تتشابك خيوط الذهب والفضة والحرير، وتلتقي الغرز لتروي تاريخ أمة أبدعت نساؤها في رسم لوحات فنية و إنتاج لباس يشهد له عالميا بأنه فخم، لباس يعد من الشواهد المادية على تطورات فن الطرز الذي أخذ من كل حضارة مرت على أرضنا وامتزج بخصوصيات جزائرية، لتولد مهارة يدعو باحثون إلى الاهتمام بها أكثر وتلقينها وزيادة الدراسات والبحوث الأكاديمية حولها سعيا لحمايتها.
إعداد / إيمان زياري
تعرف لقاءات الجزائريات في وسط الدار أو حتى على الشرفات، بأنها مجالس فن وحرف تقليدية ظلت لعقود من الزمن تشكل جزءا لا يتجزأ من ثقافة البلد، لأن إتقان الطرز مثلا كان ميزة تزيد من رصيد الفتيات وتضاعف حظوظهن في الزواج، كما تشير إليه المقولة الشعبية «كل صبع بصنعة».
ويعد فن الطرز من أهم الحرف، كما تؤكده أستاذة التعليم العالي بمعهد الآثار بجامعة الجزائر 2 والعضو المنظم للمهرجان الثقافي الوطني للزي التقليدي الجزائري، الدكتورة عائشة حنفي، مشيرة إلى أنه فن ضارب في عمق الثقافة المحلية، وقد كان منتشرا منذ القديم عبر مختلف الأماكن في الهضاب والسهول، ولدى البدو الرحل وفي كل شبر من الجزائر، موضحة أن المرأة الجزائرية لم تنفك عن حياكة الخيوط الذهبية والحريرية بحركات سريعة و دقيقة تتحكم تروي اليوم تفاصيل متعددة.
فن ضارب في التاريخ
أكدت الدكتورة حنفي، أنه وعلى الرغم من أهمية الطرز الجزائري، إلا أنه ظل كغيره من الحرف التقليدية سجين الإطار العائلي أو الجيرة، فلم يكن مخصصا للتجارة بقدر ما كان يستعمل في تزيين الألبسة الخاصة وزخرفة البيوت، كما يعود الفتاة على الصبر، موضحة أن الطرز الذي كان منتشرا بشكل أكبر في المدن الكبرى، تطور عبر مراحل وبشكل تدريجي، ليكون مصدر دخل للعائلات المتواضعة، ما جعل الفتيات والنساء المتزوجات يقبلن على الحرفة لتساهم في تحسين حياتهن.
و فن الطرز تقول الأساتذة الجامعية بمعهد الآثار، من الحرف التي تتأثر بفعل الزمن، ولذلك تعذرت عملية الوصول إلى بعض البقايا الأثرية القديمة جدا، مع ذلك تتوفر ليدها حسبما أكدت، بعض الصور الجدارية لنساء يرتدين ألبسة جلدية بزخارف تعود للفترات القديمة، ما يدل على أن فن التطريز في الجزائر كان موجودا ومعروفا قبل قدوم الرومان والبيزنطيين وغيرها من الحضارات، وهو ما تثبته بعض البقايا الأثرية التي عثر عليها في الحفريات وتبين أن الجزائري عرف هذا الفن ولكن باحتشام كبير في فترات ماضية.
تعاقب الحضارات أثرى المهارة
وعلى خلاف ذلك، تؤكد الباحثة أن الفترة الإسلامية تميزت بوجود مصادر تؤكد أن المواد الأولية التي كانت تستخدم في الطرز كانت موجودة في الجزائر، سواء في الفترة الرستمية أو الحمادية أو الزيرية وخاصة في الفترة الزيانية التي عرفت تطورا كبيرا، أين أصبح لباس المرأة الجزائرية وكذا الرجل يكتسي حلة ملكية، ويزخر بزخارف جميلة و تتنوع فيه الخيوط بين الذهب والفضة والحرير، وهي السمات التي أكدت أنها منحت اللباس الجزائري صفة الملكية، مشيرة في ذلك إلى تبوء فن الطرز مكانة مرموقة في تلك الفترة.
