لم يتمالك الوزير والسيناتور السابق جمال ولد عباس نفسه وهو يستمع للتهم والتجاوزات التي تلاحقه خلال فترة تولي شؤون وزارة التضامن، خلال جلسة المحاكمة التي بدأت أمس، وراح يذرف الدموع ويردد أنه «مظلوم»، فيما نفى الوزير الأسبق سعيد بركات، التهم الموجهة إليه بخصوص تبديد الأموال وإبرام صفقات ومخالفة التشريع. وخلال رده على أسئلة القاضي بمحكمة سيدي أمحمد، قال السعيد بركات إنّه “لم يفكر بتاتا في تبديد أموال الدولة وضميره مرتاح».
انطلقت أمس، محاكمة وزيري التضامن السابقين جمال ولد عباس والسعيد بركات على مستوى محكمة سيدي أمحمد، في ملف فساد. ويتابع ولد عباس وبركات بتهم تبديد أموال عمومیة وإبرام صفقات مخالفة للتشريع المعمول به وإساءة استغلال الوظیفة والتزوير في محررات عمومیة.
وخلال الجلسة رد ولد عباس، الذي شغل حقيبة التضامن، على الاتهامات التي تلاحقه بتبديد أموال عمومية وإبرام صفقات مخالفة للتشريع واستغلال الوظيفة، مؤكدا أنه تقلد عدة مناصب، من 2003 إلى 2010 وأشرف على 240 إدارة بصفته «طبيب» وتابع ولد عباس قائلا : «كل أسبوع عند فتح أبواب الرحمة نجد عجائز وشيوخ تركهم أبناؤهم، وجب علينا التكفل بهم في إطار استعجالي».
وقال جمال ولد عباس الذي ظهر متأثرا و هو يذرف الدموع» أنا مظلوم ، راني مغبون خلوني نهدر راني معمر لم أستفد حتى من سكن .. أسكن في إقامة خاصة، ضميري مرتاح و الله يأخذ الحق» وتابع «أنا كنت أتصرف كوني طبيب، لما تعينت في 1999 من طرف رئيس الجمهورية» مضيفا «منذ تعييني كوزير، ضرب زلزال قوي، في ولايتي عشت 6 زلازل وآخر زلزال عشته كوزير كان بالمسيلة» .
«تفاجأت بوجود 13 شيكا أُمضيت باسمي»
وواجه القاضي المتهم ولد عباس بالحقائق بخصوص تضارب المصالح في كونه وزيرا وفي نفس الوقت رئيس جمعية هو الآمر فيها بالصرف، وقال ولد عباس: «أنشأنا جمعية فيها أطباء، وفي سنة 2003 عملت مع أحمد بن بلة لكي نتكفل في إطار المصالحة الوطنية بعائلات العناصر الإرهابية التي قضى عليها الجيش».
وبخصوص اختيار الجمعية المتعاقد معها، قال ولد عباس» إن اختيار الجمعية يكون عن طريق الثقة وأعطينا كل الحق للجمعيات والأمين العام كان يطبق القانون « و حسبه فإن «القانون لا يمنع ذلك في إطار جمعية إنسانية» مذكرا انه مثل الجزائر في غزة» .
و حول قيمة مبلغ قدره 64 مليار سنتيم صرف ما بين 2009 و 2014 قال ولد عباس انه تفاجأ بوجود 13 شيكا ممضيا بإسمه و لم يكن يعلم، وتابع قائلا : «وردتني معلومة في سنة 2019 من عند المستشار المحقق بوجود تقليد في الصكوك»، وأشار القاضي أن الخبرة التي أنجزت أظهرت بان الصكوك وقعت باسم ولد عباس، ليرد الأخير: «تفاجأت بوجود 13 شيكا أُمضيت باسمي».
الملايير مُنحت للجمعيات
دون إبرام اتفاقية
وقال القاضي، إن هناك شهادات تقول إنّ هذه الأموال الموجهة للجمعيات كانت موجهة للحملة الانتخابية، ليرد ولد عباس بالنفي، موضحا أن «هذه الأموال موجهة للجمعيات فقط وبخصوص أموال الحملة الانتخابية سلال هو المكلف بذلك».
وأشار قاضي الجلسة إلى تقرير خبرة كشف عن منح 22 مليار سنتيم لجمعية الأطباء الجزائريين دون إبرام اتفاقية، ليرد ولد عباس، انه كلف «الأمين العام للوزارة بإبرام الاتفاقية»، مضيفا انه كانت لديه ثقة كاملة بينه كوزير وبين إطارات في الوزارة. وقال الوزير بأن مصالحه كانت تلجأ إلى الصفقات العمومية في اختيار الجمعيات، ليضيف بان الأمين العام للوزارة كان مسؤولا على كل التعاملات وكان نزيها في المهام المخولة له وبخصوص استفادة جمعية “أفريكانا” من إعانة بقيمة 19 مليار سنتيم، قال ولد عباس، أن الجمعية تحصلت على 19 مليار سنتيم في إطار المساعدة و كانت أموال الدولة .
