كشف أمس، الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف باقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة ياسين المهدي وليد، خلال إشرافه على افتتاح أشغال الندوة الجهوية للشركات الناشئة بقسنطينة، عن قرب اعتماد إطار تنظيمي لتأطير نشاط المقاولين الذاتيين أو أصحاب النشاطات الحرة، ممن يحققون مداخيل مالية، عبر الأنترنت، بما يسمح لهم بالحصول على تغطية اجتماعية، و على صفة تخول لهم الاستفادة من نظام جبائي يختلف عن النظام الخاص بالشركات، كما تحدث الوزير، عن قرب استحداث صندوق لتمويل النماذج الأولى للمشاريع الناشئة، لفائدة المقاولين الشباب الذين لم يتخطوا بعد مرحلة إنشاء شركة.
فعاليات ندوة « قسنطينة دسرابت» نظمت بقاعة العروض الكبرى، أحمد باي، وعرفت مشاركة وفد حكومي هام، تقدمه الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف باقتصاد المعرفة و المؤسسات الناشئة، إضافة إلى وزير التعليم العالي و البحث العلمي و وزير الرقمنة والإحصائيات و الوزير المنتدب المكلف بالمؤسسات المصغرة و وزير الصناعة الصيدلانية، ناهيك عن ولاة تسع ولايات شرقية، بينهم والي قسنطينة مسعود جاري.
صرح الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف باقتصاد المعرفة و المؤسسات الناشئة السيد ياسين مهدي وليد في ندوة صحفية، بأن الدولة خصصت مبلغ مليار دج لتمويل ومرافقة الشركات الناشئة، وهو رقم قابل للمراجعة، حسب تنامي الطلب والحاجة إلى رفع تمويل هذه المؤسسات، حيث تحدد صيغة التمويل بداية من مليون دج، حتى 20مليون دج، فأكثر، وذلك بالعودة إلى طبيعة احتياجات كل شركة.
علما أن الأمر لا يتعلق بقروض تقليدية، بل بصندوق استثمار سلس، يمنح تمويلا ينصهر ضمن رأس مال المؤسسة، في إطار شراكة تمتد لست سنوات كاملة، وتنتهي بعد انقضاء هذه المدة، وفق خطة يتم تحديدها بناء على معطيات مدروسة، كما أن هذه الصيغة تفتح، حسب الوزير، المجال لاعتماد تمويل مشترك، بفضل امتيازات تقدمها بعض البنوك للشركات الناشئة من هذا النوع، و تتمثل أساسا في قروض دون ضمانات، بحيث تقتصر عملية التمويل على المؤسسات الحاصلة على وسم الجودة « لابال» و يتم اختيارها بدقة، وفق معايير محددة.
الوزير أكد ، بأن المتعاملين الاقتصاديين مطالبون بالانفتاح أكثر على هذا النوع من المقاولاتية والمساهمة في تنويع مصادر تمويل الشركات الناشئة، خصوصا وأننا نملك مؤسسات ناجحة قدمت قيمة مضافة، و هو ما شجع متعاملين مثل سونطراك، على الاعتماد على كفاءات الوطنية الناشطة في هذا المجال، لأجل تلبية احتياجات كانت تتطلب في وقت سابق، الرجوع إلى المتعاملين الأجانب.
من جانب آخر، أوضح المسؤول، بأن عملية الانتقال المالي، تتطلب رفع احتكار القطاع العام للمعاملات في مجال وسائل الدفع المالي، و إشراك الخواص بشكل فاعل في العملية كما هو معمول به عالميا، كاشفا عن تنظيم جملة من اللقاءات بين مسؤولي البنك المركزي وشركات ناشئة تعمل في قطاع التكنولوجيا المالية، لتباحث إطار قانوني يسمح لهم بالوساطة بين البنوك و الزبائن، حيث تتحمل هذه الشركات مسؤولية توفير وسائل الدفع و خاصة وسائل الدفع عن طريق الهاتف النقال، على اعتبار أن الجزائر لا تزال تسجل تأخرا كبيرا في إصدار البطاقات البنكية، و تتواجد، كما أكد الوزير، في صدارة الدول التي يكثر فيها استخدام الهاتف، و عليه، فإن دور الشركات الناشئة مهم جدا في القضاء على التعاملات المالية النقدية، و المرور نحو التعاملات الإلكترونية، خاصة عن طريق الهاتف.
