أبانت الأزمة الصحية الناجمة عن انتشار فيروس كورونا ، عن مواهب وطاقات إبداعية وابتكارات متعددة للشباب والباحثين في عدة تخصصات، فضلا عن الوعي المتزايد والتضامن على المستوى المحلي، فمنذ الوهلة الأولى لظهور الفيروس ، برزت أفكار ومبادرات عديدة متميزة لقيت استحسانا وتشجيعا، سيما وأنها تأتي في إطار تعزيز الجهود الوطنية لمواجهة هذه الجائحة، و في هذا السياق دعا خبراء ومختصون ، أمس، إلى ضرورة وضع خطط لتنظيم و تأطير كل هذه العقول حتى تزيد الابتكارات في مجال الإنتاج في الفلاحة والصحة وفي مختلف المجالات وتثمين هذه الابتكارات والقدرات المحلية وإعطاء الفرصة للشباب الجزائري لكي يطلق المبادرات المختلفة في شتى الميادين،.
كما أكدوا على ضرورة الاهتمام بقطاع الصحة والتعليم العالي والبحث العلمي، وأن ترتبط كل مراكز ومخابر البحت العلمي مباشرة بالمؤسسات الاقتصادية وتخرج من الجانب النظري ، وشددوا أن الجزائريين بتضامنهم وبوعيهم ، قادرون على رفع التحدي والخروج من هذه الأزمة بأقل الخسائر.
دفعت أزمة كورونا بالعديد من الشباب والباحثين في عدة مجالات ، إلى إبراز قدراتهم الإبداعية وتفجير طاقاتهم بغية المساعدة في مواجهة الوباء، و قد انخرطت في هذا المسعى التضامني العديد من الشرائح داخل المجتمع، وبرزت في هذا الاطار، أفكار ومبادرات متميزة ، منها عمليات واسعة لصنع الكمامات ومواد التعقيم وابتكارات في المجال التقني وغيرها ويرى خبراء ومختصون، أنه من الضروري تثمين هذه القدرات والطاقات وفسح المجال أمام المواهب والشباب وتوفير بعض الإمكانيات التي تمكنهم من إبراز قدراتهم وفي هذا الصدد، أوضح الباحث والمحلل السياسي الدكتور بشير شايب، في تصريح للنصر، أمس، أن الشعب الجزائري وجد نفسه خلال هذه الأزمة، أن عليه أن يتضامن ويتكافل لمكافحة هذا الوباء ، مشيرا إلى ظهور مبادرات مميزة وأن الكثير من الجامعات والمخابر سواء العامة أو الخاصة باشرت صنع محلول التعقيم، إضافة إلى مبادرات لصنع الكمامات و الواقيات التي يستعملها الأطباء والمشتغلون في الحقل الطبي، إضافة إلى تشكيل خلايا أزمة هنا وهناك، على غرار مبادرة من الشباب في بلدية بني والبان في ولاية سكيكدة .
وأوضح المحلل السياسي، أن الذي فجر هذه الابتكارات والأفكار والطاقات التي كانت موجودة من قبل، هو غلق الموانئ والمطارات ، ووقف الاستيراد ، وعليه يجب أن نعتمد على أنفسنا وقدراتنا المحلية .
وأضاف في السياق ذاته، أن هذه الاختراعات والابتكارات في كل المجالات يجب أن تثمن، داعيا إلى إعطاء الفرصة للشباب والإطارات لكي يبادروا في كل المجالات، و قال أن النتائج ستبهر العالم ، سواء الابتكارات في المجال التقني، على غرار التطبيقات التي وضعها شباب والتي تساعد على احتواء المرض أو نشر المعلومة أو الاستعلام حول المرض وأيضا تطبيقات ومواقع واب حول التعليم الإلكتروني، لافتا في هذا الصدد إلى أنه وضع منصة للتعليم الإلكتروني بكل التقنيات الحديثة والتي هي متاحة للجميع .
