- الفلاحون المتضررون من الحرائق الأخيرة غير مؤمنين في الصندوق
أكد المدير الجهوي للصندوق الوطني للتعاون الفلاحي بسطيف، جمال قبايلي، في حوار خص به «النصر»، أنه حان الوقت لوضع تشريعات جديدة تجبر جميع الفلاحين على التأمين ضد الأخطار الطبيعية، بهدف تخفيف الأعباء المالية التي تدفعها الخزينة العمومية في كل مرة لصالح المتضررين من الحرائق و سوء الأحوال الجوية، وكشف بالمناسبة أنه لم يسجل مؤمّنا واحدا بين المتضررين من الحرائق.
-- حاوره: أحمد خليل
النصر: عرفت العديد من بلديات ولاية سطيف خاصة الشمالية منها، حرائق غابات شهر أوت الماضي، ألحقت أضرارا جسيمة بأملاك الفلاحين، هل أحصى الصندوق الجهوي قيمة الخسائر قبل الشروع في تقديم التعويضات؟
* قد أفاجئك كثيرا بالقول إن مصالحنا بسطيف لا تحصي أي فلاح تضرر من الحرائق الأخيرة مؤمن في الصندوق، حيث و بالرغم من تلك الحرائق كانت غابية أكثر، غير أنها تسببت في تكبد العشرات من الفلاحين لخسائر مادية هامة، سواء ممن يمتلكون الأشجار المثمرة أو صناديق النحل لإنتاج العسل.
و يعلم الجميع بأن الحرائق التي شهدتها ولاية سطيف، تسببت في وفاة شقيقين ببلدية الدهامشة -رحمهما الله-، كانا يحاولان إنقاذ صناديق النحل من الاحتراق و السؤال الذي وجب طرحه: هل كان الفقيدان يغامران بحياتهما أمام ألسنة اللهب لو كانا يحوزان على عقد التأمين عن أملاكهما من صناديق النحل؟، و هنا وجب التأكيد على أهمية التأمين بالنسبة للفلاحين، لأن الأمر يتعلق بالثروة الوطنية التي وجب الحفاظ عليها.
و في المقابل، يدرس الصندوق حاليا العديد من الملفات الخاصة بالفلاحين المؤمنين عندنا، ممن تضررت أملاكهم للحرائق الموسمية، قبل الشروع قريبا في تقديم التعويضات.
النصر: و ماذا عن تقييم الخسائر المسجلة في البلديات الجنوبية بسبب الرياح القوية و سوء الأحوال الجوية؟
* لا يمكن وصف ما حدث، مؤخرا، في البلديات الجنوبية مثل: عين آزال، بيضاء برج و قلال سوى بمصطلح «الكارثة»، بالنظر إلى العدد الكبير من البيوت الفلاحية البلاستيكية التي تهاوت و تساقطت أرضا، بسبب الرياح القوية التي ضربت المنطقة.
و قد سجلنا بكل أسف تضرر 10 آلاف بيت بلاستيكي، لكن عدد الفلاحين المؤمنين في الصندوق لا يتجاوز أربعة يمتلكون في المجموع 24 بيتا بلاستيكيا فقط و قد كلفنا الخبير المعتمد من جانبنا، بالشروع في دراسة الملفات، قبل الشروع قريبا في تقديم التعويضات المالية للفلاحين الأربعة المتضررين.
النصر: لم يرفض الفلاحون الاقتراب من مكاتب الصندوق للتأمين على ممتلكاتهم؟
* بحكم تجربتي و الدراسات التي أنجزها الصندوق و حتى بالاحتكاك اليومي مع المشتغلين في القطاع الفلاحي، فإني أرى أن غالبية الفلاحين على مستوى ولاية سطيف يرون أن التأمين عبء مالي إضافي، بالرغم من الامتيازات الكبيرة التي يستفيدون منها، مباشرة بعد حيازتهم على عقود التأمين.
و يحدث هذا رغم الأسعار المعقولة التي يقدمها الصندوق، حيث و على سبيل المثال، فإن القيمة المالية الإجمالية لتأمين عشر بيوت بلاستيكية لا يتجاوز رقم سبعة ملايين سنتيم.