على صعيد آخر، أوضح الوزير، بأن التعامل مع قضية إخفاق الشركات الناشئة، يجب أن يتغير، لأن هذه المرحلة طبيعية جدا، في ما يخص مرحلة إنشاء أي مشروع، و الأصح تجاوز الإحباط ومحاولة فهم الأسباب و تدارك النقائص بما يتماشى مع توجهات الأسواق المحلية و العالمية، خصوصا و أن هذه الشركات، تنطلق عموما بنموذج أعمال أولي، يمكن مراجعته أو تغييره، كما يمكن لها الاستفادة من مرافقة حاضنات الأعمال.
الوزير، تطرق كذلك في مداخلة افتتاحية، قدمها في بداية أشغال الندوة إلى جملة من الإجراءات التنظيمية الجديدة التي تم اعتمادها أو يجري العمل على تفعيلها من أجل تنشيط النظام البيئي للابتكار، بما في ذلك العمل على قانون شامل لتنظيم جوانب اقتصاد المعرفة، و تعزيز و تنويع هياكل دعم وتمويل الشركات الناشئة، مع تعميم فروع المسرعات و الحاضنات على المستوى الوطني، ناهيك عن وضع إطار تنظيمي لحاضنات الأعمال، و ضبط مخطط لتمويلها، بما يساعدها على مرافقة الشركات الناشئة، و اعتماد صيغة خاصة لتسهيل تصدير الخدمات و الحصول على الإيرادات بالعملة الصعبة.
، وذلك بالتعاون مع البنك المركزي، لدفع نشاط الشركات الناشطة في مجال الاقتصاد الرقمي، كما تم العمل مع لجنة مراقبة عمليات البورصة لوضع إطار تنظيمي للتمويل التشاركي في سابقة تعد رائدة إفريقيا، مع السعي لجلب رؤوس الأموال الخاصة للاستثمار في الشركات الناشئة.
وذكر الوزير كذلك، مشروعا لإنشاء صناديق الاستثمار لدى الخواص، و تشجيع تسجيل براءات الاختراع الجزائرية دوليا، كون المساهمة الوطنية لا تزال جد ضعيفة، حسبه، ولا تتعدى 9 إلى 20 براءة ، كما كشف، بأن وزارته تواصلت مع عدد من الهيئات المسؤولة عن تصنيف الشركات عالميا، و تم تزويدها بقاعدة معلومات مفصلة، ستساعد على تحسين ترتيب الشركات الناشئة الوطنية، خصوصا و أن هناك العديد من الصناديق الاستثمارية الدولية التي أبدت اهتماما بالشركات الناشئة الجزائرية، و هي، كما صرح، فرصة للانفتاح على العالم، تتطلب، كما أضاف، إنشاء مخبر للتكنولوجيا المالية، للتقرب من البنوك و شركات التأمين.
و أفاد الوزير بأن 6657 شخصا سجلوا أنفسهم في موقع «ستار تاب . دي زاد» 2000 مسجل من بينهم، طلبوا الحصول على شهادة الجودة، التي تتوفر عليها حاليا 624 شركة على المستوى الوطني.
و أضاف أن عدد الحاضنات انتقل من 14 إلى 29 حاضنة في غضون الستة أشهر الماضية، و هو أمر مشجع، كما أكد، مضيفا بأن 63 بالمئة من الشركات التي تحصلت على العلامة، أنشئت بين سنتي 2020 و2021، و 24 شركة ناشئة حصلت فعلا على التمويل، بينما حصل عدد معتبر من الشركات على الموافقة على التمويل، وهي معطيات مشجعة، خصوصا، في ظل التوجه نحو الاعتماد على الشركات الناشئة، في دفع عجلة الاقتصاد و المساهمة في إيجاد حلول لمشاكل الانتقال الطاقوي و السلامة المائية و السماح لها، بالمشاركة في تخطي الشمولية المالية و التحول نحو الاقتصاد اللامادي.
هدى طابي