تشكل المدرسة العليا للأساتذة أسيا جبار بقسنطينة، خيارا مهما للمتفوّقين خصوصا فئة الإناث، حيث تنافس تخصصات شهيرة مثل الطب و طب الأسنان والصيدلة، من حيث استقطاب أصحاب المعدلات العالية في البكالوريا، وذلك بحسب ما أكده استطلاع للنصر، تزامن مع انطلاق المقابلات الشفهية لانتقاء الطلبة الجدد، الذين سيلتحقون بالمدرسة
التي يزيد الطلب عليها مع كل موسم دراسي جديد.
1300 طالب اختاروا التكوين العالي في مجال التعليم
باشرت أول أمس، المدرسة العليا للأساتذة آسيا جبار بجامعة قسنطينة 3، عملية انتقاء منتسبيها الجدد وذلك عن طريق المقابلات الشفهية للطلبة الجدد الموجهين إليها، وهي عملية تستمر لأربعة أيام، حضرت النصر يومها الأول للوقوف على حجم الإقبال و استطلاع آراء الطلبة حول المدرسة و التخصصات المتاحة، وسر الاهتمام المتزايد بها. وقد أوضح مدير المدرسة البروفيسور رابح طبجون، أن أكثر من 1300 طالب اختاروا مسارات التكوين في المؤسسة بما في ذلك العلوم الإنسانية والاجتماعية، والتاريخ والفلسفة والعلوم الطبيعة والفيزياء والكيمياء والرياضيات والإعلام الآلي، بالإضافة إلى عروض التكوين في التعليم الابتدائي في اللغة الفرنسية، و اللغة العربية، كذا الرياضة، كما يعد التكوين في التعليم الثانوي جديد هذا الموسم. وقال المدير، بأن هناك تحضيرا لوجيستيكيا مسبقا لضمان راحة طلبة المدرسة، بداية من الإطعام والإيواء وصولا إلى النقل، مشيرا في ذات السياق، إلى أن مديرية الخدمات الجامعية ستضمن بالتنسيق مع المدرسة العليا للأستاذة، اشتراكا مجانيا للنقل، لكل الطلبة الذين يقطنون ضمن مسار خط الترامواي، وذلك لتخفيف الضغط على النقل الجامعي.
مصفاة دقيقة لاختيار المميّزين
كما علمنا من المكلف بأنظمة الإعلام والاتصال والعلاقات الخارجية في المدرسة، الدكتور يخلف بلقاسم، أن المقابلات تقليد سنوي مهم جدا لاختبار وتقييم الطالب الجديد من الناحية البيداغوجية والشخصية، بما في ذلك دوافعه لاختيار مهنة التعليم. وأضاف، أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي هي من تحدد معايير وشروط انتقاء الطلبة المعنيين بالمقابلات الشفهية، حيث تضبط المحاور الكبرى، التي تعتمدها لجنة الانتقاء في المدرسة لتقييم نوعية وقدرات الطالب النفسية وكذا اللغوية في مجال النطق و التواصل، وكذا تحديد دوافعه لاختيار مهنة التعليم.
وأشار، أن كل الطلبة الموجهين إلى المدرسة، تحصلوا على معدلات ممتازة في شهادة البكالوريا، وأرادوا أن يكملوا مسارهم الأكاديمي في مدرجاتها، لأنها توفر لهم برنامجا أكاديميا متكاملا يجمع بين الجانب النظري والعملي.
متابعا بالقول، بأنه يتم في المؤسسة تكوين أستاذة المستقبل في تخصصات أكاديمية مهمة، بشكل دقيق مع التركيز على آخر المستجدات العلمية والتربوية.
وقال المتحدث، إن الطلب الكبير على المدرسة العليا وبالأخص على تخصص اللغة الإنجليزية، راجع إلى وفرة فرص التوظيف في قطاع التعليم، كما أن المدرسة تضمن بيئة تعليمية تجمع بين الدعم الأكاديمي والأنشطة الثقافية والاجتماعية، وتساعد الطالب على تطوير شخصيته والاندماج في محيط تربوي متنوع.