وأكد المحلل السياسي، أن هذه الأزمة الصحية أبانت عن كنز من القدرات والطاقات والأفكار الإبداعية، وأضاف أن العقل المبتكر هو عقل شاب ويجب تثمين كل المبادرات ، وأشار إلى أن خياطات تطوعن لصنع الكمامات و أيضا هناك مخابر تعمل على تعقيم هذه الكمامات ووضعها مجانا في متناول المشتغلين في المجال الصحي والنظافة .
وقال في هذا السياق نتمنى أن هذه القوة والعاصفة من الوعي التي صنعها فيروس كورونا لا تنتهي غدا ، وفي هذه الحالة المطلوب من الدولة الجزائرية وضع خطط لتنظيم و تأطير كل هذه العقول حتى تزيد الابتكارات في مجال الإنتاج في الفلاحة والصحة والاقتصاد وفي مختلف المجالات، فهذه فرصة ولا يجب أن نضيع هذه الطاقات والقدرات -كما قال - مضيفا أن الجزائر لديها منجم من الكفاءات وقال أن بلادنا ليست في حاجة بعد اليوم إلى استيراد الكمامات والواقيات الطبية ومواد التنظيف ومواد التعقيم ، فقط تستثمر بعض الأموال في المخابر الموجودة في الجامعات ومراكز البحث الجزائرية وندعم الشباب والمبتكرين، وستكون هناك نتائج مبهرة في جزائرنا الجديدة .
وأوضح أن الجزائريين بتضامنهم وبوعيهم هم قادرون على رفع التحدي والخروج من هذه الجائحة بأقل الخسائر .
ومن جانبه، أوضح المنسق الوطني لنقابة المجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي «الكناس»، الدكتور عبد الحفيظ ميلاط في تصريح للنصر، أمس، أن ما لاحظناه مؤخرا هو وجود طاقات علمية و شبانية كبيرة جدا، سواء داخل الجامعة أو خارجها ، حيث كانت هناك مبادرات سواء من طرف أشخاص أو بعض الجمعيات والمراكز و مخابر البحث.
وأشار إلى أن الكثير من المواد التي كنا نستوردها بإمكاننا صناعتها بسهولة، على غرار الكمامات والتي أصبحت تصنع بكميات كبيرة على المستوى الوطني، كما أن بعض المؤسسات أيضا شرعت في انتاج أجهزة التنفس .
وأكد أن هناك طاقات إبداعية عديدة لم تمنح لها الفرصة في السابق ، وحتى مخابر ومراكز البحث في الجامعات كانت تعتمد فقط على الجانب النظري .
وقال في السياق ذاته، أنه لدينا كفاءات في كل المجالات، في الميكانيك و الإلكترونيك والكيمياء والفيزياء وفي كل التخصصات و من الضروري أن نمنح لهؤلاء الفرصة، مؤكدا على ضرورة الاهتمام مستقبلا بقطاع الصحة و الجامعة والبحث العلمي ، مضيفا أن البحث العلمي لا يجب ان يبقى مرتبطا بالجانب النظري، فلابد أن ترتبط كل مراكز ومخابر البحت العلمي مباشرة بالمؤسسات الاقتصادية ، بحيث أن المخبر يجب أن يكون منتجا ، فالمخابر الجامعية في كل دول العالم ، هي التي تمد المؤسسات بالإبداع.
وأضاف أنه من الضروري الاعتماد على الفلاحة والصناعة فلدينا شباب مبدعون في كل المجالات، ومن الضروري أن نعطيهم قليلا من الاهتمام وإمكانيات قليلة تسمح لهم بصناعة المعجزات .
وقال أنه على الدولة الاستثمار في الكفاءات وتربط مراكز البحث و المخابر الجامعية مع المؤسسات الاقتصادية ومنحها القليل من الإمكانيات.
مراد - ح