الضحية سعادة عربان أكدت أن الروائي استغل قصتها في رواية حوريات بدون إذنها أعلنت المحامية الأستاذة فاطمة الزهراء بن براهم اليوم الخميس عن رفع قضية أمام محكمة وهران...
* رئيس الجمهورية يؤكد على ضرورة الالتزام بدعم الحكم الرشيد والشفافية في القارةأشرف رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، بصفته رئيسا لمنتدى دول...
أكد الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الأربعاء، عزم الجزائر، بفضل أبنائها...
طالب مقررون أمميون من مجلس حقوق الإنسان، الحكومة الفرنسية بتزويدهم بجميع المعلومات والبيانات المتعلقة بتجاربها النووية في الجزائر، بما فيها المواقع المحددة...
مـــزارع فخــمة يزيــد عمــرها عن القــرن تتحــوّل إلى أطـــلال
لا تزال مزارع قديمة بقسنطينة يزيد عمر بعضها عن القرن تحاول الصمود، متحدية عوامل الزمن و تخريب البشر، تأبى الاختفاء، رغم أن أغلبها تحول إلى هيكل بلا روح، ما جعلها أشبه ببقايا آثار تاريخية، تقف شاهدا على ذاكرة مناطق انتعشت فيها الزراعة، و كانت لها خصوصية تعبّر عن كينونة الإنسان الذي عاش فيها و تعكس نمط عيش ساد في وقت سابق.
كان علينا قطع مسالك وعرة و طرقات غير معبّدة لولوج عدد من المزارع القديمة التي بدت من بعيد شامخة، تعكس واجهتها الخارجية عراقة ما كانت عليه منذ زمن، حيث كانت البداية من منطقة منايفي بوجمعة أو خنابة، مثلما فضل من تحدثنا إليهم، تسميتها و هم يوجهوننا إلى أكبر مزرعة بالمنطقة و الممتدة على مساحة تزيد عن 160 هكتارا، حسب أحد الشيوخ القاطنين هناك و الذي أخبرنا بأن المزرعة تناقل ملكيتها الكثيرون، قبل وصولها إلى مالكها الجديد .
«العلايقة» أو «ميجو» .. قصة مزرعة تحدت النسيان
في طريقنا إلى المزرعة التي بدت شامخة بأعالي المنطقة، كان الصمت و الهدوء سيدا المكان، فلا أثر لأصوات المواشي و لا الجرارات، وحده حارس المزرعة تقدم منا ليخبرنا بأنه لا يوجد أحد سواه و أنه لا يمكنه تركنا ندخل ،إلا بموافقة سيد المكان، و يوجهنا لمزارع أخرى قال أن منها ما يعود إلى زمن الكولون و لا زالت تحافظ على شكلها القديم، و هو ما وقفنا عليه و نحن نصل إلى مزرعة حبلي التي لا يمكن المرور عليها، دون أن يجذبك تصميمها التقليدي على شاكلة المزارع الأوروبية التي تعود للقرن التاسع عشر و الذي يوحي بعراقة مكان، كانت هذه المزرعة في ما مضى ،حسب من استقبلونا بعين المكان، مصدرا لكل أنواع الخيرات الطبيعية و الثروات الحيوانية.
و تفاجأنا و نحن نزور المكان من اختلاف التسمية من شخص لآخر ، فمنهم من دعاها «العلايقة»، و منهم من حافظ على اسمها القديم نسبة إلى مالكها الفرنسي، «ميجو»، فيما اكتفى البعض الآخر بتسميتها ب»الفيرمه»، باعتبارها الأكثر شهرة بالمنطقة.
عمي عبد الله أحد الشيوخ الذين عملوا بالمزرعة منذ عشرات السنين، تحسر لما آلت إليه المزرعة التي كانت في الماضي تمتد على مساحة تقارب الألف هكتار، من ضمنها أراض بور، مؤكدا بأنها كانت رائدة في تربية الأبقار و الخيول و الأغنام و الدواجن، إلى جانب إنتاج الحليب، لكن كل ذلك اختفى مع الوقت و لم يبق من «ميجو»سوى هياكل بنايات موّزعة هنا و هناك، أفلت بعضها من عوامل التخريب التي طالتها على مر السنين، إلى أن تحوّلت إلى مجرّد سكنات.
و تذكر الشيخ عبد الله الذي استقبلنا بحديقة بيته ، الكائن بالجهة المقابلة للمزرعة، كل شبر فيها و هو يشير إلى بناية أخبرنا بأنها مكاتب كانت تتوسط المزرعة الشاسعة الممتدة ببناياتها المتفرقة في شكل مستطيل و منتظم على نحو هكتارين تقريبا، أغلبها مبني من التراب المدكوك على شكل قوالب تتداخل بشكل أفقي و عمودي، على أساسات حجرية بدت قوية ما جعلها تصمد طيلة هذه السنين، كما تميزت بنوافذها الصغيرة و انفتاحها على الفناء الرئيسي، و هي خصائص مشتركة بين عديد المزارع التقليدية التي زرناها و التي أخبرنا مستغلوها و مالكوها بأن كل تلك الخصائص تقف عازلا أمام التأثر بعوامل الحرارة و البرودة و الرطوبة و تصنع مناخا داخليا معتدلا، مغايرا للمناخ الخارجي، دون أن تحتاج إلى مكيفات هوائية اصطناعية.
