حذر الأستاذ لرينونة محمد يزيد مختص في علم النفس من خطورة تداول فيديوهات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تظهر لحظات وقوع جرائم وسرقات واعتداءات، لما لذلك من تأثير على نفسية الأفراد، مقترحا تدخل مختصين تربويين واجتماعيين وأئمة من أجل إعلام مضاد يعكس الحقيقة كما هي.
وتحفظ الأستاذ لرينونة وهو أستاذ بجامعة بوزريعة بالعاصمة تخصص علم النفس عن مضامين الفيديوهات التي تم تداولها مؤخرا عبر شبكات التواصل الاجتماعي، تم تصويرها على المباشر من قبل أشخاص لحظة وقوع جرائم تتعلق بالسرقة أواعتداءات جسدية باستعمال السلاح الأبيض، وكذا حوادث مرور أليمة أودت بحياة أشخاص، مبررا موقفه بالمناظر المؤلمة التي تتضمنها وكذا بتأثيرها على شخصية الفرد ودفعه إلى الجنوح نحو العنف، داعيا إلى ضرورة ممارسة الرقابة الأمنية على من ينشر هذه الفيديوهات لمعرفة هويتهم، وما إذا كان لهم الحق في نشر تلك الصور عبر المواقع الاجتماعية.
واقترح الأستاذ في علم النفس تدخل إخصائيين لدراسة الظاهرة، عبر تكوين لجنة تضم مختصين في علمي الاجتماع والنفس وفي المجال التربوي إلى جانب الأئمة، للتصدي لهذا النوع من المنشورات التي تتم خارج مجال الرقابة، عن طريق ممارسة ما يعرف بالإعلام المضاد، الذي يكشف حقيقة الحدث كما وقع دون تهويل أو ترويع.
ويتمثل دور النفسانيين في ضمان التكفل النفسي بناشري الفيديوهات التي تحتوي على صور قاسية ومروعة، على غرار نقل لحظات وقوع حوادث مرور خطيرة وصور الضحايا، في حين يتمثل دور المختصين في علم الاجتماع في دراسة أثر هذه الممارسات على المحيط الاجتماعي، أما مهمة الأئمة فهي التحذير من خطورة التهويل والترويع والنهي عنهما، وبحسب الأستاذ لرينونة فإن خطورة هذه الفيديوهات هي عندما تنتشر على نطاق واسع، « فيطالعها العامة والدهماء» دون دراسة او تحليل، بل هناك من يعطيها بعدا آخر ويقوم بتهويلها.
اقتراح استحداث مواقع لغربلة الفيديوهات التي تنشر على المواقع الاجتماعية
وأكد المختص في علم النفس بأنه من الاستراتيجية السلوكية للإنسان هي التعميم، مما يؤدي إلى عواقب وخيمة على المجتمع، لذلك لا بد من استحداث مواقع تتعامل مع هذه الصور والفيديوهات بصفة علمية ودقيقة، عن طريق غربلة وتصفية الفيديوهات والصور من أجل تقديم المعلومة الصحيحة للمتلقين، لأن استخدام المواقع الاجتماعية بطريقة علمية سيساهم في التوعية والتحسيس، بدل جعلها وسائل للترفيه عن النفس وتمضية الوقت فقط.
وتكمن خطورة الفيديوهات والصور التي يتم تداولها من قبل رواد شبكات التواصل الاجتماعي، والخاصة بمظاهر العنف والاعتداءات والسرقة، في تباين طريقة التفاعل معها من طرف الأشخاص، فهناك من يعتبرها للترفيه فقط، وآخرون يرونها مروعة ومخيفة، وانتقد الأستاذ لرينونة في هذا السياق بشدة من يعتبرون تلك الصور واللقطات وسيلة مساعدة للأجهزة الأمنية للقبض على المجرمين، لأن بعضها قد يتضمن مؤشرات لا تؤكد صحة الواقعة ولا تثبت التهمة على من ظهروا في الفيديو أو الصور.وتساءل الأستاذ الجامعي عن هوية من يقومون بالتصوير، معقبا على ذلك بأنهم في الغالب شباب ليست لهم ارتباطات يومية ولا يمارسون عملا أو نشاطا معينا، وبعضهم يميلون إلى التصرفات الطائشة عن طريق نشر تلك اللقطات للترويع والتهويل لا غير، لذلك لا بد من التحقيق من المعلومة على يد مختصين تكون مهمتهم الأساسية التقليل من نسبة تضخيم ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وإفهام العامة بأنه ليس كل ما ينشر صحيحا.
كما اقترح المختص في علم النفس الاهتمام بالتعاليق التي تتفاعل مع الفيديوهات والصور ودراستها بطريقة علمية، للكشف عن حقيقة الواقع، فضلا عن تحليل « البروفايل» أي أنماط الأشخاص الذين يهتمون بتداول هذه المضامين وتقاسمها عبر الشبكات الاجتماعية، لأن العامة يعتقدون بأن نقل تلك اللقطات حين حدوثها وتقاسمها عبر شبكة الأنترنيت سيسمح بالتعرف على المجرمين والقبض عليهم من قبل الأجهزة الأمنية، في حين يؤكد الواقع بأن الكثير من الأشخاص يتلذذون بنشر الصور المؤلمة والفظيعة.
وذكر المصدر على سبيل المثال تداول صور ضحايا حادث مرور أليم وقع مؤخرا بولاية ميلة شرق العاصمة، راح ضحيته شباب في مقتبل العمر، معتقدا بأن الوضع يستدعي البحث في ما وراء المعلومة، وما إذا كان الغرض منها إظهار الأشياء كما وقعت، أم التهويل والترويع، وبحسبه فإن هذه الظاهرة تراجعت نوعا ما مع انتشار فيروس كورونا، لكنها عادت من جديد في الأيام الأخيرة.
لطيفة بلحاج