دعا أمس، نشطاء وفاعلون من جمعيات المجتمع المدني، خلال حملة انطلقت لتنظيف محمية جبل الوحش بقسنطينة، إلى إعادة الاعتبار للمكان وتهيئته، بما يسمح بتغيير الوجه العام للمحمية، كما انتقدت محافظة الغابات الرّعي الجائر باعتباره من أبرز أسباب تدهور الغابة.
واقترح نشطاء من فعاليات المجتمع المدني، ضرورة وضع بعض التحسينات التي تساهم في تغيير وجه المحمية البيولوجية لجبل الوحش والتي تعرف تدهورا كبيرا، يظهر من خلال انتشار الأوساخ والنفايات، حيث طالبوا بإعادة تهيئة الطريق التي توجد أجزاء منها في حالة سيئة بالإضافة إلى حظيرة السيارات، وتم اقتراح تدعيم الغابة بالإنارة العمومية بداية من المدخل إلى أعلى نقطة في الغابة، بالإضافة إلى استحداث أكشاك خدماتية كذا فضاءات للجلوس تُصنع من قطع وأغصان الأشجار التي تساقطت بفعل العوامل المناخية.
واقترحت عضوة الاتحاد الجزائري لترقية السياحة وحماية البيئة، كنوز بوترعة منصور، إقامة نشاطات وفعاليات ثقافية وفكرية واجتماعات على الهواء الطلق بالغابة لفائدة العائلات، مشيرة إلى أنّ استحداث مرافق وخدمات وتوفير الأمن بشكل يومي، بالإضافة إلى وضع مراحيض عمومية مستقبلا، سيسمح للعائلات بالتوافد على المنطقة، وسيمنحها البعد والقيمة الذي تستحقها كمقصد للزوار.
كما دعا رئيس جمعية حماية الطبيعة والبيئة، عبد المجيد سبيح، إلى ضرورة تسييج الغابة وتهيئتها، من خلال تنظيم أمكنة للعائلات وأيضا حظيرة السيارات نظرا لتأثير هذه الأخيرة على الحيوانات والطيور، مع تكوين مكوّنين في المجال، بالإضافة إلى تشجيع السياحة العلمية والقيام بالإجراءات الوقائية من خلال تحديد المساحات الميتة والتي لا تزال صالحة، وكذلك رفع الوعي لدى المواطنين وزيادة اهتمامه للمحافظة على الغابات، خاصة النباتات الطبية التي تعود بالفائدة على اقتصاد البلاد، على غرار إكليل الجبل، الزعتر، والزعرور الشركي.
وذكر محدّثنا أنّ وضعية المحمية تأثّرت بشكل كبير بفعل التغيرات المناخية وارتفاع درجة الحرارة وكذا النشاط البشري، وفي حال استمرار الوضع على حاله سيؤثر الأمر على المنظومة البيئية بصفة عامة، مشيرا إلى ضرورة معالجة انخفاض منسوب المياه على مستوى البحيرات الموجودة بالغابة، لحماية الطيور المهاجرة القادمة، خاصة وأنّ المكان يعتبر منطقة عبور لها، سواء التي تطير إلى القالة أو أم البواقي.
من جهته، أوضح رئيس مقاطعة قسنطينة بمحافظة الغابات، بوضرسة كمال، أنّ غابة جبل الوحش تم تصنيفها كمحمية تتربّع على مساحة 100 هكتار وتضم أصنافا نادرة من الأشجار، وهي في طور الانقراض بسبب التغيرات المناخية والحشرات، مشيرا إلى أنّ إعادة الاعتبار يجب أن تتم من خلال تظافر جهود الجميع من مواطنين وإداريين، حتى تتم إعادة التشجير.
وأضاف بوضرسة، أنّ الرعي الجائر والعشوائي للأبقار يشكّل مشكلة أساسية تؤثر على جهود الحفاظ على المحمية، وهي ظاهرة قال النشطاء إنها تتطلّب تدخّل السلطات والرّدع للحد منها، حيث تمنع عملية التجديد الطبيعي للبذور المتساقطة. وأشار المصدر إلى أنّ المحمية كانت محاطة في سنوات ماضية بسياج للحفاظ على التجديد الطبيعي والمزارع الاصطناعية، على عكس ما يحدث حاليا، مؤكدا أنه سيتم بالتنسيق مع جمعيات المجتمع المدني ومختلف الفاعلين، العمل على إعادة تشجير المكان.
وثمّن رئيس لجنة البيئة بالمجلس الشعبي الولائي، نبيل بوطمينة، المبادرة لإعادة الاعتبار لمحمية جبل الوحش، باعتبارها رئة الولاية، كاشفا أن هيئته بصدد إعداد تقرير يضم النقائص المسجلة بالمحمية خلال الخرجات الميدانية واللقاءات مع مختلف الفاعلين وأهل الاختصاص، وذلك للخروج بتوصيات وحلول، مضيفا أنه سيتم خلال دورة المجلس القادمة، عرض وضعية المحمية على والي قسنطينة، كما المتحدّث نداء لمختلف الجمعيات والمواطنين من أجل المساعدة في إنجاح هذه الحملة.
وتتواصل الحملة إلى غاية يوم غد، حيث خصص أول يومين منها لعملية التنظيف، فيما سيعرف اليوم الثالث عديد النشاطات والحملات التحسيسية لفائدة العائلات التي يعوّل المعنيون على توافدها بقوة من أجل إنجاح المبادرة التي تشرف عليها جمعيات وهيئات، بالإضافة إلى إقامة حملة للتبرع بالدم لفائدة المواطنين. إسلام.ق