«بوزار»... آخر شواهد
«الفيرمه» التقليدية
هيكل مزرعة أخرى لمحناها من بعيد، و قررنا التوّجه نحوها، بأعالي بلدية ابن باديس، أين جذب انتباهنا تناسق و انسجام عدد من البنايات الحجرية و سقوفها القرميدية، و التي كانت متشابهة من حيث تقارب نمط مداخلها الرئيسية التي تميزها بوابة واسعة تجمع بين بنايتين، كانت تخصص لإعداد الخيول للخروج أو عند العودة قبل إعادتها إلى الإسطبل، و هو ما وقفنا عليه بشكل جلي بمزرعة «بوزار» بمنطقة بن يعقوب، أين شاهدنا مع تقدمنا نحو اليمين، مسكنا من طابقين لا زال ،حسب قاطنيه، كما كان عليه في عهد الاستعمار و الذي بمجرّد أن وطأت أقدامنا عتبته قابلنا قبو و مدجنة. أما من الخارج فكانت البناية تلتصق ببناية ثانية و ثالثة مشكلة حلقة في شكل مستطيل يتوسطه فناء شاسع يوجد به حوضان قريبان من إسطبلات كثيرة و شاسعة بنيت على الجهة اليسرى و التي لم يتبق منها سوى بقايا جدران مهدمة و أسقف منهارة و آثار أحواض كانت تستعمل لوضع العلف و أبواب معدنية عملاقة بدا عليها أثر التآكل بسبب الصدأ.
المزرعة لا زالت تحمل اسم مالكها من الكولون أو على الأقل ما سمعنا أهل القرية الذين تحدثنا إليهم يطلقونه عليها منذ ولوج المنطقة، «بوازر» الممتدة حسب بعضهم على مساحة تزيد عن 60 هكتارا، من بينها مسكن و إسطبلات ممتدة على مساحة تصل، حسب القاطنين بها الهكتارين.
و ذكرت عائلة قلماوي محمود ،المقيمة بمنزل تابع للمزرعة، بأن المكان يزيد عمره عن القرن، و حافظ على خصوصيته التقليدية، رغم ما طال الإسطبلات من تهديم و انهيار للجدران، بعد نشوب حريق بها غير أن معالمها لم تطمس.
الابن عصام الذي يعمل كمربي خيول، أخبرنا بأنهم عملوا المستحيل لأجل الاستفادة و الحفاظ على المكان بدل تركه مهملا لعدم استفادتهم من حق استغلال المكان سوى المسكن الذي يقطنون به، منتقدا الوضع الكارثي الذي آلت إليه المزرعة رغم أهميتها، معتبرا إياها معلما تاريخيا و سياحيا و فلاحيا لأنها كما قال ضاربة في القدم، رغم طمس جزء مهم منها، «عمدا»، رغم أن إعادة ترميمها و استصلاحها حسبه لا تتطلّب الكثير.
«برج مهيريس» يتحدى الزمن ببناياته العتيقة
بعين عبيد وقفنا على تميّز مزارع ببرج مهيريس و التي لم تختلف عن تلك الموجودة بالمنطقة الأولى و التي لا زال يظهر منها آثار منشآت تخدم الأرض الزراعية و من عليها باختلاف الأغراض و المنافع كالإيواء للمالك و العمال و تربية الحيوانات و تخزين المنتجات الزراعية و الأسمدة و كذا صيانة الآلات الزراعية و إصلاحها، و على الرغم من بساطتها تبقى تنفرد بنمطها المعماري المتميّز، تماما كما هو الحال ببلدية قطار العيش أين زرنا مزرعة تعرف باسم «ميلير» و التي لم يظل منها سوى هيكل خارجي تتوسطه أشجار توحي بقدم المكان.
و لعل ما اثار انتباهنا خلال قيامنا بهذا الريبورتاج هو غياب عتاد العمل الفلاحي ، ما عدا بعض الجرارات التي كنا نصادفها من حين إلى آخر على الطريق المعبّد و ليس بالأراضي الزراعية بعد أن حوّلها مالكوها إلى وسيلة نقل تزاحم السيارات و الشاحنات، فيما طغت الأوساخ المرمية على طول الطريق على المشهد العام و شوهت المناظر الخلابة التي كانت تتمتع بها تلك المناطق.
م/ب