شدّد وزير المالية، أيمن بن عبد الرحمان، خلال عرضه أمس مشروع قانون المالية للسنة القادمة على نواب الغرفة الأولى للبرلمان، على الظرف الاستثنائي الذي أعد فيه المشروع والذي يتميز باقتران عاملين رئيسيين هما الركود الاقتصادي العالمي والأزمة الصحية الشاملة وغير المسبوقة الناجمة عن تفشي وباء كوفيد 19.
ويتوقّع المشروع نموا للناتج الداخلي الخام الحقيقي بنسبة 4 بالمائة بعد انكماشه بنسبة 4.6 بالمائة حسب تقديرات إقفال سنة 2020، ويتوقع بلوغ نسبة النمو خارج قطاع المحروقات 2.4 من المائة في سنة 2021، و3.37 من المائة سنة 2022، و 3.81 من المائة في السنة التي تليها.
وحسب نص المشروع يرتقب أن ترتفع النفقات الإجمالية للميزانية المتوقعة من 7372.7 مليار دينار في قانون المالية للسنة الجارية إلى 8113.3 مليار دينار (+10 من المائة) في سنة 2021، لتصل بعدها إلى 8605.5 مليار دينار في سنة 2022، و 8680.3 مليار دينار في سنة 2023.
ويتوقع النص ارتفاع ميزانية التسيير بمعدل 5.1 بالمائة خلال الفترة 2021-2023 لتبلغ 5.314,5 مليار دج سنة 2021 (+ 11,8بالمائة) ثم تصل إلى 5.358.9 مليار دينار سنة 2022 (+ 0,8 بالمائة) و 5.505,4 مليار دج سنة 2023، أي بزيادة 2.7 من المائة.
أما نفقات التجهيز فستصل إلى 2.798,5 مليار دج سنة 2021 (+ 6,8 بالمائة) و إلى 3.246.6 مليار دينار في سنة 2022، لتنخفض بعدها إلى 3174.9 مليار دينار سنة 2023.
كما يتوقع أن يرتفع عجز الميزانية خلال 2021 إلى 13.57 من المائة من الناتج الداخلي الخام مقابل 10.4 من المائة في قانون المالية التكميلي للسنة الجارية، ويتوقع مشروع قانون المالية المعروض تسجيل تسارعا طفيفا في نسبة التضخم السنة القادمة بحدود 4.50 من المائة.
و توقف العديد من نواب المجلس عند التأثيرات السلبية التي خلفها تراجع أسعار النفط بسبب وباء كورونا على الاقتصاد الوطني وانعكاساتها على القدرة الشرائية للمواطن، و عن الآليات الكفيلة التي وضعتها الحكومة من أجل مواجهتها و مواجهة مظاهر الاختلال التي يعرفها الاقتصاد الوطني، وكيفية التعامل مع العجز المتزايد الذي تعرفه ميزانية الدولة، ونال وزير الصناعة بدوره وابلا من انتقادات النواب بسبب تجميد استيراد السيارات الأقل من ثلاث سنوات وتجميد مصانع السيارات ونشاطات أخرى بقطاعه.
وقال النائب صلاح الدين دخيلي عن التجمع الوطني الديمقراطي أن الأزمة الحالية أبانت عن مجموعة من الاختلالات ومظاهر العجز في الاقتصاد الوطني، وهو ما يفرض ضرورة الاعتماد على مبادئ الحكامة وإصلاح القطاع العام، ودعا المتحدث الحكومة إلى مراقبة عميقة لمعايير التعيين في المناصب العليا للدولة.
من جهته انتقد إلياس سعدي -عن حزب جبهة التحرير الوطني- قرار وزير الصناعة تجميد استيراد السيارات الأقل من ثلاث سنوات، وتساءل عن السبب وراء ذلك؟.
أما حكيم بري فيرى أن المشروع لم يراع انخفاض قيمة الدينار وغلاء المعيشة وأن الأزمة الصحية أدت إلى توقيف الكثير من النشاطات الاقتصادية، وبرأيه فإن الحكومة غير قادرة على احتواء الأزمة الناجمة عن جائحة كورونا.
وعن كتلة الأحرار أثار النائب جديد نكاز مسألة التهرب الضريبي وغياب العدالة في دفع الضريبة، وانتقد هو الآخر وزير الصناعة صاحب اللاءات الثلاث على حد قوله الذي جمد جميع النشاطات في قطاعه.
أما النائب فائزة بوحامة عن حزب جبهة التحرير الوطني فقد أثارت مشكلة ضعف التكفل الصحي بمرضى كورونا بولاية جيجل التي تعرف ارتفاعا كبيرا في الإصابات، وتساءلت عن سبب عدم زيارة وزير الصحة هذه الولاية للوقوف على وضعية المستشفيات إلى حد الآن.
وتوقفت النائب سعيدة بوناب عن الآفلان ايضا عند الظرف المتميز الذي جاء فيه النص، وثمنت ما ورد فيه من أحكام لتجاوز الأزمة الحالية، كما طالبت بضرورة اتخاذ إجراءات تقشفية مستعجلة لمواجهة الوضع الاقتصادي والمالي الحالي، وضرورة تنويع الاقتصاد والبحث عن مصادر تمويل غير تقليدية، وتأمين الطاقة واللجوء للطاقات المتجددة، والاعتماد على المؤسسات الصغيرة والناشئة لتفعيل الاقتصاد بآليات جديدة، والابتعاد عن التسيير التقليدي ورقمنة كل القطاعات. أما خيرة بونعجة عن الآفلان فقد طالبت بالحفاظ على القدرة الشرائية وترشيد النفقات، وتساءلت عن وعود وزير العمل بالنسبة لعقود ما قبل التشغيل، وما هي نسبة الإدماج المهني، وما هي الحلول للحفاظ على مناصب الشغل وعلى الإنتاج في ظل كورونا.
وعلى العموم فقد طغى الظرف الحالي الاستثنائي على جل مداخلات النواب، الذين ركزوا حول الآليات و الأدوات التي وضعتها الحكومة لمواجهة الظرف في ظل تفشي وباء كورونا، و أدوات تحقيق الأهداف الاقتصادية المسطرة في المشروع، ومواجهة العجز المتزايد في الميزانية والتآكل المسجل في احتياطات الصرف.
أما لجنة المالية والميزانية فقد أبرزت في تقريرها التمهيدي بأن مشروع قانون المالية لسنة 2021 قد اعتمد تدابير لإعادة إنعاش الاقتصاد الوطني مع إطلاق المشاريع الاستثمارية المهيكلة والمساهمة في خلق الثروة وفرص العمل من خلال شراكات بين القطاعين العام والخاص، و العمل على تعزيز تنفيذ إجراءات دعم المتعاملين الاقتصاديين الذين تأثروا بجائحة كورونا.
وأشارت اللجنة أن التدابير التي سيتم تنفيذها في 2021 ترمي إلى وقف الآثار السلبية الناتجة عن الانكماش الاقتصادي بسبب تراجع النشاط جراء الوضع الصحي، وأدخلت اللجنة المختصة العديد من التعديلات في الشكل والمضمون على المواد 10،48، 51،54، 87،89،115،107،81، 76، 144، 146، 98، 75.
كما حذفت المادة 60 من المشروع بالنظر إلى إسناد رئاسة اللجنة الولائية للطعن في الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة والرسوم على رقم الأعمال إلى المدير الولائي للتجارة، والإبقاء على المادة 81 من قانون الإجراءات الجبائية السارية المفعول.
إلياس -ب