هكذا كانت أجواء المقابلات الشفهية في اليوم الأول
حضرنا جانبا من سير المقابلات الشفهية لانتقاء الطلبة الجدد للمدرسة العليا للأساتذة أسيا جبار، وقد كانت الأجواء مشحونة بالترقب والتوتر، حيث تجمع الطلبة الجدد أمام القاعات التي وجهوا إليها، منذ الساعة 8 صباحا، كل واحد منهم يحمل طموحا كبيرا وحلما بأن يصبح أستاذا في المستقبل. بدأت بعد ذلك سيرورة العملية بدعوة كل طالب بشكل فردي إلى قاعة المقابلة، أين تواجدت لجنة مكونة من أساتذة متمرسين في انتظاره، كان يطلب منه التعريف بنفسه كأول خطوة، ثم التحدث عن خلفيته الدراسية ودوافعه لاختيار مهنة التعليم، وقد وفر أعضاء اللجنة جوا من الراحة للطلبة كي يتمكنوا من التعبير عن أنفسهم بحرية لتتوالى الأسئلة بعد ذلك، وتتنوع بين الأكاديمية والتربوية الهادفة إلى تقييم القدرات البسيكوبيداغوجية للمترشحين. بعد قبولهم في المدرسة، تم توجيه الطلبة إلى قاعة الإنترنت بالمدرسة أين يوجد أعضاء آخرون يقومون بتسجيلهم في قائمة المنتسبين الجدد، لتوزع في المرحلة الأخيرة بطاقات تثبت انتماءهم إلى الصرح العلمي.
طلبة يشرحون أسباب اختيارهم للمدرسة العليا
وحسب ما رصدناه خلال جولتنا بين القاعات التي تجرى فيها المقابلات الشفوية، فإن عددا كبيرا من الطلبة المتوفقين في شهادة البكالوريا، من أصحاب المعدلات العالية، اختاروا المدرسة العليا للأساتذة كوجهة تعليمية رغم توفر خيارات متنوعة أمامهم كالطب و الهندسة و العلوم وعند سؤالنا لهم عن الأسباب التي جعلتهم يفضلون التعليم على هذه التخصصات الشائعة، قالوا إنهم يعتبرون التعليم مجالات أكثر مردودية وأفضل خيار مستقبلي، إيمانا منهم بأن رسالتهم تكمن في إعداد الأجيال القادمة وبناء مستقبل أفضل من خلال المعرفة، ناهيك عن أن المدرسة تضمن لهم التكوين الجيد، لأنها من بين المؤسسات المرموقة التي تجمع بين التميز الأكاديمي والتكوين التربوي المتخصص.
rالطالبة ابتهال عبابسة
حبي للعلوم قادني إلى المدرسة
ابتهال عبابسة، طالبة تفوقت في البكالوريا بمعدل 15.91، قالت إنها اختارت أن تكمل مسارها في المدرسة العليا للأساتذة، وتصبح أستاذة في مادة العلوم للطور المتوسط، لحبها وميلها لهذه المادة.
وأضافت، بأنها تحب مهنة التعليم كثيرا، لأن المعلم كما قالت يلعب دورا أساسيا في بناء الأجيال وتشكيل مستقبل المجتمع، حيث لايقتصر دوره على نقل المعرفة فسحب، بل يمتد ليشمل جوانب تربوية و اجتماعية وأخلاقية. وأشارت، إلى أن المقابلة الشفوية التي أجرتها، مرت في ظروف جيدة بسبب التعامل الراقي للجنة معها، حيث شعرت بارتياح ثم بفرحة عارمة لقبولها في المدرسة التي حلمت بها منذ الصغر.
rالطالبة أميمة عميرة
اخترت السير على خطى والدي رحمه الله
أخبرتنا الطالبة أميمة عميرة من ولاية جيجل، أنها افتكت البكالوريا بمعدل 17 من عشرين، شعبة العلوم التجريبية، وكان بإمكانها دخول كلية طبية، لكنها فضلت أن تترشح للحصول على مقعد بيداغوجي في المدرسة العليا للأستاذة، تخصص إعلام آلي، لتحقق أمنية والدها الراحل و تسير على خطاه، متابعة بالقول، بأن التعليم مهنة نبيلة ومهنة الأنبياء معبرة: « قم للمعلم ووفه التبجيلا، كاد المعلم أن يكون رسولا».
كما أضافت الطالبة، بأن المدرسة العليا للأساتذة، لا توفر لها فرصة الحصول على تعليم جيد فقط، بل تعدها بشكل عملي لمهنة التدريس، مشيرة إلى أن للمعلم دورا كبيرا في الحياة لأنه يربي الأجيال.
rالطالب محمد رائد مزياني
المدرسة تضمن لي تكوينا نوعيا
حسب الطالب محمد رائد مزياني، القادم من ولاية أم البواقي، وصاحب معدل 15.98، شعبة تقني رياضي «هندسة كهربائية»، فإن المدرسة العليا اختيار مثالي لمواصلة التكوين النوعي في الرياضيات، وقد اختار محدثنا كما أوضح، التعليم المتوسط، لأنه نشأ في عائلة لديها ارتباط كبير بالمهنة، كون أمه أستاذة فيزياء، ووالده مدرس.
