التقى الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الأربعاء بالكويت، مع وكيل الحرس الوطني...
شرعت الحكومة، في وضع التدابير التنفيذية للتكفل التام بالتوجيهات التي أسداها رئيس الجمهورية للحكومة خلال الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء خاصة فيما...
سلم إرهابي نفسه للسلطات العسكرية ببرج باجي مختار، فيما تم توقيف (5) عناصر دعم للجماعات الإرهابية، خلال عمليات متفرقة عبر التراب الوطني تم تنفيذها في...
وجه رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، اليوم الاربعاء، رسالة عشية إحياء اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني (29 نوفمبر)، قرأها نيابة عنه وزير...
طيلة 4 أشهر من السهر و العمل المتواصل ، عكف الطالب حشاش حسان ابن ولاية قسنطينة ، على تصنيع صاروخ متكامل رفقة زملائه، داخل إحدى ورشات جامعة سعد دحلب بالبليدة، ليحققوا إنجازا غير مسبوق ساعدهم رغم العقبات الكثيرة، على افتكاك المرتبة الثالثة في مسابقة وطنية نظمت العام الماضي، ليتحوّل حسان الذي عشق الرياضيات و العلوم منذ صغره، إلى مثال للطالب الطموح و المثابر و إلى نموذج كسر صورة نمطية سيئة رسمت عن الجامعة الجزائرية، التي أثبتت أنها قادرة على الابتكار و تحقيق التفرّد إذا توفر الدعم الكافي و الإرادة.
الطالب حشاش حسان ذو الـ 24 عاما، يدرس حاليا في مرحلة الماستر بتخصص دفع المحركات على مستوى جامعة سعد دحلب، و قد أخبرنا أنه أحب العلوم منذ المرحلة الثانوية و كان متفوقا أكثر في مادة الرياضيات، لينال شهادة البكالوريا بمعدل 14.60 من 20 و يختار تخصص الطيران في جامعة البليدة، فحلمه في البداية، كان مثلما قال، هو أن يصبح طيارا لكن القدر كان يرسم له شيئا آخر.
و بعد الدراسة لسنة و نصف في الجذع المشترك، بدأت طموحات الطالب تتغير، فقرر اختيار تخصص المحركات، و هنا يقول "كنت أحلم أن أكون طيارا، لكن عندما عرفت معنى دراسة هندسة الطائرة و المحركات وجدت أن هناك ما هو أفضل من الطيار، فحتى الميكانيكي يمكنه أن يقود.. هذا التخصص ساعدني على المشاركة في مسابقات محلية و عالمية، و قد شملت الدراسة مادة الديناميكا الهوائية أو "الآيروديناميك" التي تتعلق بطريقة تشغيل و تصنيع المحركات و ما يجب فعله في حالة توقفها و غير ذلك من المقاييس المهمة".
قضيت ليال بيضاء و عيناي كانتا تؤلمانني من شدة التركيز
بداية المغامرة كانت مثلما أخبرنا حسان، عندما أعلن الجزائري عبد القادر خراط المقيم بكندا و المهندس لدى شركة الطيران "بومبارديي"، عن مسابقة "روكتري" لاقتراح تطوير المعارف و السماح للطالب بالخروج من النظري الذي يتعلمه في الجامعة إلى التطبيق، و قد فتحت المسابقة على كل الجامعات الجزائرية لفائدة طلبة علوم الطيران و الدراسات الفضائية و غيرها، فاقترح السيد بن طراد حسين و هو أستاذ بجامعة البليدة و دكتور في الميكانيك حاصل على ديبلوم في علم الطيران، على طلبته المشاركة فيها، و قد كان بينهم حسان الذي كان حينها
يدرس في مرحلة الماستر 1.