وتضيف محدثتنا، أنه وبسقوط غرناطة سنة 1492، حدثت هجرة واسعة نحو الشمال الإفريقي، حينها أدخل الحاملون للكفاءات في مجال الطبخ، الموسيقى والطرز وغيرها، مهارات وتقنيات جديدة ساهمت في تطور هذه الفنون في المدن قبل وصولها إلى القرى والأرياف، مؤكدة أن كل هذه التفاصيل، تثبت أن هذا الفن وجد قبل الأندلسيين الهاربين من إسبانيا، والذين بقدومهم أعادوا إحياء بعض الحرف التي كانت موجودة وطوروها، ليصبح لفن الطرز في الجزائر مكانة في المجتمع.
وتضيف، بأن المرحلة الحاسمة الأخرى برزت مع إيالة الجزائر، التي طبعت بداية القرن 16، حيث عرفت ازدهارا أكسب الحرف التقليدية أشكالا جديدة لم يستثن منها التطريز، لتصل فنون المشرق عبر الباب العالي بتنوعه التركي والفارسي و الهندي والصيني وكذا الأوروبي، وهو ما يترجم تأثر الطرز الجزائري بالأندلسيين والعثمانيين، إلا أن المرأة الجزائرية كانت ذكية محترفة نجحت في دمج كل ما جاءت به هذه الحضارات التي دخلت إلى الجزائر، لتنتج فنا يميز بلادنا عن غيرها من البلدان.
التدوينات الأجنبية توثّق للطرز الجزائري
رغم شح المادة الأثرية الكافية التي تقدم تفاصيل حول الطرز الجزائري، تشير الدكتورة حنفي، إلى أن كتابات المدونين الذين كانوا في غالبيتهم من الأوروبيين الذين جابوا الجزائر آنذاك بتعدد أهدافهم، قد ساهمت في إبراز العدد الهائل من الحرفيين الجزائريين ذوي الكفاءة العالية في عملهم، معبرين عن إعجابهم بالطرز المزدهر في الجزائر بشكل عام، وأوضحت أنهم أشاروا إلى أن الطرز الجزائري كان مثقلا بالذهب، مؤكدين أيضا على أناقة الأنسجة والزخارف سواء الحرير أو الصوف أو القطيفة وحتى الجلد. وأشارت الباحثة، إلى المميزات الخاصة بكل منطقة في الجزائر، ففي العاصمة كانت المفروشات تطرز الالأثاث ثا بخيوط الحرير، مع ميزة اللون الأزرق الداكن الأرجواني والأشكال الهندسية والنباتية، أما الطرز الأمازيغي فتميز بألوانه الزاهية وأشكاله ورمز «فرخ الحمام»، الذي يرمز للسعادة والرخاء والخصوبة، بينما يعكس الطرز العنابي أشكالا نبانية وحيوانية جميلة، فيما تطبع طرز شرشال رسومات هندسية منجزة في تباين تدريجي، وتتميز منطقة الجنوب بالطرز بالصوف وعلى الألبسة الصوفية خاصة تقرت و غرداية وواد سوف.
* الأستاذة بمعهد الآثارهجيرة تاملكيشت
الدراسات الأكاديمية لم تنصف الطرز الجزائري
أوضحت الأستاذة هجيرة تاملكيشت، من معهد الآثار بجامعة الجزائر 2، أن إشكالية فن الطرز الجزائري تكمن في نقص المراجع الأكاديمية بالرغم من أهمية هذا الموضوع الفني الذي يبرز جمالية اللباس الجزائري عبر مختلف مراحله التاريخية، معتبرة إياها غير كافية وضئيلة، ما يزيد الحاجة للبحث في الموضوع، سيما ما يتعلق بدراسة المخطوطات التي تقول إنها ربما ما تزال تكتنز معلومات كثيرة حول هذا الفن، خاصة وأنه عمل فني على القماش المعروف بعدم مقاومته للزمن، ما يفرض الحاجة لبحث معمق في النصوص والمصادر على اختلافها.
