انتقل أمس إلى رحمة الله المجاهد، العقيد، ومنسق حزب جبهة التحرير الوطني سابقا، محمد الصالح يحياوي عن عمر ناهز 86 سنة بالمستشفى العسكري محمد الصغير النقاش لعين النعجة بالعاصمة، بعد صراع مع مرض عضال ألزمه الفراش لمدة طويلة.
يعتبر الراحل محمد الصالح يحياوي من رموز النضال والكفاح التحرري في الجزائر، و قد ولد سنة 1932 ببلدية عين خضرة بولاية المسيلة، وتربى وكبر ببريكة التابعة لولاية باتنة، وقد التحق بالثورة التحريرية في سنة 1956 كضابط من الرعيل الأول، وقاد عدة مناطق بالولاية التاريخية الأولى، كما أشرف على عدة معارك وعمليات عسكرية ضد العدو الفرنسي.
بعد الاستقلال واصل الراحل محمد الصالح يحياوي العمل في صفوف الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني، وتقلد عدة مناصب في المؤسسة منها عضو في قيادة الأركان، وبعد الإطاحة بالرئيس الأسبق أحمد بن بلة في 19 جوان 1965 يعين يحياوي عضوا في مجلس قيادة الثورة الذي كان يرأسه الرئيس هواري بومدين.
يعين محمد الصاح يحياوي قائدا للناحية العسكرية الثالثة – بشار- بين سنتي 1964 و 1969، وبعدها يعين قائدا للأكاديمية العسكرية لمختلف الأسلحة بشرشال بين 1969 و 1977، حيث عمل على ضمان تكوين جيد لأفراد الجيش الوطني الشعبي في هذه المدرسة العريقة التي تخرج منها في وقته ضباطا كبارا وكفاءات عسكرية معروفة، وقبلها انتخب عضوا في اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني في مؤتمر1964، وكان مكلفا بالمنظمات الجماهيرية في الحزب في ذلك الوقت.
و في سنة 1977 يغادر الفقيد المؤسسة العسكرية برتبة عقيد ليبدأ مشوارا آخر في الحياة المدنية والسياسية، حيث كلف في أكتوبر من نفس السنة بمهمة مسؤول و منسق جهاز الحزب( الآفلان) و إعادة تنظيمه وهيكلته، وهيكلة المنظمات الجماهيرية التي كانت تدور في فلكه.
وعرف عن الراحل محمد الصالح يحياوي دفاعه عن الخيار الاشتراكي الذي كانت تسير عليه الدولة في ذلك الوقت وعن الخط الوطني النوفمبري وتمسكه بثوابت الشعب الجزائري وأصالته ومساهمته في عملية التعريب.
بعد وفاة الرئيس هواري بومدين كان محمد الصالح يحياوي من بين الأسماء المرشحة ، لكن الرياح لم تسر في هذا الاتجاه في نهاية المطاف وابتسم الحظ للشاذلي بن جديد.
في ماي من سنة 1981 يقرر أعضاء اللجنة المركزية للحزب الواحد آنذاك سحب الثقة من محمد الصالح يحياوي إيذانا بنهاية مرحلة مهمة من تاريخ الجزائر في ذلك الوقت، حيث كان يعتبر من أنصار مرحلة الراحل هواري بومدين، حيث أبعد من الحزب ليركن بعدها للتقاعد، ولن يعود إلى اللجنة المركزية للآفلان إلا في سنة 1998.
بعدها التزم يحياوي الصمت وظل ناصحا و مساهما في بعض النقاشات التي تهم الوطن إلى أن أصيب بمرض ألزمه الفراش لمدة طويلة، وقد عاد قبل أيام قليلة من أحد المستشفيات الأردنية حيث كان يعالج.
ويبقى محمد الصالح يحياوي شخصية وطنية كاريزمية ، و هو مدرسة في النضال والوطنية داخل الجيش و الحزب بعد ذلك، وقد ساهم في مهام وطنية عدة، وقد كان في مستوى العطاء والتضحية من أجل الوطن، وظل الفقيد الذي لم يدخل في السجالات السياسية يحظى باحترام الجميع.
إلياس -ب