تقدر الكتلة النقدية التي يخرجها الجزائريون قبيل نهاية شهر رمضان في إطار زكاة الفطر بأكثر من 516 مليار سنتيم، وهو مبلغ جد هام في تقدير الخبير الاقتصادي محمد بوجلال مقارنة بالمدة الزمنية الوجيزة التي تخرج فيها الأسر المليارات من الدنانير بطريقة طوعية، لمؤازرة الفقراء والمحتاجين في ظرف جد حساس تمر به البلاد.
وتمثل زكاة الفطر مناسبة لتذكر الفقراء والمحتاجين وكذلك الذين انقطعت أرزاقهم بسبب الظرف الصحي الذي تعيشه الجزائر وجل بلدان العالم، وهو ما حتم على السلطات توقيف عديد من الأنشطة الاقتصادية والتجارية كإجراء وقائي خشية انتقال العدوى بفيروس كورنا على نطاق واسع ما بين الأفراد، وما تبعه من إصدار لفتوى من قبل اللجنة المختصة التابعة لوزارة الشؤون الدينية، التي رخصت بإخراج زكاة الفطر استثناء قبل موعدها ببضعة أسابيع، أي قبل حلول الشهر الفضيل، بعد أن عمقت الأوضاع الاقتصادية الحالية معانات الأسر التي تعيش على العمل اليومي.
وتبلغ القيمة الإجمالية لزكاة الفطر التي سيخرجها الجزائريون هذا الموسم بما يزيد عن 516 مليار سنتيم وفق عملية حسابية أجراها الخبير الاقتصادي محمد بوجلال، آخذا بعين الاعتبار نصاب الزكاة المحدد هذه السنة ب 120 دج للفرد، وكذا العدد الإجمالي للسكان الذي فاق 43 مليون نسمة حسب آخر الإحصائيات، ويمثل هذا المبلغ كتلة نقدية جد هامة ستشكل دعما اجتماعيا للأسر المحتاجة وللمتضررين من الحجر الصحي، أي العمال اليوميين الذين يقتاتون على ما يجنونه من أرباح بسيطة من خلال ممارسة أنشطة حرة بسيطة، كسائقي سيارات الأجرة والحلاقين وأصحاب الحرف المختلفة، فضلا عن الناشطين في السوق الموازية التي تمتص نسبة هامة من طالبي الشغل.
وكانت وزارة الشؤون الدينية في السنوات الماضية تدعو المواطنين إلى إخراج زكاة الفطر على مستوى المساجد، من أجل تأطير العملية بشكل جيد، وإيصال هذه الأموال إلى محتاجيها الفعليين، خلافا لهذه السنة حيث تقرر أن تخرجها الأسر بمفردها بسبب غلف المساجد عقب انتشار فيروس كورونا، لتوسيع العمل التضامني الذين أطلقتها عديد المؤسسات لمعالجة الآثار الاقتصادية الناجمة عن الظرف الصحي الحالي.
وكان الأئمة يسهرون رفقة لجان وأعيان الأحياء على إعداد قوائم الفقراء بناء على معاينة ميدانية وملف اجتماعي يتقدم به المحتاج، إلى جانب شهادة الإقامة، حتى توزع هذه الأموال بعدالة على الفقراء، وهي طريقة يؤيدها المجلس الاقتصادي والاجتماعي حسب تأكيد الدكتور محمد بوجلال، لأنها تسمح حسبه بمنع الاحتيال وتضخيم الاستفادة من الزكاة لفائدة أسر على حساب أخرى، وتساعد على الخروج من الأزمة الاقتصادية التي سببها وباء كورونا.
ويتزامن إخراج الزكاة مع حملة جمع التبرعات التي ساهمت فيها عديد المؤسسات والهيئات، وسمحت لحد الآن بجمع أكثر من 300 مليار سنتيم، فضلا عن العمل التضامني الذي يقوم به المجتمع المدني من خلال إيصال المساعدات للفئات الهشة أو إلى مناطق الظل التي تعاني في صمت بعيدا عن التغطية الإعلامية.
وكشف المصدر عن مقترح تقدم به إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي بصفته عضوا فيه، يتضمن الاستعانة باللجان القاعدية أي لجان الأحياء لإحصاء الفقراء الفعليين، لأن مستوى الخطأ سيكون محدودا في حال الاعتماد على هذه الطريقة، التي ستسمح أيضا بالوصول إلى المحتاجين الحقيقين الذين يعانون في صمت ويرفضون إظهار وضعهم الاجتماعي الصعب، ومن بين هذه الفئات النساء الأرامل والمطلقات ومن تقطعت بهم السبل، أي الذين فقدوا مناصب عملهم بسبب الوباء.
واكد المتحدث بأن الدراسات التي يجريها حاليا المجلس الاجتماعي والاقتصادي تركز على كيفية تجاوز الازمة الاقتصادية والاجتماعية بعد الخروج من الحجر الصحي، لأن كثيرا من الأسر أصبحت دون مورد يعيلها، لذلك يتم إحصاء جميع المتضررين من الوضع الحالي، إلى جانب الفقراء الذين يعانون على مدار السنة من العوز والفقر، مؤكدا بأن كورنا غيرت كثرا من الموازين، فمن كان بالأمس مكتفيا ماديا أي بمقدوره توفير ضروريات الحياة، أصبح اليوم دون مصدر رزق، وهو ما يتم العمل على معالجته.
لطيفة بلحاج