يصنع قرار إلغاء مادتي التربية المدنية والعلمية من البرنامج الدراسي الخاص بقسمي السنة الأولى والثانية من التعليم الابتدائي، فارقا مهما في موسم دراسي جديد يشهد تخفيفا في البرنامج وفي ثقل الحقيبة المدرسية كما يؤكده مختصون، ثمنوا اعتماد « الألعاب الرياضياتية»، التي من شأنها أن تدعم العملية التعليمية وتخفف العبء عن كاهل المعلم والتلميذ معا.
وبعد سنوات من اعتماد تدريس مادتي التربية المدنية والعلمية في السنوات التعليمية الأولى، جاء قرار مجلس الحكومة مع الدخول المدرسي 2024/2025، ليلغي مادتين أساسيتين بهدف تخفيف البرنامج الدراسي لصالح النشاطات الثقافية والرياضية والفنية، في ظل ترحيب كبير من طرف النقابات والمعلمين وجمعيات أولياء التلاميذ التي ثمنت الإجراء، واعتبرته خطوة مهمة خاصة وأن التلميذ يعاني من صعوبات الاندماج في العملية التعليمية في مراحلها الأولى مع كثرة المواد وتخصصها وصعوبتها أيضا.
ترحيب جماعي ورهان على تحقيق نتائج أفضل
وقد عبر بعض أولياء الأمور عن ارتياحهم للقرار الذي قالوا إنه سيساعد أبنائهم في التركيز في المواد الأساسية كالرياضيات واللغة العربية، ويخفف عنهم العبء و يذلل صعوبة استيعاب باقي المواد العلمية.
ويرى يرى أساتذة في الطور الابتدائي، أنه قرار حكيم خاصة مع ما تم استحداثه من برنامج خاص وصفوه بالمميز، حيث قالت الأستاذة راضية معلمة في القسم الثاني ابتدائي، إن إلغاء مادتي التربية المدنية والعلمية يعتبر قرارا صائبا بالنظر إلى مستوى التلميذ في المرحلة الأولى من العملية التعليمية، إذ يحتاج حسبها، إلى التركيز على الأساسيات كاللغة والرياضيات من أجل بناء قاعدة صحيحة وسليمة، تشكل الأساس في اكتساب باقي المعارف خلال المراحل المقبلة من عمره ومن تعليمه.
وبشأن طريقة تعويض هذه المواد العلمية في البرنامج الدراسي، أوضحت سمية، أستاذة تعليم ابتدائي، أنه قد تم استبدالها بما يصطلح عليه «الألعاب الرياضياتية» الخاصة بالطور الأول من التعليم الابتدائي، أين يسمح للطفل خلال السنوات الثلاث الأولى من التعليم، أي بداية من مرحلة التحضيري وإلى غاية السنة الثانية ابتدائي، باللعب بشكل أكبر إضافة إلى تمكينه من التعلم عن طريق اللعب.
التعلم عن طريق اللعب
واستنادا إلى الأستاذة، فإن البرنامج الجديد سيعطي التلاميذ ساعة إضافية في حصة الرياضة البدنية، ليصبح المعدل ساعتين خلال الأسبوع، أما التربية الفنية فستمارس بمعدل ثلاث حصص خلال الأسبوع، في حين تمت إضافة نصف ساعة لفائدة مادة الرياضيات بعنوان «ألعاب رياضياتية»، تركز على التعلم عن طريق الألعاب والذكاء والتركيز وتكون خلال نهاية الأسبوع.
مضيفة، أنه تم تبني برنامج خاص يساوي بين ساعات التعليم وساعات اللعب التي تعد حسبها، حاجة أساسية بالنسبة للطفل في مراحله التعليمية الأولى.
أما عن فائدة هذا البرنامج الجديد، فقد عبرت الأستاذة هدى، معلمة طور ابتدائي، عن ارتياحها الشديد وتفاؤلها بالنتائج الإيجابية المنتظرة أو المتوقعة من الإجراء الجديد، معتبرة الألعاب الرياضياتية مهمة للغاية ومن شأنها أن تساعد على زيادة التركيز وتشغيل عقل الطفل بشكل جيد.
وأضافت، أن البرنامج الذي يشمل مرحلة التحضيري والسنتين الأولى والثانية من التعليم الابتدائي، خص بتنظيم ملتقيات تجمع المفتشين والأساتذة عبر مختلف المقاطعات عبر كامل التراب الوطني، وذلك من أجل شرح طريقة عمل البرنامج وتلقينه للتلميذ.
دليل بأبعاد كبرى وأساسية
وقد أجمع محدثونا، على أن هذا التخفيف مع اعتماد برنامج جديد في التعليم، من شأنه أن يصنع الفارق للتلميذ في السنوات الأولى من حياته التعليمية، والتي تسمح له بالتعلم باللعب، وتنمية القدرات والمهارات الفنية، مع السماح له أيضا بالحركة والنشاط من خلال ساعتين في مادة التربية البدنية، عبر تقنيات وطرق محددة في دليل الألعاب الرياضياتية في الطور الأول من التعليم الابتدائي، الذي أنجزته المديرية العامة للتعليم، فرع مديرية التعليم الابتدائي.
