تعتزم الجزائر تحقيق الاكتفاء الذاتي من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا مع مطلع السنة القادمة، عبر الانطلاق بداية من غد في إنتاج أولى الكميات التي سترتفع تدريجيا لتبلغ 2.5 مليون جرعة، وصولا إلى 50 مليون جرعة لضمان المناعة الجماعية ضد كوفيد 19.
وينتظر أن تستقبل الوحدات الصحية والصيدليات انطلاقا من يوم الأربعاء أولى الجرعات من اللقاح جزائري الصنع «كورونافاك»، لتدعيم سوق الأدوية بصنف جديد من اللقاحات لمواجهة الأزمة الصحية، بعد أن تكفل مصنع صيدال بالتنسيق مع المخابر الصينية بإنتاج لقاح جزائري، سيغني معهد باستور عن استيراد ملايين الجرعات لتغطية الطلب المحلي سنويا.
وتعد هذه العملية تنفيذا لقرار رئيس الجمهورية بإنتاج اللقاح المضاد لفيروس كورونا في الجزائر، نظرا للطلب الكبير على هذا الصنف من اللقاحات عالميا ومحليا، بعد أن انتشر الفيروس على نطاق واسع، وتسبب في عرقلة الحياة الاجتماعية والاقتصادية للدول، مما حتم على بلادنا اللحاق بركب البلدان التي باشرت تصنيع اللقاح محليا للاستغناء عن عملية الاستيراد.
وسيوفر مركب صيدال على الخزينة العمومية حوالي 250 مليون دولار مقابل إنتاج اللقاح بسواعد جزائرية، تحت إشراف كوادر طبية تعمل بالتنسيق والتعاون مع المخابر الصينية، مما سيفتح أفاقا أمام الصناعة الصيدلانية الجزائرية لاقتحام مجال إنتاج أصناف أخرى من اللقاحات، ما يزال إلى حد اليوم معهد باستور يستقدمها من الخارج، لا سيما ما تعلق باللقاحات الموجهة إلى الرضع والأطفال، وكذا اللقاح المضاد للأنفلونزا الموسمية.
وسترتفع كميات اللقاح الجزائري «كورونافاك» بالتدريج، وصولا إلى تغطية كافة الطلب عليها، لا سيما وأن اللقاح المضاد لكورونا سيصبح لقاحا سنويا على غرار المضاد للزكام الموسمي، وفق ما أكده «للنصر» نائب رئيس النقابة الجزائرية للصيادلة الخواص «مرغني كريم».
وأوضح المصدر بأن فيروس كورونا سيعيش بيننا لسنوات أخرى عديدة، لذلك فإن الإقبال على اللقاح لن يقتصر على الفترات التي ترتفع فيها حالات الإصابة بالفيروس بنسخه المتحورة، وبالأزمات الصحية التي يسببها الوباء من خلال سرعة انتشاره وإضراره بالفئات الهشة، بل سيصبح إجراء ضروريا للوقاية ضد الوباء، بهدف العودة إلى الحياة الطبيعية، ومعالجة الأثار الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن الجائحة.
وتطمح الجزائر إلى إنتاج 50 مليون جرعة من اللقاح المضاد لكوفيد 19 مع مطلع سنة 2022، بعد أن يتم إدخال حيز التنفيذ الاتفاقية المبرمة مع المخابر الروسية لإنتاج لقاح سبوتنيك محليا، وبحسب نائب رئيس النقابة الجزائرية للصيادلة الخواص، فإن تعطل الشروع في إنتاج اللقاح الروسي، يعود إلى الوقت الذي يلزم لتصنيع المادة الأولية بالجزائر، من خلال التحكم في التقنيات وتكوين الأطقم الطبية المختصة في الصناعة الصيدلانية.
ويستبشر الأخصائيون بإنتاج اللقاح المضاد لكوفيد 19 محليا، وبحسب المختص في الصحة العمومية الدكتور امحمد كواش، فإن هذه العملية تعتبر خطوة أولى نحو إنتاج أصناف أخرى من اللقاحات لضمان الصحة العمومية، بفضل التجربة والخبرة التي ستكتسبها الطواقم الطبية الجزائرية من خلال التنسيق والتعاون مع المخابر الصينية والروسية.
وتوقع المتدخل أن تقتحم الجزائر مجال تصدير اللقاح نحو البلدان الإفريقية بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي من هذه المادة، مما سيساهم في تعزيز الشراكة الاقتصادية مع هذه الدول، فضلا عن استحداث عدد هام من مناصب الشغل لفائدة خريجي الجامعات والعمال المهنيين.
كما سيساعد توفر اللقاح بصفة مستمرة وعلى مدار السنة، دون انتظار وصول الجرعات اللازمة من الخارج، على مواجهة موجات محتملة مهما كانت شدتها أو خطورتها، من خلال تلقيح أكبر عدد من المواطنين، وصولا إلى فئة الأطفال ما بين 12 و18 سنة، تحقيقا للمناعة الجماعية ضد الفيروس.
وسيخضع إنتاج وتوزيع اللقاح وتخزينه وفق الأخصائيين إلى نفس البروتوكول الصحي المطبق على اللقاحات المستوردة، بفارق جوهري وهو أنه جزائري الصنع، وبميزانية أقل بكثير مما تكلفه عملية الاستيراد والنقل والتخزين.
لطيفة بلحاج