و بكل عزيمة و إصرار انضم 13 عضوا إلى الفريق الذي قاده حسان، و يتعلق الأمر بطلبة و طالبات ينحدرون من ولايات قسنطينة و باتنة و بجاية و سطيف و البليدة و المسيلة و كذلك تيزي وزو و سكيكدة، و قد كان بينهم من يدرسون في تخصصات الميكانيك و الالكترونيك و الكيمياء و علوم الطيران و غيرها، بما شكل فريقا متكاملا كان كل عنصر فيه ينفذ مهامه بتوجيهات من الأستاذ الذي حرص، مثلما يقول محدثنا، على تركهم يتعلمون حتى لو أخطأوا، من خلال تطبيق مع تم تلقينهم إياه في مدرجات الجامعة، و عن هذه التجربة يقول الطالب "كنا نبيت في الورشة داخل معهد الطيران بالجامعة، حتى أن الأستاذ بن طراد كان يترك عائلته لكي يقف معنا و يوجهنا، و ذلك طيلة صائفة كاملة ضحينا خلالها بالعطلة".
و قد بدأ العمل على الصاروخ الذي اختير له اسم "سيلفر هاوك" أو "الصقر الفضي" باللغة العربية، منذ شهر جوان، ليستمر إلى غاية آخر لحظة من المهلة التي حددتها المسابقة شهر سبتمبر، و هي فترة كان العمل خلالها يتواصل دون انقطاع داخل الورشة، باستثناء أيام العيد الفطر، و حتى أثناء الفترات القليلة التي تواجد فيها بالمنزل، كان حسان، كما أخبرنا، يحظى بدعم لا محدود من والديه، حيث يتابع قائلا "لقد دعمني أفراد العائلة كثيرا، فرغم أني كنت أترك النور مشتعلا طيلة الليل، و أصدر أصوات مزعجة أثناء العمل، إلا أنهم لم يتذمروا يوما بل شجعوني على ذلك، في حين أن عينيي كانتا تؤلمانني من طول مدة الاشتغال على الكمبويتر، حتى أن والدي لم يعارضا أبدا قضائي العطلة و أيام الراحة في الجامعة".
هكذا كسبنا معركة "السبونسورينغ"
و يقول حسان إن من أكثر المصاعب التي واجهت فريق العمل، هي توفير ممولين و ممونين للمشروع، فرغم أن هذه العملية تعتمد على ما يعرف بـ "السبونسورينغ" أي بالإشهار للمؤسسة المعنية بوضع اسمها على الصاروخ كمقابل، إلا أن الطلبة وجدوا صعوبات كبيرة في تحقيق هذا الأمر، ما جعلهم يجوبون العديد من الولايات الوطن، و هو أمر استغرق منهم شهرا كاملا لتوفير الألياف الزجاجية و الأنابيب و الصفائح الالكترونية و غيرها من المواد الضرورية لصناعة الصاروخ، في حين تم تلقي المساعدة من جامعة البليدة و نادي الطيران ببسكرة، و بما أن أجهزة الاستقبال و الإرسال الكبيرة غير متوفرة في الجزائر، فقد اضطر الفريق إلى استيرادها، مثلما يتابع الطالب.
و قد تم الاعتماد داخل الورشة، على النظريات و القوانين التي درسها الطلبة، فأنجز هيكل الصاروخ بسواعدهم وفق دراسات محددة و مضبوطة شملت كل تفصيل من "الصقر الفضي"، و ذلك من أصغر مكون فيه إلى آخر أكبر جزء، إلى أن اكتملت الصورة بإنجاز صاروخ متكامل بمحرك و أجنحة و منصة إطلاق، مع إعداد 4 برمجيات للإعلام الآلي خاصة بعملية التشغيل، و التي اضطر الفريق إلى التنقل لغاية صحراء ولاية بسكرة من أجل تجريبها هناك.
ابتكار يرصد التلوث
و يدرس التربة
و قد وضع الفريق نصب عينيه هدفا أولا، و هو النجاح في المسابقة، بل و تقديم أكثر مما هو مدرج في دفتر الشروط، و هو ما تم بالفعل، فقد تم في ظرف قياسي لا يتعدى 4 أشهر، ابتكار صاروخ يصل طوله إلى 3 أمتار و نصف و يزن 15 كيلوغراما فقط، و ليس 25 كلغ التي حددتها المسابقة، بما يعني ربح 10 كيلوغرامات كاملة، أما المحرك فقد أنجز أيضا تطوعا من الطلبة، لتكون النتيجة صاروخ جزائري الصنع بإمكانه رصد التلوث في الفضاء الخارجي و التغيرات المناخية، كما أنه له أغراض علمية أخرى بعضها زراعية، مثل معرفة إن كانت النباتات في حاجة إلى المياه و دراسة المساحات الأرضية.
