يواجه عمال المستشفى الجامعي الحكيم ابن باديس بقسنطينة الخوف من انتقال العدوى بفيروس «كوفيد 19» إليهم وإلى أسرهم يوميا خلال أداء مهامهم الروتينية داخل المرفق، حيث يؤكدون أن عملهم العادي قد صار مرهونا باحتياطات إضافية ينبغي اتخاذها، خصوصا عند التعامل مع النفايات الطبية المترتبة عن القطب المخصص للتكفل بحالات كورونا. وقد خصت مديرية الشؤون الدينية والأوقاف للولاية وفيدرالية جمعيات المجتمع المدني أعوان هذه الفئة بتكريم خاص يوم أمس.
* جمعها: سامي حباطي
400 عامل يتلقون هدايا وشهادات شرفية
و حظي أربعمئة من أعوان النظافة وعمال مهنيون آخرون ومنتمون إلى السلك الطبي وشبه الطبي بتكريم خاص من مديرية الشؤون الدينية، التي أكد مديرها لخضر فنيط، في تصريح للنصر، أن التكريم يتمثل «في تحية تقدير للطاقم الطبي وموظفي وعمال جميع المستشفيات»، مشيرا إلى تخصيص مصحف وشهادات تكريمية للمعنيين، فيما أضاف أن المبادرة ستعمم على جميع مستشفيات قسنطينة، بينما ذكر رئيس فيدرالية جمعيات المجتمع المدني لولاية قسنطينة، عبد الحكيم لفوالة، أن الحفل التكريمي يأتي على شرف العمال المهنيين للمستشفى، مؤكدا على ضرورة تغيير المواطنين لنظرتهم حولهم، مضيفا أنه سيتم تخصيص تكريمات إلى فئات أخرى في الأيام القادمة، مثل الإداريين.
و تسلم العمال المذكورون شهاداتهم التكريمية بحضور إدارة المستشفى، التي ثمنت المبادرة واعتبرت أن عمال المرفق استحسنوها بعد شهرين من مكافحة الوباء، كما اعتبرت أن المستشفى بحاجة إلى الدعم، فيما أوضحت أن دور عمال النظافة كبير في ظل الظرف الوبائي، كما تلقت دعما كبيرا من المحسنين والجمعيات والمواطنين، رغم التأكيد على أن طواقم مستشفى ابن باديس بحاجة إلى الدعم المعنوي أيضا.
عامل النظافة عبد الوهاب بومزبر: نتعامل يوميا مع نفايات مصلحة التكفل بالمصابين
و روى لنا عبد الوهاب بومزبر، عامل مهني في مجال النظافة بالمستشفى، أنه يقوم بنفس ما كان يمارسه قبل ظهور جائحة كورونا، مشيرا إلى أنه وزملاءه يتعاملون مع النفايات المترتبة عن القطب المخصص للتكفل بحالات الإصابة بالفيروس، ويضعون وسائل الحماية مثل الكمامات والقفازات، كما أشار إلى أن النفايات المترتبة عن قطب التكفل بكورونا تُفصل عن غيرها، حيث توجه الأولى إلى الحرق، بينما توجه النفايات العادية للرمي.
و أوضح محدثنا في رده على سؤالنا حول معايشته للوباء في المستشفى الجامعي، بالتأكيد على أن الظروف النفسية التي يعيشها العمال لا تختلف عموما عما يعيشه جميع الجزائريين من خوف من انتقال العدوى إليهم، مشيرا إلى أنه يغتسل عندما يغادر إلى بيته بمجرد الدخول ويغير جميع ملابسه، في حين أكد أنه لم يقلل من احتكاكه بأفراد أسرته، قبل أن يضيف «الله هو من يسترنا لحد الساعة ولم يصب أي من العمال بالوباء».
عامل النظافة عبد الكريم ناظوري: استهنت بخطورة الوضع في البداية
و اعتبر عامل النظافة عبد الكريم ناظوري أنه ينتمي إلى الفئة المكلفة بالتعامل مع نفايات المستشفى بصورة مباشرة، وأوضح أنه يقوم بجمع النفايات المترتبة عن القطب الذي يضم المصابين بالوباء، فيما أشار إلى أن ظروف عمله اليومية لم تتغير رغم ارتداء وسائل الحماية الإضافية التي يستعملها كمعقم اليدين والنظارات الواقية والكمامات والقفازات، كما تحدث عن أن زملاء له يعثرون في بعض الأحيان على كمامات مرمية على الأرض وبعض الأغراض المترتبة عن عمليات العلاج.
