أكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أنّ الخطر الذي كانت تواجهه الجزائر قد زال، وأرجع ذلك إلى «الوعي السيّاسي الرّهيب» الذي يتمتّع به الجزائريون.
وقال في حديث خاصّ لقناة الجزيرة بُثّ مساء أمس، أنّ الحراك المبارك الأصلي أنقذ الدولة من الذوبان بتصديه لعصابة استغلت مرض الرئيس السّابق و حاولت الاستيلاء على السلطة لخمسِ سنواتٍ أخرى، لتستكمل نهب ما لم يُنهب، الأمر الذي كان سينتهي بما لا يحمد عقباه.
و كشف الرئيس تبون أنّ حجم الفساد كان كبيراً، وقدّر الأموال التي حوّلتها العصابة إلى الخارج بمئات ملايير الدولارات، مشيراً إلى وجود امتدادات ظاهرة وأخرى غير ظاهرة للفساد الذي مازال يُكتشف إلى اليوم. وذكر بأن التلاعبات كانت تتمّ في الاستثمار وفي عمليّات الاستيراد، حيث استثمرت الدولة نحو ألف مليار، و قال الرئيس إنّ حجم تضخيم الفواتير وحده قُدّر بثلاثين بالمئة، وكانت عمليات الاستيراد مُحتكرة من طرف خمسين شخصاً، امتلكوا القرار الاقتصادي أيضاً و باتوا يحدّدون من يحقّ له الاستثمار ومن يُحرم من ذلك.
وخلص الرئيس في وصفه للمرحلة التي سبقت الحراك إلى القول بأنّ «الفساد تحوّل إلى تقليد من تقاليد الدولة».
وأكد أنّ العدالة حجزت الأموال الظاهرة للّصوص وأعادتها إلى الخزينة العموميّة، كاشفاً عن مباشرة مساعٍ مع الدول التي وصفها بالصديقة في أوروبا والعالم، من أجل اكتشاف واسترجاع الأموال المنهوبة غير الظّاهرة.
وبخصوص ما يُثار حول الحراك الشعبي، قال الرئيس تبون إن الجزائريين الذين خرجوا لإنقاذ البلاد والذين بلغ عددهم في الجمعة الثانيّة 13 مليوناً عادوا إلى بيوتهم، بعد أن انخرطوا في مسار تسويّة الأزمة عبر الانتخابات، مشدّدا على أنّ نجاح الحراك الأصلي يعود إلى سلميّته رغم المحاولات الفاشلة للزّج به في مواجهة مع قوات الأمن.
مضيفا أنّ المسيرة الأخيرة مجهولة الهويّة وغير موحدة لا في المطالب ولا في الشّعارات وعدد المشاركين لا يتجاوز المئات فضلا عن كونها منحصرة في عدد قليل من الولايات، حيث لا تعرف 50 أو 51 ولاية من أصل 58 أية مسيرة.
وبشأن المخاوف التي تثار حول إمكانيّة وصول الإسلاميين إلى السلطة بعد الانتخابات التشريعية في سيناريو مماثل لانتخابات بداية التسعينيات، قال الرئيس تبون إن التيار الإسلامي الناشط في الجزائر يختلف عن التيارات التي تنشط في دوّل أخرى، وان البلاد تخلّصت نهائيا من الإسلام الإيديولوجي، كما أن فوز الإسلاميين لا يطرح مشكلة في الجزائر التي يدين شعبها بالإسلام وباتت الدولة فيها تتبنى بعض الخيارات ذات التوجه الإسلامي على غرار اعتماد نظام الصيرفة الإسلامية في البنوك.
ويقرّ الرئيس تبون من جهة أخرى بأن الجزائر مستهدفة، بسبب مواقفها المبدئية التي لن تتنازل عنها، لا سيما رفضها الانخراط في المؤامرات التي تستهدف العالم العربي وبالنظر لطبيعة نظامها الجمهوري حيث تعد اليوم الجمهورية الوحيدة التي لم يطلها الخراب، مستذكراً تصريحات للرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (دون أن يذكره بالاسم) حين قال بأن الدور سيأتي على الجزائر بعد ليبيا، ليشير إلى أنّ الجزائر ظلت واقفة و متمتعة باستقلاليّة القرار مشدّدا على أن اللّحم الجزائري مرّ ويصعب النيل منه.
وضمن هذا المخطّط ، ضرب استقرار الساحل حيث أشار إلى القوافل التي نقلت السلاح الليبي جنوبا ورصدتها الأقمار الصناعيّة، دون أن تتدخل أية قوة لمنع العمليّة في إشارة إلى التواطؤ الحاصل لزعزعة استقرار المنطقة.
الرئيس تبون شدّد، من جهة أخرى، على أنّ علاقته بمؤسسة الجيش طبيعيّة بل وحميمة، مؤكدا بأنّ المؤسسة العسكرية انصرفت نهائيا من الحقل السياسي منذ نحو 12 سنة وبات همّها ينحصر في الاحترافية والقيام بمهامها الدستوريّة. وأدرج المناورات التي يقوم بها الجيش في الفترة الأخيرة للاستعداد لأيّ طارئ.
ع-ب