زكى أغلبية نواب المجلس الشعبي الوطني أمس النائب عن حزب جبهة التحرير الوطني، معاذ بوشارب، رئيسا جديدا للمجلس خلفا للسعيد بوحجة، بينما قاطع نواب المعارضة جميعهم جلسة التصويت، وبذلك يسدل الستار على الصراع الذي عاشه المجلس منذ أربعة أسابيع.
عقد المجلس الشعبي الوطني أمس جلستين علنيتين، خصصت الأولى للمصادقة على تقرير لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات المتعلق بشغور منصب رئيس المجلس، والثانية خصصت لانتخاب رئيس جديد له.
وفي الجلسة الأولى التي رأسها أكبر أعضاء مكتب المجلس، الحاج العايب، بمساعدة أصغر النائبين سنا تمت المصادقة بالأغلبية على تقرير اللجنة، حيث تبنى 317 نائبا من أحزاب الموالاة والأحرار، تقرير اللجنة وأثبتوا شغور منصب الرئيس، وصوّت نائب واحد من الأحرار ضد التقرير، بينما امتنع نائبان اثنان عن التصويت.
و قد قاطعت كل كتل المعارضة ممثلة في حزب العمال، الاتحاد من أجل النهضة، العدالة والبناء، حركة مجتمع السلم، وجبهة القوى الاشتراكية و قاطع أيضا التحاف الوطني الجمهوري الجلسة بالكامل، ولم يظهر لهم أثر في البرلمان، عدا النائب لخضر بن خلاف وزميلين له في تحالف الاتحاد.
وقد صوّت نواب أحزاب الموالاة الأربعة زائد الأحرار لصالح التقرير الذي أثبت شغور منصب الرئيس، بينما اعتبر لخضر بن خلاف عن المعارضة في تصريح له ما حدث انقلابا على الشرعية، وانزلاقا خطيرا يقع اليوم في مؤسسة من مؤسسات الدولة، مضيفا أنهم لا يساندون بوحجة كشخص إنما يساندون الشرعية على حد تعبيره، وبرأيه فإن حل المأزق الذي وقع فيه المجلس يكمن في حله.
وبعد الانتهاء من الجلسة الأولى التي تبنى فيها النواب تقرير لجنة الشؤون القانونية الخاص بإثبات حالة شغور منصب الرئيس رفع الحاج العايب الجلسة، و دعا النواب إلى جلسة ثانية بعد ساعة فقط من الزمن.
و قد خصصت الجلسة الثانية لانتخاب رئيس جديد للمجلس، وقبل أن يفتح الحاج العايب الباب للترشح طلب النائب محمد جميعي عن كتلة حزب جبهة التحرير الوطني الكلمة ليعلن أن نواب الحزب يرشحون زميلهم رئيس الكتلة معاذ بوشارب للمنصب، بعدها توالت تدخلات رؤساء كتل من التجمع الوطني الديمقراطي، وتجمع أمل الجزائر، والحركة الشعبية الجزائرية والأحرار، وبعض النواب دون انتماء ليعلنوا جميعهم مساندتهم وتزكيتهم لمرشح الآفلان.
وفي ظل وجود مرشح واحد ووحيد فقط أعلن رئيس الجلسة أن انتخاب الرئيس الجديد سيكون عبر التزكية برفع الأيدي، وهو ما وقع بالفعل، وعليه فقد صوّت لصالح بوشارب 320 نائبا، بينما امتنع نائب واحد فقط عن التصويت، ولم يصوت أحد ضده، و كان عدد الحضور يبلغ 288 نائبا، فضلا عن 33 وكالة، من أصل 462 نائبا يعدهم المجلس الشعبي الوطني في المجموع.
و كان المجلس الشعبي الوطني قد دخل قبل شهر تقريبا في صراع بين رئيسه السعيد بوحجة وخمس كتل طالبته بتقديم استقالته لكنه رفض، وهو ما أدى بالكتل إلى تجميد عمل هياكل الغرفة السفلى قبل رفع التجميد هذا الأسبوع.
إلياس –ب
بعد تزكيته رئيسا جديدا للغرفة السفلى للبرلمان
بوشـــارب يتعهــد بترسيــخ قــواعـد التكامـــل مع الحكــومـــة والـهيئــات الأخـرى
تعهد الرئيس الجديد للمجلس الشعبي الوطني، معاذ بوشارب، بعد انتخابه رئيسا جديدا لهذه الهيئة أمس بترسيخ قواعد التعاون والتكامل مع الحكومة، ومع مجلس الأمة وباقي الهيئات الدستورية، وتكريس ثقافة الشراكة والتوافق البناء والتواصل الدائم مع جميع مكونات المجلس للرفع من المكانة المؤسساتية له، وأكد عزمه تعزيز مكانة المجلس والبرلمان بصفة عامة، واعتماد منهجية الإنصات والتشاور مع الأغلبية والمعارضة، داعيا الجميع إلى بذل مجهود مشترك، وقال إن الظرف الحالي يقتضي من الجميع مزيدا من التماسك لضمان السير العادي لهذه المؤسسة الهامة.