النصر: بعض الفلاحين يتحدثون عن وضع الصندوق لشروط تعجيزية مقابل الموافقة على منح التعويضات، ما ردكم على هذا؟
* كل ما يروجه البعض عن وضع الصندوق لشروط تعجيزية غير صحيح تماما و أعطيك مثالا، في زيارتي إلى بلدية بئر حدادة الجنوبية، تقدم مني أحد الفلاحين و أبلغني بحقيقة اشتراط الصندوق لبطاقة الفلاح مقابل توقيع عقد التأمين و هي معلومة خاطئة مائة في المائة و الأكثر من ذلك، فإن بعض الفلاحين يعتقدون أن قيمة التأمين على البيت البلاستيكي الواحد ستة ملايين سنتيم و هو رقم غير صحيح تماما و غير منطقي بالمرة، لأن التكاليف الإجمالية لوضع بيت بلاستيكي واحد لا تتجاوز 18 مليون سنتيم و بالتالي لا يعقل تأمينه من قبل الصندوق بتلك القيمة المتداولة بين الفلاحين، لأن القيمة الحقيقية لا تتجاوز رقم سبعة آلاف دينار.
و أمام غياب التواصل بين الفلاحين و الصندوق، فقد ارتأينا فتح العديد من المكاتب و الوكالات، في سبيل تقديم المعلومات الصحيحة و العمل أكثر على إقناع الفلاحين بأهمية التأمين، لتفادي تكرار ما حدث في السنوات الماضية، لأن ذلك سيخفف الأعباء المالية عن الخزينة العمومية.
النصر: من مجموع 37 ألف فلاح مصرح عند الجهات الرسمية على مستوى ولاية سطيف، كم هو عدد الفلاحين الذين يحوزون على عقود التأمين مع الصندوق؟
* العدد الإجمالي للفلاحين المؤمنين على مستوى الصندوق الجهوي، لا يتجاوز في أحسن الأحوال رقم 300 فلاح، أغلبهم ممن تحصلوا في السابق على قروض بنكية، لأن البنك هو من يشترط عليهم التأمين.
و يعود السبب، حسب اعتقادي، في العدد الضئيل المذكور إلى غياب ثقافة الوعي عند الفلاحين، عكس الأرقام الجيدة المسجلة في الولايات المجاورة، مثل: ميلة و قسنطينة.
حيث و على سبيل المثال، لا يوجد فلاح في ولاية ميلة يمتلك هكتارا فقط من الأشجار المثمرة مثلا و هو لا يمتلك عقد التأمين مع الصندوق و أضف إلى ذلك العدد الضعيف جدا لملفات الفلاحين الراغبين في الاستفادة من قرض الرفيق في الشباك الموحد، حيث لم يتجاوز عددهم على مستوى الولاية في السنة الماضية، 250 فلاحا فقط، 160 منهم مؤمنين عندنا في الصندوق.
النصر: ألا ترى أن الصندوق فشل في إقناع الآلاف من الفلاحين بثقافة التأمين؟
* ننظم بالتنسيق مع مختلف الشركاء، قوافل تحسيسية بصورة منتظمة، لإقناع الفلاحين بفكرة و ثقافة التأمين عن منتجاتهم و أملاكهم من جميع الأخطار و استطعنا فتح 23 مكتبا و وكالة على مستوى 23 بلدية بالولاية و لن نتوقف عن العمل الجاد لإقناع أكبر عدد من الفلاحين بالتأمين، لكن و مثلما أشرت إليه في السابق، فإن المشكلة تكمن أساسا في غياب ثقافة الوعي و أعطيك مثالا جديدا، من بين زبائن الصندوق فلاح من ولاية قسنطينة، دائما ما يقدم إلى الصندوق لتجديد عقد التأمين و نحن نسهر على تأمين المسار التقني لمنتجاته و أملاكه و نقدم له كل المساعدات العملية الممكنة، بل و الأكثر من ذلك نضع تحت تصرفه كل خبراء الصندوق و هو جد مرتاح في التعامل معنا و في كل موسم فلاحي يحقق عوائد مالية جيدة جدا.
و حاولنا في العديد من المرات تقديم الصكوك المالية الخاصة بتعويضات الصندوق للفلاحين المؤمنين، أمام زملائهم من نفس القطاع، في سبيل إقناعهم بفكرة التأمين على أملاكهم و منتجاتهم الفلاحية.
النصر: بعض الفلاحين يتساءلون عن الامتيازات التي يستفيدون منها عند توقيع عقد التأمين؟
* نحن نقدم كل التسهيلات للفلاحين و على رأسها المرافقة من قبل الخبراء التقنيين المختصين، مع التكفل أيضا بتقديم الوسائل المادية للمساعدة في أداء مهامهم بصورة جيدة مثل: الألبسة الخاصة، بالإضافة إلى تقديم أداة «الحديد اللاصق» بالنسبة لمربي الأبقار، و مساعدتهم في تنظيف الإسطبلات و تموينهم بمواد التنظيف.
و لا تقتصر الامتيازات عند هذا الحد فقط، بل تتعدى إلى تقديم تخفيضات هامة في عقود التأمين، تصل في بعض الأحيان إلى نسبة 60 بالمائة و لا نشترط الدفع المسبق، بل نمنح الفلاحين كامل الحرية في طريقة التسديد.