حافلات مخصّصة لمنكوبي غرداية مُنحت لأندية رياضية
وبخصوص الحافلات التي كانت مخصصة لمنكوبي فيضانات غرداية، اعترف جمال ولد عباس أن مصالحه منحت 22 حافلة فقط من أصل 57 حافلة تم اقتناؤها خلال أزمة الفيضانات ، في حين منح الباقي لأندية رياضية.
كما استفسر القاضي عن أجهزة الإعلام الآلي الممنوحة، وهل تم توزيعها بطريقة منظمة وعادلة، ورد ولد عباس بأنه تم توزيع 974 جهاز حاسوب على الناجحين في شهادة البكالوريا والأخرى وُزعت للمكفوفين والمعوقين الذين تحصلوا على الميداليات في الأولمبياد ورفعوا الراية الجزائرية، ليطلب القاضي توضيحات بشأن الأجهزة التي منحت كهدايا لزوجة السفير العراقي ومستشار رئيس الجمهورية السابقة روقاب، ليرد ولد عباس أن «المحامون قاموا بالإحصاء و وجدوا جهاز حاسوب واحد فقط».
وتحدث ولد عباس عن علاقته باللاعب السابق للفريق الوطني عنتر يحيى، حيث قال : «جاء عنتر يحيى مع مموله والتقيت به بباريس، أنجزنا 500 ألف ملصقة إشهارية للانتخابات بصوره لأن الظرف آنذاك كان ميتا نوعا ما». وبخصوص 13 سيارة، أوضح ولد عباس أنها عبارة عن «مساعدات موجهة لبناء سكنات ضحايا الإرهاب ومنكوبي الزلازل والفيضانات».
كما استفسر القاضي عن مبلغ 5 ملايين دينار التي منحتها دولة الكويت وقام ولد عباس بصبّها في حساب اتحاد الأطباء الجزائريين التي كان يرأسها، أوضح ولد عباس قائلا «هي مساعدات موجهة لبناء سكنات لضحايا الإرهاب ومنكوبي الزلازل والفيضانات»، فيما التزم الوزير الصمت ولم يرد على سؤال بشأن الفوائد المالية والمقدرة بـ 45 ألف دولار.
سعيد بركات: «لم أقم بتبديد أموال الدولة وضميري مرتاح»
من جانبه نفى الوزير الأسبق سعيد بركات، التهم الموجهة إليه بخصوص تبديد الأموال وإبرام صفقات ومخالفة التشريع. وخلال رده على أسئلة القاضي بمحكمة سيدي أمحمد، قال السعيد بركات أنّه “لم يفكر بتاتا في تبديد أموال الدولة وضميره مرتاح وينفي التهم الموجهة إليه”. ونفى بركات أيضا وجود أي صفقة أو تبديد أموال بل فاجأته هذه التهم.
ووفق بركات “لمّا جاء إلى وزارة التضامن وجد جمعيات تعمل مع الوزارة ووجد مشكلا مطروحا يتعلق بشراء 800 حافلة سنة 2007”. وعلّق: “أفاجئكم حتى عام 2015 تم شراء هذه الحافلات”، موضحا في السياق أنّ “440 حافلة تبخرت وتم شراء 260 حافلة فقط”.
و سرد القاضي التهم التي تلاحق بركات والتي تتعلق بجنحتي تبديد أموال عمومية و إبرام صفقات مخالفة للتشريع والتنظيم، ليرد الوزير السابق قائلا : «سيرت الوزارة بنزاهة وقلب صاف ويد بيضاء، لم أفكر يوما بتبديد أموال الدولة، ضميري مرتاح وأنفي التهم المنسوبة لي». وأضاف : «تفاجأت من التهم صراحة، لما وصلت لوزارة التضامن وجدت جمعيات تعمل مع الوزارة، وسالت بعدها عن طريقة العمل».
وحاول السعيد بركات الدفاع عن نفسه خاصة أمام الوقائع التي طرحت في المحكمة والتي كانت تشير إلى وقوع تجاوزات، وقال «أمام الله وعباده فان العبد الضعيف أمامكم تحملت المسؤولية الكاملة بكل نزاهة في تسيير الدولة ولم اختلس ولو دينار». واستطرد يقول «الفساد لم يمس الشعب الجزائري، من بينهم المنظمة الطلابية من كانوا معي لم يختلسوا ولم يبددوا أموالا عمومية».
صفقات مشبوهة لشراء الحافلات
ومثل في نفس القضية مسؤول سابق بوزارة التضامن، حمزة شريف، الذي أنكر بدوره التهم الموجهة إليه، وقال «أنا لم أبدد المال العام ولم أبرم صفقة مخالفة للتشريع». وأضاف قائلا «ترأست جمعية طلابية ذات طابع اجتماعي تتماشى مع قانون الجمعيات وتحترم القوانين، تعقد الاجتماعات بصفة دورية»، موضحا انه هو الذي عرض فكرة اقتناء الحافلات لنقل الطلبة.
وأشار المتحدث أن العملية بدأت باتفاقية واحدة تخص اقتناء حافلات النقل الجامعية لنقل الطلبة في المناطق النائية، وقال الحافلات سلمت إلى مديرية النشاط الاجتماعي بالولايات. وأوضح أن الوزارة كانت مستعجلة لاستلام هذه الحافلات وكانت تحرص حرصا دقيقا على العملية لأنها كانت عشية الدخول الاجتماعي.
ع سمير