وتحدثت الأستاذة تاملكيشت أيضا، عن الاهتمام الذي أولته الدولة الجزائرية لإحياء وتطوير الحرف التقليدية بما في ذلك فن التطريز، وذلك من أجل الحفاظ على التراث الثقافي والهوية الثقافية، ما أدى إلى تنوع في أشكال التطريز، مشيرة إلى أن هناك فترات عرفت نوع من العزوف عن ارتداء الزى التقليدي بسبب تأثير العصرنة، إلا أن السنوات القليلة الأخيرة حسبها، أعادت بعث وإحياء اللباس التقليدي أكثر من العصري، ما ساهم في إحياء هذه الحرفة التي تحتاج لعناية واهتمام أكثر لإبرازها بين الفنون الزخرفية الأخرى والحافظ عليها.
وتؤكد الأستاذة تاملكيشت، أن فن التطريز له أهمية بالغة بالنسبة لملف اللباس الجزائري عبر العصور، لما يعكسه من مظاهر فنية ميزت المجتمع الجزائري، وأهم التطورات السوسيولوجية التي طرأت عليه، ولذلك فقد شرعت في إنجاز موسوعة حول اللباس الجزائري، تتضمن بطاقات فنية لكل أنواع الألبسة التي ما تزال محفوظة لحد الآن في المتاحف، إلى جانب تدوين ما ورد وذكر المصادر والبحث عن مزيد من الصور، لأن المتاحف لا تحفظ كل اللباس الجزائري المعروف بثرائه، معلنة عن محاولة لملمة شتات هذا الفن بالاستعانة بمختلف المصادر سواء كانت كتابية أو مجموعات متحفية أو صور وحتى ما دون في المخطوطات، ليتم في النهاية وضع بنك للمعلومات، ما يعني توثيق أو رقمنة أو أرشفة كل اللباس الجزائري مع التسمية المحلية الخاصة به.
* المحامي والباحث في التراث محمد النذير شلالي
ضرورة تلقينه بالمعاهد ودعم الحرفيين
يؤكد المحامي والباحث في التراث محمد النذير شلالي، أن الطرز في الجزائر يعود للعصور القديمة بشواهد مادية موجودة في الطاسيلي، خاصة إحدى الصور التي تظهر موكبا نسويا بلباس عليه أشكال تبرز أنه نوع من الطرز، إلى جانب شواهد موجودة لدى الفراعنة بصورة لأهل ليبيا التي تعد التسمية القديمة لأهل شمال إفريقيا، وذلك استنادا كما أوضح إلى ما أكدته الباحثة في المجال البروفسور سراج، ما يؤكد توشيح الجزائريين وتزيينهم للألبسة.
وهو ما وجد أيضا، في بعض اللوحات الفسيفسائية على بعض الألبسة المطرزة بأنواع من الخيوط الذهبية.
التطريز وإن كان من مميزات لباس المرأة حسبه، إلا أنه امتد لدى الجزائريين ليشمل لباس الرجل، أين يقول الأستاذ شلالي، إن الرجل اهتم بجمالية لباسه وفنيته عبر العصور، خاصة في الفترة الإسلامية وذلك بحسب ما أرخ له كتاب وباحثون، مشيرا في ذلك إلى ما ذهب إليه سي عبد الرحمان الجيلالي في كتابه «تاريخ الجزائر»، أين يوضح بأن أول قماش مانع لدخول الماء ظهر عند الحماديين وكان يصدر نحو الخارج، ما يعكس تطور هذه الصناعة في الجزائر آنذاك.
وأضاف المتحدث، أنه وبحكم الموقع الإستراتيجي للجزائر وخصوصيات ذلك في مجال التجارة، فقد شكلت منطقة عبور وعرفت كثرة التعاملات في مجال القماش حيث ظهر حينها الحرير الدمشقي الذي كان يطرز في الجزائر في عهد الدولة الحفصية، كما ذهب إليه مؤرخون ورحالة مروا على مدينة بونة، أكدوا وجود سوق للمطرزات وأهمها المفروشات التي كانت تطرزها النسوة في البيوت بخيوط حريرية وتوشح وترصع بقطع ذهبية وفضية، يقتنيها بالدرجة الأولى الإيطاليون.
كما عرج الأستاذ شلالي أيضا، للحديث عن تأثر الحرفيين الجزائريين بالأندلسيين المعروفين ببراعتهم في مختلف الحرف، وأكد أن تقنيات خيط الذهب من فلتة ومجبود راجت في الفترة العثمانية، مضيفا أن الطرز بمختلف أنواع الخيوط تقنيات موجودة في الجزائر وفي كل المناطق، كما أن كل فترة تاريخية أضافت لمستها الخاصة وزادت للفن الجزائري رونقا.
