إجراءات طبية مشددة ومسافرون عالقون بعد إلغاء رحلات نحو فرنسا
سجل مطار قسنطينة أمس، حالة من الفوضى والقلق في أوساط المسافرين بعد إلغاء أزيد من 50 بالمئة من الرحلات إلى فرنسا، في حين عرف إنزالا من طرف مغتربين قدموا من أجل تسجيل أنفسهم في الرحلات المقبلة، فيما اتخذت مؤسسة تسيير مطار قسنطينة إجراءات طبية رقابية مشددة من أجل الكشف عن الحالات المرضية المصابة بفيروس كورونا كما فتحت قاعة حجر صحي جديدة كإجراء احترازي.
وتنقلت النصر، أمس، إلى مطار محمد بوضياف بقسنطينة، حيث كان أول ما لفت انتباهنا هو الإجراءات الأمنية المشددة عند مدخل المطار في حين كان جل عناصر الشرطة يرتدون القفازات الواقية وكمامات الأنف والفم، فيما بدت الأجواء في البهو مشحونة وغير عادية فالجميع كان يتحدث عن إلغاء الرحلات وآخر الأخبار عن فيروس كورونا، فيما كان يخيم الصمت من حين إلى آخر ولا تكاد تجد اثنين يتحدثان مع بعضهما البعض. وألغيت على مستوى ولايات الشرق الجزائري كل الرحلات المتجهة إلى فرنسا، في حين ألغيت بشكل فجائي بمطار قسنطينة رحلتا مرسيليا و ليون، وهو ما أثار استياء المسافرين بشكل كبير، حيث عبروا للنصر عن قلقهم من إمكانية التوقيف النهائي للرحلات، كما استغربوا هذا القرار المفاجئ الذي صدر مثلما قالوا دون أي مبرر، في حين أكد لنا مصدر من الخطوط الجوية الجزائرية أنه سيتم التخفيض من الرحلات بنسبة 50 بالمئة كما أنه سيتم إلغاء رحلة اليوم نحو فرنسا.
واقتربنا من المسافرين، الذين اصطفوا في طوابير أمام وكالة الخطوط الجوية الجزائرية، حيث وجدنا رجلا في الخمسينيات رفقة أمه السبعينية وهما ينتظران دورهما في الطابور الطويل، إذ صرح لنا أنه كان من المفروض أن يعود يوم 22 من الشهر الجاري إلى مدينة ليون بفرنسا، لكن بعد علمه بتوقيف الرحلات وتخفيض عددها على مستوى مطارات القطر، قرر السفر عبر أي رحلة يجد فيها الأماكن شاغرة، إذ وجد جل مقاعد الطائرة المتجهة لباريس محجوزة قبل أن يحجز على طائرة نيس يوم الخميس المقبل.
وذكر مسافر قدم من مدينة عنابة أن رحلته ألغيت على مستوى مطار عنابة نحو ليون، وقدم إلى قسنطينة من أجل الحجز على طائرة ليون في الأسبوع المقبل، لكنه وجد كل الأماكن محجوزة، ما اضطره إلى الحجز عبر رحلة نيس التي تبعد عن مقر إقامته بحوالي 500 كيلومتر، فيما سجلنا نفس التصريحات لدى كهل من ولاية سطيف ا قال إنه ضيع على نفسه موعدا طبيا مهما، كما وجدنا خلال جولتنا شابا رفقة ابنته وهو في حالة قلق شديد إذ صرح لنا باقتضاب أنه لا يمكنه أن يتأخر أكثر عن العودة إلى مقر إقامته.
ضغط على الحجوزات وعمال ينتقدون «نقص» إجراءات الوقاية
وذكر لنا موظفون بالخطوط الجوية، أن المسافرين اضطروا إلى التسجيل عبر رحلات ستراستبورغ ونيس إثر تخوفات من إمكانية التوقيف النهائي للرحلات نحو فرنسا، كما أكدوا أنه ومنذ يوم أمس، سجلوا ضغطا رهيبا على الحجوزات من طرف المسافرين، فيما أكد لنا عدد من المسافرين أنهم تلقوا اتصالات من عائلاتهم يطالبونهم فيها بالمكوث في الجزائر نظرا لعدم تفشي الفيروس بها مقارنة بفرنسا التي تعرف تزايدا في عدد المصابين لكنهم، رفضوا الأمر لعدم توفر الرعاية الصحية اللازمة بالمستشفيات الجزائرية، بحسب تعبيرهم.