و قد وقفت لجنة التحكيم التي تضم أساتذة من مختلف الجامعات الجزائرية، على كل هذه المزايا، فحصل صاروخ فريق البليدة على أحسن تصميم و تصنيع و عرض، كما أن هذا الانجاز راعى بدقة قوانين الفضاء الخارجي و الجو، ليحصد الفريق المرتبة الثالثة من بين 11 فريقا. و رغم أن عملية الإطلاق لم تكن ممكنة في الجزائر، إلا أن الطلبة شعروا بفخر كبير، مثلما يخبرنا حسان، و اليوم أصبحت ورشة جامعة سعد دحلب، كما يؤكد، مليئة بالصواريخ و الطائرات التي ابتكرها طلبة تشجعوا بهذا الابتكار الذي لقي إشادة كبيرة من الوكالة الفضائية الجزائرية "آزال".
الجزائري الوحيد الفائز
في مسابقة "رولز رويس"
و ليست هذه هي التجربة الأولى لحسان في مجال مسابقات الطيران، فقد خاض هذا الشاب الطموح مسابقة نظمتها الشركة العالمية "رولز رويس" الناشطة في مجال الفضاء و أنظمة الطاقة و الدفاع و صناعة المحركات، حيث نال العام الماضي المرتبة الثالثة عالميا بعد أن شارك فيها مع زميلته الطالبة مازاري خولة، ليكونا الفائزين الوحيدين من الجزائر بين 100 فريق من مختلف دول العالم خاض تصفيات صعبة.
و قد أعدّ الطالبان بحثا في إطار ما يسمى بـ "الابتكار المزعزِع"، المُعتمِد على تطوير التكنولوجيات و خلق أسواق عالمية جديدة، حيث تركزت فكرة البحث على إعطاء حلول تقنية في حال حدوث عطب مفاجئ بالطائرة، لتسمح هذه الحلول بإصلاحه آليا دون الحاجة إلى الهبوط، إضافة إلى ذلك شارك ابن مدينة الخروب في مسابقات أخرى نظمتها "ناسا" في إطار ما سمي بتحدي "سبايس آبس شالنج".
"الجزائر تزخر بقدرات هائلة لكنها تحتاج الدعم"
و يطمح حسان اليوم إلى حصول على منحة للدراسة في الخارج، و كغيره من الشباب المولعين بعلوم الفضاء و الطيران، يحلم الشاب بالعمل في وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، و كذا الشركة العالمية "رولز رويس"، لأنه يرى بأن فرص البحث أكبر فيهما، و هنا علّق قائلا "سأتعب على حلمي و أضحي لأجل تحقيقه، أما في بلادي الجزائر فالإمكانيات موجودة و كثيرة و في كل الميادين، لذلك يجب تشجيع العلم و التخلص من التبعية في هذا الجانب".
و يؤكد محدثنا أنه اطلع على البرامج التي تدرس في مجال علوم الطيران، بدول غربية مثل فرنسا، فتبيّن له أنه لا يوجد فرق كبير بينها و بين ما هو معتمد في الجزائر، و الاختلاف الوحيد يتمثل، مثلما أضاف، في أن الدراسة هناك تكون مكثفة و أسرع، و بوجود المواد الأولية المساعدة على تطوير الابتكارات، بينما يتطلب الحصول على تمويل لمشروع بحثي في الجامعة الجزائرية، إعداد ملف يتألف من عدة وثائق و المصادقة عليها في البلديات، في حين أن بلادنا تضم شباب قادرين على النجاح في أي ميدان و يمتلكون قدرات هائلة، لكن ما يحتاجونه فقط، هو تلقي الدعم، مثلما يقول حسان في ختام حديثه للنصر.
ياسمين بوالجدري