يؤكد أخصائي الجهاز الهضمي و الكبد، بمستشفى قسنطينة الجامعي، البروفيسور مصطفى بومنجل، بأن هناك علاقة مباشرة بين الإصابة بفيروس كورونا المستجد، وبين بعض المشاكل الهضمية، كالإسهال و القيء وآلام البطن، علما أن هذه الأعراض بالإضافة للقولون العصبي تعد أيضا من مضاعفات الأدوية العلاجية الخاصة بذات المرض، وعليه فإن إفطار الصائمين الذين سبق لهم وأن أصيبوا بكوفيد 19 يخضع لحمية غذائية صارمة.
وحسب الأخصائي، فإن هناك أشخاصا مضى على شفائهم من الإصابة بالفيروس قرابة ثلاثة أشهر، إلا أنهم لا يزالون يعانون من مضاعفات صحية ناجمة عن تعاطي المضادات الحيوية، بما في ذلك آلام المعدة و القولون العصبي و الإسهال، وعليه ينصح البروفيسور مصطفى بومنجل، الناجين من كوفيد بإتباع نظام غذائي منظم وصحي لتجنب أية مشاكل أو مضاعفات أكثر حدة، بداية بالابتعاد عن الأطعمة المشبعة بالحموضة كالليمون و التوابل والخل و صلصة الطماطم « شربة الفريك»، ناهيك عن التقليل من الدسم و مشتقات الألبان، أو الابتعاد عنها نهائيا بشكل مؤقت، مع الإشارة إلا أن هناك أدوية معينة توصف لهذه الفئة من الصائمين خصوصا من يعانون من تهيج القولون العصبي، وهي عبارة عن مكملات غذائية غنية بمادة البروبيوتيك، الضرورية لإعادة التوازن للبكتيريا النافعة و تعديل و تصحيح نشاطها في جسم الإنسان، بعدما يكون قد اختل أثناء فترة المرض والعلاج.
و يوضح المتحدث، بأن هناك فئات أخرى من المرضى يتوجب عليهم إتباع حمية غذائية متوازنة لضمان صيام صحي وآمن، على غرار مرضى التهاب الكبد الفيروسي صنفي « ب و ج»، والذين تحدد قدرتهم على الصيام من عدمها بالعودة إلى تشخيص مستوى خطورة حالاتهم وهو أمر يحدده الطبيب المعالج في العادة، علما أن الصيام يكون ممكنا والإفطار يكون عاديا بالنسبة للحالات غير الخطرة، لكنه غير مناسب لمن بلغوا مراحل متقدمة من تليف الكبد، كونهم معرضون للدخول في غيبوبة سكري بسبب ضعف أداء الكبد.
وفي ما يخص مرضى حصى المرارة، يؤكد الطبيب قدرتهم على الصيام، لكن شريطة الاهتمام بنوعية إفطارهم، و عدم التخلي عن الحمية المتبعة في الأيام العادية، وذلك لتجنب التهاب المرارة، حيث يشدد على ضرورة انتباههم لما يأكلونه وعدم فقدانهم للسيطرة على أنفسهم بحجة الصيام، مع التأكيد على أهمية الابتعاد عن الدسم، بالمقابل يمنع الصيام كليا على الأشخاص الذين شخص مرضهم حديثا « أقل من سنتين» بالقرحة المعدية، وذلك لتجنب الإضرار بالمسار العلاجي و مضاعفة احتمالات تدهور الحالة الصحية للمريض وإمكانية تأزم حالته مجددا، فيما يمكن لمن مر على علاجهم سنوات أطول الصيام لكن شريطة الالتزام بالحمية.
و يوضح الأخصائي، من جهة ثانية، بأن مشاكل المعدة و حرقة البلعوم و القولون كثيرا ما ترتبط بالصيام، بسبب طبيعة الإفطار غير الصحي الذي يتناوله الكثيرون في العادة، مشيرا إلى أن هذه الأمراض سواء كانت مزمنة أو ناجمة عن الصوم، تستلزم الابتعاد كليا عن المأكولات الدسمة و الحموضة و التوابل مع التقليل جدا من الحلويات، والمحافظة على كمية الغذاء التي يتناولها الإنسان في الأيام العادية دون المغالاة في الأكل بين وجبتي الإفطار والسحور لتجنب الإضرار بالإنزيمات والجهاز الهضمي ككل.
أما فيما يخص تناول الأدوية الموجهة لعلاج بعض الأمراض المزمنة، فإن هذا النظام حسبه يخضع أحيانا لبعض التغييرات البسيطة التي يحددها الطبيب المعالج، والتي تمس في العادة حجم الجرعة و مواقيت تعاطيها، مع الإشارة إلى أن المشكل يطرح أكثر بالنسبة للأدوية الدقيقة والتي تستوجب أكثر من جرعتين في اليوم، حيث أن توزيعها بين الفطور و السحور يكون معقدا و قد يدفع بالطبيب إلى اتخاذ تدابير أخرى تتعلق بإمكانية الصوم من عدمها.
هدى طابي