الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

ليبيا على شفير الهاوية، ظهور داعش وتونس تعود إلى البورقيبية

ليبيا على شفير الهاوية..

دخل ورثة العقيد المقتول معمر القدافي حربا طاحنة سنة 2014 من اجل حكم ما تبقى من «الجماهيرية المقبورة» التي حولتها المليشيات إلى «أفغانستان» شمال إفريقيا، فبعدما لم تتمكن أرائك السياسة وكواليسها من فرض سلطة قوية في كافة ربوع البلاد تدخلت المدافع لتقول كلمتها في نهاية المطاف لكنها لم تحسم هي الأخرى الموقف لحد الآن وزادت من تعقيد الوضع أكثر.
وصلت ليبيا إلى شفير الهاوية سنة 2014 المنقضية بسبب الاقتتال بين الإخوة الأعداء الذين وقفوا بالأمس القريب فقط كلهم ضد العقيد الراحل معمر القدافي وتمكنوا من قتله بأشنع الطرق لكنهم ورثوا فوضى عارمة هم في الحقيقة مسؤولون عنها بشكل كبير، فبعد ثلاث سنوات من الهدوء وانتظار ما ستسفر عنه صالونات السياسة من توافق لاقتسام الغنيمة عادت أصوات الرصاص ونيران المدافع سيدة للموقف، وتيقّن حلفاء الأمس أن لا شيء يحسم مسألة السلطة سوى الذخيرة الحية التي تميت الخصوم.
وفجأة ظهر جنرال قيل انه متقاعد لكنه يخوض حربا ضروسا لم يخضها طيلة حياته عندما كان في الخدمة قبل التقاعد، خليفة حفتر الذي هرب إلى الولايات المتحدة الأمريكية من حكم القدافي، عاد بعد سنوات ليلعب دور الزعيم الجديد ومنقذ ليبيا من مليشيات الإسلاميين التي لا تفهم في أمور الحكم والسياسة شيئا، و لم يتوان حفتر في إعلان الحرب على جماعة  “فجر ليبيا” التي تتلقى الدعم من قطر بالتحديد والتي تضم خليطا من الإسلاميين وغيرهم من  منتهزي الفرص، ودخل الجنرال المتقاعد في حرب ضد هذه الجماعات التي ظهرت أنها تملك قوة اكبر من قوته.
راح خليفة حفتر يحاول خلق  نوع من الإجماع الإقليمي حول شخصه ومشروعه للقضاء على جماعة “فجر ليبيا” ومن يقف معها من الأطراف الأخرى وتقديم نفسه كبديل عن التطرف الإسلامي والتهديد الإرهابي الذي تمثله هذه الجماعة، وبعد فترة وجيزة أعلن الحرب عليها من منطلق “إعادة هيبة الدولة” و ضرورة أن تبسط الحكومة سلطتها على جميع الأراضي الليبية، لكنه لم يتمكن من التفوق عليها في الميدان ما ادخل البلاد كلها في حرب حقيقية وصلت إلى تهديد مصدر رزق الليبيين وهو البترول، عندما ضربت المليشيات الإسلامية حصارا على الموانئ التي تنقل النفط بل، ووصل بها الأمر إلى حد تدمير أجزاء منها، وهي لعبة التدمير الذاتي التي دخل فيها الليبيون  دون دراية.
واستطاع حفتر الحصول على دعم بعض القوى الإقليمية سياسيا وعسكريا وصل إلى حد قيام طائرات بعض هذه الدول بالتدخل مباشرة في القتال على الأرض الليبية لصالح حفتر الذي حقق بعض الانتصارات الميدانية  وبعض المكاسب الجغرافية لكنه لم يتمكن لحد الآن من فرض قوته وبسط سيادته على كامل ليبيا بالشكل الذي يجعل منه بطلا حقيقيا ومنقذا لجماهيرية القذافي التي تتقاسمها الأطماع والولاءات المتناقضة إلى حد اليوم.أمام هذه الصورة الوضع الآن في ليبيا لا يبشر بالخير، وخمس دول من الساحل دعت قبل أيام قليلة فقط من موريتانيا إلى تدخل عسكري أجنبي من اجل إنهاء الاقتتال الدائر في هذا البلد، وهي دعوة تحمل الكثير من المخاطر ليس فقط على ليبيا والشعب الليبي إنما أيضا على جيران ليبيا، ثم أليس التدخل العسكري الأجنبي هو الذي أوصل الجماهيرية الخضراء إلى هذه المأساة؟.      