الطرز الجزائري غني والتصنيف قد يكون غير منصف
وعلى الرغم من أن الطرز الجزائري خرج من بيوت الحضر في المدن الكبرى في الشمال الجزائري، إلا أنه برز في الجنوب بحسب باحثنا، الذي تحدث عن الطرز باستخدام الصوف في تقرت وورقلة والجنوب ككل، والنسج بالوبر والصوف الذي يزين القشابية والبرنوس بخيوط الذهب.
مضيفا، أن مرحلة الاستعمار الفرنسي أثرت كذلك في الطرز الجزائري، من خلال دخول تقنيات جديدة وأشكال هندسية ونباتية وحيوانية مختلفة، مؤكدا أن أبرز طرز في الجزائر هو الطرز العنابي «بغرزة الحساب» التي تعطي لوحة جمالية متنوعة، بعكس ما يوجد في غرزات أخرى كالفتلة والمجبود التي غالبا ما تنتج أشكالا متفرقة وقليلة، مشيرا إلى القطعة الفنية التي يحتفظ بها قصر خداوج العمياء، و التي تسمى بالخرقة القادمة من عنابة، مؤكدا أن عديد العائلات العنابية تحتفظ بمثل هذه القطع المطرزة أيضا بتقنية «التل» المميزة.
أوضح محمد النذير شلالي، الذي كان من المهتمين جدا بملف تصنيف اللباس التقليدي الجزائري على مستوى اليونيسكو، أن العمل تم عبر تنظيم عرض لمختلف أنواع اللباس العنابي أثناء الاحتفالات إلى جانب الفقيرات، وأشار إلى وجود عديد الأنواع من القفطان بعنابة منها « القفطان الذي يلبس فوق القندورة والقاط أيضا، والقندورة العنابية أو قندورة الصدر بالشوك المطرزة بالزلابية»، مشددا على أهمية تصنيف التراث وبشكل دقيق في الجزائر، وداعيا إلى جرد الملبوسات لتسهيل التصنيف الدولي، متحدثا عن مساع لتصنيف اللباس العنابي كالدلالة و اللفة والتخليلة وطنيا منذ 2020.
الآلة شوهت الطرز الأصيل
ودعا، إلى ضرورة حماية التراث الثقافي الأصيل، مشيرا في ذلك إلى ما أسماه التشويه الذي طاله بفعل دخول التقنيات الإلكترونية والاعتماد المتزايد على الآلة، مشددا على أهمية فرض ضوابط لحماية اللباس، وقبول الحداثة وفق ضوابط تراعي الأصل وعراقة هذا اللباس، كونه جانب مهم من التراث.
وأشار محدثنا، إلى أن لباس الرجل الجزائري المطرز أصبح قليل جدا خاصة في الشمال، بينما لا يزال موجودا في الجنوب، مؤكدا أن اللباس الرجالي المطرز بالحرير اختفى تقريبا، ولم يتبق من الحرفيين المتخصصين في ذلك إلا قلة على غرار الخياط الوحيد بقسنطينة «عمي صالح عرعار»، الذي قال إنه ما يزال يطرز الغليلة والبدعية والسروال، إلى جانب قلة في ولايات أخرى، متحدثا أيضا عن الجلابة الجزائرية المتأصلة بنضرومة.
وشدد، على أهمية إعادة إدراج الطرز في مراكز التكوين، وتلقين الفن على أصوله للنساء والرجال على حد سواء، من أجل استعادة الموروث الثمين قبل فوات الأوان، خاصة في ظل هيمنة الآلة وصعوبة التفريق بين العملين اليدوي والآلي، داعيا المسؤولين والوزراء لارتداء ألبسة جزائرية أصيلة خاصة في المناسبات لإيصال رسالة للأجيال الجديدة.