واعتبروا، أن النظام الحالي اعتمد بعد تحديد طريقة التوظيف البيداغوجي للألعاب الرياضياتية، والمقاربة الديناميكية للتوظيف البيداغوجي لهذه الألعاب، وكذا الهندسة الديناميكية الخاصة بها، مع تقديم نموذج توضيحي لفائدة الأساتذة يتعلق بالبطاقة الفنية لكل لعبة.ويهدف التركيز على الألعاب الرياضياتية بحسب ما جاء في الدليل، للإحاطة بالمشكلات الرياضياتية، التي تواجه الكثير من المتعلمين خاصة في فهم الخطوات المنطقية اللازمة للوصول إلى حلها، بما يفرض التدريب المستمر للمتعلمين على حل المشكلات بشكل منهجي، من خلال تحليل المشكلة إلى أجزاء صغيرة، واستخدام الرسم البياني أو التمثيليات المختلفة لتوضيح الأفكار وتذليل الصعوبات، التي تساعد فيها أيضا الألعاب والأنشطة العلمية التي تتضمن حل الألغاز، بما يعزز ثقة الطفل بنفسه وبأدائه التعليمي. كما يسعى البرنامج الجديد إلى دعم ذاكرة التلميذ وتنشيطها في ظل حاجة المشكلات الرياضية، إلى الاحتفاظ بالمعلومات ومعالجتها في آن واحد بحيث يساعد استخدام أساليب تعليمية خاصة كتوظيف دعائم بصرية وألعاب تعليمية، إضافة إلى الصبر والتدريب المستمرين، على الذاكرة العامة للتلميذ وتعزيز قدرته العامة في التعامل مع المشكلات الرياضياتية وتحسين قدرته في التعامل مع المهام الرياضياتية بفاعلية.
uالأخصائية التربوية
كريمة سعادنة
خطوة عملية لتعزيز التفاعل المباشر مع المفاهيم الرياضية
حسب الأخصائية التربوية كريمة سعادنة، فإن الألعاب الرياضياتية في الطور الأول من التعليم الابتدائي، تعتبر أداة فعالة ومبتكرة لتعليم الأطفال المفاهيم الأساسية في الرياضيات، لأن الطفل كما أكدته المستشارة للنصر سيكون أكثر تقبلا للتعلم من خلال اللعب والتفاعل العملي، ما سيمكنه من تطوير مهاراته الحسية بطريقة ممتعة وخالية من الضغوط.
وأوضحت المستشارة التربوية، بأن الهدف من القرار الوزاري حول إدراج الألعاب الرياضياتية في الطور الأول من التعليم الابتدائي، هو تخفيف عدد الساعات التي يزاولها تلميذ السنة الأولى والثانية في الدراسة والتركز، و منحه مساحة أكبر للتعلم عن طريق الأنشطة خلال الأسبوع وذلك عبر تخفيف البرنامج و حذف بعض المواد من المنهاج الدراسي كالتربية المدنية والعلوم، واستبدالها بالأنشطة الرياضياتية لكسر الروتين وتعزيز فهمهم العلمي وتفاعلهم المباشر مع المفاهيم الرياضية.
وقالت المتحدثة، بأنه التغيير بسيط ولكنه مهم جدا بالنسبة للتلميذ في سن صغيرة، وذلك لما لبعض الأنشطة كالرياضة والموسيقى والتربية التشكيلية، من فاعلية في تحسين نفسية وأداء التلميذ، و ضمان بعض الاختلاف المطلوب في الأساليب التدريسية والتعليمية المتعارف عليها.
وأضافت المستشارة، بأن الطفل في مراحله العمرية الأولى لا يستطيع تحمل البقاء في القسم لمدة طويلة، خصوصا وأن المواد التي كانت في المنهاج التعليمي السابق لا تتناسب مع قدراته الفكرية، وخصت بالذكر التربية العلمية والمدنية، نظرا لمحدودية استيعابه في هذه الفترة، مشيرة إلى أن النتائج سوف تظهر جليا من خلال تقييم مكتسبات الطفل، وأن هناك دراسة وبحثا واستقصاء عن جدوى تقييم المكتسبات وغير ذلك للتأكد من فعالية كل خطوة في سياق تعديل النظام التعليمي بشكل سلسل وعملي وغير مربك.
وقالت، بأن الأنشطة الرياضياتة لها العديد من الفوائد النفسية والتربوية التي تسهم بشكل كبير في نمو الأطفال وتطورهم، لأنها تجمع بين التعليم والمتعة، مما يجعلها وسيلة فعالة في تعزيز ثقتهم بأنفسهم، وتقليل قلقهم من الدراسة.
وأضافت، بأن الطفل بين 6 و 8 سنوات، بحاجة كبيرة إلى اللعب وتفريغ طاقته، بدلا من كبتها، وبالتالي فإن هذه الأنشطة الرياضياتية ستوفر له جوا من المنافسة والتعلم الممتع، وتحببه في المدرسة.