تفرعت الحصيلة التي أعدتها هيئة الحوار والوساطة، إلى مقترحات «واجبة التجسيد قبل الانتخابات الرئاسية» و أخرى يتعين تحقيقها عقب الانتهاء من تنظيم هذا الاستحقاق. حيث أكدت اللجنة على ضرورة اتخاذ تدابير تهدئة، كإطلاق معتقلي الحراك و حماية المؤسسات الخاصة التي يوجد مسيروها محل متابعات قضائية، كما تشمل المقترحات كذلك الإسراع في إحداث سلطة وطنية للانتخابات، تكون «دائمة و مستقلة».
تؤكد المقترحات التي تم الكشف عنها أمس أيضا على «ضرورة خلق مناخ إيجابي لبناء و تعزيز جسور الثقة بين السلطة و الشعب و بالتالي بين الناخب و المنتخب» عبر»اتخاذ تدابير تهدئة, كإطلاق سراح محبوسي الحراك و حماية المؤسسات الخاصة التي يوجد مسيروها محل متابعات قضائية، وهذا حفاظا على الاقتصاد الوطني و مناصب الشغل.
و تشمل هذه المقترحات كذلك الإسراع في إحداث سلطة وطنية للانتخابات، تكون «دائمة و مستقلة و منبثقة عن تصور أطراف العملية الانتخابية»، على أن تعهد رئاستها لشخصية وطنية «ذات مصداقية وقبول شعبي».
وتشدد المقترحات على نقل كافة الصلاحيات المخولة بموجب التشريع الانتخابي ساري المفعول، من وزارات الداخلية والعدل و الخارجية و كل السلطات المحلية و كذا بعض صلاحيات المجلس الدستوري إلى السلطة المذكورة آنفا من خلال تعديل القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات.
أما فيما يتصل بالمقترحات ما بعد الرئاسيات، فيشير التقرير إلى الدخول مباشرة في «مرحلة انتقالية دستورية»، تفتح فيها الورشات الإصلاحية الكبرى، من أجل «شرعنة» عمل كافة المؤسسات الدستورية و المرافق العمومية و تكييف دورها بدءا بإجراء تعديل دستوري شامل أو إعداد دستور جديد «ثابت» يطرح لاستفتاء شعبي للمصادقة عليه و يكون متبوعا بتكييف الترسانة القانونية و الإدارية ككل.
سلطة عليا لمراقبة وتنظيم الانتخابات
تتشكل تركيبة السلطة المستقلة لتنظيم الانتخابات، التي أعدتها هيئة الوساطة والحوار، من 50 عضوا مركزيا. ويتكون أعضاء الهيئة من فئة تمثل القضاة ومساعدي العدالة متشكلة من أربعة قضاة ومحامين وموثقين و2 محضرين قضائيين، ثلاث شخصيات وطنية و2 ممثلين عن الجالية، 10 أساتذة جامعيين، 20 ممثلا عن المجتمع المدني وخمسة كفاءات مهنية.
ونص مشروع القانون على تخصيص خمسة مقاعد في مجلس السلطة لكفاءات مهنية، وثلاثة مقاعد لشخصيات وطنية، ومقعدين لممثلين عن الجالية بالخارج. ويتم اختيار أعضاء مجلس السلطة المستقلة عن طريق الانتخاب من طرف النظراء، كما يجري اختيار أعضاء مجلس السلطة بناء على مشاورات تفضي باختيار شخصية وطنية توافقية، تتولى الإشراف على تشكيل وتنصيب المجلس.
وحسب ما جاء في مشروع القانون، فإن السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات هي هيئة دائمة مستقلة، تمارس مهامها بدون تحيز. وهي شخصية معنوية تتمتع بالاستقلال الإداري والمالي، ويكون مقرها بالعاصمة، ولها امتدادات على المستوى المحلي وفي الخارج. وحسب المادة 3 من مشروع القانون، فإن السلطات العمومية ملزمة بتقديم كل أنواع الدعم والمساندة التي تطلبها السلطة المستقلة، لتمكينها من القيام بمهامها ومسؤولياتها.
وتحدث الفصل الثاني من مشروع القانون عن صلاحيات السلطة المستقلة، حيث تحتكم السلطة المستقلة لمبدأ سيادة الشعب عن طريق انتخابات حرة، شفافة، تعددية ونزيهة تعبر عن إرادة الشعب واختياره الحقيقيين. وتتولى السلطة المستقلة تحضير الانتخابات وتنظيمها وإدارتها والإشراف عليها ورقابتها، ويتم هذا ابتداء من عملية التسجيل في القوائم الانتخابية ومراجعتها إلى غاية إعلان النتائج الأولية.
كما تندرج ضمن صلاحيات السلطة عمليات تحضير العملية الانتخابية والفصل في النزاعات الانتخابية وعمليات التصويت والفرز. وتنسق السلطة المستقلة مع السلطات العمومية المختصة، لاتخاذ الإجراءات الأمنية المتعلقة بالعمليات الانتخابية، لضمان سيرها في مكاتب ومراكز التصويت وخلال الفرز.
عقوبات ضد من يعرقل قرارات السلطة المستقلة
منح مشروع القانون العضوي المتعلق بالسلطة المستقلة للانتخابات، كامل الصلاحيات لأعضائها في ممارسة مهامهم، مع عقوبات صارمة لمعترضي قراراتها.
وحسب المادة 50 من مشروع القانون التمهيدي، في حالة أي إخلال أو تهديد يمس بسير العملية الانتخابية، يتخذ رئيس السلطة التدابير لضمان مطابقتها للنصوص السارية المفعول. وفي حالة استمرار وضعية الإخلال أو التهديد المذكورين، تتكفل السلطات العمومية المختصة باتخاذ التدابير المناسبة التي تضمن مواصلة سير العمليات الانتخابية.
وحسب المادة 51 يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى 3 سنوات، وبغرامة من 30 ألف و50 ألف كل من يعترض أو يعرقل أو يمتنع عمدا عن تنفيذ قرارات السلطة المستقلة.