تشهد مصلحة حديثي الولادة بالمستشفى الجامعي بقسنطينة، ظروفا صعبة، نتيجة ضيق المكان و استقبال عدد كبير من الرضع يوميا، يزيد عن طاقتها القصوى، فضلا عن عجز في عدد الأطباء و شبه الطبيين، و النقص الكبير في الأجهزة الطبية المستخدمة في الإنعاش، إضافة إلى عدم التمكن من القضاء على جرثومة «السالمونيل»، بسبب استحالة غلق المصلحة قصد إخضاعها للتعقيم.
و عاينت النصر أمس ظروف عمل الطاقم الطبي، و كيفية استقبال و العناية بالمواليد الجدد، خاصة الذين يعانون من صعوبات صحية، و ذلك في حضور رئيسة المصلحة البروفيسور بومعراف، و قد بدت الأوضاع غير ملائمة بداية من السلالم المؤدية إلى باب المصلحة، حيث لاحظنا بأن المقبض الحديدي المثبت على طول السلالم، مكسور، و علمنا فيما بعد أنه على هذه الحالة منذ مدة طويلة، دون أن يتم إصلاحه، مع العلم أنه قد يشكل خطرا على الأشخاص الذي يستعملون السلالم و هم يحملون رضعا حديثي الولادة.
و أمام باب المصلحة، وجدنا أولياء ينتظرون استلام أبنائهم، و قد بدا الوضع فوضويا بعض الشيء، في غياب أعوان الأمن، أين كانت الممرضات تتولين مهمة التحدث إلى الأولياء، ثم إدخال إحدى قريبات الرضيع لاستلامه، دون أن يكون هناك مكان مناسب للأمر، فحتى المكان الذي يوضع فيه الرضيع لتجهيزه و إلباسه قبل خروجه، يبدو غير ملائم.و قد بدت مساحة المصلحة ضيقة جدا، و حتى حجراتها كانت مكتظة بأسرّة المواليد، و نتيجة لعددهم الكبير، تضطر الممرضات لوضع رضيعين في سرير واحد، حسب ما شاهدناه، و قد يوضع 3 في ذات السرير، إذا ما اقتضى الأمر ذلك، حسب ما علمناه، إضافة إلى ذلك، فإن حالة المصلحة بدأت في التدهور، فبعض الأضواء لا تشتغل، و طلاء الجدران تساقط في بعض الأماكن، كما أن إحدى البوابات التي تؤدي نحو مصلحة الولادة عالية الخطورة و التي يفترض بأنها الكترونية، لا تغلق أو تفتح إلا يدويا، و تسد بقطعة حديدية حتى لا تفتح من الجهة الأخرى.
و حسب ما أوضحته رئيسة المصلحة السيدة بومعراف للنصر، فإن قدرة استيعاب مصلحتها تصل إلى 54 سريرا، في الوقت الذي تضم 70 سريرا، تستقبل أكثر من 100 رضيع في غالب الأوقات، مؤكدة بأن الأسرة متقاربة جدا، في حين توصي المعايير المعمول بها، على أن يوضع كل سرير في 3 متر مربع، و ذكرت ذات المتحدثة بأن المصلحة تستقبل خلال فصل الصيف ما يزيد عن 1000 رضيع في الشهر الواحد، مشيرة بأن حديثي الولادة، أي بين عمر من 0 إلى 28 يوما، الذين يتم استقبالهم، هم من ولدوا عن طريق عمليات قيصرية، أو لم يتأقلموا مع الحياة خارج الرحم، سواء لصعوبة في التنفس أو لتعقيدات صحية أخرى.
منظفات يُرضِعن المواليد بسبب الضغط
و قالت البروفيسور، بأن مصلحتها تستقبل الرضع الذين يتم تحويلهم من جميع العيادات الخاصة بقسنطينة و الولايات المجاورة، إضافة للمستشفيات العمومية بقسنطينة، و عدة ولايات على غرار سكيكدة و أم البواقي و جيجل و خاصة ميلة، و هو ما يؤثر سلبا على ظروف الاستقبال، بسبب العجز المسجل في الأطقم الطبية، حيث لا تتوفر المصلحة سوى على طبيبين مختصين، هما الطبيبة الرئيسة إضافة إلى أخصائي أخر، فيما توجد 5 فرق، مؤلفة من ممرضتين و مساعدة تمريض، مع تقسيم العمل بنظام المناوبة، حيث يعمل كل فريق على حدة، ما يشكل الضغط على الممرضات، اللواتي قد يصل عدد الرضع الذين تسهر كل واحدة على رعايتهم، إلى 50 في بعض الحالات، في حين توصي المعايير بتخصيص ممرضتين و مساعدة تمريض لكل 8 رضع، و أمام هذا الوضع، أصبحت المكلفات بالنظافة تتولين مهمة إرضاع المواليد، حسب ما أكدته محدثتنا.
و أوضحت البروفيسور بومعراف، أن تحد آخر يواجهها مع طاقمها الطبي، و يتمثل في النقص الفادح للأجهزة الطبية، و خاصة تلك المستخدمة في الإنعاش، حيث لا تتوفر المصلحة سوى على حاضنتين يوضع فيهما الرضع الذين ولدوا قبل إتمام الشهر التاسع، و يساعد هذا الجهاز في الحفاظ على الحرارة الملائمة للصغير و كذا مساعدته على التنفس و غير ذلك، في الوقت الذي تستقبل فيه المصلحة حوالي 30 حالة لرضع ولدوا قبل أوانهم، و ذلك في أحسن الأحوال، كما تفتقد للأجهزة المساعدة على التنفس و التي من الضروري توفر عدة أنواع منها، حسب ما أوضحته البروفيسور، التي أكدت بأن جهاز تعقيم الرضاعات التي تستعمل لإعطاء الحليب للأطفال، معطل منذ عدة أشهر، حيث يتم استعمال جهاز تعقيم خاص بمصلحة التوليد، مشيرة إلى أن أكثر من 500 رضاعة يتم إعدادها يوميا.و بالإضافة إلى كل ذلك، فقد تم اكتشاف جرثومة «السالمونيل» على مستوى المصلحة، حسب ما كشفته محدثتنا، حيث لم يتم إيجاد مصدرها، رغم التحاليل التي خضع لها العاملون هناك، في الوقت الذي لا يمكن فيه إغلاق المصلحة من أجل تنظيفها و تعقيمها، نظرا لعدم وجود مكان آخر مجهز، يتم تحويل الرضع إليه.
روبورتاج: عبد الرزاق مشاطي