و مثلما أشرت إليه سابقا، فإن المشكلة تكمن أساسا في غياب ثقافة الوعي و بالتالي فإني أرى أن الحل الأمثل يكمن في إجبارية التأمين بالنسبة للفلاحين، مثلما هو معمول به في التأمين على السيارات.
النصر: على ذكر الأبقار، ما هي الطريقة المعتمدة من قبل الصندوق للتأمين عليها، خاصة من ناحية الأمراض التي تصيبها، سيما ونحن على أبواب فصل الخريف الذي دائما ما نشهد فيه انتشار الحمى القلاعية بين الأبقار؟
* قبل الإجابة عن السؤال، وجبت الإشارة أولا إلى كون الصندوق الوطني للتعاون الفلاحي، هو المؤسسة الوحيدة التي تؤمن على الأمراض التي تصيب الأبقار والأغنام، عكس مؤسسات التأمينات الأخرى.
و عن طريقة التأمين، فإن ما نطلبه من الفلاح مربي الأبقار، تقديم التحاليل المخبرية و شهادة خضوع الأبقار إلى التلقيح، قبل الشروع بعدها في إتمام عملية التأمين.
و بالرغم من كل التسهيلات التي يقدمها الصندوق، خاصة من ناحية الأسعار الخاصة بتوقيع عقود التأمين، غير أننا نسجل استمرار عزوف الفلاحين عن تأمين الأبقار و الأغنام.
حيث لا يتجاوز سعر تأمين البقرة الواحدة على جميع الأخطار في السنة الواحدة، رقم ثمانية آلاف دينار، في حين أن التعويضات المالية التي يقدمها الصندوق، تتجاوز في الكثير من الحالات، حسب تقارير الخبراء، مبلغ 17 مليون سنتيم.
و وجبت الإشارة إلى نقطة هامة أيضا و هي ولاية سطيف التي تعتبر الأولى وطنيا من حيث إنتاج مادة الحليب و بالتالي فإن التأمين على الأبقار يعتبر مهما جدا، لأن الأمر يتعلق هنا بالثروة الوطنية التي وجب الحفاظ عليها.
النصر: ما هو عدد الأبقار المسجلة على مستوى ولاية سطيف؟ وكم عددها المؤمن على مستوى الصندوق؟
* حسب آخر الإحصائيات المعلن عنها من الجهات الرسمية، فإن عدد الأبقار المصرح بها على مستوى ولاية سطيف، يتجاوز رقم 26 ألف بقرة منتجة للحليب، في حين أن أعداد الأبقار المؤمنة على مستوى الصندوق، لا يتجاوز رقم الألف.
و نعمل على التواصل باستمرار مع مربي الأبقار، لدعوتهم باستمرار إلى ضرورة التأمين، خوفا من تعرضها للأمراض الموسمية التي تتسبب في نفوقها، ما يكلفهم خسائر مالية كبيرة دون استفادتهم من التعويضات المالية التي يقدمها الصندوق لصالح الفلاحين.
النصر: ما هي الأسعار التي يقترحها الصندوق في تأمين الأشجار المثمرة؟
* هناك نوعين من التأمين على الأشجار المثمرة، الأول يخص الأشجار التي يبلغ عمرها من سنة واحدة إلى ثلاث سنوات، أي الأشجار التي مازالت في طور النمو و النوع الثاني الأشجار التي تبلغ من العمر ثلاث سنوات فما فوق و هي الأشجار المثمرة التي تقدم المحصول و المنتوج في كل موسم فلاحي.
و تعتبر ولاية سطيف، من الولايات الرائدة في إنتاج الزيتون و الزيت، لكن الصندوق الجهوي يؤمن فقط أربعة هكتارات من الأشجار المثمرة.
أما بخصوص طريقة التأمين المعتمدة، فإن الفلاح مطالب بدفع قيمة مالية بسيطة جدا قدرها 15 دينارا فقط عن كل شجرة من النوع الأول و25 دينارا من أشجار النوع الثاني و هو مبلغ لا يسمح لك حتى باقتناء فنجان قهوة.
النصر: ما هي الرسالة التي توجهها للفلاحين؟
* أدعوهم مجددا للتقرب نحو مكاتب الصندوق المنتشرة في 23 بلدية، من أجل حيازة عقود التأمين على ممتلكاتهم الفلاحية من جميع الأخطار، لأن ذلك يسمح لهم بتأمين منتجاتهم في حال حدوث الكوارث الطبيعية، مثلما شهدته مؤخرا الكثير من مناطق الولاية.
أ.خ