أما عند المغادرة إلى البيت، فأشار إلى أنه مضطر لأخذ حمام بمجرد وصوله وتغيير جميع الملابس، في حين أوضح أنه لا يختلط بعدد كبير من أفراد الأسرة بالنظر إلى أنه يعيش مع زوجته فقط، التي قال إنها تعبر عن خوفها وتطلب منه عدم الاقتراب منها كثيرا عند عودته من العمل. وعبر محدثنا عن خوفه من الوضعية الوبائية داخل المستشفى رغم الإجراءات الاحترازية التي يتخذها، قبل أن يقول «بكل صراحة، استهنت بالأمر في البداية وكنت أدخل إلى المصالح وأجول فيها، لكنني اليوم أصبحت لا أدخلها أبدا بعد أن أدركت مدى جدية الخطر المُحدق بنا».
العامل بشاحنة جمع قمامة المستشفى بلال عجرود: أصبحت أعمل ببدلة واقية من الفيروسات
و حدثنا بلال عجرود، العامل في شاحنة تابعة لمؤسسة خاصة تقوم بنقل نفايات المستشفى الجامعي ابن باديس إلى المحرقة الموجودة خلف المرفق، حيث أوضح أنه يتعامل بصورة مباشرة مع نفايات القطب المخصص للتكفل بالمصابين بالوباء.
وذكر نفس المصدر أن نوعية النفايات الطبية تتمثل في أدوات طبية مختلفة مثل الإبر المستعملة والكمامات والبدلات الواقية، فضلا عن نفايات المرضى مثل الأغطية والألبسة وبقايا عضوية أخرى، مثل بعض الأغطية الملطخة بدماء المرضى.
وأشار محدثنا إلى أنه يعمل مرتديا بدلة واقية من الإصابة بالفيروسات، فضلا عن الكمامة والقفازات وقارورات التعقيم، حيث يتم شحن النفايات من المستشفى داخل الشاحنة إلى غاية المحرقة، وقبل تفريغها يتم رشها بالمادة المعقمة، ثم تحميلها في الحاويات التي تفرّغ داخل غرفة تعقيم بالحرارة، لتمرر بعد ذلك إلى السحق، ثم ترفع بالشاحنة الكبيرة لتنقل إلى المفرغة العمومية.
وذكر بلال عجرود أن رمي النفايات داخل المستشفى يتم بطريقة منظمة، لكنه يسجل مع زملائه رميا فوضويا في بعض الأحيان، حيث يفترض بحسبه أن تفصل النفايات، بحيث توضع الطبية في أكياس صفراء، بينما توضع القمامة الأخرى في أكياس سوداء، إلا أن بعض الموظفين من الطاقم الطبي وشبه الطبي يقومون بخلطها بين الكيسين، ما ينذر بخطر نقلها إلى أشخاص آخرين، لأن النفايات العادية يفترض أن توجه نحو المفرغة العمومية، لكن المعني نبه إلى أن هذه الحالات ليست كثيرة.
رئيس ورشة الدهن عبد الرحمان بوزحزح: لن نتوقف عن العمل بسبب كورونا
وعبر رئيس ورشة الدهن، عبد الرحمان بوزحزح، عن الوضعية التي وجد نفسه في مواجهتها رفقة زملائه من نفس الفئة المهنية خلال الظرف الوبائي بالقول إنهم «صاروا يعملون تحت وطأة الرعب»، لكن المعني أكد لنا أن هذا الأمر لم يثنهم عن أداء دورهم مهما كانت الصعوبات، موضحا أنه يتم أخذ جميع الاحتياطات اللازمة، على رأسها وضع الكمامات والقفازات، فضلا عن اللباس الواقي داخل أي مصلحة يدخلونها. وأضاف نفس المصدر أنه أجرى مع عمال آخرين أشغالا في القطب المخصص لاستقبال المصابين بالوباء قبل فتحه، فضلا عن مصلحة المساعدة الطبية الاستعجالية التي تستقبل حالات من حين لآخر، ما زرع الخوف في بعض العمال.
و نبه محدثنا إلى أن أفراد أسرته يطلبون منه تغيير ملابسه بمجرد وصوله إلى المنزل، مشيرا إلى أنهم يعيشون تخوفات أيضا من تنقل العدوى إليهم عن طريقه بسبب عمله في المستشفى الجامعي وتعرضه لاحتمال انتقال الفيروس إليه أكثر من غيره، لكنه عبّر عن الأمر بالتأكيد على أنها «لقمة عيشه ولا يمكنه التوقف عن عمله بسبب كورونا أو غيرها». و أشار السيد بوزحزح إلى أن التقليل من الاحتكاك مع أفراد أسرته لا يمكن أن يتم بشكل تام حتى وإن أراد ذلك، لأنه لا يمكنه تحقيق التباعد التام مع من يعيش معهم في نفس البيت. س.ح