حذّر الوزير الأول وزير المالية أيمن بن عبد الرحمان، من التضارب الحاصل في الأرقام والمؤشرات بين المؤسسات والإدارات العمومية، مبرزا ضرورة توفر المعلومة الرسمية، لغلق المجال أمام المشككين والتقديرات المبنية على خلفيات ونوايا مغرضة. وقال إن مؤسسات الدولة الرسمية تعتمد أحيانا على مصادر معلومات مجهولة المصدر والمرجعيات المنهجية. واعتبر الوزير الأول أنه من “غير المعقول” أن يعتمد الباحثون والطلبة في دراساتهم على بيانات أجنبية.
شدد الوزير الأول، أمس، على أهمية تطوير المنظومة الوطنية للإحصاء معتبرا أن نجاح الإصلاحات الجارية مرهون بنوعية هذه المنظومة وكفاءتها. وأكد في كلمة له بمناسبة مراسم تنصيب المجلس الوطني للإحصاء على ضرورة توفير المعلومات ذات المصداقية، موضحا أنه كلما غابت الـمعلومة الرسمية تركت الـمجال للـمشككين والتقديرات الـمبنية على خلفيات ونوايا مغرضة.
وذكر الوزير الأول، وزير المالية، بأن الحق في المعلومة هو حق مكرس دستوريا كما أنه “أداة للشفافية”.مشيرا أنه في غياب نظام معلومات إحصائية ذي كفاءة ومصداقية، لا يمكن تقييم السياسات العمومية والاقتصادية، ولا يمكن الحكم على نتائجها إلا إذا بنيت على أساس معطيات تعكس حقيقة الواقع بكل جوانبه الاقتصادية والاجتماعية.
واعتبر في هذا الإطار أن المعلومة الإحصائية أصبحت من مدخلات الإنتاج, مثلها مثل الموارد الأخرى، بل “أكثرها أهمية”، إذ لا يمكن صياغة أي سياسة عمومية، ما لم تتوفر المعطيات الضرورية وبالكمية والدقة والنوعية والمصداقية المطلوبة وتوفرها في الوقت المناسب. مشيرا إلى أن توفر المعلومة الصحيحة يعد “مصدر من مصادر زرع الثقة، فكلما كانت المعلومات ذات مصداقية ومتوفرة بشكل كبير، كلما زادت هذه الثقة»، بالمقابل حذر الوزير الأول من غياب المعلومة الدقيقة، وقال «كلما غابت المعلومة الرسمية تركت المجال للمشككين والتقديرات المبنية على خلفيات ونوايا مغرضة”.
واعتبر أنه من “غير المعقول” أن يعتمد الباحثون والطلبة في دراساتهم على قواعد بيانات تابعة للمنظمات والهيئات الدولية، وهو ما يلاحظ أيضا على مستوى مؤسسات الدولة الرسمية التي تعتمد أحيانا على مصادر معلومات مجهولة المصدر والمرجعيات المنهجية. كما أكد الحاجة لرصد احتياجات المواطنين من الخدمات الصحية ومن التعليم والترفيه والشغل والمحيط البيئي المناسب، من أجل صياغة سياسات عمومية تستجيب لتطلعاتهم, وهو ما لا يتأتى “إلا بنظام معلومات إحصائية ناجع وفعال يعطي صورة دقيقة عن البنية الديمغرافية حسب التوزيع الجغرافي وكذا تطورها عبر الزمن”.
لفت إلى أن إصلاح هذه المنظومة يمثل أحد أهم الالتزامات في برنامج رئيس الجمهورية, حيث أمر الحكومة بإنشاء شبكة وطنية لجمع المعلومات الإحصائية من المستوى المحلي إلى المستوى الوطني لتعزيز موثوقية الإحصائيات والمؤشرات الاجتماعية والاقتصادية من أجل إعطاء المزيد من النجاعة والفعالية لأعمال السلطات العمومية والإصلاحات التي يتعين القيام بها.