محمد عدنان

 

تونس تودع المرحلة الانتقالية و تعود للبورقيبية

كانت سنة 2014 في تونس مهد ما سمي بثورات الربيع العربي فارقة مثلما كانت قبلها ثورة الشباب على ديكتاتورية بن علي ممهدة لسيل من الانتفاضات الشعبية، مست كلا من مصر و ليبيا و اليمن و سوريا.
لكن التونسيين، بعد ثلاث سنوات من ثورة الياسمين عادوا من خلال صناديق الانتخابات إلى التأسيس للدولة الجديدة، بوجه سياسي كلاسيكي، و جعلوا من الباجي قائد السبسي رئيسا للجمهورية في انتخابات صعبة جرت في دورين خلال شهري نوفمبر و ديسمبر واجه فيها الوزير لعدة مرات خلال حكم الرئيسين بورقيبة و بن علي خصمه الرئيس التونسي المؤقت السابق المنصف المرزوقي بشعارات متضادة كشفت عن الانقسام بين عائلتين سياسيتين في تونس. و صار السبسي رئيسا بنسبة 56 بالمئة من الأصوات، و أصبح أكبر الرؤساء العرب سنا 88 سنة، لكنه مع ذلك يقول أنه ليس سياسيا من الطراز البالي، و يعد بالتأقلم مع ظروف تونس الجديدة و يؤكد أنه سيحافظ على ما تحقق من مكتسبات الثورة، و أبرزها الحريات الأساسية. بينما تسود مخاوف من الإنتكاسة و العودة إلى الأساليب البغيضة للعهود السابقة في تونس و التي كان فيها الرئيس يحصد 99 بالمئة من الأصوات، و قارن متابعون بين نجاح السبسي سياسيا في تونس و بين انتخاب عبد الفتاح السيسي في مصر، و بين اسمي الرجلين نقطة واحدة، ربما تكون النقطة الفارقة التي جعلت الإسلاميين في مصر يقبعون في غياهب السجون، و سمحت لإسلاميي تونس متمتعين بالجلوس في مقاعد المعارضة.
التونسيون اختاروا أيضا خلال سنة 2014 إنهاء المرحلة الانتقالية باختيارهم لأعضاء مجلس نواب الشعب (البرلمان) و أعطوا أغلبية المقاعد لحزب نداء تونس الذي يتزعمه الباجي قائد السبسي، بينما تراجعت المكانة السياسية لحزب النهضة الإسلامي بزعامة راشد الغنوشي إلى المرتبة الثانية.
و قد لعب الإسلاميون التونسيون رغم تزايد نشاط الجماعات المسلحة، و اتهام خصومهم لهم بأنهم يلعبون على الحبلين، دورا رئيسيا في نجاح المسار الديمقراطي الذي عرفته تونس و بشر به الكثيرون كنموذج جدير بالاحتذاء في بقية دول الربيع العربي، و كان لزعامة راشد الغنوشي أثر جلي جعل صقور النهضة يستاؤون من فتاوي الشيخ السياسية، و قد لعب بعضهم دورا كبيرا في دعم المرزوقي خلال الدور الأول من الرئاسيات بعدما مني حزبه بهزيمة كبيرة في الانتخابات البرلمانية جعل الرئيس المؤقت يستعيد بعض غروره في مواجهة السبسي.