كما اختار المدرسة العليا للأساتذة، لأنها تضمن له تكوينا علميا وبيداغوجيا عاليا، يؤهله ليصبح معلما في الرياضيات يمتلك المهارات والمعرفة اللازمة لنقل المعلومة بطريقة فعالة وحديثة، كما تضمن له التوظيف المباشر بعد تخرجه.
وأضاف الطالب، بأنه يمتلك جميع المهارات لكي يصبح معلما ومربيا للأجيال، كقدرته على إدارة الحوار، وإدارة الصف، بفضل شخصيته وتحكمه في الانفعالات.
rالطالبة دورصاف مريم نصر
فضلت التعليم حبا في قدوتي
قالت الطالبة دورصاف مريم نصر، من ولاية باتنة صاحبة معدل17.47 بكالوريا تقني رياضي، بأنها اختارت أن تكون أستاذة تعليم ثانوي في تخصص الفيزياء، أسوة بأستاذها الذي درسها أشرف بن مشري، الذي علمها حب المادة. مضيفة بأن التعليم مهنة تتجاوز الأهداف الشخصية، وتتعلق بالمساهمة في تنمية المجتمع وإعداد الأجيال القادمة. وعن سبب اختيارها للمدرسة قالت، بأنها ستؤهلها مهنيا للمساهمة في تكوين أجيال جديدة عبر التعليم النوعي، ناهيك عن أن المعرفة التي ستكتسبها ليست نظرية فقط بل تطبيقية كذلك.
rالطالبة جيهان صمري
اخترت التعليم لأنفتح
على ثقافات العالم
جيهان صمري ابنة ولاية أم البواقي، التي نجحت في البكالوريا بمعدل 17.09، شعبة لغات أجنبية، اختارت أن تصبح أستاذة تعليم ثانوي في مادة اللغة الإنجليزية، لأنها لغة العالم كما عبرت، وتعليمها كان حلما راودها منذ الصغر ولذلك فقد درستها جيدا وتفوقت فيها دائما.
وترى جيهان، بأن التدريس ليس وظيفة محدودة الأفق، بل مجال مفتوح على الثقافات الأخرى، وأن اكتساب اللغة يعني الانفتاح على غيرنا من المجتمعات وهذا ما ستعلمه لتلاميذها مستقبلا.
أولياء يدعمون أبناءهم
قبيل دخولهم للمقابلة
الشفوية
لاحظنا خلال استطلاعنا، وجود عدد من الأولياء الذين رافقوا الطلبة خلال المقابلة الشفهية، كانت عيونهم تحمل فخرا وترقبا وآمالا كبيرة يعلقونها على اللحظة، تقربنا من بعضهم، فأوضحوا لنا، أنهم حضورا للتأكيد على دعمهم وتشجيعهم لأبنائهم في هذه المرحلة الهامة.
كان بعض الآباء يقدمون النصائح للطلبة، متحدثين عن أهمية العمل الجاد والالتزام في مسارهم الجامعي الجديد، بينما كانت الأمهات يظهرن اهتماما أكبر بالتفاصيل، يسألن عن مواعيد الانطلاق الرسمي للمحاضرات، والأنشطة المتاحة، وعن طبيعة الحياة الجامعية، كما كان الحديث منصبا على محاولة تخفيف التوتر الذي يشعر به الطلبة قبل المقابلات الشفوية.وحسب ما أكده السيد محمد، وهو مدير لمتوسطة بقسنطينة، جاء رفقة ابنته صاحبة معدل 17 في البكالوريا، فإن الأولياء يلعبون دورا مهما في نجاح أبنائهم، حيث يوفرون لهم بيئة مشجعة تحفزهم على مواجهة التحديات، مضيفا بأن الاستماع إلى مخاوف ابنته ومساندتها عاطفيا في هذا اليوم سيدعمها نفسيا وعاطفيا.
والد آخر، يشغل منصب مستشار للتربية، قال بأنه قدم مع ابنته إلى الجامعة ليقدم لها توجيهات بناء على خبرته الشخصية، سواء في إدارة الوقت أو اتخاذ القرارات المصيرية المتعلقة بالدراسة أو التخصص، وأوضح، بأنه تحدث كثيرا معها عن أهمية مهنة التعليم ومدى تأثيرها العميق في بناء المجتمع. وقال السيد أشرف، إنه لم يرافق ابنه للتسجيل فقط ، بل ليكون داعما لها، في رحلتها نحو بناء أجيال المستقبل. أما السيدة إلهام، فقد أكدت بأنها رافقت ابنتها المتحصلة على معدل 17 في شعبة العلوم، لتؤكد لها أنها تدعم قرارها و تثمن اختيارها، مشيرة إلى أنها ساعدتها في اختيار التخصص الجامعي انطلاقا من معرفتها بشخصية الطالبة وميولها.
لينة دلول