يحضر بنك الفلاحة والتنمية الريفية لإطلاق صيغتين تمويليتين إسلاميتين لفائدة الفلاحين، ويتعلق الأمر بالمرابحة والسلم، تم اعتمادهما من طرف بنك الجزائر، وسيتم إطلاقهما قريبا، وتقومان على تسديد الدين بعد فترة يتفق عليها مسبقا بهوامش ربح ثابتة لا تزيد بسبب التأخير عن التسديد، ولا تعرض الزبائن المعسورين إلى غرامات تأخيرية.
وبحسب مصادر مطلعة فإن اللجوء إلى استحداث شباك إسلامي ببنك بدر لفائدة الفلاحين، على أن يتم تعميمه على بنوك أخرى، جاء بناء على طلبات ملحة من قبل فلاحين عبروا عن رغبتهم في التعامل عبر الصيرفة الاسلامية بدل القروض التقليدية في تمويل الاستثمارات الفلاحية والنهوض بالقطاع، وهو ما استجاب له بنك الفلاحة والتنمية الريفية المعروف بتعامله مع هذه الفئة من المنتجين، من خلال الشروع في إعداد الأرضية المناسبة لتحقيق هذا الهدف.
وأكد في هذا الصدد عضو الهيئة الشرعية الدكتور محمد بوجلال «للنصر» بأن المنتوجين الإسلاميين المرابحة والسلم «بفتح اللام»، تم الترخيص لهما من قبل بنك الجزائر على أن يدخلا حيز الخدمة قريبا بعد إنهاء الجانب التنظيمي، وهما يستهدفان المستثمرين في مجال الفلاحة الذين ينفرون من القروض التقليدية، ويفضلون التمويل الإسلامي لاقتناء وسائل الإنتاج وتوسيع المساحات المزروعة وشراء العتاد وغيرها من المستلزمات.
وبحسب المصدر فإن توسيع الشبابيك الإسلامية لتشمل المجال الفلاحي سيؤدي إلى تعبئة أكبر قدر من المدخرات، وإدخالها في مجال الصيرفة الإسلامية مما سيضفي الحيوية على حركة الأموال، بدخول مبالغ وخروج أخرى، وهو ما يعرف لدى المختصين بالوساطة المالية، حيث يصبح البنك هو المكان المناسب ومحل الثقة لإيداع الأموال في إطار الصيغ المختلفة التي يوفرها التمويل التقليدي أو الإسلامي.
وينتظر أن تضخ مبالغ هامة لصالح الاقتصاد الوطني بموجب الشروع في تطبيق صيغتي المرابحة والسلم، ويؤكد في هذا الشأن عضو الهيئة الشرعية والمختص في الصيرفة الإسلامية الدكتور بوجلال بأن كفاءة النظام البنكي لأي دولة يقاس على تعبئة أكبر قدر من الموارد المالية.
ويقصد بالمرابحة بيع سلعة بهامش ربع محدد ومعلوم مسبقا، أما السلم فهو شراء الآجل بالعاجل، أي استلام السلعة أو الدين من قبل البنك بعد مدة زمنية متفق عليها مسبقا، وبحسب مصادر مقربة لها صلة بهذا الملف، فإن المعنى البسيط لهذه الصيغة أن يطلب فلاح مثلا دينا لإنتاج نوع معين من المحاصيل الزراعية يتفق مع البنك على تسديده بعد ان يبيع المحصول بقيمة محددة، دون أن يتدخل البنك فيما بعد في فارق السعر، المهم أن يسترجع الأموال المتفق عليها مسبقا، وللفلاح حرية تحقيق هوامش ربح لصالحه بعد البيع.
ويتوقع المختصون أن يحقق المنتوجان نتائج إيجابية وإقبالا من طرف الفلاحين، من أجل اقتناء وسائل الإنتاج وتوسيع النشاط ومضاعفة كميات المحاصيل، في وقت تعول السلطات العمومية كثيرا على هذا القطاع الحيوي الذي عرف تقدما محسوسا في السنوات الأخيرة، بفضل جهود الفلاحين الذين تحدوا الظروف والمصاعب لرفع مستوى الإنتاج وتنويعه وبلوغ مرحلة التصدير.
ومن إيجابيات التمويل الإسلامي أن هوامش الربح تظل ثابتة غير متغيرة طلية مدة السداد، حتى وإن تأخر المدين عن الدفع في الوقت المحدد إذا كان الزبون معسرا، لأن الصيرفة الاسلامية تعتبر أن فرض غرامات التأخير إجراء غير جائز شرعا، إلا في حال التماطل أو رفض التسديد، وعند ذلك يضطر البنك إلى إجبار المستفيد من الدين على دفع مبلغ إضافي أو ما يعرف شرعا بالوعد بالتصدق.
ولا يحق للبنك التصرف في المبلغ الزائد الذي يوجه إلى الأعمال الخيرية، والغرض من هذا الإجراء إرغام الميسورين على تسديد الدين في الآجال المتفق عليها، لضمان استمرار حركية الأموال وتشجيع الاستثمار، وإدخال المبالغ المتداولة في السوق الموازية إلى القطاع الرسمي وهو الهدف المنشود من تعميم الشبابيك الإسلامية على مجمل البنوك وعلى مختلف القطاعات.
وبحسب الدكتور بوجلال فإن المهمة ليست بالسهلة وهي تتطلب الكثير من الجهد من قبل العلماء والفقهاء، مؤكدا بأن نجاح التمويل الإسلامي يتطلب تعميم الامتيازات التي تحظى بها القروض العادية أو التقليدية على التمويل الإسلامي للتشجيع على الإقبال عليها من قبل الفئات التي تفضل هذه الصيغة.
لطيفة بلحاج