وتحدث الوزير الأول عن التدابير التي تضمنها مخطط عمل الحكومة، الذي يشمل فضلا عن تفعيل المجلس الوطني للإحصاء إجراءات لوضع أدوات المساعدة على اتخاذ القرار لاسيما من خلال الاعتماد على الرقمنة. مؤكدا في السياق ذاته، أن تفعيل المجلس بعد سنوات من الركود سيسمح بتسريع إصلاح المنظومة الوطنية للإحصاء بصفة هيكلية وعميقة.
التضارب في الأرقام والـمؤشرات الرسمية غير مسموح
وقال أيمن بن عبد الرحمان، إن الحكومة تعول كثيرا على هذا الـمجلس الوطني للإحصاء، بتركيبته الجديدة لإنجاح الإصلاحات الهيكلية العميقة في هذا الـمجال، خاصة ما يتعلق بالتنسيق الـمحكم بين جميع مكونات الـمنظومة الوطنية للـمعلومات الإحصائية، من أجل ضمان عدم تشتت الجهود وتفادي القيام بنفس الاستثمارات في مختلف القطاعات .
وشدد بهذا الخصوص على ضرورة تشجيع الاستعمال الـمشترك للبنى التحتية لنظم الـمعلومات وقواعد البيانات وتسريع قابلية التشغيل البيني للـمنصات، وأيضا توحيد منهجيات العمل وبالتالي تفادي الفروقات الكبيرة في الـمؤشرات الـمنشورة مما يعزز الثقة في الإحصائيات الرسمية، مؤكدا على أنه من غير الـمسموح به وجود اختلاف أو تضارب في الأرقام والـمؤشرات الرسمية بين الـمؤسسات والإدارات العمومية.
واعتبر الوزير الأول أنه حان الوقت لأن تأخذ الـمعلومة حقها باعتبارها ملك عام، لهذا من الضروري التفكير، ضمن عملية مراجعة الإطار التشريعي، في عملية الضبط وكيفية وضع آلية تجبر منتجي الـمعلومات سواء من الـمؤسسات العمومية أو القطاع الخاص على إنتاج الـمعلومات بكفاءة وصدق ووضعها تحت تصرف جميع الـمستخدمين من أجل تحسين اتخاذ القرار، الذي سيعود حتما بالفائدة على الـمجتمع ككل.
كما شدد الوزير الأول على ضرورة مواكبة التطورات الحاصلة في العالـم من حيث توفير الحلول الرقمية وكذا اعتماد الـمعايير الدولية في جمع ومعالجة الـمعطيات الإحصائية وكذا ضمان تأمينها وشروط الحفاظ على السيادة التكنولوجية والرقمية. مع الأخذ بعين الاعتبار مسألة الالتزامات الدولية للجزائر في ما يخص توفير الـمؤشرات الاقتصادية والاجتماعية.
التصنيفات الدولية مجحفة في حق الجزائر
من جانب آخر، أثار الوزير مسالة التقارير الدولية التي تضع الجزائر في معدلات متدنية في مجالات مختلفة، وقال بهذا الخصوص، إن التصنيفات الدولية تضع الجزائر في مراتب لا تعكس مستوى التطور الحقيقي الذي تشهده البلاد. بقدر ما هي نتيجة لضعف تجاوب منظومة الـمعلومات مع متطلبات الـمؤشرات التي تبنى عليها هذه التصنيفات مما يؤدي بهاته الهيئات إلى اللجوء إلى تقديرات لا تعكس الحقيقة وبالتالي تؤثر سلبا على تصنيف الجزائر على الـمستوى الدولي.
وجدد الوزير، عزم الحكومة على الـمضي قدما في بناء منظومة إحصائية فعالة في مستوى البرنامج الطموح الذي سطرته لتنفيذ التزامات السيد رئيس الجمهورية، داعيا الفاعلين وبصفة استعجالية إلى وضع إستراتيجية وطنية لتطوير الإحصائيات تتضمن العودة إلى مختلف الأعمال الإحصائية التي غُيّبت منذ سنوات وحرمت البلاد من عشرات بل مئات الـمؤشرات، على غرار مسح دخل وإنفاق الأسرة، مسح الـمؤسسات، مسح التشغيل وإعطاء أهمية أكبر للدراسات الديموغرافية الكفيلة بتقدير تطور احتياجات السكان وكذا العودة إلى إصدار الـمذكرة الظرفية.
ع سمير