانت تستعمل قديما في الطهي باستخدام بقايا جذوع النخل والجريد والحجارة التي كانت تُكدس أعلى الفرن لتتحول فيما بعد إلى جبس محلي بعد دقه وغربلته.
وقدم القائمون على الفضاء شرحا مفصلا للتقنيات القديمة التي كان يعتمدها البناؤون القدامي في الوادي عند بناء جدران الحوش وغرفه وكيفية تشطيبه من الداخل و الخارج، وصولا إلى بناء السطح الذي يتخذ شكل قباب سواء ذات القطر الدائري أو القبة ذات الشكل نص أسطواني التي تسمى بـ»الدمسة»، إلى جانب الدعائم الخارجية وهي عبارة عن أعمدة مائلة نحو الجدار تضمن عدم سقوطه.
وتم على مستوى الغرفة تم وضع مجسم صغير لا تتعدى مساحته واحد متر مربع للحوش العربي، وهو عبارة عن مساحة شاسعة تتوسط الغرف، تستغل صيفا للنوم ليلا، وللقيام بالأشغال المنزلية على مدار العام، حيث تتوفر على بئر والذي يميز المسكن القديم للفرد السوفي بالوادي، مع إبراز هندسته المعمارية التي تراعي مناخ المنطقة، كما يبرز مجسم آخر أنواع الغرف على غرار الغرفة الخاصة بتخزين المؤونة على مدار السنة، من خضر وفواكه جافة وتمور التي يخصص لها تجويف تحت بلاط الغرفة يسمى “الخابيا» يساهم في حفظ وجودة التمر، وغرفة بباب على شكل أقوس أين تمارس الصناعات التقليدية، حيث يوجد بها «المنسج» رمز الصناعة التقليدية للأفرشة و الألبسة الصوفية.
الزربية من أشهر الحرف التقليدية
تعد الزربية التقليدية من الحرف التقليدية التي تشتهر بها الوادي، حيث خصصت غرفة أخرى من نزل ترانزيت لعرض الزربية السوفية وتقديم طرق صناعتها من الصوف إلى جانب التعريف بالرموز المرسومة على وجه الزربية وشرح معانيها، مع تعليق ملصقات بالجدران تعرف بها وبتاريخها بعدة لغات، كما كان لحلي الفضة حيزا من العرض، والذي زين إحدى الغرف إلى جانب اللباس التقليدي السوفي الخاص بالنساء، وكذلك اللباس الرجالي.
وعرض في قاعة أخرى من ذات المتحف صور وتاريخ الكاتبة “إيزابيل إيبرهارت”، من أصل ألماني وولدت بسويسرا خلدت اسمها في زيارتها للمنطقة، بإطلاق تسمية مدينة الألف قبة وقبة على ولاية الوادي، حيث خصص المتحف حيزا لعرض مجموعة من الصور والمؤلفات الخاص بها المترجمة للغة العربية.
وأكد الفنان “البشير بن عزة”، أحد القائمين على استقبال السواح والزائرين لمقر الديوان الديوان المحلي للسياحة والصناعات التقليدية سوف بالوادي للتعريف بالمنطقة، أنه من المشرفين على تزيين المتحف إلى جانب الفنان الهاشمي حساسة تحت فكرة و إشراف الفنان طلال نذير حدانة، مضيفا أنه لاحظ ومنذ أن حول الفضاء إلى متحف داخلي زاد عدد الزائرين والوفود من داخل وخارج الجزائر، وأصبح فبلة مفضلة ومن الوجهات الأساسية المسطرة ضمن مخطط التنقل بالوفود السياحية التي تزور ولاية الوادي، كما يقصده شباب لتصوير مقاطع فيديو ونشرها على مواقع التواصل.
الغوط نمط زراعي متفرد
“الغوط» المصنف كتراث زراعي عالمي، هو نمط زراعي تمتاز به واد سوف ومسد من خلال مخطط في هذا المتحف، يعد رمزا لتحدي الأجداد للطبيعة القاسية، تبرز مساعيهم من أجل البقاء والاستقرار على هذه الأرض، كالحفر بوسائل بسيطة وبدائية للوصول للأعماق وبلوغ الطبقات السطحية للمياه لضمان مصدر دائم للمياه لسقي النخيل، حيث يحضر القائمون على الديوان المحلي للسياحة الذي زارته «النصر» في الأيام القليلة الماضية، لتخصيص قاعة صغيرة لا تتعدى مساحتها 9 متر مربع، وقد بشروا في رسم لوحة فنية لمجسم يحاكي رمز كفاح الرجل السوفي لخدمة الأرض وتطويعها.
وقد إلتزم القائمين على اللوحة، بالتسلسل الزمني لدورة حياة الغوط أو واحة نخيل البعلي، بدأ من اختيار الموقع المناسب والشروع في تشغيل الشباب القادرين المؤهلين للحفر ورفع الرمال الى الأعلى على أكتافهم والاستعانة بالحمير والبغال، مع وضع التسميات القديمة لمكونات الغوط من أعلى نقطة فيه والتي تسمى بـ»الملوح» وهو النقطة التي يتم فيها رفع الرمال حتى يتم إبعادها عن وقع غراسة شتلات النخيل مشكلة في آخر العملية ساتر ترابي في شكل بيضوي يحيط بكامل الغوط، مرورا بوسائل التثبيت الميكانيكي للرمال باستعمال جريد النخيل ومسار “رفاع الرملة” الذي يسمى “المرير” وصولا الى أدنى نقطة بالقرب من التراب المبلل، أين يقومون بحفرة صغيرة فيها تسمى” البنية” تغرس فيها النخلة التي تسقى مباشرة بمياه الطبقة السطحية.
ويتوسط اللوحة، حسب ما لاحظته “النصر” مجسم لنخلة باتت كبيرة وأصبحت تطعم صاحبها بما تقدمه من تمور مثبت على جذعها القفة أو ما يسمى “محليا “ العلاقة” التي يصنعها أبناء المنطقة آنذاك من سعف النخيل الأخضر، والتي تستعمل في رفع الرمال في شكل قفة تحمل على الكتف الى جانب القفة المزدوجة التي كانت توضع على ظهر الدابة للقيام بنفس العمل، فيما هناك قفة صغيرة تستعمل لجمع ما تم جنيه من تمور.
كما جسد على الجانب الأيسر من اللوحة مشهد لبئر الماء الذي تسحب منه المياه بالحبل يدويا أو عن طريق رافعة تقليدية مصنوعة من جذوع النخيل تسمى “الخطارة،» ويصب في خزان صغير مصنوع داخل حفرة من الجبس مخصص للماشية ولسقي ما يزرعون من محاصيل في أحواض ترابية صغيرة تسمى الميزاب، تصلها المياه عن طريق الساقية انطلاقا من الخزان .
ليختتم مشهد الغوط بالمصير الأخير للنخلة بعد هرمها وقبل التخلص منها وقلعها واستبدالها بأخرى تكون غرست تحتها على نفس الخط، يتم استخراج عصير النخلة منها أو “اللاقمي» الحلو المذاق قبل أن يفسد ويتحول لمسكر وبعدها الى خل طبيعي يستخدم في المطبخ السوفي، إلى جانب تعليق عدد من الملصقات تعرف الزائرين بالنخلة ومكونتها باللغات الثلاث العربية، الإنجليزية والفرنسية.
منصر البشير

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com