قبلت حركة النهضة الإسلامية في تونس لأول مرة في تاريخ الإسلام السياسي قواعد اللعبة الديمقراطية و خضعت لحكم الصندوق، و غبتهج أنصارها بمرتبتهم الثانية في البرلمان، قائلين أنهم فرحون لمساهمتهم في نجاح تجربة الانتقال الديمقراطي في بلد الربيع العربي الأول، و حرص الغنوشي على لجم رغبات و طموحات صقور النهضة في دعم معلن للمرزوقي في الدور الثاني، مما يجعله يفاوض خصمه نداء تونس في مسألة تشكيل الحكومة.
لم يكن ممكنا لتونس أن تخطو في مسار إنهاء المرحلة الإنتقالية بكل هذه السرعة خلال الشهور الثلاثة الأخيرة من العام المنقضي، لولا قيام المجلس الوطني التأسيسي ( البرلمان المؤقت) الذي كان تحالف ثلاثي (الترويكا) بين المرزوقي و النهضة و حزب مصطفى بن جعفر يحوز فيه على الأغلبية ، بإصدار الدستور الجديد لتونس مع بداية العام، و الذي خرج بعد مخاض عسير، مشتملا على أهم عناصر بناء نظام ديمقراطي يصون الحريات و يحفظ الحقوق و يزاوج بين الحداثة و الانتماء لفضاء حضاري عربي إسلامي.
بفضل الدستور الجديد صار لرئيس تونس صلاحيات و سلطات أقل و لرئيس الحكومة المسؤول أمام النواب عن السياسات التنفيذية، سلطات أكبر، و قد اعتبر الرئيس التونسي المنتخب أن حصول حزبه على الأغلبية البرلمانية، يسمح بوجود تناسق كبير في عمل مؤسسة الرئاسة و رئيس الحكومة، و سيعمل السبسي على تبديد المخاوف لدى خصومه من هيمنة عائلة سياسية واحدة تستلهم من الإرث البورقيبي في مجال بناء دولة حديثة متفتحة، بمحاولة إشراك الأطياف السياسية الأخرى من ليبراليين و يسار و إسلاميين في عمل حكومة حزبه، و لكن مشروعه غير الواضح بإعادة هيبة الدولة، لم يزد المشككين في نجاح الانتخابات التونسية النموذجية إلا تشاؤما. و مقابل ذلك يراهن البعض على نشاط و حيوية المجتمع المدني في منع العودة إلى الماضي، قائلين أن العلمانيين سيكونون القادة الجدد في مرحلة ما بعد الإسلاميين الذين أتت بهم أمواج التغيير الأولى.
العام الجديد سيحكم على خطوات السبسي أتسير قدما أم تتقهقر إلى الماضي، حماية لتونس من مستقبلها في ماضيها التليد.      