وقال معاذ بوشارب في كلمة له تلاها أمس مباشرة بعد تزكيته من طرف الأغلبية رئيسا جديدا للغرفة السفلى للبرلمان خلفا للسعيد بوحجة أنه يلتزم أمام الجميع «بالعمل مع الجميع من أجل أن تؤدي مؤسساتنا دورها التشريعي والرقابي بما يخدم مصلحة الشعب الجزائري».
وأضاف أن الثقة التي وضعت في شخصه من طرف النواب تضع الجميع أمام مسؤوليات جسام في ظرف حساس وبالغ التعقيد اقتصاديا وأمنيا، مذكرا في السياق بما تنعم به البلاد من فضائل الحرية والاستقلال وثمرات البناء والتشييد، ونعمة الأمن والاستقرار، غير أن هذه المكاسب الثمينة التي تحققت بعد تضحيات جسام «تتطلب من الجميع التجند المستمر والحماية والتحصين لأنها الركيزة والأساس لاستكمال المشروع النهضوي الاقتصادي والاجتماعي لرئيس الجمهورية».
كما ذكر بوشارب بحجم التحديات التي تواجه البلاد في مجال الاستجابة لانشغالات المواطنين، وكذا من أجل بناء اقتصاد أقوى وأقل تبعية للمحروقات والحفاظ على الاستقلالية المالية والاقتصادية للجزائر، و ذكر أيضا حجم التحديات المحسوسة التي تحذق بالبلاد على الحدود كمخاطر الإرهاب وشبكات الجريمة المنظمة.
لذلك يقول الرئيس الجديد للمجلس الشعبي الوطني فإن الجميع مدعو «للمزيد من اليقظة والتجند ورص الصفوف في إطار جبهة شعبية قوية وعتيدة وهي الجبهة التي دعا رئيس الجمهورية إلى بنائها لضمان استقرار الجزائر، وتعزيز مكاسب السلم والمصالحة الوطنية ودعم الاستقرار السياسي والأمني والانتعاش الاقتصادي ومكافحة كل الآفات وعلى رأسها الفساد والمخدرات».
ومن أجل تحقيق كل هذه الغايات تعهد معاذ بوشارب «بترسيخ قواعد التعاون والتكامل مع الحكومة، على قاعدة الفصل بين السلطات، ومع مجلس الأمة وباقي الهيئات والمؤسسات الدستورية الأخرى، وأيضا تكريس ثقافة الشراكة والتوافق البناء والتواصل الدائم مع جميع مكونات المجلس، من مكتب ومجموعات برلمانية، ولجان دائمة وهذا للرفع من المكانة المؤسساتية له وكي يكون دائما صرحا شاهدا على الديمقراطية التشاركية ومنبرا حقيقيا للدفاع عن المصالح الوطنية الكبرى».
وفي نفس السياق قال المتحدث إن المسؤولية الجديدة ستجعله أكثر عزما على تعزيز مكانة المجلس والبرلمان بصفة عامة كما توخاها الدستور وكما يتطلع إليها رئيس الجمهورية والشعب الجزائري.
وأضاف أن أولويته هي مواصلة الهيئة مهمتها النبيلة بكل مسؤولية وجدية وحرص لتمثيل المواطنين بأمانة وصدق كي يكون في مستوى ما يتطلع إليه الشعب.
كما وعد رئيس المجلس أسرة الإعلام باعتماد سياسة الأبواب المفتوحة أمام كل وسائل الإعلام والاتصال، معتبرا إياها مرافقا وشريكا.
ولم يفوّت المتحدث المناسبة ليوجه تحية خاصة لرئيس الجمهورية على الثقة التي وضعها في شخصه، وتحية أخرى للجيش الوطني الشعبي، وقال إن أولوية المجلس في الوقت الحالي هي دراسة مشاريع القوانين بعمق وفي مقدمتها مشروع قانون المالية لسنة 2019 والنظام الداخلي للمجلس، ودعا زملاءه النواب إلى اعتماد أساليب حضارية في الحوار والنقاش الديمقراطي والترفع عن كل اعتبار سياسوي وتفضيل الروح الايجابية التي تقدر المصلحة العليا للوطن.
إلياس -ب