* الباحثة في التراث والأنثروبولوجيا أسماء بتحي
علاقة وطيدة بين الطبيعة والطرز الجزائري
أكدت محافظ التراث الثقافي بالمتحف العمومي الوطني الباردو بالجزائر العاصمة، والباحثة في التراث والأنثروبولوجيا الأستاذة أسماء بتحي، أن الطرز الجزائري هو طرز أصلي ومحلي خالص، حيث كانت «الرسمات» وليس «الرشمات» كما كانت تسمى في القديم، تُستوحى من الحيوانات والطبيعة، وتعبر عن الحالة النفسية والمزاجية للحرفية التي تقوم بعملية الطرز.
وأوضحت الباحثة، أن الجزائر تتميز بتنوع كبير في الطرز التقليدي، خاصة فيما يتعلق بـ»الرسمات»، بحيث كان لكل منطقة خصوصيتها ورسم معين يميزها عن باقي المناطق، مشيرة إلى رسومات متنوعة أهمها القرنفلة التي نجدها بشكل كبير في قفطان القاضي لولاية عنابة، وكذلك الطاووس الذي تختلف وضعياته من لباس لآخر أو من قندورة إلى أخرى، إذ يتواجد في القندورة برأس مرفوع وفي أخرى برأس منخفض، وهذا ما يعكس نفسية الحرفية أثناء قيامها بالطرز، ويدخل في إطار الدلالات السيميولوجية للطرز التقليدي الجزائري التي يعملون عليها بشكل دقيق.
وأشارت الأستاذة بتحي، إلى زهرة الياسمين أو الياسمينة الموجودة في الحايك العاصمي وكذا الكراكو، وهذا يدل على الاهتمام الكبير بالأشجار بشكل عام في الجزائر وبشجرة الياسمين بشكل خاص، كما تحدثت عن النقش الذي يظهر من خلال عمل الفتلة خاصة في الشرق، وهو ما يفسر الاختلاف بين الطرز من منطقة لأخرى، على غرار ولاية قسنطينة التي تتميز بكثرة ظهور طائر الطاووس في ألبسة نسائها، والذي لديه دلالات كثيرة كالرقي وأناقة المرأة القسنطينية، خاصة عندما يكون برأس مرفوع للأعلى أو كما يقال بالعامية «معنقر الرأس»، إلى جانب نبات القرنفلة في الطرز العنابي، والخلالة في الطرز الشاوي، وكلها دلالات على أناقة ورقة وتميز المرأة الجزائرية في كل منطقة.
وأضافت محدثتنا، أن أي خيط أو أي غرزة في اللباس التقليدي الجزائري ليست اعتباطية، وإنما لها رمزية، وهذا ما يؤكد حسبها، أن الطرز الجزائري أصيل وخاص بالمنطقة فقط وإن كان قد تأثر بمختلف الحضارات التي مرت عليها، كما رجحت احتمال تأثر تلك الحضارات بالطرز الجزائري والأخذ منه، وهذا ما قد يظهر في بعض التصاميم.
وتؤكد الأستاذة بتحي، أن إضافات عصرية كثيرة أدخلت على الطرز التقليدي الجزائري الأصيل وشوهته، منها ما قام به حرفيون من باب العصرنة فالتعديلات طمست «الرسمات» الأصلية المثقلة بالرمزية، داعية إلى ضرورة إحياء «رسمات» التطريز التقليدي الجزائري، وإعادتها إلى الواجهة ولو بمواد حديثة ما يساهم في الحفاظ عليه وتناقله بين الأجيال، كما حذرت من الانسياق وراء رياح العصرنة التي تسبب طمس الهوية وتغيير الملامح الأصلية للطرز.
علينا العودة للرسومات الأصلية لحماية تراثنا
كما وجهت الباحثة، نداء للعائلات والحرفيين والمهتمين بالتراث للعمل على إعادة إحياء الطرز التقليدي في لباس اليوم، من أجل الحفاظ عليه وحمايته من السرقات، وذلك من خلال إنتاج ألبسة جديدة بلمسة تقليدية، ونبهت لضرورة البحث والتعمق في اللباس الجزائري، وعدم الاكتفاء بتقديم عروض أزياء، والحرص على تقديم تاريخ كل لباس وسرد مراحل تطوره خاصة من طرف المختصين على مستوى المتاحف، متحدثة عن الكنوز التي يحتوي عليها متحف الباردو، من لباس وحلي، والكفيلة كما عبرت بإسكات كل من تخول له نفسه التشكيك في أصل اللباس والحلي الجزائري.
إ .ز