عمر شابي

 

داعش.. «غول» يهدد الشرق الأوسط أم مبرر لتدخل أمريكي جديد؟

في 29 جوان 2014 أعلن المسمى أبو بكر البغدادي ميلاد أو بعث “الخلافة الإسلامية” على يد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام الذي يختصر في كلمة "داعش"، كان الإعلان صادما ليس للعرب والمسلمين الذين لم يعد يصدمهم شيئا إنما للغرب الذي تخوف على مصالحه والذي ربما لم تكن حساباته صحيحة حول التطورات المستمرة في الشرق الأوسط.
بعدما سيطر تنظيم الدولة الإسلامية على مناطق واسعة في غرب وشمال العراق ووصل إلى مشارف العاصمة بغداد تحركت الآلة الأمريكية بقوة سياسيا وإعلاميا ودبلوماسيا ولكن أيضا عسكريا واستخباراتيا للبحث عن تحالف دولي جديد يصد تنظيم الدولة ثم ينتهي بهزيمته في آخر المطاف.
وكالعادة صورت الآلة الدعائية الأمريكية الرهيبة هذا التنظيم وكأنه قوة إقليمية كبيرة تستعد لالتهام الأخضر والأصفر كله لتصل إلى الماء أيضا في شرق أوسط العرب، وبالفعل بعد تحركات ماراطونية لكاتب الدولة الأمريكي جون كيري يمينا وشمالا، وبعد حسابات دقيقة للمصالح الأمريكية أولا، ثم بدرجة أقل مصالح دول أخرى حليفة تسميها واشنطن صديقة بدأت الطائرات تلقي بحممها فوق مدن العرب في العراق وسوريا غير آبهة بما تخلفه من دمار وتقتيل.
عدنا إلى الجاهلية الأولى ..سبي.. قتل.. قطع الرؤوس.. زواج المتعة.. رجم حتى الموت فتاوى من كل نوع كلها تصب في معاني العنف والدم والتقتيل، كل هذا الكم كان بضاعة دعائية لآلة الحرب الغربية وبخاصة الأمريكية منها التي رمت بكل ثقلها لحشد تحالف دولي جديد كذلك التي صنعته أيام غزو واحتلال وتدمير العراق، ورمت بكل ثقلها  وفق إخراج هوليودي متقن في رسم صورة “الغول” الكبير الذي يستعد لالتهام الشرق الأوسط وأطفاله ونساءه وبتروله وماءه .. ونجحت أيضا في رسم نوعية “الروبوكوب» الذي لابد عليه أن يهزم هذا «الغول» ويكسر إضلاعه.
وتمكنت الولايات المتحدة الأمريكية بالفعل من خلق تحالف عسكري وسياسي جديد ضد تنظيم الدولة الإسلامية يتكون كالعادة من تابعيها من أعراب الخليج والأردن و إيران ودول أخرى في المنطقة يتقاسمون نفس العداء ضد تنظيم الدولة ومن يقف وراءه، ويتقاسمون أيضا بعضا من المصالح عند سقوطه..
ولم يدم الوقت طويلا حتى بدأ التحالف الجديد في قصف مواقع يقول أنها تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبعدها في سبتمبر بدأ ولأول مرة في قصف مواقع التنظيم في سوريا.. والنتيجة يعرفها الجميع... لكن بعد أربعة أشهر من القصف اليومي لم يتمكن التحالف حتى الآن من وقف تمدد التنظيم لا في سوريا ولا في العراق ولا من إلحاق الهزيمة به.
وهكذا يستمر مسلسل “داعش» قصف يومي على بلدات ومدن في سوريا والعراق ومزيد من الضحايا المدنيين، وأنباء متضاربة من جهة القاصفين ومن جانب المقصوفين.. لكن المحللين السياسيين والاستراتجيين يرون في التحالف الجديد فرصة مواتية لواشنطن العادة رسم خارطة الشرق الأوسط وفق المستجدات الجديدة التي طرأت على الساحة ووفق مقتضيات ما أفرزته الأحداث المتتالية المتسارعة في الشرق الأوسط منذ سنوات، وبخاصة ما أفرزته الأزمة السورية وتطورات الوضع في العراق. وعلى هذا الجانب تبدو أمريكا وحدها من يعلم إلى أين ستقود الحرب على “الدواعش» الجميع، وهي وحدها من سيقرر في نهاية المطاف كيف ستكون النهاية وكيف ستوزع المكافآت على المشاركين في الحملة،  لكن هذا إن تمكنت من القضاء على «الغول» وهي في آخر المطاف لا يمهما من خسر بشكل اكبر ولا تهمها الأضرار الجانبية لأن ما يهمها ماذا كسبت وفقط.
لقد شغل "داعش" في النصف الثاني من سنة 2014 الدنيا، والإعلام، و صالونات وكواليس السياسة، والرأي العام العالمي، والكبير والصغير، وصار على اللسان وما يزال، ويمكن القول انه ابرز حدث عالمي في هذه السنة.
محمد عدنان

 

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com