واشتكى عاملون وموظفون بالمطار مما أسموه نقصا في الإجراءات الوقائية، حيث قالوا إن النظافة متوفرة لكن التعقيم وإجراءات الأمان غير متوفرة، إذ أن المسافرين يتجولون بكل حرية كما يلتصقون ببعضهم البعض و غالبيتهم لا يرتدون الكمامات وهو ما وقفنا عليه، في حين أن دورات المياه والمقاهي فضلا عن أماكن الجلوس غير معقمة، مطالبين بتوفير إجراءات أمنية أكثر فعالية . غيرنا وجهتنا نحو الطابق العلوي أين استقبلنا ضباط وأعوان الشرطة، حيث تم منحنا كمامة طبية ثم توجهنا إلى قاعة دخول وخروج المسافرين، أين لاحظنا أن المكان جد نظيف في حين كان كل من يتجول بالمكان يرتدي كمامات، وعند وصولنا إلى قاعة الفحص الطبي تسللت إلى أنوفنا رائحة الكحول و المواد المعقمة.
وتتكون قاعة المراقبة الصحية من ثلاثة مكاتب مزودة بجميع التجهيزات الطبية اللازمة، مثلما أكدته الأخصائية في الاستعجالات الدكتورة شريفي كريمة، حيث صرحت للنصر أن قاعة الفحص تتوفر على غرفة للحجر الصحي وأجهزة التعقيم وجهاز مونيتور وأجهزة التنفس، فضلا عن كاميرا حرارية و أجهزة فحص حرارية يدوية، إذ وقفنا على توفرها خلال جولتنا.
وذكرت الدكتورة شريفي، أنه لا يمكن الكشف عن الحالات الحاملة للفيروس إلا من خلال قياس درجة حرارة الجسم فإذا كانت من 38 درجة فما فوق فإنه يتم إخضاع الحالة إلى إجراءات البروتوكول الطبي المتفق عليها دوليا، مؤكدة أنه من المستحيل الكشف عن المصاب بالفيروس دون ظهور الأعراض، كما لفتت إلى أن الطواقم الطبية تطرح أسئلة كثيرة على المسافرين المشكوك في حالتهم بغرض تشخيص وضعياتهم.
وأكدت الأخصائية، أنه وفور ملاحظة ارتفاع درجات الحرارة، فإنه يتم وضع المريض في غرفة الحجر الصحي ثم يتم نقله على متن سيارات الإسعاف الخاصة إلى المستشفى لاقتطاع عينات من دمه من أجل التشخيص النهائي لحالته، داعية المواطنين والمسافرين إلى التحلي بأقصى إجراءات الوقاية وتجنب التجول في الأماكن المكتظة والخروج إلا للضرورة القصوى.
وعن الحالات المشتبه فيها، أكدت محدثتنا أنه تم الوقوف على ثلاث حالات قدمت في رحلات من فرنسا إذ تم توجيهها إلى المستشفى، مشيرة إلى وجود مختصين اثنين في الاستعجالات و أطباء عامين متكونين في هذا المجال فضلا عن الطبيب المشرف المختص في الأوبئة وثلاثة ممرضين يسهرون، كما قالت، على مراقبة كل الرحلات بشكل مكثف، كما أكدت أن تعقيم الغرف وتنظيفها يتم بشكل جيد ومستمر.
قاعدة عزل صحي جديدة وتعقيم للحافلات وحاملات الحقائب
واتخذت مؤسسة تسيير مطار قسنطينة، إجراءات جديدة للكشف والتكفل بالحالات المشتبه بها، حيث تم فتح قاعة جديدة للعزل الصحي توجد بها 5 أسرة، تم وضعها بشكل متابعد في ما بينها، كما يوجد بها دورتان للمياه، في حين تم تزويد جل الأمكنة بغاسلات يدوية، حيث أن الحنفيات تشتغل بعد الدوس بالرجل على دواسة توجد أسفل الغسالة حتى لا يقوم أي شخص بلمس الصنابير بيده وينتقل إليه الفيروس. وصرح رئيس مؤسسة تسيير مطار قسنطينة غزلان محمد العربي للنصر، أن قاعة المراقبة الطبية مجهزة بجميع المستلزمات الطبية اللازمة كما تم أيضا بحسب المتحدث، تخصيص حاملات حقائب خاصة بالمسافرين المحليين وأخرى خاصة بالرحلات الدولية حتى تسهل عملية تعقيمها بعد كل رحلة، في حين خصصت حافلات للمسافرين المحليين وأخرى للسفريات خارج الوطن، حتى تُعقم بعد كل رحلة دولية.
لقمان/ق